اشتداد الصراع الدولي حول سورية وموسكو ستطلب من مجلس الأمن تقديم مساعدات إنسانية
أكد الرئيس بشار الأسد، أمس، أن «المجموعات الإرهابية المسلحة تتلقى الدعم بالمال والسلاح» من جهات خارجية «بهدف زعزعة استقرار سوريا وإفشال أي جهد للحل وخصوصا بعد الإصلاحات التي أنجزت»، فيما كرر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي الكسي بوشكوف «دعم روسيا للإصلاحات الجارية في سوريا وضرورة متابعة العمل للتوصل إلى حل سياسي للازمة يقوم على الحوار بين جميع الأطراف المعنية ومن دون تدخل خارجي».
من جهته أعلن وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام أن «المجلس الوطني السوري» ومجموعات أخرى من المعارضة ستشارك في مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي يعقد في تونس الجمعة، محذرا من «سيناريو عراقي» في سوريا، فيما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن هناك تغيرا في الموقف الروسي والصيني من الأزمة السورية، مشيرا إلى أن اجتماع تونس يهدف إلى زيادة الضغط على الحكومة السورية لوقف العنف.
وذكرت وكالة (سانا) أن الأسد عبر، خلال لقائه بوشكوف في دمشق، «عن تقديره لمواقف الشعب الروسي الصديق والقيادة الروسية تجاه سوريا وحرصها على الاطلاع بشكل مباشر على حقيقة ما يجري من استهداف للدولة السورية والمجتمع السوري على يد مجموعات إرهابية مسلحة تتلقى الدعم، بالمال والسلاح، من جهات خارجية بهدف زعزعة استقرار سوريا وإفشال أي جهد للحل، وخصوصا بعد الإصلاحات التي أنجزت».
وأكد بوشكوف، من جهته، «دعم روسيا للإصلاحات الجارية في سوريا، وضرورة متابعة العمل للتوصل إلى حل سياسي للأزمة يقوم على الحوار بين جميع الأطراف المعنية ومن دون تدخل خارجي»، مشددا على «أهمية الأمن والاستقرار في سوريا كجزء أساسي من استقرار منطقة الشرق الأوسط والعالم».
وعبر بوشكوف، الذي التقى وزير الخارجية وليد المعلم، عن «رفض بلاده لأي تدخل من القوى الخارجية في شؤون سوريا الداخلية»، مضيفا أن «موقف روسيا ينطلق من حرصها على التمسك بمبادئ القانون الدولي وتحقيق مصالح الشعب السوري»، مؤكدا «أهمية ألا يكون مجلس الأمن منحازا لأي طرف في الموضوع السوري».
وذكرت «سانا» أن رئيس مجلس الشعب السوري (البرلمان) محمود الأبرش بحث مع بوشكوف «حقيقة ما تتعرض له سوريا من هجمة إعلامية والضغوطات الاقتصادية بهدف ثنيها عن مواقفها المبدئية».
وقال بوشكوف بعد اللقاء «أجرينا مباحثات شاملة ومفيدة مع الرئيس الأسد ووزير الخارجية تبلورت من خلالها وجهة نظرنا حول الأحداث في سوريا بما يساعد في رسم صورة حقيقية لدى النواب الروس وبلورة الموقف الروسي بشكل أفضل».
وأضاف «هناك بعض الدول الكبيرة ذات النفوذ تحاول التدخل على مبدأ التدخل الإنساني الذي يتحول في النهاية إلى تدخل غير إنساني»، مشيرا إلى أن «مجلس الدوما يرفض مثل هذه التدخلات العسكرية»، داعيا إلى «الحد من استخدام المنظمات الدولية لتحقيق مصالح الدول الكبرى ذات النفوذ عن طريق التدخل في شؤون الدول الأخرى ذات السيادة».
وأشار إلى أن مجلس الدوما أصدر مؤخرا بيانا «دعا فيه إلى حل سياسي للازمة في سوريا ورفض كافة أشكال التدخل الخارجي»، لافتا إلى أن «هذا البيان حصل على تأييد كامل من قبل أعضاء المجلس الذين يمثلون أطياف المجتمع الروسي كافة على اختلاف انتماءاتهم الفكرية والسياسية».
وأعلن مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، في مقابلة مع قناة «فيستي 24» الروسية، أن موسكو «ستقترح على مجلس الأمن الدولي قريبا تقديم مساعدات إنسانية إلى سوريا».
وقال تشوركين إن «مجلس الأمن الدولي يعيش حاليا فترة تأمل في استراتيجيات مختلفة» حول الأزمة السورية. وأضاف «من الممكن الآن اتخاذ خطوات تطبيقية من أجل حل القضايا الإنسانية، وذلك اعتمادا، على سبيل المثال، على السماح الذي أعطته دمشق قبل أيام للصليب الأحمر بإيصال المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق السورية». وتابع «من الممكن أن نتوقع أن تقدم روسيا إلى مجلس الأمن الدولي اقتراحاتها بهذا الشأن».
وحول الاقتراح العربي بإرسال قوات حفظ سلام عربية ـ دولية مشتركة إلى سوريا، قال تشوركين إن «آلية التنفيذ غير واضحة لعدم وجود سابقة لتشكيل قوات من هذا النوع». وأكد «ضرورة منع انتشار سفك الدماء»، مشيرا إلى أن «ذلك سيمس الدول الإقليمية الأخرى لأهمية موقف سوريا الجيوستراتيجي».
وأعلن وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام في ختام اجتماع لوزراء خارجية 10 دول متوسطية برئاسة مشتركة ايطالية ـ تونسية في روما، أن «المجلس الوطني السوري ومجموعات معارضة أخرى ستكون ممثلة في مؤتمر تونس» المقرر عقده الجمعة المقبل.
وحذر عبد السلام من «سيناريو عراقي» في سوريا. وقال «لا نريد حصول سيناريو عراقي آخر في سوريا، علينا الحفاظ على وحدة أراضي سوريا»، موضحا أن ذلك هو «موقف مشترك». وأضاف «كلنا متفقون على حث الحكومة السورية على وقف القمع. نعتقد انه علينا في 24 الحالي أن نوجه رسالة قوية إلى الحكومة السورية. لقد حصل ما يكفي من القتل، ويجب أن يحصل تغيير سياسي». وأوضح «لا اعتقد أن أي دولة عربية تطالب بتدخل أجنبي، والدول الأوروبية لا تريد ذلك أيضا».
من جهته، قال وزير الخارجية الايطالي جوليو تيرزي، في ختام المؤتمر الوزاري التاسع للحوار في غرب المتوسط لمجموعة «5+5» أي البرتغال واسبانيا وفرنسا وايطاليا ومالطا، مع موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا، إن روما تريد تطبيق خطة الجامعة العربية من اجل سوريا. وأضاف «بالتأكيد يجب أن تكون المعارضة حاضرة»، معتبرا أن اجتماع تونس يجب أن يكون «شاملا».
ورحب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بدعوة الحكومة التونسية مجموعات مختلفة من المعارضة السورية إلى المشاركة في المؤتمر. وقال، ردا على سؤال حول دور المعارضة في حل سياسي مقبل، «ينبغي اليوم دفعها إلى الاتحاد والتنظيم وأخذ جميع التوجهات في الاعتبار، أولئك الذين في الداخل، وأولئك الذين في الخارج». وأضاف «كما ينبغي تمثيل مختلف الفئات في هذه المعارضة إذا أردنا أن تصبح شريكة في الحوار السياسي الكفيل بالخروج من الأزمة». وأشار إلى أن «خطة الجامعة العربية» للخروج من الأزمة «نالت إجماعا» في «اجتماع 5+5».
وقال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في مؤتمر صحافي في القاهرة، «هناك مؤشرات تأتي بالذات من الصين والى حد ما من روسيا بأنه ربما يكون هناك تغيير في الموقف». وأضاف «هناك اجتماع في 24 من هذا الشهر في تونس سوف يكون فيه عدد كبير من الدول والهدف من هذا الاجتماع هو وضع المزيد من الضغوط على سوريا لوقف العنف». وتابع «لا بد أن يصدر قرار ملزم بإنهاء إطلاق النار ووقف العنف في سوريا من قبل مجلس الأمن». ورأى أن «العالم العربي عانى كثيرا بسبب حق النقض سواء في ما يخص القضية الفلسطينية أو غيرها».
وقال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبد العزيز، قبل اللقاء مع العربي، أنه لا يمكن أن يبقى المجتمع الدولي صامتا حيال الوضع في سوريا. وأوضح «نعرف الصعوبات في مجلس الأمن لكني اعتقد انه لا يمكننا البقاء صامتين ويجب علينا وضع اكبر ضغط على الحكومة (السورية) لتطبيق ما تم الاتفاق عليه والنظر في الموضوع في مجلس الأمن لان الوضع خطير».
وفي الرياض، قال وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة، بعد جلسة الحكومة برئاسة الملك عبد الله، ان الحكومة «نوهت بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع القرار المقدم من جامعة الدول العربية بشأن سوريا، وعدته دعما للجهود التي تبذلها الجامعة العربية للوصول إلى حل سلمي للأزمة»، مضيفا أن الحكومة «تناشد المجتمع الدولي مراعاة الوضع الإنساني لأبناء الشعب السوري نتيجة التصعيد الخطير الذي تشهده الساحة السورية».
دعا السناتور الأميركي جون ماكين، في مؤتمر صحافي في القاهرة، إلى تزويد المعارضة السورية بالأسلحة لمساعدتها في «الدفاع عن نفسها».
وقال ماكين «أنا لا أدعو إلى أن تقدم الأسلحة مباشرة من قبل الولايات المتحدة، هناك طرق أخرى لتقديم المساعدة لهم، فقد حان الوقت لإعطائهم الوسائل الكافية للتصدي وإيقاف المجزرة». وأضاف «لقد شهدنا في ليبيا وفي نزاعات سابقة ان هناك طرقا لتقديم الأسلحة للناس حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم».
ونقلت وكالة «شينخوا» عن المبعوث الصيني لعملية السلام في الشرق الأوسط وو سيكه قوله، خلال لقائه وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في القدس المحتلة أمس الأول، إن «العمليات العسكرية المحتملة في سوريا ستلحق الضرر بالاستقرار الإقليمي والشعب السوري بأكمله».
وأشار إلى انه زار دمشق في تشرين الأول الماضي، والتقى زعماء مختلف القوى المعارضة، موضحا أن «زعماء المعارضة السورية أكدوا له رفضهم لأي تدخل أجنبي عسكري في سوريا، معتبرين انه سيأتي بنتائج عكسية». وأكد «وجود نقاط مشتركة بين موقف بلاده التي رفضت إلى جانب روسيا مشروع القرار الغربي ـ العربي الأخير بشأن سوريا في مجلس الأمن، وبين مواقف جامعة الدول العربية وإسرائيل من الأزمة السورية». وحث «الحكومة السورية على الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب السوري وبدء حوار وطني».
وقال تلفزيون «برس تي في» الإيراني إن سفينتين تابعتين للبحرية الإيرانية ترسوان حاليا في ميناء طرطوس السوري، مضيفا إنهما تقدمان «التدريب» للقوات البحرية السورية بموجب اتفاق وقعه البلدان قبل عام.
وفي جنيف، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب بيجا فرنودي إن مؤسسته تدرس سبل إيصال المساعدة بما في ذلك «وقف الأعمال العسكرية في المناطق الأكثر تضررا من اجل تسهيل وصول الهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى السكان المحتاجين». وأوضح أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر «تدرس إمكانيات عدة لنقل مساعدة إنسانية هناك حاجة ماسة إليها».
ولم يعط فرنودي تفاصيل بشأن المشاركين في هذه المحادثات، مشيرا فقط إلى أنها «تجرى حاليا». وأضاف «إن مضمون هذه المحادثات» مع السلطات السورية والمعارضة المسلحة «سيبقى سريا».
وقالت مصادر دبلوماسية لوكالة «رويترز» إن اللجنة تسعى إلى وقف الأعمال القتالية لمدة ساعتين في بؤر الصراع، لاسيما حمص.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد