روسيا تسرع تسليح العراق: موقف واشنطن يشجع الإرهاب
برغم ملامح التدهور الأمني الذي يشهده العراق في الأشهر الأخيرة نتيجة تصاعد الإرهاب المنفلت والآتي عبر الحدود، فرضت بغداد نفسها، أمس، كطرف محوري في المشهد الشرق أوسطي المنشغل أكثر من أي وقت مضى بتداعيات الأزمة السورية، حيث نجحت بشكل معلن لدى استقبالها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بتخطي المراوغة الأميركية بشأن صفقات التسليح العسكري، فاتحة الأبواب في الوقت ذاته أمام الديبلوماسية الروسية لتوجيه انتقادات شديدة لمواقف واشنطن في الشأن السوري المؤدية، وفقاً للافروف، إلى تشجيع "المتطرفين" و"التنظيمات الإرهابية".
وأعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في بيان صادر عن مكتبه أمس، أنه جرى خلال اللقاء بوزير الخارجية الروسي "البحث المعمق للعلاقات الثنائية ولمختلف شؤون وقضايا المنطقة، والتركيز على الأزمة السورية وضرورة التوصل إلى حلول سياسية لها، وبحث سبل مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه".
وأكد المالكي، وفقاً للبيان، "ضرورة تنمية التعاون بين البلدين في جميع المجالات"، مشددا على "الحاجة إلى التعاون الدولي لدحر الإرهاب سيما التعاون مع الجانب الروسي ... (وجدد) التأكيد على حاجة العراق إلى الأسلحة الخاصة بمعالجة الجماعات الإرهابية وملاحقتها وتبادل المعلومات الأمنية حولها".
من جهته، أعرب لافروف، وفقا للبيان، عن "تأييد بلاده لخطوات الحكومة العراقية في مواجهة الإرهاب وبسط الأمن والاستقرار، واستعداد روسيا للتعاون مع العراق على كافة المستويات".
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري، قال لافروف إن "إمدادات الأسلحة (إلى العراق) لمكافحة الإرهاب لا تتأخر وإنما تسير بموجب العقود المبرمة". وأضاف أن "أصدقاءنا العراقيين توجهوا بطلب التسريع بهذه الإمدادات لهذا النوع من الأسلحة وننظر بالطلب وسنحاول تزويدهم بأقرب وقت ممكن".
وتابع لافروف أن "التهديد الإرهابي يقلقنا جديا وهو ظاهرة تنتشر في المنطقة برمتها وتساعد على ذلك الأحداث المأساوية في سوريا، وقد اجمعنا على ضرورة مكافحة هذا الشر استنادا إلى المبادئ المبرمة في مجلس الأمن". وأكد في الوقت ذاته أن الجانبين، الروسي والعراقي، شددا خلال المباحثات على أهمية الحل السياسي في سوريا.
وفي هذا السياق، رأى وزير خارجية روسيا، الذي زار بغداد للمرة الأخيرة في شهر أيار العام 2011، أنّ الموقف الأميركي مما يحدث في سوريا وربط التغلب على الإرهاب برحيل الرئيس بشار الأسد، يشجع "المتطرفين" و"التنظيمات الإرهابية" في هذا البلد.
وأوضح "لدينا والأميركيين جملة من الآليات، ومن خلال هذه الآليات نحن نتعاون في عدد من القضايا وبينها مكافحة الإرهاب"، لكنه أضاف "يقول شركاؤنا انه لن نتغلب على الإرهاب في سوريا طالما يبقى الرئيس (السوري بشار) الأسد في السلطة"، معتبراً أنّ هذا الموقف الأميركي "يتلخص في تشجيع المتطرفين الذين يمولون الإرهاب ويمدون المجموعات والتنظيمات الإرهابية بالسلاح، وفي النهاية لا يؤدي إلا إلى تصاعد الصراع السوري".
وتطرق، في حديثه، إلى الطلب من مجلس الأمن الدولي التصويت على مشروع قرار حول الوضع الإنساني في سوريا والذي لم توافق عليه روسيا حتى الآن ما قد يعرضه للفيتو الروسي، ملمحا إلى استمرار معارضة بلاده لهذا القرار.
وقال الوزير الروسي إنّ "الموقف من تسليم المساعدات الإنسانية يعتمد ليس على رغبتنا في إرضاء أية حكومة، سواء كانت الحكومة السورية أو في بلد آخر، بل على القانون الدولي الإنساني". وأضاف "نريد أن يأتي تسليم المساعدات ... ضمن سياق هذا القانون وليس مخالفا له".
وأشار إلى انه "في (شهر) تشرين الأول الماضي ذكر القرار أنّ تسليم المعدات عبر الحدود يجب أن ينظم في سياق القانون الدولي الإنساني، ولا ادري لماذا لا يمكن تكرار ذلك الآن خصوصا انه لدينا أدلة عديدة على نقل ليس أغذية وأدوية بل أسلحة وأمور أخرى إلى المسلحين تمر عبر الحدود من دون سؤال احد". وتابع "إذا كان هناك أناس قلقون من إتباع هذا الأسلوب لتقديم المساعدات، فبإمكانهم استخدام الطرق ذاتها التي استخدموها لنقل الأسلحة".
بدوره، قال وزير الخارجية العراقي إنّ "هناك حاجة عراقية ملحة لأسلحة مكافحة الإرهاب والطائرات والمعدات الفنية والتسليحية". وأضاف "لدينا عقود تسليحية لكن بعيدة المدى وليست آنية ... الجانب الروسي وعدنا بتسريع عملية تسليم أسلحة عاجلة لمساعدة القوات العراقية في تصديها للإرهاب المنفلت والآتي من الحدود السورية إلى محافظاتنا في المنطقة الغربية"، في إشارة إلى محافظتي، الانبار التي تشهد عمليات عسكرية منذ نهاية العام الماضي، ونينوى، المحاذيتين لسوريا بنحو 600 كيلومتر من الحدود المشتركة. وأشار كذلك إلى إمكانية استضافة بغداد لمؤتمر لمكافحة الإرهاب في منتصف شهر آذار المقبل.
وأضاف زيباري، خلال المؤتمر الصحافي، أنّ لقاء رئيس الوزراء العراقي بلافروف تطرق إلى "سبل إنجاح مباحثات المجموعة السداسية للدول الكبرى مع إيران" بشأن ملفها النووي "نظرا لمصلحة العراق في معالجة هذه الأزمات باعتباره يعيش في عمق المنطقة".
وكان العراق، الذي يشهد تصاعدا في أعمال العنف اليومية، وقّع في العام 2012 صفقة تسليح تاريخية مع روسيا بلغت قيمتها 4,3 مليارات دولار، قبل أن تعلق هذه الصفقة بسبب شبهات بالفساد، وتستأنف في وقت لاحق. وفي شهر تشرين الأول الماضي أعلن مسؤول عراقي كبير أنّ بغداد بدأت تتلقى أسلحة بموجب هذه الصفقة. وأشارت تقارير إعلامية روسية عند التوقيع إلى أنّ الصفقة شملت 30 طوافة هجومية و42 من أنظمة الصواريخ "بانتير-اس 1" ارض جو، فيما جرت مناقشات إضافية أيضا حول احتمال شراء العراق طائرات "ميغ-29" وآليات ثقيلة مع أسلحة أخرى.
في غضون ذلك، قتل 17 شخصا، بينهم امرأتان وطفلان، وأصيب 70 آخرون، على الأقل، في سقوط خمس قذائف هاون على وسط قضاء المسيب في محافظة بابل في جنوب بغداد، وفق ما أفادت مصادر أمنية.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد