العقبات الإسرائيلية أمام جهود التسلح السعودي
الجمل: تزايدت الضغوط الإسرائيلية الساعية إلى استخدام وتوظيف العلاقات الخاصة الأمريكية-الإسرائيلية، كآلية لجهة إعاقة المملكة العربية السعودية عن بناء قدراتها الإستراتيجية، وعلى وجه الخصوص في ملف بناء القدرات العسكرية السعودية. ماذا تقول آخر المعلومات؟ وما هي طبيعة الضغوط العسكرية الإسرائيلية على الإدارة الأمريكية؟ وما هي تداعيات ذلك على السياسة الحارجية الأمريكية إزاء السعودية وعلى السعودية نفسها؟
* جهود التسلح السعودي: مذا تقول المعلومات؟
نشرت صحيفة وول ستريت جرنال الأمريكية التابعة لجماعة المحافظين الجدد تقريراً تحدث عن العلاقات السعودية-الأمريكية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بصفقات السلاح الأمريكي للسعودية، والموقف الإسرائيلي إزاءها. هذا، ويمكن الإشارة إلى النقاط الواردة في تقرير وول ستريت جرنال، وإضافة إلى ما أورده تقرير صحيفة هاآرتس الإسرائيلية وذلك على النحو الآتي:
- وقعت الإدارة الأمريكية عقداً مع السعودية يقضي بتزويد السعودية بعشرات طائرات إف-15 الحربية الأمريكية المتكورة.
- بلغت قيمة صفقة بيع طائرات إف-15 الأمريكية للسعودية حوالي 30 مليار دولار أمريكي.
- تجري حالياً مفاوضات أمريكية-سعودية ومفاوضات أمريكية-إسرائيلية، وذلك لجهة تحديد مواصفات الوضع النهائي، بحيث يتفاهم الأمريكيون مع الإسرائيليين لجهة الاتفاق على كيفية الأخذ بالاعتبار معايير أمن إسرائيل، ويتفاهم الأمريكيون مع السعودية لجهة الاتفاق على جعل السعوديين يقبلون بالشروط المقبولة إسرائيلياً.
- تقول التسريبات، بأن الأمريكيين قد طرحوا تعديل تقنية ومواصفات طائرات إف-15 التي سوف تسلَّم للسعودية بحيث لا تكون هذه الطائرات مزودة بأنظمة الأسلحة الطويلة المدى.
- تزايدت الاعتراضات الإسرائيلية خلال الشهر الماضي، حيث أبدى الإسرائيليون رفضهم الصريح تزويد السعودية بأي طائرة إف-15 جديدة.
- تضمنت الاعتراضات الإسرائيلية موقفاً يقول بأن السعودية تملك حالياً أسطولاً حربياً جوياً يتمضن 150 طائرة من طراز إف-15، وبالتالي إذا كانت هناك ضرورة فعلى واشنطن الاكتفاء بإجراء عمليات الصيانة الدورية لهذه الطائرات.
تشير المعلومات والمعطيات الجارية منذ فترة طويلة إلى أن تل أبيب ظلت تضع شروطها على كل صفقات السلاح الأمريكية والأوروبية التي تم عقدها مع الأطراف العربية، ومن المعروف أن صفقة السلاح الأمريكية-السعودية قد سبق و أثارت ضجةً في العديد من الأوساط الأمريكية الوثيقة الصلة بإسرائيل.
* القدرات العسكرية السعودية: تأثير العامل الإسرائيلي
أكدت المعلومات والتسريبات الأمريكية بأن وزير الدفاع الإسرائيلي الجنرال إيهود باراك قد زار واشنطن قبل حوالي شهر، وفي هذا الخصوص سعى الجنرال باراك لجهة التفاهم مع الأمريكيين حول ملف تزويد السعودية بالأسلحة الأمريكية. وفي هذا الجانب نشير إلى أن جهود الجنرال إيهود باراك في واشنطن تتضمن الآتي:
- عقد اجتماع مع وزير الدفاع الأمريكي روبرت غاتز تطرق إلى التفاهم حول طبيعة صفقات التسليح الأمريكي للسعودية والجوانب التقنية العسكرية السعودية الأخرى.
- عقد اجتماع مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال جيمس جونيز تطرق إلى التفاهم حول مدى تأثير إمدادات الأسلحة الأمريكية على الميزان العسكري الشرق أوسطي وعلى وجه الخصوص في الاعتبارات المتعلقة بمذهبية الضمان الأمريكي لتأمين تفوق إسرائيل العسكري على بقية دول الشرق الأوسط مجتمعة.
هذا، وإضافةً لذلك، تقول المعلومات والتسريبات بأن ميشيلي فلمورني نائب وزير الدفاع الأمريكي لشؤون سياسية الدفاع الأمريكية، قد جاء إلى العاصمة الإسرائيلية تل أبيب، حيث عقد اجتماعاً مع بعض كبار المسؤولين الإسرايئليين المعنيين بشؤون الأمن والدفاع. وفي هذا الاجتماع طرح الإسرائيليون تحفظاتهم الواضحة إزاء صفقة تزويد واشنطن للسعودية بالأسلحة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بامتعاض الإسرائيليين إزاء نوايا الرئيس الأمريكي باراك أوباما لجهة القيام بتنفيذ الصفقة وتزويد السعودية بالطائرات المتفق عليها.
أضافت مصادر صحيفة وول سترتيت جورنال الأمريكية، بأن الإدارة الأمريكية قد عقدت العزم على تزويد السعودية بطائرات إف-15 كما هو منصوص عليها في عقد الصفقة الذي تضمن بيع 84 طائرة إف-15 إلى السعودية. وتقول المعلومات، بأن الأمريكيين قد وافقوا على التحفظات الإسرائيلية لجهة عدم تزويد هذه الطائرات بأنظمة الاستهداف البعيد المدى، إضافةً إلى بعض الأنظمة المتطورة الأخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر: أنظمة الإصابة الدقيقة للأهداف، أنظمة تفادي الرادارات، أنظمة زيادة السرعة، أنظمة تعزيز المناورة الحركية السريعة. وبكلمات أخرى، فقد سعى الخبراء الإسرائيليون إلى فرض المزيد من القيود التي تنتقص من فعاليات قدرات طائرات إف-15 الأمريكية، ويجعلها تبدو وكأنها طائرات بدائية في مواجهة نفس طائرات إف-15 التي تملكها إسرائيل.
* الإدراك الأمني-السياسي الإسرائيلي إزاء السعودية: إلى أين؟
يقول الخبراء الإسرائيليون بأن السعودية لم تكن في يوم من الأيام بالنسبة للإسرائيليين قصة كاملة، وذلك لأن السردية السعودية تكون دائماً في حدود نصف القصة.
- يقف السعوديون حالياً إلى جانب بقاء القوات الأمريكية في العراق من أجل ردع الخطر الإيراني. ولكن السعوديين يعملون من أجل تقويض حكومة الزعيم نوري المالكي حليف أمريكا الرئيسي في العراق، وهذا يشير إلى أن كل جانب من جوانب الموقف السعودي يتضمن نصف قصة.
- يتعاون السعوديون مع دمشق من أجل استقرار لبنان، وفي نفس الوقت يتعاون السعوديون مع خصوم دمشق اللبنانيين، أي أن كل جانب يمثل نصف قصة.
- يتعاون السعوديون مع مصر والسلطة الفلسطينية من أجل إنجاح عملية سلام الشرق الأوسط، وفي نفس الوقت يقدمون الدعم لحركة حماس، أي أن كل جانب يمثل نصف قصة.
وتأسيساً على ذلك يرى الإسرائيليون بأن مزاعم السعوديين بضرورة تزويدهم بالأسلحة الأمريكية هو حصراً لمواجهة احتمالات الخطر الإيراني، هي مزاعم تمثل نصف قصة، أما النصف الآخر للقصة فهو غير معروف بالنسبة للإسرائيليين، وبالتالي، تقول بعض المصادر الإسرائيلية بأن تل أبيب تخاف من أن يكون نصف القصة الأخرى على غرار المثل القائل «يومٌ لكَ ويومٌ عليك»، فقد حصل الجيش اللبناني على بعض الأسلحة الأمريكية، وبدلاً من مكافحة حزب الله، قام هذا الجيش بتصويب الأسلحة ضد الإسرائيليين.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد