القواعد العسكرية الأكثر أهمية في العالم
الجمل: من بين عشرات القواعد العسكرية في العالم، توجد ست قواعد ذات أهمية قصوى، بناء على الاعتبارات الاستراتيجية بالنسبة للسياسة الأمريكية في العالم.
يعمل الجيش الأمريكي دائماً على التخلص من القواعد، أو إعادة تزويدها بالعتاد أو إزالتها، أو إقامة قواعد جديدة في بعض المناطق المكشوفة أو المخفية.
حالياً، فإن أكثر القواعد العسكرية أهمية، خارج الولايات المتحدة، هي:
أولاً: قاعدة أندرسون الجوية والبحرية (غوام):
القاعدة: قاعدة أندرسون ذات كفاءة عالية في التعامل مع الطائرات بشتى أنواعها: بدءاً بالصغيرة التي بلا طيار، والتي يتم توجيهها باللاسلكي، وانتهاء بالقاذفات الاستراتيجية البعيدة المدى. وهي قادرة أيضاً على تقديم الخدمات البحرية اللازمة لكل شيء، بدءاً من الغواصات النووية إلى السفن الحاملة للطائرات. وقاعدة أندرسون هي مرفأ لواحد من أكبر الأساطيل البحرية في العالم، والمزود بالعتاد القتالي الثابت والمتحرك، ما يوفر القدرة والجاهزية للإمداد العسكري الفوري بسبب قربها من النقاط المضطربة وغير المستقرة.
أهمية القاعدة: تقع في المحيط الباسيفيكي، على بعد حوالي 2000 ميل عن السواحل الآسيوية. وتعتبر (غوام) قريبة من الأرض الرئيسة التي يمكن أن تشهد صراعاً محتملاً (على بعد 2000 ميل عن سواحل الصين وروسيا واليابان وكوريا وتايوان المطلة على المحيط الباسيفيكي). وفي الوقت نفسه، فإن هذه المسافة تعتبر بعيدة نسبياً، بحيث لن يتمكن الخصم المحتمل من القيام بمفاجأة مربكة. إضافة إلى أن قاعدة أندرسون هي أحد المواقع القليلة التي توفر أفضل المزايا لحماية طائرات (بي - 2) الحساسة من الرصد الراداري. وكذلك فإنها تتيح للقاذفات الاستراتيجية إكمال دورتها العادية للتزود وشحن حمولتها، عندما تتحرك بين آسيا والقاعدة.
ومن أهم المزايا التي تتوافر في (غوام)، أنها تعتبر جزءاً من الأراضي الأمريكية، وذلك بخلاف القواعد الأمريكية الكبيرة الأخرى في المنطقة.
ثانياً: قاعدة (بالاد) معسكر أناكوندا/ العراق:
القاعدة: تعتبر الأكثر شهرة بين "القواعد العاملة" المشادة في العراق، وتقع قاعدة (بالاد) مباشرة شمال بغداد. وتتميز بأنها الأشد ازدحاماً بالحركة الجوية في المنطقة، وتضم المقاتلات الجوية وطائرات النقل. ويوجد معسكر أناكوندا بجوار القاعدة الجوية، ويعمل كقاعدة رئيسة لتقديم الإمداد والخدمات اللوجستية للقوات الأمريكية العاملة في العراق.
أهمية القاعدة: بوجود التسهيلات تصبح القاعدة أكثر من مجرد قاعدة مثالية، بسبب المزايا التي تتيحها لمحاربة المتمردين في العراق. وتمثل القاعدة مكاناً ملائماً لنشر القوة العسكرية الأمريكية في كل منطقة الشرق الأوسط. وهي على الأرجح المؤهلة للقيام بذلك في السنوات القليلة القادمة. ورغم أن هذه الفكرة تخدم المصالح الكبرى للولايات المتحدة، إلا أن وجود معسكر أناكوندا المجاور لها ما يزال يحتاج إلى المزيد من الإصلاحات، بعد أن تلقى عدداً من قذائف المورتر من العراقيين المعارضين.
ثالثاً: قاعدة (بزمير) الجوية / بلغاريا
القاعدة: تمثل قاعدة بزمير الجوية توجهاً عاماً لبناء المزيد من القواعد الصغيرة في شرق أوروبا، بعيداً عن المجمعات العسكرية الضخمة في غرب أوروبا. ومن أجل المحافظة على الحد الأدنى من التوتر في البلدان الشرقية المضيفة، فإن البنتاغون ما يزال متردداً في مجرد الإشارة إلى قاعدة بزمير ومثيلاتها في أوروبا الشرقية على أنها "قواعد عسكرية"، وعادة ما يتحدث عنها باعتبارها مجرد "ترتيبات عسكرية" مشتركة لمكافحة الإرهاب. ويركز البنتاغون أيضاً على الادعاء بأن هذه "الترتيبات" العسكرية تخضع بالكامل لسيطرة البلدان المضيفة.
أهمية القاعدة: مقارنة بالقواعد الأمريكية القديمة في أوروبا، فإن تكاليف قاعدة بزمير ومثيلاتها في شرق أوروبا، أقل وأرخص من غيرها، إضافة إلى أنها قريبة من النقاط الساخنة "المحتملة" في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وفي حال نشوب صراع، فإن العسكريين سيستخدمون منشآت وتسهيلات هذه القواعد الشرق - أوروبية في نقل الأفراد والعتاد إلى خطوط المواجهة. وهناك أمل كبير في أن تكون بلدان الكتلة السوفييتية السابقة أكثر تساهلاً وانصياعاً لتقبل استضافة القواعد الأمريكية من بلدان غرب أوروبا، وأن تكون البلدان الشرقية من النوع الذي لا يفرض قيوداً على استخدام هذه القواعد في أوقات المواجهة.
رابعاً: قاعدة (دييغو غارسيا)/ جزيرة على المحيط الهندي
القاعدة: تقع جزيرة دييغو غارسيا في وسط المحيط الهندي، وانطلاقاً منها استخدمت قاذفات (بي – 52) الاستراتيجية خلال حروب عام 1991 وعام 2003 ضد العراق، وأثناء عمليات القصف الجوي ضد أفغانستان، خلال فترة ما بعد الحادي عشر من أيلول 2001. ويعتبر مرفأ الجزيرة المعزول مكاناً ملائماً لأساطيل المشاة البحرية وتخزين العتاد البحري ولوازم الإمداد الخاصة بالأسطول البحري الأمريكي في المنطقة.
أهمية القاعدة: إن موقع الجزيرة المنعزل، ووجودها تحت سلطة السيادة البريطانية، جعلا منها قاعدة أكثر أماناً وسلامة للقوات الأمريكية، أكثر من أي قاعدة برية أخرى في أفريقيا أو الشرق الأوسط أو جنوب آسيا. وتتخصص القاعدة في توفير الملاذ الآمن لحماية عتاد طائرات الشبح الأمريكية وقاذفات (بي – 52) الاستراتيجية البعيدة المدى. إن كل عمليات القصف الاستراتيجي في الفترة الأخيرة قد تمت بالانطلاق من قاعدة دييغو غارسيا. وإن الطبيعة المرجانية لجزيرة دييغو غارسيا شكلت عاملاً مهماً وداعماً لعمل شبكات الرصد الفضائي الأمريكية بواسطة التلسكوبات والرادارات ومحطات التنصت.
خامساً: قاعدة خليج (غوانتانامو) البحرية/ كوبا
القاعدة: كانت في البداية محطة لتزويد سفن الأسطول الأمريكي بالمحروقات. وما زال خليج غوانتانامو يشكل قاعدة إمداد لوجستية هامة لوحدات الأسطول الأمريكي العاملة في منطقة الكاريبي. وتقدم هذه القاعدة مساعدة كبيرة، لأنها تعمل كنقطة انطلاق لعمليات مكافحة نقل المخدرات والمهاجرين والمتسللين غير الشرعيين
أهمية القاعدة: تكمن أهميتها في وضعها القانوني، الذي يعطي الولايات المتحدة حقاً قانونياً في السيطرة عليها، رغم وقوعها خارج سيادتها وتبعيتها للسيادة الكوبية. وهي لا تمثل المكان الوحيد المناسب لمواجهة الأعداء والمجرمين، إلا أنها تعتبر الأكثر قرباً من الأراضي الأمريكية. وقد عانى العاملون في هذه القاعدة كثيراً من تدفق طالبي اللجوء من المنشقين الكوبيين والهاييتيين، باعتبارها ضمن السيادة الأمريكية. وكنتيجة لذلك، فقد أصبحت من أكثر القواعد الأمريكية شهرة وذيوعاً في العالم. وقد رفضت إدارة بوش على الدوام المطالبات المستمرة بإغلاق هذه القاعدة.
سادساً: قاعدة (ماناس) الجوية (قيرغيزستان):
القاعدة: تم إنشاء هذه القاعدة في مطار بيشكيك الدولي، خلال الأشهر التي أعقبت الحادي عشر من أيلول 2001، وذلك لتكون نقطة انطلاق أساسية للعمليات المتعددة الجنسيات ضد أفغانستان. وقد تم تطويرها بعد ذلك لتصبح قاعدة كبيرة، وتشرف على الأنشطة العسكرية الأمريكية في كل منطقة آسيا الوسطى، لوقوعها في قلب هذه المنطقة الفائقة الحساسية. وتستضيف هذه القاعدة الطائرات المقاتلة وأفراد الدعم الجوي، والتسهيلات الجوية الأخرى للطيران العسكري الأمريكي.
أهمية القاعدة: إضافة إلى قربها من أفغانستان، فإن أهمية (ماناس) تأتي من كونها تقع بالقرب من منطقة حوض بحر قزوين الغنية بالمخزون النفطي، ومن كونها أيضاً قريبة من الحدود الصينية والروسية. ولم تفعل قيرغيزستان ما فعلته أوزبكستان وتطرد القوات الأمريكية، الأمر الذي يؤدي بنا إلى القول بأن قاعدة (ماناس) ستصبح على الأرجح "مسمار" الوجود الأمريكي في آسيا الوسطى. واستغلت قرغيزستان هذه الفرصة، وطالبت الولايات المتحدة برفع قيمة إيجار هذه القاعدة من 2 مليون إلى 207 ملايين دولار في العام.
الجمل : قسم الترجمة
الكاتب: دانيال ويدومي
المصدر : فورين بوليسي
إضافة تعليق جديد