السعودية تهبّ لنجدة «الإرهاب»
تبادلت كلّ من السعودية و«أنصار الله» التهديدات عقب استنجاد الرئيس، المتراجع عن استقالته، عبد ربه منصور، بتدخّل قوّات «درع الجزيرة» لوقف تمدّد الحوثيين في اليمن. وبينما لوّحت السعودية باتّخاذ «الإجراءات اللازمة» لحماية المنطقة ممّا وصفته بـ «العدوان الحوثي»، هدّدت «أنصار الله» بـ «إزالة» آل سعود في حال تدّخلت دول الخليج عسكرياً في اليمن، متوعدة بدخول أراضي المملكة واستعادة نجد والحجاز.
وتدور اشتباكات على عدة جبهات في شرق وجنوب ووسط اليمن. فبعد اتجاهها جنوباً وسيطرتها على محافظة تعز، تحاول «أنصار الله» استكمال خطّ السيطرة من خلال التمدّد إلى عدن المتاخمة ولحج حيث يوجد حضور لتنظيم «القاعدة» و «داعش»، فيما تشهد محافظة مأرب اشتباكات عنيفة بين الجماعة ومسلحين قبليين، خصوصاً بعد وصول تعزيزات للحوثيين من جهة محافظة البيضاء (وسط) على الحدود مع مأرب، في وقت بات مضيق باب المندب، عملياً، في متناول الحوثيين.
ويبدو أنّ حسابات مجلس الأمن الدولي لم تتطابق وحسابات الرئيس هادي الذي كان قد دعا، أمس الأول، إلى تدخّل عسكريّ في بلاده تحت الفصل السابع، فيما اكتفى المجلس بالتلويح بفرض عقوبات على الحوثيين، وهو ما دفع هادي إلى المطالبة بتدخّل القوات الخليجية لوقف تقدّم «أنصار الله».
الخيارات مفتوحة أمام الدول الخليجية، التي كانت قد أكّدت في أعقاب المناورة العسكرية التي أجراها الحوثيون يوم 12 آذار الحالي في صعدة على الحدود مع السعودية، أنّ «لديها من الإمكانات والإجراءات ما يكفي للدفاع عن مصالحها وأمن حدودها (...) ولدى مجلس التعاون القدرة الكافية على حماية أراضيه وسيادته».
واستدعت تلك التطورات المتسارعة إعلاناً واضحاً من قبل السعودية التي أكّدت على لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل أنّها ستتّخذ الإجراءات اللازمة لحماية المنطقة من «عدوان جماعة الحوثي»، في حال عدم وجود حل سلمي للفوضى في اليمن، مضيفا أنه «لا حلّ في اليمن إلّا برفض الانقلاب». واعتبر الفيصل أنّ «أمن اليمن وأمن دول مجلس التعاون كلٌّ لا يتجزأ».
وأشار الوزير السعودي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البريطاني فيليب هاموند في الرياض أمس، إلى أنّه «لا بدّ من استجابة عاجلة لعقد مؤتمر الحوار في الرياض»، مشدداً على أنّ «انقلاب الحوثي يهدّد أمن واستقرار اليمن والمنطقة والعالم».
وفيما وصف سياسات إيران في المنطقة بـ«العدائية»، أكّد معارضة بلاده «للتدخل» الإيراني في شؤون الدول العربية «ومحاولة إثارة النزاعات الطائفية فيها».
وقال هاموند، من جهته، إنّ بريطانيا ستبحث مع السعودية والولايات المتحدة كيفية «تعزيز» موقف هادي، مضيفاً أنّ «لا أحد منّا يريد تحركاً عسكريّاً».
وكان وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان استبق تصريحات الفيصل، بعد زيارة تفقدية قام بها، أمس الأول، إلى مدينة جيزان قرب الحدود مع اليمن، وبحث خلالها سبل تعزيز منظومة العمل العسكري في المنطقة الجنوبية، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية ـ «واس».
والزيارة التي أُعلن عنها يوم أمس، تزامنت مع كشف رياض ياسين الذي عيّنه هادي وزيراً للخارجية، أنّ الرئيس طالب دول مجلس التعاون الخليجي بتدخّل قوّات «درع الجزيرة» لحماية المصالح الحيوية لليمن، وأيضاً غداة اتّهام زعيم «أنصار الله» عبد الملك الحوثي، أمس الأول، السعودية وقطر «بدفع أموال طائلة لاستهداف الشعب اليمني».
وقال ياسين في حديث إلى تلفزيون «الجزيرة» القطري «سلّمنا الطلب رسمياً إلى مجلس التعاون الخليجي وتلقّينا رداً ايجابياً»، وأضاف أن هادي طالب مجلس الأمن بضرورة «فرض منطقة حظر جوي على المطارات التي سيطر عليها الحوثيون».
ردّ «أنصار الله» على التلويح السعودي بالتدخل بعد استدعاء هادي للقوات الخليجية، جاء قوياً. واعتبر عضو المكتب السياسي في الجماعة محمد البخيتي أنّها «ستكون نهاية آل سعود»، في حال دخول «درع الجزيرة»، التي وصفها بـ «قوات الكبسة»، إلى اليمن.
وتوعّد البخيتي في اتصال مع قناة «الجزيرة» بـ «السيطرة على أراضي المملكة واستعادة نجد والحجاز»، في حين أكّد أن هذا التدخل سيضرّ فقط بالسعودية.
وجدد هادي خلال لقائه جمعه، أمس، بشيوخ قبائل من شبوة، اتّهامه لجماعة «أنصار الله» بمحاولتها فرض المذهب «الإثني عشري الشيعي في البلاد بالتنسيق مع إيران وبقوة السلاح»، معتبراً أنّ «الحوثيين تعهّدوا لإيران عقب انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، بإفشال مخرجاته».
ميدانياً، قالت مصادر من ميليشيات «اللجان الشعبية» الموالية لهادي إنّها أحبطت فجر أمس «محاولة تسلّل إلى عدن قامت بها قوافل مسلحة تقلّ مسلحين حوثيين في منطقة الصبيحة في محافظة لحج»، التي تقع على بعد مئة كيلومتر شمال عدن.
في هذا الوقت، أرسل الحوثيون تعزيزات عسكرية جديدة إلى جنوب اليمن، فيما سجّلت اشتباكات بينهم وبين الميليشيات المناوئة في محيط مدينة تعز. ووفقاً لمصادر أمنية فإنّ الحوثيين واجهوا «مقاومة شديدة» من القبائل في هيجة العبد والمقاطرة الواقعتين جنوب تعز باتجاه عدن، واضطروا إلى التراجع.
وذكرت مصادر عسكرية أنّ الجماعة نقلت خمسة آلاف عنصر وثمانين دبابة إلى بلدة القاعدة في محافظة إب القريبة من تعز، وتمركزت هذه التعزيزات في مدارس البلدة التي تبعد حوالي 30 كيلومتراً شمال شرق تعز.
كما اندلعت اشتباكات عنيفة بين مسلحي القبائل والحوثيين على الحدود الجنوبية لمحافظة مأرب شرق اليمن.
وقال مصدر قبلي إنّ «معارك شرسة تدور بين رجال القبائل ومسلحين حوثيين، في منطقة قانية الواقعة على الحدود الجنوبية لمحافظة مأرب والقريبة من حدود محافظة البيضاء»، لافتاً إلى وصول تعزيزات عسكرية للحوثيين من جهة البيضاء، حيث اندلعت اشتباكات في مديرية الزاهر أدّت إلى مقتل 15 من عناصر «أنصار الله» وخمسة من مسلحي القبائل.
وفي سياق متصل، أفادت مصادر أمنية، أمس الأول، بأنّ تشكيلات من الحوثيين كانت في طريقها إلى ميناء المخاء التي تبعد 80 كيلومتراً غرب تعز، وهي مطلة بشكل مباشر على مضيق باب المندب الذي يفصل الجزيرة العربية عن أفريقيا.
إلى ذلك، تبنّى تنظيم «داعش»، أمس، إعدام 29 عنصراً من قوات شرطة النجدة في محافظة لحج الجنوبية التي أعلنها ثاني «ولاية» له في اليمن بعد صنعاء، وذلك في دليل على النشاط المتزايد للتنظيم في اليمن.
وبعدما أجلت أميركا يوم السبت الماضي 100 من عناصر قوّاتها الخاصة من اليمن نتيجة تردّي الأوضاع الأمنية في البلاد، أعلن مصدر مطلع أنّ بريطانيا أقدمت على الخطوة ذاتها وأجلت آخر عناصر قوّاتها الخاصة من اليمن.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد