والآن .. رسالة من رُعاتنا (السعوديين)
الجمل- بيبي إسكوبار- ترجمة: د. مالك سلمان:
ها هو هناك, فرعون مصر الجديد, بينوشيه سيسي, بكامل حلته/مجده. العناوين الفرعية زائدة ولا حاجة لها. هذه هي لحظة الأوسكار بالنسبة إلى الجنرال عبد الفتاح السيسي. إنه يشكر رُعاته/منتجيه. فعندما يذكر "السعودية", تهيج القاعة بالتصفيق. وعندما يذكر [الملك] "عبد الله", تهيج القاعة بالتصفيق.
ياله من أداء! يلوح في الأفق فيلم سيرة ذاتية. إنه يحلم بجاك نيكلسون يؤدي شخصيته على الشاشة. لاحظوا الابتسامة الساخرة التي تنطوي على تهنئة الذات, بما أنه واثق من أنه قد خدعَ الجماهيرَ العربية "التقدمية" – من اليساريين العلمانيين إلى الناصريين – بإقناعها أنه يدافع عن مصالح "الشعب المصري" الذي ما فتىءَ يشير إليه.
لاحظوا "الحرب على الإرهاب" في الجانب الأيسر الأعلى من الشاشة الصغيرة. هاهو السيسي يلعب دورَ "دوبيا" [إشارة إلى جورج بوش الابن] – على طراز فيلم "تمَ إنجاز المهمة" ["ميشن أكومبليشت"]. من يبالي بتحويل مصر إلى دولة فاشلة (دموية)؟ ومن يبالي بالعناوين الدموية المتنافسة – "مسلحون في سيناء يعدمون 25 شرطياً مصرياً" مقابل "العسكر يخنقون 38 موقوفاً في عربة شرطة"؟ إنه يربح "الحرب على الإرهاب" – كرأس الأفعى الجديد, الأفعى التي لم تهرب قط.
تمتعوا كما يحلو لكم بوهج الأفعى. وبمثابة ذروة للعرض, من المحتمل إطلاق سراح رأس الأفعى السابق خلال الأربع وعشرين ساعة القادمة. مما يسعد آل سعود الذين أحبوه وكأنه واحد منهم, مروضي الأفاعي على وشك أن يطلقوا سراح حسني مبارك. "الربيع العربي؟" – بمقدور المرء أن يتخيلَ رأس الأفعى السابق يتمتم. "ما تضحكونيش." ولن يضحك – علانية على الأقل. هذا "الربيع العربي", اختراع "غوغل" هذا, لم يحدث قط. يمكنكم جميعاً أن تعودوا إلى بيوتكم الآن – وتبقوا فيها. فالأفعى ستحميكم وتدافع عن مصالح "الشعب المصري". ولكن تذكروا؛ إذا كنتم ضدنا, فأنتم إرهابيون. وسوف نقضي عليكم.
قرَرنا ألا نقرر
إن منتجي الملحمة المصرية سعداءُ كما هو نجمهم. ياله من نجاح كبير في صالات العرض. من يبالي إن قامت الكلاب الإفرنجية – أي "الاتحاد الأوروبي" – بعقد اجتماع "طارىء" هذا الأربعاء لبحث احتمال "تعليق المساعدات" للسيسي العظيم؟ ومن يبالي إن كان الكونغرس الأمريكي يسلك مبدئياً الدربَ نفسَه؟
تخيلوا زاوية من الشاشة تظهر المنتجينَ وهم يكادون يقلبون على أقفيتهم من الضحك في أوكارهم في الرياض. فبالنسبة إلى إدارة أوباما, كاذ ذلك – ولا يزال – انقلاباً ليس بانقلاب, على الرغم من أنه مشى كانقلاب وتكلمَ كانقلاب. لكن التصنيفات لا تنطبق على هذه الحالة. ولذلك فقد قرر الكونغرس ألا يقولَ إن كان هذا انقلاباً أم لا. كما قررت إدارة أوباما ألا تقول شيئاً عما يمكن أن تقررَه – أي أنها "ستعيد بَرمَجة" كل شيء.
بغض النظر عن غياب القرار الذي يمكن التوصل إليه, فهذا لا يعني المنتجين بشيء. فقد وعدَ وزير الخارجية السعودي, الأبَدي سعود الفيصل, أن المنتجين ومساعدي المنتجين الآخرين في "مجلس التعاون الخليجي" – مثل الإمارات المتحدة – مستعدون لتعويض كل المساعدات التي خسرها رأس الأفعى اللامع السيسي, بل ودفع أضعافها أيضاً.
حاولت "نيويورك تايمز" كل ما بوسعها لإعطاء الانطباع بأنه لم يكن لواشنطن أي تأثير على اللامع السيسي – والمنتجين – بخصوص الانقلاب الذي ليس بانقلاب. وهذا يبعث على الضحك (أزيلوا الصورة الصغيرة في زاوية الشاشة من الرياض). المشكلة الوحيدة في هذا التقرير هي أن آل سعود, والإمارات المتحدة, وإسرائيل قامت بالتحريض والدعم والضغط لتسهيل الانقلاب الذي ليس انقلاباً؛ وقد نشر موقع "إيشا تايمز" مقالاً حول ذلك.
لاه .. لاه .. لاه ... إسرائيل؛ لم يكن بمقدور السيسي اللامع أن يشكرَ ذلك المنتج بالتحديد في خطاب قبول الأوسكار. إذ كيف يمكن تبرير ذلك للشارع العربي – أننا خَدَم من يحتلون فلسطين؟ أما بالنسبة إلى الإسرائيليين, فهم غير مبالين على الإطلاق؛ فالسيسي "واحد منهم"؛ فهم "على اتصال" دائم؛ ولن يفعلَ أبداً أي شيء لإلغاء اتفاقيات "كامب ديفيد".
كم أحبك يا ... أبو لمعة
أوكلت إدارة أوباما سياستَها الشرق أوسطية إلى آل سعود, وذلك خلافاً لمصلحتها. فما يقوله الملك "عودة الموتى الأحياء" عبد الله يمشي. في الحقيقة, لا؛ كل ما يفعله "عودة الجاسوس الخفي" بندر بن سلطان العائد, أي "بندر بوش", هو السياسة المتبَعة. فجمال الانقلاب الذي ليس انقلاباً, وخطاب السيسي, يكمن في أن بندر – سيد الفنون الظلامية – لم يُذكر حتى.
ومع ذلك فإن بندر بوش – في لقائه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي دام أربع ساعات – هو الذي لم يحصل على مبتغاه في سوريا؛ لكنه حصل على ما أراده في مصر. وقد انتبه لاعبُ الشطرنج بوتين إلى الحركة الافتتاحية بوضوح؛ ففي نهاية المطاف يمقت آل سعود والكرملين الإخوانَ الإسلامويين. وإن توقفت "المساعدات" الأمريكية إلى طغمة السيسي العسكرية – أي: نعطيكم الأموال لكي تشتروا المزيدَ من أسلحتنا – لا شيء يمنع الصناعة العسكرية الروسية من ملء الفراغ.
بالطبع, لا شيء من هذا كله سيؤدي إلى زوال المأساة السورية؛ فخلال رمضان, كان بندر هو الذي نظمَ الصفقة الصامتة للحصول على أسلحة بقيمة 50 مليون دولاراً من إسرائيل تم شحنها على الفور إلى الشبكة الجهنمية لعصابات السلفيين/الجهاديين/المرتزقة والمدعومين من قبل آل سعود. وقد حصل ذلك بعد أن تمكنَ بندر بوش من دعم إدارة أوباما للتخلص من أولئك المبتدئين القطريين – الذين كانوا يدفعون فواتير الإخوان الإسلامويين في مصر – وإقناعها بتسليمه زمام قيادة الجهاد السوري.
بندر يحلق. فهو الآن مسؤول عن "جهاد شامل" طموح للغاية يعمل ضمن استراتيجية ثلاثية في سوريا والعراق ولبنان, ويستغل الحصانَ الحديدي القديم لآل سعود المتمثل في الكراهية الطائفية, حيث يحرض السنة ضد الشيعة "الكفرة" مع تركيز قوي على تفجير السيارات المفخخة في المناطق المدنية, كما حدث مؤخراً في الضاحية الجنوبية في بيروت.
لكن هذا دور طويلُ الأمد يتطلب عدة أجزاء لاحقة. الآن, هو النجم رقم واحد في مصر. ولكن ربما يكون هناك مفتاح ربط في الموضوع. فحركة تمرد – التي جمعت 22 مليون توقيعاً قادت إلى التظاهرات الجماهيرية الحاشدة التي فتحت المجالَ للانقلاب الذي ليس بانقلاب – لا تطالب الآن فقط بإلغاء كافة "المساعدات" الأمريكية بل بإلغاء "اتفاقيات كامب ديفيد" أيضاً.
وهذه قنبلة أخرى – جوهر الموضوع فيما يخص الولايات المتحدة وإسرائيل. ماذا لو حصلت حركة تمرد, مرة أخرى, على 22 مليون توقيعاً – أو أكثر هذه المرة – ومن المحتمل جداً أن يحصل ذلك إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الغالبية الساحقة من الشعب المصري تمقت "السلام" مع إسرائيل؟ فهل سيستجمع السيسي اللامع شجاعته ويزعج منتجيه الإسرائيليين؟ وهل سيعطيه بندر الضوءَ الأخضر؟ وهل ستقيم الولايات المتحدة منطقة حظر طيران فوق القاهرة؟
بينما يقوم العالم بربط الكثير من الأحزمة قبل هبوب العاصفة, فإن الأنباء القادمة من البيت الأبيض ... مريحة. فهناك عضو جديد في العائلة, دمية اسمها "أبو لمعة". لذلك تخيلوا العائلة وهي تغني على طاولة العشاء, بصوت واحد: "الأيام السودا راحت/وضَوت بالبيت الشمعة/يقبرني هالأبو لمعة". ارجعوا إلى لقطة السيسي/جاك نيكلسون بكل رونقها وبهائها ... ولمعانها.
http://www.atimes.com/atimes/Middle_East/MID-05-200813.html
تُرجم عن ("إيشا تايمز", 20 آب/أغسطس 2013)
الجمل
إضافة تعليق جديد