درعا: «النصرة» تعلن الحرب على «الخوارج» و«القاعدة» يحاول احتواء تمدد «داعش»
الخلافات بين تنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش» تتمدد وتتعمق. ففي درعا، أعلنت «جبهة النصرة» حرب الاستئصال ضد من أسمتهم «الخوارج»، وفي اليمن والمغرب هناك حرب فقهية على جبهة شروط «الخلافة» ومقتضياتها. أما في القوقاز فثمة محاولة لاحتواء «البيعات» الجديدة التي حصل عليها زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي.
وفي خطوة قد تؤدي إلى التصعيد في ريف درعا الغربي، الذي يشهد اقتتالاً بين «جبهة النصرة» و«لواء شهداء اليرموك» منذ أسبوعين، سُرِّب مقطع صوتي للمسؤول الشرعي العام في «جبهة النصرة» سامي العريدي (الذي اتخذ لنفسه لقب أبو معاذ بدلاً عن أبو محمود) يحرض فيه على قتال من أسماهم «الخوارج»، ويحث أتباعه على استئصالهم، محذراً من تكرار سيناريو المنطقة الشرقية.
وقال العريدي، في تسجيله المسرَّب، إن «السيوف التي أمرنا الله تعالى باستخدامها أنواع، وأحدها السيف المسلط على الخوارج، وهذه الفئة ثبت بالدليل القاطع أنهم خوارج، لذلك فإن قتالهم واجب شرعًا، ولا مجال للتورع في قتالهم، لأن من يتساهل في قتالهم، فإنه يتساهل بدماء أهل السنة»، مطالباً بالوقوف في وجههم صفاً واحداً، واستخدام ما أسماه «العلاج النبوي» (أي السيف) وقتلهم.
ويأتي هذا التسريب بعد ساعات من فشل المساعي التي بذلتها «حركة المثنى الإسلامية» لحل الخلاف بين الطرفين، خصوصاً بعد رفض قائد «شهداء اليرموك» أبو علي البريدي تسليم نفسه إلى «دار العدل»، الأمر الذي يطرح تساؤلات عما إذا كان التسريب مقصوداً من قبل «جبهة النصرة» لإخافة خصومها، وتأكيد حزمها في مواجهتهم، أم أن هناك طرفاً ثالثاً يعمل على استمرار القتال بين الطرفين كي يقطف ثماره لاحقاً.
ويلاحظ أن «جبهة النصرة في الجنوب» تستخدم لفظ الخوارج للدلالة على تنظيم «داعش» وكل من يبايعه أو يناصره، وتعتبر ذلك سبباً كافياً لبدء قتاله وشن حروب استباقية ضده، بينما كان واضحاً أن «جبهة النصرة في القلمون»، وعلى لسان زعيمها أبي مالك التلي، امتنعت عن إطلاق وصف الخوارج على جميع عناصر «داعش»، واعتبرت أنه لا يجوز قتال أو محاصرة من يبايعه أو يناصره فقط من دون أن يوغل في دماء المسلمين أو يكفّرهم.
وهذا الموقف قريب من موقف فرع «القاعدة» في اليمن، الذي أعلن صراحة في بيانه الأخير قبل حوالي شهر ونصف الشهر أنه لا يعتبر «الدولة الإسلامية» خوارج، وإن كان في المقابل يعتبر أن إعلان الخلافة والتمدد يدخل في إطار الفتنة.
وفي غياب أي تبرير لهذه الاختلافات في مواقف أفرع «القاعدة»، التي يفترض أنها تتبع قيادة واحدة في أفغانستان، تجاه «الدولة الإسلامية» وتوصيفه وكيفية التعاطي معه، بدا واضحاً أن «فرعي القاعدة في الجزيرة العربية والمغرب الإسلامي»، وانطلاقاً من عدم تبنيهما وصف الخوارج، يكتفيان حتى الآن بمواجهة تمدد «داعش» بأسلوب سلمي وعلمي محض، حيث ينشر الفرعان منذ فترة محاضرات مكثفة تحت عنوان «أحكام الإمارة» و»مسائل في فقه الخلافة» لتبيان الأخطاء الشرعية التي وقعت فيها «الدولة الإسلامية» بإعلانه الخلافة قبل توافر شروطها، وذلك بعكس «جبهة النصرة» (فرع «القاعدة» في الشام) التي وصلت إلى قناعة تامة بأن السيف وحده هو الحل.
ومع ذلك يبدو أن مساعي «القاعدة» لاحتواء تمدد «الدولة الإسلامية» لم تفلح حتى الآن بإعطاء نتائج إيجابية. ففي سوريا فاجأ عبد الباسط ساروت، الذي يقدمه النشطاء على أنه أحد أبرز رموز «الثورة السورية»، الجميع بتأكيد الخبر الذي كان تسرب منذ أشهر، وهو مبايعته للبغدادي، بعد أن ضاقت الخيارات أمامه وتخلى عنه الداعمون والممولون، وذلك وسط أحاديث عن نية بعض الفصائل المسلحة في ريف حمص الشمالي، وتحديداً في مدينة الرستن، إعلان مبايعتها للبغدادي في وقت قريب، علماً أن بعض هذه الفصائل تتعرض منذ أسابيع لحملة اعتقالات تقوم بها «جبهة النصرة» في المدينة بذريعة محاربة المفسدين.
ولم تقتصر «البيعات» الجديدة للبغدادي على سوريا، بل وصلت مجدداً إلى القوقاز، مهددة بنشوب خلاف بين «المبايعين» وبين «إمارة القوقاز» التي تبذل جهوداً كبيرة لمحاولة احتواء هذه «البيعات» وعدم تأثيرها على وحدة «الصف الجهادي» هناك.
وفي هذا السياق، أصدر زعيم «إمارة القوقاز» أبو محمد الداغستاني قراراً بإقالة «والي» داغستان أبو محمد القداري بعد أيام من إعلان الأخير بيعته للبغدادي مع «أمير» منطقة شامل قلعة التي تعتبر عاصمة داغستان.
وعيَّن الداغستاني مكان القداري نائبه سعيد الأركاني. وكان سليمان زين العابدوف، المعروف بلقب «موسار»، قائد جماعة «أوخ» التي تنشط في منطقتي كازبك ونوفولاك على الحدود الشيشانية - الداغستانية، أعلن مبايعته البغدادي بداية كانون الاول الحالي، وهو ما يشير إلى ازدياد نفوذ «داعش» في القوقاز. ونظراً الى خطورة الموقف، فإنه من المتوقع أن يخرج «أمير القوقاز» بتسجيل صوتي يوضح فيه ملابسات «البيعات» وموقفه منها.
ولم تكتف «إمارة القوقاز» بإقالة مبايعي «داعش» ومحاولة استبعادهم من المناصب القيادية، بل سعت مؤخراً إلى كشف بعض الحقائق حول القادة الشيشانيين في سوريا، وأبرزهم عمر الشيشاني وأبو جهاد الشيشاني، حيث اتهمتهما بخلع «البيعة» التي تربطهما بقيادة «إمارة القوقاز» من دون سبب شرعي.
ويأتي هذا الاتهام ليؤكد أن عمر الشيشاني، وخلافاً للعديد من التقارير الإعلامية، كانت له سوابق «جهادية» قبل قدومه إلى سوريا، وأنه كان مرتبطاً تنظيمياً بـ «إمارة القوقاز» قبل أن يبايع «الدولة الإسلامية» العام الماضي ويصبح قائدها العسكري العام.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد