الرقة تحتفي بشاعر مغمور وتطلق اسمه على مهرجانها
الجمل- أحمد الخليل: في الوقت الذي يبشر فيه بعض النقاد والمهتمين بالشأن الثقافي بموت الشعر واندثاره لا بل وبموت قارئه تؤكد مدينة الرقة ولسان حالها مديرية الثقافة فيها بعكس ذلك فهي تقيم سنويا مهرجانا للشعر العربي وتستضيف فيه (عينات) من الشعر والشعراء ترضي جميع الاذواق (شعر عمودي) وتفعيلة وشعر (فلت)، وجمهور الرقة الذي يحب الاختلاف عن باقي جمهور المحافظات يأبى الا متابعة نشاطات مديرية الثقافة الكثيرة والمتنوعة ومديح مديرها حمود الموسى الذي يطلق عليه (المنشط الثقافي) لا بل المنشط السياحي نظرا للبرامج السياحية التي يقيمها على هامش نشاطاته الثقافية لذلك تعتبر مديرية الثقافة الاكثر فاعلية في الرقة ومركزها الثقافي مع مركز الثورة هما نقطة جذب واستقطاب للجمهور فهناك صالة انترنيت ومعهد فنون تشكيلية ودورات موسيقى ومكتبة ضخمة ومعارض تشكيلية ومهرجانات على مدار العام ...
من هنا تصبح الرقة نشازا بين محافظات القطر على الصعيد الثقافي لذلك نقترح على وزارة الثقافة أحد خيارين: اما اقالة حمود الموسى وفريق عمله ليعود الانسجام الى مديريات الثقافة في محافظاتنا المترهلة (ثقافيا) أو تكليف الموسى باقامة دورات تدريبية لمدراء الثقافة في المحافظات عل وعسى تعود الهمة والنشاط لاجسادهم المكورة في الكراسي كما نقترح أن يضع الدكتور رفعت عطفة (مدير المركز الثقافي في مصياف سابقا ومدير المركز الثقافي العربي في أسبانيا حاليا) أن يضع منهاج وبرنامج الدورة التدريبية!!
عودة الى الشعر
زجت مديرية ثقافة الرقة (بين 15 و 18 نيسان) بعدد كبير من الشعراء والنقاد على منبرها على مدى ثلاثة أيام فكنا أمام وجبة شعرية دسمة عسيرة الهضم لولا بعض القصائد (السيفن آب) المهضمة والتي وازنت القصائد (العجرة) الاخرى التي تم قطافها قبل نضوجها والقاؤها أمام الجمهور على عجل.
شاعر مغمور
اطلقت ثقافة الرقة اسم أحد شعراءها الراحلين (مصطفى الحسون) على دورة المهرجان الثالثة، وهو شاعر مغمور الا في الرقة حيث لم يسمع به أحد من ضيوف وشعراء وصحفيي المهرجان!!البعض قال انه شاعر محلي جدا ولم ينشط اعلاميا أثناء حياته الشعرية فبقيت قصائده تحوم على ضفتي الفرات كارهة الترحال!!
شاعر المهرجان
مقدم الشعراء في المهرجان الشاعر ابراهيم الزيدي وهو أمين سر المهرجان استغل مهمته كمقدم وألقى في الفواصل بين القصائد كل ديوانه الشعري وأحيانا كانت فقراته الشعرية أطول من قصائد ضيوف المهرجان الامر الذي أغضب مدير الثقافة منبها اياه بعدم الاطالة والقاء قصائده فعلق أحدهم ربما تكون هذه الفرصة هي فرصة الزيدي الوحيدة لالقاء شعره واسماع الضيوف العرب والسوريين ما يخطه قلمه من ابداع لذلك كان بحق شاعر المهرجان والاكثر غزاره خلال أربعة أيام.
تغطية تلفزيونية
لم تثق على مايبدو ادارة التلفزيون السوري بالمركز التلفزيوني والاذاعي في الرقة فأرسلت المحررة المستجدة (ح م) لتغطية المهرجان واستخدام فنيي المركز مما أغضب موظفي المركز وخاصة المذيعة رشا العجيلي التي اعتبرت أن الرقة ساحة نشاط وعمل المركز هناك وبالتالي من غير اللائق ارسال (بضاعة هي متوفرة أصلا في الرقة) بينما لزم مدير المركز الزميل تميم السبتي الصمت ولم يتابع مهرجان الرقة الشعري.
الزميلة حنان مسعود استعانت في تغطيتها التلفزيونية بجهود كل من الزميلين (ماهر منصور وأنور بدر) لعدم توفر المعلومات لديها عن المهرجان أو الشعراء، لذلك على ادارة التلفزيون منح مكافأة مجزية للزميلين بدر ومنصور نظرا لكونهما أنقذوا سمعة تلفزيوننا المهنية.
امرؤ القيس أحد ضيوف المهرجان
حضر الشاعر الماقبل الاسلام امرؤ القيس المهرجان من خلال قصائد ثلاث شعراء هم (مجيب السوسي) مدير المراكز الثقافية الذي شكا له اهانة الشعر باختراع ما يسمى القصيدة الحديثة فما كان من امرؤ القيس الا أن تضامن مع السوسي غير الحداثوي وانهال بسيفه البتار على شعراء الحداثة الذين دمروا الشعر ، الشاعر الثاني الشاعر التركي حسين فرحاد الذي استحضر روح امرئ القيس وطاف معه الامكنة والازمنة الماضية وقام بجولة شعرية معه في الزمن الحاضر ليقول لنا ان تاريخنا مشترك فنحن شركاء في الجغرافيا والتاريخ.
(..ليس ثمة نزل لم أنم فيه
وبستان لم أدخله عارياً
والسم الذي قتل امرأ القيس
قدم لي مرات..
عبرت يثرب مسرعاً
واسترحتُ في مكّة
ولكي أرى بلد الشاعر
نزلت الى اليمن القديم..)
والشاعر الثالث هو العراقي فاضل العزاوي الذي عارض امرئ القيس حسب نهج الاولين في المعارضة الشعرية:
(لا تقف أيها الشاعر باكياً
من ذكرى حبيب ومنزل
ولا تهلك أسى
فالذين رحلوا سوف يعودون ثانية
على مطيهم الى الرسومِ الدوارس ولسوف تسمع ضحكَ الفتيات في الهودج
عند الغروب..)
نقاد ومحاضرات
النقاد الذين استقدمتهم ثقافة الرقة أغلبهم أساتذة جامعيون لذلك ألقوا علينا عدة محاضرات عن الشعر والحداثة ونادرا ما أشاروا الى أي من القصائد التي القيت في المهرجان فصفتهم الاكاديمية طغت عليهم واعتبروا أن جمهور القاعة طلابهم مبررين ابتعادهم عن النقد التطبيقي بعدم استلامهم نسخ من القصائد قبل المهرجان، وتنافس في القاء المحاضرات كل من الدكتور سعد الدين كليب والدكتور خليل الموسى والدكتورة لطيفة برهم فيما حاول الدكتور والشاعر وفيق سلطين الاقتراب نقديا من القصائد الملقاة والتخفيف من طغيان النقد النظري الذي حاول زملاءه اتحافنا به.
الشاعر السعودي محمد حبيبي يخرق التقاليد
محمد حبيبي شاعر من السعودية حاول الدخول في تجربة شعرية جديدة من خلال الدمج بين فنون مختلفة مبتعدا عن الطريقة التقليدية وهي القاء الشعر من على المنابر حيث أحضر (أقراص مدمجة) وطلب جهاز اسقاط وكمبيوتر وعرض على الشاشة أمام الجمهور فيلما شعريا بصوته مع مشاهد من الطبيعة المتنوعة التي تناسب مضمون قصائده وهذه التجربة يخوضها حبيبي لتجاوز ملل الالقاء حيث الدمج بين الموسيقى والفن التشكيلي والتصوير السينمائي والتلفزيوني والكلمة الشعرية وهذا الاسلوب الشعري ربما يدخل في المرحلة الحالية المسماة ما بعد الحداثة حسب نقاد الشعر.
هنادي زرقا تحتفي بانوثتها
لملمت الشاعرة هنادي زرقا مفرداتها الشعرية من الهواجس اليومية والحالات التي تمر بها الانثى كل يوم وضفرتها في قصائد قصيرة (ومضات) مكثفة شدت الانتباه وانتزعت التصفيق من الجمهور العاشق للانوثة وومضاتها السرية التي تدغدغ العواطف والرغبات.
فاضل العزاوي والفرح
لم يدخل فاضل العزواي نفق النواح العراقي في قصائده التي غناها غناء بل احتفى بالفرح والحياة ولم يلق علينا بأية قصائد عراقية مفخخة أو حربية ولم يسحق الاستعمار وأذنابه ولم يبك على الاطلال انما غنى للحياة والفرح وشدا بصوته في القاعة التي سيطر عليها وفرض الصمت الشعري اللازم للقصيدة العزاوية.
صقر عليشي مفاجأة الذيل
أعاد شاعر الجبال والمراعي وعين الكروم صديقنا صقر عليشي بقصيدة مميزة الاعتبار للذيل المهان والمذموم فمدحه في قصيدة طويلة معددا منافعة وفضائله على أصحابة فلولا أهمية الذيل ما كان الحكام والمسؤولون قد اتخذوا من حاشيتهم أذنابا ولولا الذيل لما استطاعت الحيوانات طرد الحشرات من على أقفيتها ولما كانت عوراتها انسترت ..
مقطع من الذيل:
قال القوم بأن الذيل رديءً
مذموم بالمجمل
ما كان قصيراً مختصراً
ظل كذكرى
أو ما كان طويلاً مرسل
لولا الذيل
سيمضي في بطن البحر الحوت
بغير هدى
لايعرف خلفاً من قدام
لو لم تكن الآمال لها ذيل
هل كنا نتعلق بالآمال؟
لو لم نرفع ذيل الثوب لأنثى
هل كنا سنرى متسعاً لجمال؟
عابد اسماعيل وأناقة الشعر
ونكاية بشعبية وفلاحية شعرعليشي حافظ الشاعر الدكتور عابد اسماعيل على أناقة لغته وحساسيته الشعرية المرهفة مدعوما بالقاص والصحفي الزميل ناظم مهنا الذي تابع المهرجان كصحفي وكممثل لمجموعة سهرات الأحد في بيت صقر عليشي
ومن شعراء المهرجان( حمدة خميس من البحرين- علي الجلاوي- حصة العوضي من قطر- بيسان أبو خالد من فلسطين والشاعر اسكندر حبش من لبنان ولويس لونا من أسبانيا ومراد السوداني وعبد الناصر حداد من دير الزور والدكتور حسن طلب من مصر فيما اعتذرت الشاعرة هالة محمد وجمال الجيش ...
مشاهد ولقطات مهرجانية
- قال الكاتب الرقاوي محمد الجدوع للشاعر فاضل العزاوي: (بغداد تحترق وأنت ستنقل بغداد الى تاهيتي)
- نزلاء دار الضيافة من الصحفيين كانوا غاضبين لعدم توفر الخدمات في الدار، ربما اعتبرتهم ثقافة الرقة من أهل البيت (بيتحملوا).
- استفاد الفنان التشكيلي سعد يكن من جمهور الشعر الرقاوي فأقام معرضه على هامش الشعر فاحتفى به جمهور الشعر والتشكيل، وكان سعيدا بزيارة محافظ الرقة أحمد شحادة خليل وأمين فرع الحزب لمعرضه.
- أقيم معرضا للكتاب خلال أيام المهرجان لكن فضل الكثير من الضيوف شراء الكتب من دمشق لكونها أرخص!!
- الوجبة الوحيدة المتوفرة في فنادق ومطاعم الرقة هي الكباب والشقف لدرجة أصبحنا خلال زياراتنا المتكررة الى هناك من (اللواحم) الذي يلاحقون فرائسهم في الشوارع.
الجمل
إضافة تعليق جديد