(وثائق سورية): ملاحظات على المحادثات حول سورية-فلسطين
ملاحظات وزارة الخارجية الفرنسية على المحادثات الفرنسية-البريطانية حول سورية-فلسطين
يبدو أن الجانب البريطاني، تحت التأثير المزدوج دون شك للمنادين بمصر الكبرى وأنصارها، يحاول ترجيح فكرة أن فلسطين لم يكن لها وجود خاص بها أبداً.
ففلسطين لم تكن يوماً سوى مقاطعة من سورية الرومانية، كما هي اليوم جزء من سورية التركية، ولم يكن لسورية استقلال وحياة سياسية مستقلة إلا في عهد السلوقيين. وكانت تشمل في ذلك الحين على سورية البيضاء أو كيليكيا، سورية السوداء ( حوض العاصي مع دمشق وحلب) والدول القديمة اليهودية والفلستية والفينيقية.
إنما يجب العودة إلى العصور التوراتية لكي نجد أنه ليس فلسطين، بل مملكتان، مملكة يهوذا ومملكة إسرائيل، كانتا تحتلان جزءاً فقط مما دعاه الرومان فلسطين. فالساحل كان يشكل دولتي الفلستيين والفينيقيين، وفي الجنوب كانت دولة الإيدموميين، وفي الشرق كان المؤآبيون المستقلون. وأدى الاجتياح الآشوري الذي شتت العراق الذي كان فيما مضى عرقاً غازياً من اليهود القادمين على الأرجح من الشرق، إنما الذين اختلطوا مع قبائل إيدومية من شبه الجزيرة العربية- إلى اختفاء هذه الدول الصغيرة التي كان حكم الإيدومي داوود وابنه قد شهرها، إنما دون أن يعطيها التجانس ولا التنظيم اللذين يحفظان الإمبراطوريات. ومذ ذاك لم يحصل أن وجد سوى تقسيمات إدارية تعسفية للغزاة المتلاحقين.
ومن الحملات الصليبية، نلحظ محاولة إعادة تشكيل دولة سورية. وقد شملت مملكة القدس في الواقع حلب وأورفة ودمشق وإنطاكية. ولم تكن مسألة فلسطين مطروحة.
فسيكون من الخطأ إذن، من وجهة النظر التاريخية وكذلك من وجهة النظر الأجناسية، إقامة فلسطين منفصلة عن سورية، ومع ذلك، إذ كنا نريد إرضاء المنادين بذلك، فيمكننا، بالعودة إلى الأزمنة الأسطورية تقريباً التي تسردها أخبار التوراة وفتراتها الزمنية، منح إنشاء بلد لليهودية يبلغ في أقصى الشمال خطأ من أريحا إلى البحر جنوب يافا ويكون محدداً من الشرق بالبحر الميت ومن الجنوب بالصحراء.
ولكن يجب أن تكون هذه الدولة بالضرورة حيادية ودولية في الوقت نفسه، وذلك بسبب القدس. فالأنغليكان لا يستطيعون في الواقع، وكذلك الأرثوذكس والكاثوليك، المطالبة بممارسة السيادة على القدس. ويجب أن تكون للمسلمين والمسحيين واليهود حقوق دينية يحفظها لهم قانون دولي.
لندن في 2 كانون الثاني 1916م.
المصدر: أرشيف الشؤون الخارجية، حرب 1914-1918، جزء 871، تركيا- سورية –لبنان- جزء V، ص 136، نقلاً عن سوري- بلاد الشام، تجزئة وطن، جوزيف حجار، ص 95.
الجمل- إعداد: د. سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد