فتش عن الذهب
الجمل- أيهم ديب: يخطئ البعض في اعتقاده أن أزمة الرأسمالية هي أزمة فلسفة , فالمشكلة الحقيقية تكمن في واحدة من أهم آليات الرأسمالية و هي الدعاية, و إذ ان الدعاية ليست حكر على الرأسمالية كنظام اقتصادي , إلا ان الدعاية في النظام الرأسمالي تشكل حيزاً من ثمن السلعة ,؟ فالدعاية شرط تجاري و تدخل كمكون أساسي في تشكيل القيمة المضافة. لنلاحظ فنان مثل بيكاسو :لقد تم تدوير اسم بيكاسو بحيث يمكن اليوم أن تفرغ عطلة نهاية الأسبوع فقط لتقفي الأرقام التي حققها هذا الاسم /السلعة / من خلال بيع الكتب و البطاقات البريدية و اللوحات و المتاحف و المعارض . الرقم سيكون من فئة التسعة خانات. بنفس الطريقة يمكن النظر إلى هوليوود و آلية إنتاج النجم . الدعاية ضرورة اقتصادية و هي إلى جانب قوانين الاحتكار تعد زبدة و خبز الرأسمالية. الاحتكار يضمن للرأسمالي أن يحول سلعته إلى أيقونة. و بالتالي فرض السعر الذي يريده و لكن حتى لا يكون هذا بطريقة استفزازية, تأتي الدعاية لتجمل قبح الإحتكار و عدوانيته. فالشركة تضع يدها على سلعة ما ( عقار , ماركة, فنان, مصدر طبيعي .. ) ثم تغذيها بالدعاية لتبرر القيمة المضافة على قيمة السلعة الاجتماعية- و هي القيمة الأقرب للحقيقة - هذه القيمة المضافة ستتسبب بإرهاق المجتمع العامل من خلال إعادة توزيع المال ضمن عمليات وهمية- غير منتجة فعلياً- و قيمتها رهن بالاحتكار.
هذا بطبيعة الحال سينتج عنه خلخلة في النظام الاقتصادي عادة يتم تنفيسها من خلال الأزمات( - حروب , قرصنات, انهيارات ... ) أميركا تضع يدها على إنتاج الكوكا في دول أميركا اللاتينية تحت شعار ضبط تجارة المخدرات! رغم ان أمريكا هي من يدير تجارة المخدرات في العالم , و يكفي أن تعرف ان هذه التجارة تحقق أرباحاً من فئة التريليون حتى تدرك لماذا تتواجد المكنة العسكرية الأمريكية دائماً لحمايتها من أفغانستان و حتى السلفادور. على السطح يحق لشركة كوكا كولا الأمريكية ان تستخدم نبتة الكوكا في المشروب الغازي الأشهر في حين لا يحق للكولومبي ان يشرب شاي الكولا - عادة ورثها عن أجداده منذ آلاف السنين.
لا ندري حقاً إن كانت الرأسمالية تعيش أزمة أم ازدهار. فالكساد سيتسبب في انهيار مؤسسات بأكملها و سيكون هناك دائماً مستفيد. إنه من يملك الذهب في أزمة اليوم. فعلياً سيتخلص رأس المال من شركائه و من منافسيه على حد سواء. و سيحاول استنزاف الأرصدة الوطنية و إدخالها في ماكينة إنتاجه. الكساد الذي سيصيب العالم سيكون بمثابة مهرجان تسوق لمالكي الذهب. و ستنحسر مبيعات الفياغرا و ستزداد مبيعات البروزاك و ستنعكس التأثيرات المناخية على الدول على شكل مجاعات و سيكون رجال ألأعمال في بلد مثل بلدنا بالمرصاد للجفاف الذي سنعيش تأثيراته المحرجة - إن استمر صيفنا الذي نعيشه اليوم إلى إشعار آخر - و التي سيحسن المسؤول و التاجر استغلالها في تجريد المواطن من آخر ما يملكه, و بالتالي يكون التاجر الممتلئ مستعداً لمرحلة ما بعد الأزمة ليدخل مع - تحت- رأسماليي العالم في صفقات المرحلة الجديدة.
الجمل
إضافة تعليق جديد