«لوفيغارو» تروي فصول التطبيع الأمني بيـن الإمـارات وإسـرائيـل
«التهديد الإيراني المشترك لإسرائيل وللإمارات يدفعهما للتقارب». العبارة، واحدة من محاولات الكثيرين، ممن التقاهم مراسل صحيفة «لوفيغارو» جورج مالبرونو، ليشرح لجوء الإمارات إلى التكنولوجيا والسلاح الإسرائيلي.
«لوفيغارو»، نشرت أمس الأول تحقيقا عن صفقات عديدة أبرمتها الإمارات، وتزودت بفضلها بمعدات مراقبة إسرائيلية متقدمة لحماية الحدود، وضمان أمن 15 منشأة نفطية حيوية، والتنصت على الاتصالات في مياه خليج العربي، حيث تحتل إيران ثلاث جزر إماراتية.
وأنجز الإسرائيليون بناء «جدران ذكية» حدودية، تحوي مجسات وكاميرات وأجهزة التقاط عالية الحساسية قادرة على تحري أي تحرك في محيطها، وإرسال صور المتسللين إلى مراكز القيادة، واستخراج ملفاتهم بدقائق، وهو ما أدهش الإمارتيين، بحسب «لوفيغارو».
ويخترق الإسرائيليون الإمارات عبر شركة «آزيا غلوبال تكنولوجي»، إحدى أهم شركات تسويق التكنولوجيا الإسرائيلية الأمنية في العالم. ويشرف ماتي كوشافي، وهو إسرائيلي مقيم في الولايات المتحدة على أعمال هذه الشركة، التي حصلت على عقد بـ3 مليارات دولار.
وأقامت الشركة مقرا رسميا لها في أبو ظبي، لتسهيل أعمالها في منطقة الخليج العربي، وآخر في زوريخ. ويساعد كوشافي، في أعماله الإماراتية «حمامة السلام» القديمة يوسي بيلين، الذي يدير ثروات إسرائيلية، وجمعية «أبناء إبراهيم»، التي تضم رجال أعمال يهودا أميركيين وإماراتيين.
وكانت أعمال كوشافي قد ازدهرت بعد هجمات 11 أيلول، وضمه إلى «آزيا غلوبال تكنولوجي»، أسماء إسرائيلية بارزة في عالم الأمن من كوادر الموساد وجنرالات الجيش الإسرائيلي المتقاعدين، بينهم الجنرال عاموس ملكا، رئيس الاستخبارات العسكرية «أمان».
وعلى ضفاف الخليج، يبدو الصراع العربي الإسرائيلي بعيدا جدا. وتنسب «لوفيغارو» إلى مسؤول إماراتي، يفضل السرية، قوله «لا يهمنا من أين تأتي المعدات، ولا أصل من يزودنا بها. نحن نتحلى بالبراغماتية، ولدينا المال الكافي، ونبحث عمن يستطيع أن يزودنا بنظام للحماية متكامل».
«لا يكن الإماراتيون أي مشاعر عداء لإسرائيل»، شهادة لبنانية من المستشار المالي لحاكم رأس الخيمة خطار مسعد، وقد سبق له أن تلقى عروضا من رجال أعمال إسرائيليين، يحملون جوازات سفر أميركية وبريطانية.
ولم تتردد الإمارات بعد أشهر قليلة من الحرب الإسرائيلية على غزة، في عقد صفقة مع شركة «رادوم آفيياشن سيستم»، ومقرها في منطقة بتاح تيكفا في فلسطين المحتلة، حصلت بموجبها على طائرتين بلا طيار. وتحمل الطائرتان منصات استماع الكتروني، قادرة على تعقب الاتصالات في الخليج العربي والتنصت عليها.
وكان الإماراتيون أدهشوا العالم، في الربيع الماضي، بالصور التي التقطتها شبكات المراقبة الكثيفة، لقتلة محمود المبحوح من قبل الموساد. ويبدو أن «مركز الاستطلاع» الإماراتي الذي حصل على تلك الصور، قد أبرم صفقة مع شركة «إيماج سات» الإسرائيلية الخاصة، وهي شركة تتخذ من قبرص مقرا لها، وتقدّم خدمات المراقبة عبر القمرين الاصطناعيين «إيروس» ألف وباء. وكانت الإمارات كذبت هذا النبأ، عندما نشرته مجلة «الديفانس نيوز» الأميركية.
لكن «لوفيغارو» نسبت لخبراء أن الإمارات وقعت منذ 2006، اتفاق شراكة مع «إيماج سات»، كما اكّدوا أن الاتفاق يمنحها حق برمجة واستخدام القمر «إيروس ألف»، لمراقبة مياه الخليج، حيث يمكن أن تتدخل إيران.
«نستثمر كثيرا في أنظمة الإنذار المبكر»، قال قائد القوات الجوية السابق في الإمارات الجنرال خالد البوعينين.
«إنها قضية حياة أو موت بالنسبة إلينا، انظروا إلى ما حدث للكويت في التسعينيات، لم تكن تملك أنظمة مماثلة، فاستيقظ الكويتيون ذات صباح على الجيش العراقي يسيطر على مفترقات الطرق».
ولا يعني التقدم في الصفقات تطبيعا علنيا بين إسرائيل والإمارات، وبرغم أن الصفقات سر شائع لا يزال الإماراتيون يسمون الإسرائيليين «بالمكسيكيين». وتقوم «الرويال جت» الأميركية، بنقل «المكسيكيين» بسرية، بعدما تلقوا نصائح إسرائيلية بالحذر من مخاطر خطفهم على يد حزب الله أو الحرس الثوري الإيراني.
وإذا صح ما ذكرته «لوفيغارو»، فسيكون سابقة أن تقوم شركة إسرائيلية بإعادة تنظيم أركان القوات البحرية والبرية والجوية الإماراتية، وهو أمر لم يمنعه سوى إخفاق «شركة أدفانسد إنتغرال سيستم»، أحد فروع «آزيا غلوبال تكنولوجي»، بالفوز بالصفقة.
هل أبطأ اغتيال المبحوح وتيرة التطبيع الأمني؟» لا شيء تغير بينهما، بحسب خبير أمني، لأن «الإماراتيين يحتاجون للإسرائيليين».
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد