تركية تعطي الحكومة العراقية فرصة أخيرة لتنفيذ شروطها
الجمل: نشر الموقع الالكتروني لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي حواراً مع ستيفن كوك الخبير في الشؤون التركية- العراقية، وكان موضوع الحوار يتعلق بالأزمة المتصاعدة في مناطق الحدود التركية- العراقية، وتأثير ذلك على العلاقات والروابط التركية- الأمريكية.
• محددات الأزمة:
تتمثل (بؤرة الأزمة) في النزعة الانفصالية الكردية التي تتمركز بشكل أساسي في منطقتي العراق وجنوب تركيا، وقد تفرعت هذه الأزمة إلى (منظومة أزمات فرعية) تمثلت في:
- أزمة كردية عراقية.
- أزمة كردية- تركية.
- أزمة كردية- إيرانية.
كذلك أدى دور الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تصاعد هذه الأزمات وذلك على النحو الذي أصبح يهدد لا أمن واستقرار المنطقة وحسب، بل أمن واستقرار تركيا، أخلص حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وذلك بسبب فراع القوة والسلطة الذي أحدثه الاحتلال الأمريكي في شمال العراق، وهو فراغ بدأت أمريكا متحالفة مع إسرائيل في الإعداد له منذ فترة حرب الخليج الأولى عندما دفعت مجلس الأمن الدولي وجعلته يصدر قراراً بإنشاء منطقة (حظر الطيران) في شمال العراق.
من بين عوامل تحديد الأزمة قيام الأحزاب والحركات والفصائل الكردية معاداة البيئة الإقليمية التي توجد فيها مناطق إقامة واستقرار القبائل والعشائر الكردية، والقفز على الواقع، بالذهاب إلى تل أبيب وواشنطن من أجل الاستقواء ضد البيئة الإقليمية السياسية والاجتماعية.
• صراع الإرادات في المنطقة:
تريد الحركات والفصائل الكردية إقامة كيان كردي خالص في شمال العراق، يعمل كـ(عش) يقوم بدور مزدوج، لجهة: توفير (الملاذ الآمن) لميليشيا حزب العمال الكردستاني التي تخطط للاستيلاء على جنوب تركيا، وميليشيا حزب الحياة الحرة الكريمة الكردي الإيراني الذي يخطط للاستيلاء على شمال غرب إيران، وأيضاً لجهة: تفريغ المزيد من الميليشيات والحركات الانفصالية الكردية على النحو الذي يجعل مناطق شمال سورية تواجه تهديداً مماثلاً لما يواجهه جنوب تركيا وشمال غرب إيران.
وكل ذلك على أمل تجميع الكيانات الكردية بعد انفصالها ضمن كيان (كردستان الكبرى) الذي ظلت عملية تحقيقه حلماً يراود ثنائي الزعماء الأكراد (مصطفي البرازاني)، و(موشى البرزاني) منذ أيام فترة كيان (الماهاباد) الكردي الذي تمت إقامته في مناطق الحدود الإيرانية- التركية، لتجميع اليهود الأكراد الموجودين في إيران وتركيا بزعامة موشى البرزاني الذي هرب إلى إسرائيل، ومصطفى البرازاني الذي استقر في شمال العراق.
الدول التي قامت في المنطقة تشكلت واستقرت خرائطها بشكل نهائي، ولا يوجد فيها ما يشير إلى وجود (دولة كردية) ذات سيادة، بل وما هو ثابت اجتماعياً أن الاكراد مثلهم مثل كيانات المنطقة الأخرى، موجودين ومنتشرين في هذه الدول، فهناك شيعة عراقيون، وشيعة أتراك، وشيعة سعوديون، ولبنانيون، وسوريون، وأيضاً هناك أكراد يتوزعون بهذه الطريقة نفسها.. وبالطريقة نفسها أيضاً لم تكن هناك لا دولة شيعية، ولا دولة كردية، منفصلة قائمة بذاتها على أساس النقاء العرقي أو الطائفي أو حتى اللغوي.
• ماكينة الصراع ودور الأطراف الثالثة:
أطراف الصراع هي دول المنطقة، والحركات الكردية، أما الأطراف الثالثة في الصراع فهي الولايات المتحدة وإسرائيل، ولجهة الصراع التركي- الكردي فقد انكشف للأتراك الدور الذي قامت به الولايات المتحدة وإسرائيل في دعم وتعزيز قدرة حزب العمال الكردستاني من أجل، شن الهجمات ضد تركيا، وكان آخر هذه المساعدات قيام الإدارة الأمريكية بالضغط على تركيا وتخذيلها عن القيام بحملة القضاء على خطر حزب العمال الكردستاني.
يقول الخبير ستيفن كوك، بأن الجنود والمواطنين الأتراك يتم قتلهم يومياً بواسطة حزب العمال الكردستاني، وبسبب ذلك حزمت تركيا أمرها للقيام بحماية أمنها، وتحاول الإدارة الأمريكية وإسرائيل بذل كل ما في وسعهما للحيلولة دون أن يكون هذا الصيف صيفاً ساخناً في شمال.
• الدور الكردي في المنطقة على خلفية الإدراك الأمريكي- الإسرائيلي:
لعبت إسرائيل دوراً كبيراً في تعزيز العلاقات الأمريكية- الكردية، واندفعت الإدارة على النحو الذي جعلها تتورط في مستنقع الصراع الكردي، وبعد أن غرقت واشنطن في الرمال المتحركة، أصبحت تمارس استراتيجية الهروب للأمام، بطريقة أكثر خبثاً، فبدلاً من الضغط باتجاه إقناع الحركات الكردية بضرورة عدم شن الهجمات ضد تركيا في هذه المرحلة، لجأت إلى محاولة الضغط باتجاه إقناع تركيا بعدم التصدي للخطر الكردي.. وهنا تكمن المفارقة المثيرة للانتباه.
• الصراع الكردي – التركي: التطورات الجديدة.
تقول المعلومات الواردة اليوم من العاصمة التركية أنقرة على صفحات تيركيش ويكلي، بأن نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي سوف يقوم بزيارة انقرا في 13 أغسطس 2007 القادم وسوف يرافقه في هذه الزيارة كل من الدكتور برهم صالح نائب رئيس الوزراء وهوشيا زيباري وزير الخارجية العراقي.
وتقول المعلومات أيضا بأن المالكي يهدف من هذه الزيارة إلى إعادة التأكيد للحكومة التركية بأن بغداد سوف تظل ملتزمة بـ:
- حل المشاكل الأمنية التركية.
- إحياء اللجنة الأمنية الثلاثية التي تضم تركيا، العراق، الولايات المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الأمنية الثلاثية تم تكوينها لكي تمثل آلية ثلاثية الأطراف تعمل من أجل حل القضايا والمشاكل الأمنية بين العراق وتركيا. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن تركيا قد رفضت لاحقا العمل عبر هذه الآلية وذلك بسبب اعتراضها على وجود ممثل لحكومة كردستان الإقليمية في هذه اللجنة.
برغم حديث المسؤولين العراقيين بأنهم سوف يقومون بتقديم (التهنئة) لحزب العدالة والتنمية التركي بمناسبة فوزه في الانتخابات فقد صرح رئيس الوزراء التركي وزعيم حزب العدالة والتنمية رجب طيب اردوغان بأن زيارة المالكي ومرافقيه الـ(الكرديان) سوف تكون الفرصة الأخيرة بالنسبة للعراقيين وذلك من أجل القيام بتنفيذ الشروط التركية المتعلقة بشمال العراق.
- عدم ضم كركوك إلى إقليم كردستان.
- التقليل من الصلاحيات الواسعة الممنوحة لحكومة كردستان الإقليمية وإلغاء المظاهر ذات الطابع السيادي مثل العلم الكردي والعملة الكردية.
- تفكيك معسكرات حزب العمال الكردستاني وما شابه ذلك.
- قيام القوات العراقية بالرقابة على الحدود التركية – العراقية ومنع تسلل عناصر حزب العمال الكردستاني.
- الالتزام بوحدة العراق.
- نزع سلاح ميليشيات البشمركة الكردية.
تقول المعلومات الواردة من أنقرة أيضا وبواسطة شبكة نيو اناضوليا، بان تركيا قد طلبت من الولايات المتحدة والحكومة العراقية اتخاذ الإجراءات اللازمة وعلى وجه السرعة ضد حزب العمال الكردستاني، وتقول المعلومات بان الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية قد أقرتا واعترفتا رسميا لأنقرة بوجود وتمركز ميليشيات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق... ولكنهما زعمتا باستحالة القيام بأي إجراءات في الوقت الحاضر ضد هذا الحزب، كذلك أخطرت حكومة كردستان الإقليمية على لسان رئيس وزراءها نيخيرفان البرازاني بان حكومته ليس باستطاعتها اتخاذ أي إجراءات ضد هذا الحزب... وتحدث نيخيرفان البرازاني قائلاً بأن – رجب اردوغان- إذا كان يعتقد بان القيام بعملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني سوف يؤدي إلى تحقيق النجاح، فإن بإمكان رجب أردوغان أن يقوم بإرسال القوات التركية إلى المناطق الجبلية لكي تقضى على حزب العمال الكردستاني، ونفى نيخرفان البرازاني وجود أي تفاهمات بين تركيا وحكومة كردستان الإقليمية بشأن ملف حزب العمال الكردستاني.
بخصوص الموقف التركي النهائي، إزاء أزمة شمال العراق، فقد أوردت صحيفة التيليغراف اللندنية اليوم 29 تموز 2007 تقريراً اخبارياً أعده محرر الصحيفة غيتين شامبرلين، حمل عنوان (تركيا تحفزت لمخالفة الولايات المتحدة والقيام باصطياد المتمردين الأكراد).
يقول التقرير بأن الحكومة التركية المنتخبة الجديدة تحضر للقيام بإدارة ظهرها لتحالفها الطويل مع الولايات المتحدة، والقيام بمواجهة ومكافحة الإرهاب الكردي، وقد صرح ايقمين باغيس مستشار رئيس الوزراء التركي لشؤون السياسة الخارجية بأن تركيا قد استعدت لشن العمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني والقضاء عليه، وذلك بعد أن تأكد لتركيا أن الولايات المتحدة قد فشلت طوال الفترة الماضية في القيام بهذه المهمة دعماً لحليفتها تركيا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد