اللمسات الاخيرة لخطة الحرب
إدارة بوش أخذت قراراً بمهاجمة ايران، وهي الآن تضع اللمسات الأخيرة على خطة الحرب.
اذا استبدلنا إيران بالعراق، ونحن نتابع عمل الإدارة في الأسابيع الأخيرة نجد أنفسنا وكأننا عدنا الى الفترة المباشرة قبل غزو العراق.
في 2003 كان العذر الكاذب امتلاك العراق أسلحة دمار شامل وعلاقة مع القاعدة. العذر الآن ان البرنامج النووي الإيراني ليس سلمياً بل لإنتاج قنبلة نووية، وأن ايران بالتالي تهدد الأمن الأميركي.
طبعاً لو امتلكت ايران مئة قنبلة نووية في رأس مئة صاروخ نووي لما هددت أمن الولايات المتحدة، فالموضوع من العراق الى ايران، هو إسرائيل وأمنها ومصالحها، والعصابة المتطرفة في الإدارة وحولها مستعدة للتضحية بشباب أميركا مرة اخرى من اجل إسرائيل. وفي حين كان الخلاف بين فريقين في العصابة هو اعتقاد فريق انه لا يزال في الإمكان استمالة ايران ضد العرب، وإصرار الفريق الثاني على المواجهة، فإن الجدل حسم الآن لمصلحة الفريق الثاني.
كل من زار البيت الأبيض او قابل نائب الرئيس ديك تشيني او رئيس مجلس الأمن القومي ستيفن هادلي خرج بانطباع ان الإدارة تريد «تغيير النظام» في طهران.
اليوم هناك اجتماعات شبه يومية مع «خبراء» في ايران وأكاديميين مزعومين مع تخصيص أموال لبث برامج الى ايران ولدعم المعارضة الإيرانية في سيناريو هو تكرار لسيناريو العراق وقد فتحت وزارة الخارجية الأميركية مكتباً خاصاً بإيران، وزادت الموظفين المتفرغين للملف الإيراني من اثنين الى ثمانية، ثم زادت الموظفين في سفاراتها وقنصلياتها حول ايران لمتابعة هذا الملف.
الرئيس بوش قال في خطابه عن حالة الاتحاد في 31 كانون الثاني (يناير) الماضي ان بلاده تريد ان تكون صديقة لإيران حرة ديموقراطية، ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ركزت على ان المشكلة مع النظام الإيراني، لا الشعب، وزادت «لا نواجه تحدياً من أي بلد أكبر من التحدي الإيراني».
شاءت الإدارة أو أبت، الشعب الإيراني انتخب محمود أحمدي نجاد بغالبية كبيرة في انتخابات ديموقراطية. وفي حين كانت هناك قيود على بعض المرشحين، فإن النتيجة ما كانت لتختلف لو كانت الانتخابات حرة مئة في المئة، وهي ليست كذلك في أي بلد.
التركيز على إيران اليوم وراءه السبب المعروف، وهو عصابة إسرائيل الأميركية، ثم هناك سبب ثان في الأهمية نفسها هو فشل الإدارة الأميركية على كل صعيد وتردي سمعتها وشعبية جورج بوش، واعتقاد أركان العصابة الذين يدافعون عن أنفسهم من محاكمات مقبلة ان الشعب الأميركي يلتف حول رئيسه في حال الحرب.
شعبية بوش في آخر استطلاع للرأي العام الأميركي هبطت الى 34 في المئة (وهبطت شعبية نائبه تشيني الى 18 في المئة)، وهو يتخبط في شكل لا قيام بعده، وانظروا معي:
- إحباط عمل شركة موانئ دبي في الولايات المتحدة، والعنصرية الكبيرة في ذلك الموقف.
- تسريب اسم عميلة الاستخبارات فاليري بلام، واتهام مدير مكتب تشيني (السابق) لويس ليبي، وربما تبعه كارل روف، مستشار الرئيس، ونائب الرئيس تشيني وآخرون.
- اكتشاف برنامج سري للتنصت على الناس خلافاً للقانون بحجة مكافحة الإرهاب. واليوم السيناتور راسل فينغولد يريد صدور قرار عن مجلس الشيوخ بتوبيخ الرئيس.
- فشل مشروع بوش لإصلاح الضمان الاجتماعي.
- توجيه تهمة السرقة من متجرين الى كلود ألن المساعد السابق للرئيس.
- إصابة نائب الرئيس تشيني صياداً معه في وجهه.
- اختلاف بوش مع الجمهوريين قبل الديموقراطيين على قضية المهاجرين غير الشرعيين.
- قضية عميل اللوبي جاك ابراموف، وآخر ما عندي أنه كان يقبض 25 ألف دولار لإدخال زبائنه البيت الأبيض.
- الإعصار كاترينا والفشل في تقوية الحواجز ضد الفيضان قبل الإعصار، ثم الفشل في مساعدة مدينة نيو أورليانز بعده.
- حتى من دون العراق زاد الإنفاق الحكومي 49 في المئة خلال السنوات الأربع من إدارة بوش الأولى، وهناك الآن عجز قياسي في الموازنة والتجارة الخارجية والدين العام.
بعض ما سبق أهم من بعض، إلا ان في أهميته مجتمعاً فشل الحرب على العراق، فالكتاب المحافظون أنفسهم اصبحوا يقولون إن الحرب كانت خطأ، وإن على الإدارة ان تعترف بالخسارة.
الإدارة لن تفعل، وإنما هي تفضل ان تخوض حرباً تجمع الأميركيين حولها من جديد، وقد اتخذت قراراً بشن حرب على ايران، فالسيناريو العراقي هو نفسه اليوم باستثناء الاسم، وربما باستثناء ان إدارة بوش تحاول الاستفادة من تجربة العراق، بدفع حلفائها الأوروبيين الى الواجهة، حتى لا تبدو مرة اخرى وكأنها تتصرف كقطب واحد وحيد.
اعتبر ما سبق معلومات ثابتة، ثم أزيد رأيي وهو أن الحرب على العراق ستكون نزهة في المقابل مع ايران، فالإدارة الأميركية دمرت اعداء ايران الى الشرق منها والغرب، وفتحت لإيران موطئ قدم في العراق، مع ما لها من امتدادات تاريخية حول المنطقة، ثم قررت ان تواجهها عسكرياً.
هل ترفع الحرب المقبلة سعر برميل البترول فوق مئة دولار، او ثلاثمئة؟ هذا سيظل أهون من الهزيمة العسكرية التي ستتعرض لها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ما قد يفتح الباب امام محاكمة مجرمي الحرب الحقيقيين.
إضافة تعليق جديد