القمة الثلاثية: رفض التهديدات الإسرائيلية لسوريا
تحولت القمة الثنائية التي عقدت في اسطنبول في اليومين الماضيين بين الرئيس بشار الأسد والرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان إلى ثلاثية امس عندما انضم اليها أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وعبرت عن معارضتها لسياسات تصعيد التوتر التي تمارسها إسرائيل، وأكدت أن الهدف النهائي هو دعم السلام والاستقرار عبر سياسات الانخراط والمصالحة في المنطقة. وكرر القادة الثلاثة أن سياسة الاستيطان الاسرائيلية تشكل تهديداً لجهود السلام، وأكدوا ضرورة الحفاظ على هوية القدس الشرقية التاريخية والدينية. ودعوا إلى حل دبلوماسي لقضية النزاع النووي الإيراني، ودعمهم للدور التركي في هذا السياق.
وعقد الأسد اجتماعات عديدة مع طرفي الرئاسة التركية غول وأردوغان، ومن ثم على مستوى ثلاثي مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والمضيف التركي، وكان واضحاً أن أبرز مواضيع هذه اللقاءات، كان استقرار المنطقة خصوصاً في ضوء التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، حيث أكد الأسد بعد لقائه أردوغان أن التهديدات الإسرائيلية هدفها تشتيت الانتباه عن المشكلة الحقيقية في المنطقة وهي الاحتلال. ودعا الجانبان التركي والسوري المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في فك الحصار عن غزة، وإلى تشكيل حكومة وحدة وطنية عراقية تمثل كافة أطياف المجتمع.
وكان الأسد اجتمع مع غول بحضور أردوغان، وذلك بعد لقاء على إفطار متأخر بحضور عقيلات الرؤساء الثلاثة. ثم زار أردوغان الرئيس السوري في مقر إقامته، وعقد معه اجتماعاً ثنائياً مغلقاً، لتلي ذلك قمة ثلاثية بحضور أمير قطر كان اتفق على ترتيبها قبل زيارة الأسد إلى اسطنبول، حضرها وزراء خارجية سوريا وليد المعلم وقطر الشيخ حمد بن جبر بن جاسم آل ثاني وتركيا أحمد داود أوغلو بالإضافة إلى المستشارة الرئاسية السورية بثينة شعبان.
واعتبرت القمة متابعة لاتفاق «التنسيق والتشاور» بين الدول الثلاث لـ«ترسيخ عوامل الاستقرار في المنطقة»، التي يزعزعها التهديد الإسرائيلي بحرب جديدة تحت ذرائع مختلفة.
وقالت شعبان في نهاية اللقاء إن القادة «ناقشوا جميع القضايا التي تهم المنطقة»، مشيرة إلى «الوضع المأساوي في غزة وضرورة قيام الأسرة الدولية بشيء تجاه فك الحصار، والانتخابات العراقية وحق إيران في الطاقة النووية». وأضافت أن الهدف من اللقاء كان بعث «رسالة داعمة لشعوب المنطقة، وهي (قمة) ضد الحروب ومع السلام». وتابعت «كما تتذكرون عقد اجتماع رباعي بحضور (الرئيس الفرنسي نيكولا) ساركوزي للتأكيد على دور أبناء المنطقة في صياغة الشرق الأوسط الجديد عبر أبنائه من الداخل، و أن لا يصاغ من الخارج».
ولماذا هذه الدول الثلاث، قالت شعبان»لأن هذه الدول مهتمة بوضع المنطقة، ومتفقة على الكثير من الأمور، وترى أنها تستطيع أن تقدم شيئاً، وهذه العلاقة أصبحت ركيزة أساسية لتقديم مستقبل أفضل للمنطقة». وعلقت على احتمال انضمام دول أخرى لهذه الرؤية بقولها «لم لا؟»، مضيفة «الاجتماع مفــتوح، وليس محصوراً بالدول الثلاث، ومن يشاطر الرغبة والرؤية والإرادة أهلاً وسهلاً به».
وذكر بيان صادر عن رئاسة الوزراء التركية أن «الزعماء الثلاثة عبروا عن قلقهم ومعارضتهم لسياسات تصعيد التوتر اللفظي للحرب في المنطقة، وأكدوا أن هدفهم النهائي هو دعم السلام والاستـــقرار عبر سياسات الانخراط والمصالحة في المنطقة، وعبروا عن تصمـــيمهم على دعم جهود كهذه، كما رحبـــوا بجهود غيرهم في هذا المجال».
وذكرت وكالة (سانا) انه تم «التأكيد على رفض التهديدات والمزاعم الإسرائيلية التي تستهدف ســــوريا ودول المنطقة»، مشددين على أن «تلـــك التهديدات تخلق مناخاً من التوتر في المنطقة وتهدف إلى إبعاد الأنظار عن الجرائم الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة».
ودعا الزعماء، في البيان التركي، إلى «عالم خال من الأسلحة النووية وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، كما عبروا عن تأييدهم لحق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. ودعوا إلى حل دبلوماسي لقضية النزاع النووي الإيراني، ودعمهم للدور التركي في هذا السياق. كما عبروا عن دعمهم لوحدة العراق، واحترامهم لخيارات الشعب العراقي في هذه الانتخابات، وأكدوا دعمهم لتشكيل حكومة عراقية في اقصر وقت ممكن، على أن تكون تمثل كل أطياف الشعب العراقي».
وحول المسار السوري الإسرائيلي في العملية السلمية، أكدت دمشق وفق البيان التركي «مجدداً رغبتها في استئناف المحادثات من النقطة التي توقفت عندها». وعبر الأسد وأمير قطر «عن امتنانهما العميق لدور تركيا في هذه المحادثات». كما رأى القادة أن «المصالحة الفلســـطينية هي أولوية ودعـــوا الأطراف الفلسطينية لتحقيقها».
كما عبر القادة، في البيان، عن جل قلقهم من الوضع المأساوي في غزة وخيبة أملهم من المجتمع الدولي الذي لم يف بالتزاماته بإنهاء هذه المأساة الإنسانية، ودعوه «لتأكيد وعوده وتكثيف جهوده لإنهاء معاناة الناس في غزة». وانتقد البيان سياسات الاستيطان، مؤيداً حلاً شاملاً، معتبراً أن سياسات الاستيطان تشكل تهديداً لجهود السلام. وشدد على ضرورة الحفاظ على هوية القدس الشرقية التاريخية والدينية.
وأعلن اوغلو أن سوريا وقطر تدعمان جهود أنقرة لإيجاد حل دبلوماسي للأزمة النووية الإيرانية، ولا سيما العرض الذي أعلنته الجمعة الماضي لتنظيم مفاوضات في تركيا. وأوضح ان «الدول الثلاث أدانت المواقف الأخيرة والأعمال التي تؤدي إلى زيادة التوتر في المنطقة، وشددت على دعم كافة الجهود لتحقيق الاستقرار والسلام».
وذكر بيان رئاسي سوري أن اللقاء مع أردوغان تناول العلاقات الثنائية المتنامية وتطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية. وأعرب الجانبان عن «ارتياحهما للمستوى المتميز الذي ارتقت إليه العلاقات بين البلدين، مؤكدين أن هذه العلاقات المبنية على الثقة والمصالح المشتركة باتت تشكل أنموذجاً للعلاقات بين الدول».
وتناولت المباحثات أيضاً عملية السلام، حيث أكد الأسد أن «تهديد إسرائيل المتواصل لبلدان المنطقة وترويج الأكاذيب يرمي إلى تشتيت الانتباه عن المشكلة الحقيقية في المنطقة والمتمثلة في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وتهربها من متطلبات السلام». وكرر «سعي سوريا لتحقيق السلام عبر الوسيط التركي الذي أثبت نزاهة ومقدرة في إدارة المفاوضات غير المباشرة».
وجرى التأكيد على «ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في دفع إسرائيل لفك الحصار الجائر عن الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة وفتح المعابر وإنهاء الاحتـلال وإزالــة المستوطنات ووقف انتهاكها للمقدسات الدينية».
وفي الموضوع العراقي، أعرب الجانبان عن «أملهما في أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل مكونات الشعب العراقي وتضمن أمن العراق واستقراره ووحدة أراضيه وتعمل على تحقيق علاقات طيبة مع جميع دول الجوار».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد