تربية حماس تصادر وتتلف كتاب تراثي فلسطيني لخدشه الحياء

06-03-2007

تربية حماس تصادر وتتلف كتاب تراثي فلسطيني لخدشه الحياء

أثار قرار أصدرته وزارة التربية والتعليم الفلسطينية بإتلاف كتاب حول الحكايات الشعبية الفلسطينية ذهولاً واستياء عامين، وردود فعل عنيفة من قبل الأدباء والمثقفين، بلغت حد وصف القرار بأنه "طالباني" ويشكل سابقة خطيرة.ولهذه الغاية اجتمعت اللجنة العليا في الاتحاد العام للكتاب الفلسطينيين للنظر في هذه السابقة، ومطالبة الحكومة الفلسطينية، بقيادة حركة حماس، وممثلة بوزارة التربية والتعليم، بتشكيل لجنة تحقيق محايدة للنظر في القرار الصادر عنها (الوزارة)، والذي يقضي بإتلاف جميع نسخ كتاب "قول ياطير" الموجودة في مكتبات المدارس الفلسطينية.
وكانت الوزارة قد اتخذت هذا القرار بحق كتاب " قول يا طير"، للمؤلفين شريف كناعنة وإبراهيم مهوي، في أوائل فبراير/ شباط الماضي، مسببة ذلك، لتضمنه ألفاظاً "تخدش الحياء" على حد إدعاء الوزارة.
فقد حدد قرار التربية والتعليم في محافظة نابلس، على سبيل المثال، أسبوعاً للمدارس كي تنهي عملية إتلاف ما تحويه مكتباتها من أعداد الكتاب، على أن يجري تنفذها من قبل لجنة ثلاثية، تضم مدير المدرسة، ومسؤول المكتبة، وأحد المعلمين، ويتم ذلك في محضر رسمي، تقدم إدارات المدارس بعده تقريرا للوزارة يتضمن أعداد النسخ التي أتلفتها، بحسب القرار.
ورداً على موقف وزارة التربية والتعليم، قال الناقد الفلسطيني، وليد أبو بكر، إن المثقفين يعارضون ما حصل، وهم بصدد إصدار بيان عن اتحاد الكتاب الفلسطينيين ضد هذا القرار.وأوضح أبو بكر، أن هناك موجة ضد هذا الأمر، وأن "الناس مذهولين من الخبر، وهو أمر مرفوض اجتماعياً وأدبياً."
ووصف القرار بأنه "شكل من أشكال التخلف الاجتماعي، وأن من يقف وراءه استغل الموقف الديني للتدخل" باعتبار أن الأمر يخدش الحياء.وأشار أبو بكر إلى أن ما قاله وزير التربية والتعليم العالي، ناصر الدين الشاعر، حول عدم علمه بالأمر قد يكون صحيحاً، غير أن عليه التحرك باتجاه وقف القرار، وهو ما شدد عليه أيضاً الكاتب محمود شقير.
وقال شقير إن الأمر برمته خطأ وأنه "إجراء متخلف.. شبيه بما قامت به طالبان"، تشبيهاً لما قامت به الحركة من تفجير تمثالي بوذا في أفغانستان.وأوضح شقير أن الكتاب هو تجميع لحكايات شعبية من التراث الفلسطيني.وطالب شقير بتنظيم حركة احتجاجات واسعة من قبل الكتاب والسياسيين، لكون المسألة تشكل سابقة خطيرة، وأنه يجب التراجع عنها بأسرع وقت، وضمان عدم تكرارها.
والكتاب، هو من وضع المؤلفين إبراهيم مهوّي، الذي يدرّس الأدب العربي المعاصر ونظرية الترجمة في جامعة إدنبره باسكتلندا، وشريف كناعنه، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة بير زيت في الضفة الغربية.
من جهته، وفي بيان ، دافع المؤلف شريف كناعنة عما جاء في كتابه، وقال رداً على قرار وخطوة وزارة التربية والتعليم الفلسطينية: "هذا كتاب أكاديمي علمي، وليس كتاب قصص للأطفال. وقد صدر عن واحدة من أهم وأكثر دور النشر احتراماً في العالم (بيركلي)، ويستخدم لتدريس مساقات على مستوى الماجستير والدكتوراه في أعرق جامعات العالم (هارفارد مثلاً)، وقد ترجم حتى الآن إلى خمس لغات."
ورأى كناعنة أن خطوة وزارة التربية والتعليم تمثل محاكمة للتراث الفلسطيني، وقال: "إنهم لا يحاكمونني، بل يحاكمون التراث والحضارة من خلال هذه الخطوة، وهذا ليس من حقهم، فهم ليسوا مؤهلين لمحاكمة حضارة."وأعرب كناعنة عن حزنه لهذا القرار والطريقة التي اتخذ بها، وما انطوت عليه من جهل لحقيقة هذا الجهد العلمي، وقال: "يحزنني جداً أن يكون هناك جاهلون مسؤولون عن تربية أطفالنا، وما جرى هو نوع من الجهل بماهية الكتاب."وبحسب البيان، فقد أكد المؤلفان أن السبب الرئيسي لتأليف هذا الكتاب ليس "الحفاظ على فن قصصي نسائي كان واسع الانتشار عندما كان الشعب الفلسطيني يمارس ثقافته على كامل أرضه فحسب، بل أيضاً كي نعرض صورة علمية وموضوعية للثقافة العربية النابعة من أرض فلسطين ومن تراثها الإنساني الذي تضرب جذوره في عروق التاريخ."كذلك أدان أمين سر اللجنة التنفيذية، رئيس دائرة الثقافة والإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، إقدام وزارة التربية والتعليم، التي تقودها حماس، على ما وصفه بـ"إعدام كتاب قول يا طير."وقال عبد ربه: "إن هذا الإعدام يرقى إلى مستوى الجنون الطالباني، الذي نسف تمثال بوذا في أفغانستان، رغم قيمته التاريخية والفنية."
من جهته، استنكر حزب الشعب الفلسطيني ما وصف بـ"القرار الظلامي الذي ينذر بتصفية الميراث الديمقراطي للشعب الفلسطيني."وأشار الحزب إلى ضرورة تسليم وزارة التربية والتعليم إلى شخصية مستقلة قادرة على قيادة العملية التعليمية، في إطار التراث الوطني الديمقراطي للشعب الفلسطيني.ويذكر أن كتاب "قول يا طير: يضم 45 حكاية (خرافية باللهجة الدارجة) من أصل 200 حكاية روى معظمها نساء فلسطينيات من (الجليل والضفة الغربية وغزة)، باعتبارها الحكايات الأكثر رواجاً بين أبناء الشعب الفلسطيني، ولما تبرزه من ملامح عن الثقافة الشعبية في البلاد.


المصدر: CNN

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...