ما هي مصالح البرزاني والطالباني في القضاء على حزب العمال الكردستاني
الجمل: بدأ حوالي 20 ألف جندي تركي من بينهم 3 آلاف عنصر قوات خاصة يوم 21 شباط 2008م عبور الحدود التركية العراقية إلى داخل أراضي شمال العراق، وباللغة العسكرية فإن هذا العدد من القوات معناه فرقة كاملة.
عملية العبور العسكري التركي على خلفية دخول المزيد من القوات التركية اتخذت طابعاً كبير الحجم مرتفع الشدة، على النحو الذي يوصف بأنه عملية اقتحام عسكري واسع النطاق وليس مجرد عملية عسكرية محدودة.
* "النوايا" التركية إزاء شمال العراق:
تقول التصريحات التركية الصادرة من أنقرة بأن القوات التركية ستقوم بمهام القضاء على حزب العمال الكردستاني ثم العودة إلى تركيا، هذا وقد تفادى رفض الأتراك تحديد أي جدول زمني يحدد انسحاب القوات التركية من شمال العراق برغم مطالبات الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة بأن الإحصائيات الدقيقة تشير إلى أن القوات التركية سبق ونفذت 24 عملية اقتحام عسكري ضد شمال العراق وبرغم هذا العدد الكبير فقد اضطرت تركيا هذه المرة إلى تنفيذ عملية الاقتحام العسكري الخامسة والعشرين ضد شمال العراق، وعلى خلفية رفض الأتراك الالتزام بأي جدول زمني يحدد انسحابهم فإن هناك تساؤلاً لافتاً حول طبيعة وماهية الأجندة التركية الحقيقية المتعلقة بشمال العراق:
• ما هي النوايا التركية الجديدة إزاء المنطقة؟
• هل يوجد مخطط تركي للبقاء الطويل في شمال العراق؟
• هل الوجود التركي الواسع النطاق في شمال العراق مرتبط بالوجود الأمريكي الواسع النطاق. بكلمات أخرى، هل يوجد مخطط أمريكي – تركي غير معلن حول العراق.
حتى الآن لا يوجد ما يثبت وجود علاقة مباشرة واضحة بين إدراك ونظرة حزب العدالة والتنمية الإسلامي إزاء شمال العراق، وبين ذلك الإدراك والنظرة التركية السابقة لشمال العراق، والتي كانت تؤكد أن شمال العراق يندرج ضمن "لواء الموصل" الذي يجب ضمه إلى تركيا باعتبار أنه لواء يندرج ضمن الإرث العثماني الذي لا ينفصل عن تركيا الحالية. وتقول التكهنات بأن سيناريو إعلان زعماء إقليم كوسوفو الاستقلال عن صربيا، قد عزز مخاوف الأتراك بأن يقوم زعماء إقليم كردستان العراقي بإعلان الاستقلال وبالتالي تحرك الأتراك من أجل توجيه الضربة الاستباقية قبل أن يجدوا أنفسهم في مواجهة الأمر الواقع. بكلمات أخرى، إذا أعلنت سلطات كردستان الاستقلال واعترفت لهم بذلك الإدارة الأمريكية فإن القوات التركية الموجودة في الموصل سوف تحتاج إلى أقل من نصف ساعة أو ساعة للوصول إلى أربيل وحماية الدولة الحليفة الوليدة وفي نفس الاتجاه تقول بعض التكهنات الأخرى، بأن الاقتحام العسكري التركي لشمال العراق قد جاء باتفاق أمريكي – تركي – إسرائيلي يهدف إلى:
• منع الزعماء الأكراد من إعلان الاستقلال على غرار سيناريو استقلال كوسوفو.
• إخراج شمال العراق "عملياً" من دائرة سيادة سلطة حكومة بغداد.
• استقلال أزمة وجود القوات التركية لإشعال الصراعات الداخلية بين أطراف التحالف الكردي – السني – الشيعي الموجود في بغداد، بما يؤدي إلى المزيد من الانهيارات السياسية وتفكيك قوام الكتل السياسية العراقية.
• التمهيد لفصل جنوب العراق ضمن صفقة أمريكية – إيرانية وفصل الوسط العراقي ضمن صفقة أمريكية – سعودية، وعند حدوث ذلك، فإن الخيارات حول مستقبل العراق سوف تصب كلها في مصلحة تركيا:
* لن يستطيع زعماء الحركات الكردية إعلان استقلال الإقليم طالما أنه لا يسيطرون عليه ولن يستطيعوا أيضاً إقامة حكومة منفى تعلن الاستقلال في أي دولة من دول الجوار الإقليمي لأنه لا توجد أي دولة من دول الجوار سوف تقبل الموافقة على ذلك.
* لن تطالب أي من دول الجوار بالسيادة على الإقليم وبسبب الطبيعة الكردية للإقليم وعلى خلفية اعتماد دستور التركي للمبدأ القائل بأن الأكراد وكل ما هو كردي يعتبرون جزءاً لا يتجزأ من الأمة الكردية فإن عملية ضم شمال العراق إلى تركيا ستصبح هي السيناريو الوحيد الممكن في هذه الحالة.
* أبرز المؤشرات والشكوك على الجانب الأمريكي:
حتى الآن لا توجد مؤشرات على أن الإدارة الأمريكية قد تراجعت عن أجندتها المعلنة حول العراق والممثلة في:
• تقسيم العراق إلى ثلاثة مناطق فيدرالية.
• تركيز الوجود العسكري الأمريكي في وسط وجنوب العراق وغرب.
• تطبيق قانون تقسيم عائدات النفط العراقي.
وأيضاً لا توجد مؤشرات على تراجع الإدارة الأمريكية في تطبيق أجندتها غير المعلنة إزاء العراق والمتمثلة في:
• استمرار عمليات التطهير العرقي والفصل العدائي بين السكان العراقيين.
• ترحيل وتهجير الأقليات العراقية مثل الآشوريين والكلدان والصابئة.
• عدم الالتزام بأي جدول زمني للانسحاب من العراق.,
• عدم الكشف عن التفاهمات والبنود الحقيقية للتفاهمات حول مستقبل العراق الجارية حالياً على خطوط:
* واشنطن – طهران.
* واشنطن – الرياض.
* واشنطن – أنقرة.
حالياً، وضمن سقف الحد الأدنى، فإن الاقتحام العسكري التركي بحسب الأداء السلوكي الواضح والمعلن يركز على محاولة القضاء على حزب العمال الكردستاني، والسؤال: لماذا وافقت أمريكا على قيام تركيا بأمر القضاء على حزب العمال الكردستاني دون سواه علماً بأن طموحات أنقرة المتعلقة بالقضاء على الحركات الانفصالية الكردية هي طموحات تذهب إلى أكبر وأبعد من ذلك.
تحليل المعلومات الواردة حول الحركات الكردية وعلى وجه الخصوص موقع مؤسسة جيمس تاون الاستخباري تشير إلى:
• إن حزب العمال الكردستاني يجد الكثير من التأييد والتعاطف من قبل أكراد سوريا وإيران.
• إن قيادة حزب العمال الكردستاني أكثر اهتماماً بالمواجهة ضد تركيا وأقل اهتماماً بالقيام بتصعيد العداء ضد سوريا وإيران.
فهل قررت واشنطن وتل أبيب بالتواطؤ مع أربيل البرزاني وسليمانية الطالباني إفساح المجال أمام الجيش التركي لكي يقوم بمهمة القضاء على حزب العمال الكردستاني على النحو الذي يضعف نفوذ الحزب على الأكراد غير العراقيين ويفسح المجال أمام ظهور حركة جديدة أكثر تطرفاً تمارس أنشطتها بما يلبي التوجهات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد