لهذه الاسباب سارعت روسيا بالإعلان عن تدخلها في سوريا
في شهر نيسان/أبريل الماضي، وفي حادثة هي الاولى من نوعها في الحرب السورية، أسقط مسلحو المعارضة طائرة ميغ 29 ، كانت تقلع من مطار خلخلة العسكري، الواقع على طريق دمشق السويداء، وبعد يومين من انتشار الخبر وتأكد وقوع الحادثة، حضر الى سوريا فريق خبراء روسي مختص بالتحقيق في هذا النوع من العمليات، وبعد البحث وجمع القطع المعدنية المتناثرة في المكان، اكتشف فريق الخبراء الروس قطعة معدنية تعود لصاروخ ستينغر امريكي، وعليها رقم خاص بالمعدات الامريكية التي تباع للجيوش الاجنبية، وتبين ايضا ان هذا الصاروخ الستينغر اشترته قطر من الولايات المتحدة ومن الاسلحة التي يمنع على القطريين تسليمها لطرف ثالث ، اواعادة بيعها خارج قطر او لجهة أخرى غير الجيش القطري، اتصل الروس بالأمريكيين عارضين عليهم نتائج التحقيق، نفى الاميركيون علمهم بالأمر ، وهددت روسيا حينها بتسليم الجيش السوري أسلحة أكثر تطورا، ومنها طائرات قنص ليلية وانظمة رادار جديدة، ورد الامريكيون انهم سوف يسلمون المسلحين في سوريا صواريخ ستينغر من الجيل الجديد، واتفق حينها الطرفات على التواصل في حال حصول واقعة مشابهة، هذه الكلام نقلته لنا مصادر متابعة لعملية التفاوض التي بدات منذ وقع تلك الحادثة.
بعد حادثة طائرة الميغ تلك، اتخذت القياة الروسية قرارا بالدخول مباشرة على الارض السورية، لمساندة الجيش السوري، وذلك بعد عام من الدخول الامريكي عبر التحالف الدولي ، وبعدما وصل الدعم الخليجي للجماعات المسلحة التكفيرية الى مستويات غير مسبوقة بنوعية السلاح المتقدم دون تحرك جدي من الجانب الامريكي لمنع هذا العمل ، فضلا عن هذا كانت موسكو تراقب تحركات المخابرات التركية في دول أسيا الوسطى ، القريبة من روسيا، خصوصا نجاح الاتراك باستجلاب الاف التركستان خلال السنة الماضية للقتال في سوريا ومشاركة هؤلاء في كل معارك الشمال السوري حيث كانوا راس الحربة في ميليشيا جيش الفتح في معارك السيطرة على كامل محافطة إدلب.
في هذا السياق قالت مصادر فرنسية رفيعة ان قضية المهاجرين الى اوروبا ، كانت حاسمة بالنسبة للروس الذين قرروا الاعلان عن دخولهم الى سوريا ، مباشرة بعد الضجة الكبرى التي دارت حول المهاجرين الذين أتوا من المخيمات التركية، بقرار تركي واضح يقضي بافراغ مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا ، واغراق الدول الاوروبية بهم ، وبدات هذه القضية تنضج لتصبح حجة لتدخل امريكي في سوريا تحت عنوان ( التدخل الانساني) واتى القرار الفرنسي بالمشاركة في قصف داعش ليزيد الريبة الروسية من هذه الضجة المفتعلة حول المهاجرين، وتضيف المصادر أن روسيا التي تنسق مع المانيا في حرب اوكرانيا كانت وراء تراجع المستشارة الالمانية ( انجيلا ميركيل) عن قرار استقبال مئات الاف المهاجرين السوريين، واقفال الباب امام استقبال مهاجرين جدد في المانيا، وتضيف المصادر الفرنسية ان الروس يعرفون ان أي قرار أمريكي بالتدخل تحت العنوان الانساني ممكن ان يتحول في اي وقت الى تدخل لاسقاط النظام، والروس يعلمون ان الامريكي كانت لديه نوايا كبيرة لاسقاط النظام في دمشق لمدة عقد من الزمن ، بدأت مع الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 حيث كانت خطة المحافظين الجدد المعلنة هي تغيير النظام في سوريا ومن ثم في ايران بعد العراق، غير ان الواقع العسكري وخسائر الجيش الامريكي في العراق غيرت معالم الاستراتيجية الامريكية دون ان تلغيها، وتقول المصادر لا شك ان المخابرات الروسية ادركت نوايا امريكا بخلق امر واقع جديد على الارض السورية عبر السماح التركي لامريكا باستخدام قاعدة انجرليك للقيام بعمليات قصف في سوريا، مع التهافت البريطاني الاسترالي ومن ثم الفرنسي على الالتحاق بركب القصف الامريكي، وهذا ما عجل بالاعلان الرسمي الروسي عن الدخول مباشرة في الحرب السورية وعلى الارض.
الامر الأكثر وضوحا في الكشف الروسي عن الشكوك اتجاه خطة امريكية كان ما اعلنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاحد الماضي في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الروسي اعلن فيها عن شكوك موسكو حيال النوايا الامريكية ، في سوريا تحت غطاء هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
وقال لافروف في المقابلة " يقول بعض زملائنا الاعضاء في التحالف انه في بعض الاحيان هناك معلومات، عن مواقع وتمركز داعش، لكن القيادة الامريكية للتحالف لا توافق على اعطاء الاوامر بقصف هذه المواقع، اما ان زملائما الامريكيين مقتنعين منذ البداية ان هذا التحالف لا يكفي وحده لهزيمة داعش، او ان الفكرة هي الوصول لاهداف غير التي اعلن عنها، لقد أنشأ التحالف على عجل ، وخلال ايام قليلة قالوا انه جاهز، انضمت اليه بعض الدول وبدات الغارات الجوية، وبتحليل طلعات التحالف الجوية ، يخالجك انطباع غريب، الشكوك هي ان هناك اهداف اكثر من قتال تنظيم الدولة الاسلامية" ، ويضيف لافروف "لا اريد ان اقوم باستنتاجات، حول تفكير قيادة التحالف لكن الامور سوف تتضح في المستقبل".
لافروف المعروف بدقته الدبوماسية المتناهية ، واختيار تعابيره بتأن ، اراد ان يبلغ واشنطن ان روسيا تعرف الخطة الامريكية، وأنها تراقب العمليات الجوية، كما تحلل الطلعات الجوية الامريكية، تقول المصادر الفرنسية" ان الروس لديهم فائض من المعلومات يشير الى ما كانت تقوله ايران دائما، عن اسلحة امريكية تلقى لتنظيم داعش عبر الطائرات، وعن دعم امريكي للتنظيم في سوريا وفي العراق،وهذا ما عجل في دخول الروس الى سوريا للقول لامريكا ان الخطة التي تعملون عليها منذ انشاء التحالف ضد داعش قد انتهى مفعولها الان".
نضال حمادة
المصدر: المنار
إضافة تعليق جديد