دمشق تردّ على العربي: فليتراجع عن القرارات بحق سوريا
يثير الصمت الخليجي تجاه تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اهتمام المتابعين والديبلوماسيين في دمشق.
دعوة بوتين لحلف دولي ضد الإرهاب يضم إلى جانب سوريا محاربيها بالوكالة على مدى أربع سنوات، وفي مقدّمتهم تركيا والسعودية، لم يفتح شهية الكتاب السعوديين على السخرية، ولا على التأييد حتى الآن، وهو ما بدا مريباً.
وبعد ساعات على تصريحات بوتين، خرج الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بتصريح مثير هو الآخر، أكد فيه حرصه على التواصل مع المسؤولين السوريين، مشيراً إلى أن عَلَم سوريا لا زال مرفوعاً في صالات مقر الجامعة، ومقعدها فارغاً في قاعة الاجتماعات.
وقال العربي، في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية، إنه على استعداد للقاء المسؤولين السوريين»، مشيراً إلى أن سوريا «عضو مؤسس في الجامعة، ولا زالت تمتلك مقعدها».
ويربط مصدر سوري رفيع المستوى التطورين في مشهد واحد يتمثل «في ارتسام ملامح تغيّر جديد» في الأزمة السورية، وإن «كان المصدر الأهم لهذا التقييم هو بوتين لا العربي».
ويرى مسؤولون في دمشق أن الرئيس الروسي لم يكن ليلقي بثقله خلف دعوة من هذا النوع من دون وجود عوامل قوة يمكن البناء عليها، وذلك رغم أن المعطيات الميدانية لا تشير إلى هذا الأمر، ولا سيما أن تركيا تحشد قواتها على الحدود السورية، ولم تظهر السعودية أية مؤشرات على تحسّن في نظرتها للأزمة السورية، رغم ما أشيع من «أجواء إيجابية» تركتها زيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان إلى موسكو.
لكن المصدر يعلق على هذه النقطة بأن «العربي الذي سبق وخذل سوريا في الجامعة تحت تأثير الرياض، لن يتحدّث من دون رضاها أيضاً».
وبالرغم من «ضعف أهمية الجامعة في ما يتعلق بالأحداث الجارية، وهامشيتها» إلا أن تصريحات العربي جرى التوقف عندها.
ويمكن تذكر مساء 12 تشرين الثاني العام 2011، حين اتخذ مجلس الجامعة العربية قراره بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، موجّهاً الدعوة لـ «أطياف المعارضة» للاجتماع في مقرها في القاهرة في اليومين التاليين لـ «بحث رؤية مرحلة انتقالية» بخصوص مستقبل سوريا.
وحينها جلس العربي إلى جانب وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم، وأيّد دعوته لسحب السفراء من دمشق، كما التلويح بعقوبات اقتصادية وسياسية على الدولة السورية، وهو ما جرى لاحقاً.
وتراجع العربي خطوة أخرى في هذا السياق، حين أشار إلى حل بسياق «حكومة وحدة وطنية»، بدلاً من الحديث عن «مرحلة انتقالية» نص عليها بيان جنيف، وبيانات اجتماعات الجامعة، تتمتع بكامل الصلاحيات الرئاسية، وهو ما أثار استياء المعارضة، ودفع «الائتلاف الوطني» المعارض للتصريح بأن كلامه يخالف بيان جنيف.
ووفقاً للمصدر ذاته فإن العربي «ربما يريد فتح نافذة تهوية لتحسين الأجواء السيئة بين الجانبين»، ولكن ليستكمل «أن الأفعال هي التي تثبت الأقوال، لا العكس». واشترط مسؤول سوري بدوره «إلغاء كل القرارات الجائرة بحق سوريا التي اتخذتها الجامعة العربية قبل الحديث عن لقاءات ودية وديبلوماسية».
ويتفق أكثر من مسؤول، أن البناء على تصريحات العربي يجب أن يتحلى بـ «الحذر والبرود»، رغم الاتفاق على أنه من الصعب تصديق «أن الرجل يتحدث من تلقاء نفسه، أو آرائه الخاصة»، ولا سيما أن هذا لم يحدث خلال السنوات الأربع الماضية.
ويرى البعض أن تصريحات الرئيس الروسي ربما ألقت بظلالها على الأجواء في المنطقة. ووفقاً لما قاله مصدر سوري، فإن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية وليد المعلم إلى موسكو «لم تكن ممتازة جداً فحسب بل إنها أزالت كل شكوك يمكن للآخرين أن يتوهّموها حول الموقف الروسي من سوريا»، مشيراً إلى أن «بوتين تقصّد الحديث في أكثر من مناسبة أمام الإعلاميين عن تأييده المستمر لدمشق».
وعزّزت الحوادث الإرهابية التي حصلت على مدى الأسابيع الماضية في مناطق متفرقة من العالم، قناعة دول عديدة، بتأثيرات الأزمتين السورية والعراقية على الحالة الأمنية الدولية. ووفقاً للمصدر السابق فإن «الأطراف جميعها مأزومة» إلا أن «أية حلول لهذه الأزمات لا يمكن أن تنجح بتجاهل الأزمة السورية أو إمكانية التعاطي مع دمشق».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد