جدول أعمال نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في إسرائيل
الجمل: يصل اليوم إلى اسرائيل السيناتور جو بايدن, نائب الرئيس الأميركي والوفد المرافق له, وذلك في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أياما كاملة, هذا, ويطرح حدث هذه الزيارة المزيد من التساؤلات المتعلقة بالتطورات الشرق أوسطية الجارية, وتداعياتها التي بدأت أكثر حرجا على علاقات محور واشنطن تل أبيب, وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بإدارة الصراعات الشرق أوسطية:
جدول أعمال زيارة السيناتور بايدين لإسرائيل:
تقول المعلومات والتسريبات الجارية الصادرة اليوم, بأن مفاصل زيارة السيناتور جو بايدن لإسرائيل تتضمن الآتي:
• الوصول إلى إسرائيل: ظهر اليوم الاثنين الموافق 8 آذار (مارس) 2010م.
• فترة الزيارة: ثلاثة أيام كاملة.
• مغادرة إسرائيل: ظهر الخميس الموافق 11 آذار (مارس) 2010م.
• التحركات والأجندة: وتتضمن إنجاز الآتي:
- عقد لقاء مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز.
- عقد لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
- القيام بجولة على متن طائرة مروحية برفقة وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك.
- عقد لقاء مع زعيمة المعارضة الإسرائيلية.
- إلقاء خطاب دبلوماسي في جامعة تل أبيب.
- عقد لقاء داخل داخل السفارة الأميركية, مع السفير الأميركي, وطاقم السفارة والقنصلية الأميركية.
- القيام بزيارة جبل الهيكل, وذلك تحديدا من أجل زيارة قبر الزعيم الصهيوني تيودور هيرتزل, والزعيم إسحق رابين.
- زيارة نصب شهداء محرقة الهولوكوست (ياد فاشيم).
- عقد لقاء مع مبعوث اللجنة الرباعية طوني بلير (الذي سيكون متواجدا في إسرائيل).
- زيارة الأراضي الفلسطينية, وتحديدا رام الله وبيت لحم من أجل عقد لقاء مع الزعماء الفلسطينيين.
هذا, وما كان لافتا للنظر, أن زيارة السيناتور جو بايدن الحالية, لم تتضمن عقد أي لقاء, أو حتى تفاهم عابر مشترك مع وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان, هذا وتشير التحليلات الإسرائيلية, إلى أن هذا الأمر يحمل في حد ذاته أكثر من دلالة, وبرغم ذلك فقد سعى المتحدث الرسمي باسم مكتب الوزير ليبرمان, إلى إطلاق تصريح برر فيه عدم حدوث لقاء بايدن-ليبرمان, بأنه بسبب وجود موعد مسبق لجهة أن يلتقي ليبرمان مع السيناتور بايدن في العاصمة الأميركية واشنطن, وذلك ضمن فعالية زيارة ليبرمان الرسمية لأميركا, والمحدد لها مطلع شهر نيسان (أبريل) 2010 القادم.
القراءة في محتوى زيارة السيناتور بايدن: المفاعيل والمحفزات الدبلوماسية
تقول المعلومات والتسريبات, بأن الأكثر لأهمية في جدول أعمال زيارة السيناتور جو بايدن, يتمثل في ما سوف يتوصل إليه لقاء بايدن-نتنياهو, وأضافت المعلومات والتسريبات, بأن السيناتور جو بايدن سوف يعقد خلال هذه الزيارة اجتماعين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو:
اللقاء الأول: سوف يجمع بين بنيامين نتنياهو, والسيناتور جوزيف بايدن, وما هو جدير بالملاحظة أن هذا الاجتماع سوف يكون بحضور الأطراف الآتية:
• عن الجانب الإسرائيلي: السفير الإسرائيلي في أميركا ميشيل عورين-رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عوزي عراد-المستشار العسكرى لرئيس الوزراء الإسرائيلي الجنرال يهانان لوكر-كبير المستشارين في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي رون ديرمر-المسئول الإسرائيلي الخاص عن الملف الفلسطيني يتسحاق مولخو-المتحدث الرسمي باسم نتنياهو تيرها فيتز.
• عن الجانب الأميركي: السفير الأميركي في إسرائيل جيمس كننغهام-مستشار نائب الرئيس الأميركي لشئون الأمن القومي توني بلينكين-مستشار نائب الرئيس الأميركي الخاص لشئون الشرق الأوسط هيرو مصطفى-مندوب قسم شئون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية مورا كونيللي-المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص في البيت الأبيض الأميركي دينيس روس-المدير الأول لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي دانييل شابيرو.
اللقاء الثاني: سوف يكون لقاءا خاصا على انفراد بين السيناتور جو بايدن, ونتنياهو, وسوف يتم عقده بعد انتهاء اللقاء الأول, وبكلمات أخرى, سوف ترتبط مجريات هذا اللقاء بالخطوط والملامح التي سوف تبرز على خلفية اللقاء الأول الموسع.
برغم عدم وجود أي تسريبات, حول لقاءات السيناتور بايدن-بنيامين نتنياهو, فإن المشهد المتوقع سوف يتضمن النقاط الآتية:
• التفاهم حول ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني.
• التفاهم حول ملف مفاوضات عملية سلام الشرق الاوسط.
• التفاهم حول ملف الوساطة التركية في المفاوضات مع سوريا.
وإضافة لذلك, فمن المتوقع, أن تسعى التفاهمات حول هذه الملفات لجهة نزع فتيل الخلافات الأميركية-الإسرائيلية, وفي هذا الخصوص تشير أبرز التحليلات إلى النقاط الآتية:
• إن قرار البيت الأبيض الأميركي بإرسال السيناتور بايدن لجهة القيام بهذه الزيارة, وفي مثل هذا الوقت, هو قرار يهدف بحسب بعض التخمينات الإسرائيلية, إلى أن زيارة السيناتور بايدن, تهدف أولا: إلى تطمين تل أبيب بان واشنطن مازالت أكثر اهتماما بإسرائيل, وأمن إسرائيل, إضافة إلى أن واشنطن وإن كانت تنخرط في عملية سلام الشرق الأوسط مع الفلسطينيين, فإن واشنطن تدرك وتضع في اعتبارها ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لأمن إسرائيل. ثانيا: إن تكثيف زيارة كبار المسئولين الأميركيين لإسرائيل خلال هذه الفترة الهدف منه هو إفهام إسرائيل بضرورة ممارسة أعلى درجات ضبط النفس إزاء التعامل مع أزمة الملف النووي الإيراني.
• إن قرار البيت الأبيض الأميركي بإرسال السيناتور بايدن لزيارة إسرائيل, هو قرار يهدف إلى:
- تأكيد رغبة واشنطن لجهة إعطاء وزن أكبر لمفاعيل الحراك الدبلوماسي الأميركي-الإسرائيلي الجاري حاليا على خط واشنطن-تل أبيب.
- إطلاق إشارة واضحة لإسرائيل لكي تميز بين الدبلوماسية العادية, والدبلوماسية فوق العادية, وذلك على أساس اعتبارات أن إرسال وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون, والمبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل هو أمر يندرج ضمن إجراءات الدبلوماسية العادية, أما إرسال نائب الرئيس الأميركي السيناتور جو بايدن, فهو أمر يندرج ضمن إجراءات الدبلوماسية غير العادية.
• إن إرسال السيناتور الأميركي بايدن, لزيارة إسرائيل, في هذا الوقت, هو إجراء يرتبط بتركيز واشنطن على اعتماد خيار الدبلوماسية الوقائية مع إسرائيل, وذلك, لأن شهر آب (أغسطس) 2010م القادم سوف يشهد بدء عمليات سحب القوات الأميركية من العراق, وبالتالي فإن المطلوب من تل أبيب هذه المرة, وخلال هذه الفترة الالتزام بالهدوء التام, وعدم تصعيد التوترات الأمنية والعسكرية, بما يمكن أن يلحق ضررا فادحا بملفات السياسة الخارجية الأميركية الشرق أوسطية الجارية حاليا.
• إن إرسال السيناتور بايدن لزيارة إسرائيل, في هذا الوقت, هو إجراء يرتبط برغبة واشنطن, في إفهام إسرائيل, بان على تل أبيب أن تدرك أن قيام واشنطن بالمضي قدما في عملية سلام الشرق الأوسط, ليس معناه إلغاء التزامات أميركا إزاء دعم أمن وسلامة إسرائيل, وإضافة لذلك, فإن ما هو مهم في الزيارة يتمثل في رغبة واشنطن الحصول على دعم الرأي العام الإسرائيلي, مقابل التزام واشنطن بتقديم المزيد من الدعم لإسرائيل, وبكلمات أخرى, كلما قدم الإسرائيليون دعما أكبر لجهود عملية السلام, كلما حصلوا بالمقابل على الدعم الاميركي الأكبر.
توجد العديد من التفسيرات التي سعت لتوضيح أبعاد وأهمية زيارة السيناتور جو بايدن لإسرائيل, وفي هذا الخصوص, يقول أحد المحللين الإسرائيليين, بأن السيناتور جو بايدن, يمثل ثاني أقوى نائب رئيس في تاريخ أميركا, وذلك بعد السيناتور ديك تشيني الذي ينظر إليه الإسرائيليون واليهود الأميركيون باعتباره أقوى نائب رئيس في التاريخ السياسي الأميركي المعاصر.
هل من صفقة أميركية-إسرائيلية غير معلنة؟
تقول بعض التساؤلات: إذا كانت أميركا تريد إظهار دعمها لإسرائيل, فلماذا أرسلت الإدارة الأميركية السيناتور جو بايدن الذي يتولى منصب نائب الرئيس الأميركي, وليس الرئيس الأميركي باراك أوباما نفسه, خاصة وأن الرئيس أوباما قد زار القاهرة المصرية, والرياض السعودية, وأنقرا التركية, فلماذا لم يقم بزيارة إسرائيل, والتي درج كل الرؤساء الأميركيون على زيارتها أولا وقبل كل شيء في منطقة الشرق الأوسط؟
تشير التفسيرات والتحليلات, إلى أن الرئيس الأميركي أوباما عندما قام بزيارة تركيا والسعودية ومصر, كان يهدف إلى تعزيز التفاهم والحوار بين أميركا والعالم الإسلامي, وقد ظل أوباما يلمح مرارا وتكرارا خلال خطاباته الموجهة عبر أطراف مثلث أنقرا-القاهرة-الرياض بضرورة التسامح والتفاهم والتعاون, وذلك على أمل أن يحصل على ردود فعل إسلامية إيجابية تجاه إسرائيل, ولكن شيئا من ذلك لم يحدث, وبالتالي فقد عاد أوباما خالي الوفاض وحاصدا للفشل.
وتأسيسا على ذلك, فإن أوباما لم يزر إسرائيل خلال جولاته السابقة لأنها ليست طرفا مباشرا حاليا في الحوار الأميركي-الإسلامي, والآن, فإن أوباما من الممكن أن يقوم بكل سهولة بزيارة إسرائيل, ولكنه لا يريد أن يحصد الفشل ويعود مرة ثانية خالي الوفاض, خاصة وأن أوباما أصبح يدرك تماما أن نتنياهو سوف لن يقدم له التنازلات اللازمة لإنجاح زيارته لإسرائيل, وبالتالي, فإن الرئيس أوباما لن يقوم بزيارة إسرائيل حاليا إلا بعد أن يتأكد على ضوء نتائج زيارة نائبه السيناتور جو بايدن الحالية بأن تل أبيب سوف تقدم له التنازلات المطلوبة.
تشير أبرز المعطيات, إلى أن تعقيدات معادلة علاقات دبلوماسية خط واشنطن-تل أبيب سوف تزداد تعقيداتها أكثر فأكثر, وذلك, لأن نتنياهو يسعى حاليا إلى رفع سقف المقامرة, إزاء عقد صفقة على خط واشنطن-تل أبيب تتضمن: الالتزام الاسرائيلى بعدم القيام بأي عمل عدواني ضد إيران, أو إشعال المنطقة بما يلحق الأضرار بالمصالح الأميركية, وذلك مقابل التزام واشنطن باعتماد شروط نتنياهو إزاء السلام مع الفلسطينيين, وهي الشروط التي تتضمن:
أولا: اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية
ثانيا: اعتراف الفلسطينيين بالقدس الكاملة كعاصمة أبدية لإسرائيل
ثالثا: القبول بمبدأ توطين الفلسطينيين المقيمين بالخارج في الخارج
رابعا: عدم المطالبة بحق العودة للفلسطينيين الموجودين في الخارج
خامسا: الموافقة والقبول بإقامة الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح
سادسا: الموافقة والقبول بإقامة الدولة الفلسطينية بدون حدود واضحة
حتى الآن, لا يوجد ما يشير إلى احتمالات نجاح حدوث مثل هذه الصفقة أم لا, ولكن ما هو واضح يتمثل في أن اليهودي الأميركي دينيس روس (المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص), وتلميذه المخلص اليهودي الأميركي دانييل شاييرو (مدير الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي) سوف يكونان حاضران بقوة ضمن مفاعيل هذه الصفقة, والتي وإن حدثت, فإن حدوث انقلاب أميركي رسمي معلن على عملية سلام الشرق الأوسط, واتفاقيات أوسلو, هو أمر سوف يشكل في حد ذاته انقلابا جيوبوليتيكيا شرق أوسطيا يصعب تفاديه, الأمر الذي سوف يترتب عليه بالضرورة تغيير العديد من التوازنات الشرق أوسطية الحالية, طالما أن أولى نتائج الصفقة المفترضة سوف تفيد لجهة إخراج أميركا عمليا من دائرة الوساطة الشرق أوسطية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد