فواز الساجر إلى الذاكرة بعد 21 سنة من التغييب
في السادس عشر من أيار 1988 خسرت سورية واحداً من أهم الحالمين، إنه فواز الساجر المخرج المسرحي المبدع، الذي وصفه الراحل سعد الله ونوس بأنه (طاقة قلقة متفجرة). وقال إن دمشق بعد رحيله أكثر دمامةً.
في مسرحية (توراندوت) لبريخت والتجربة المشتركة بين ونوس، كمعدّ للنص، والساجر مخرجاً له، أرادا لهذا العمل أن يكون (بحثاً شاملاً) حول فساد الأنظمة السياسية، لكنّ العمل منع عرضه (1976) قبل أن يرى النور أمام الجمهور.
أقيمت في دار الفنون بدمشق أمسية بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لوفاة فواز الساجر، بحضور مجموعة من محبّي الساجر وأصدقائه وطلابه، تضمنت قراءةَ شهاداتٍ تركّزت بشكل خاص على الجانب الشخصي لدى الراحل.
المخرج مانويل جيجي أكّد استمرار حضور فواز من خلال الأجيال التي ربّاها في المسرح، أو قدم لها المساعدة دون أن تربطه الصداقة معها، (إنه باق في ضمائرنا).
الفنان أيمن زيدان، وهو أحد طلاب الساجر، قال: إنه لا يزال يحتاج إلى صورة فواز ليطلَّ على روحه من خلالها، تعلّم من أستاذه الإصرار على الحلم، وتصوّرَ كم سيكون (قاسياً على الساجر لو أنه شهد ما نحن عليه الآن من وضع مفجع).
وذكرَ فؤاد حسن، الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية وأحد طلبة الساجر، حادثةً تظهر التفاعل الذي كانت تخلقه عروض الساجر مع المتفرجين، وبضمنهم الأطفال.
كما أرسل علي النوري، حارس مسرح القباني، شهادته المكتوبة التي تحدث فيها عن تميُّز الساجر كمخرج وإنسان يحترم المسرح ويحبب الآخرين بالمسرح.
رفيف الساجر التي لم تتحدث عن والدها واكتفت بالقول إنها تعلمت الحب من موت أبيها، (وإن تلاقي الناس في هذه المناسبة بعد مضي 21 سنة من وفاة فواز هو أكبر دليل أن الإنسان يعيش بالحب).
الكاتب حسن م يوسف تحدث عن فواز الصديق، واستعاد ذكريات مشتركة لهما منها يوم وفاته، وقرأ ما كان قد كتبه فواز في قصاصة ورقية صغيرة وُجِدت في جيبه بعد وفاته، يقول فيها: (... تفكيرنا ضيّق، مصيرنا ضيق، موتنا ضيق، قبرنا ضيّق، افتحوا الأبواب والنوافذ، سيقتلنا الضيق، افتحوا الأرض والسماء، سيقتلنا الضيق، افتحوا الكون، الضيق، الضيق، الضيق).
المخرج جواد الأسدي أرسل شهادته المكتوبة التي رأى فيها أن دمشق بعد رحيل ونوس والساجر وممدوح عدوان وسعيد حورانية، وغيرهم، قد تحولت إلى مدينة مسكونة بالوحشة فقدت أضواء بيوتها الحميمية.
الراحل سعدالله ونوس كان حاضراً أيضاً في ذكرى الساجر، فقد قرأت الممثلة ندى الحمصي مقاطع من شهادة كان قد كتبها ونوس بعد وفاة صديقه فواز، تركّزت الشهادة على منهج الساجر في الإخراج المسرحي وتجديده وأهميته على مستوى المسرح في سورية.
وقبل عرض الفيلم الوثائقي (فواز الساجر حياة رغم موت الآخرين)، تحدث مخرجه ثائر موسى عن هذا الفيلم الذي أنجزه عن الراحل فواز الساجر ليقدَّم على التلفزيون السوري في أربعينه، وأن يكون نواةً لفيلم آخر يُنجز لاحقاً. لكنه لم يُعرض على التلفزيون حتى اليوم، بسبب الاعتراض على العنوان وعلى كلام سعدالله ونوس فيه حول الرقابة والموت قهراً. كما لم يُنجز الفيلم الآخر.
وعن الاهتمام بذكرى الساجر تقول رفيف للنور: (ثمة تقصير كبير على مستوى تذكُّر فواز على مرّ السنوات الماضية، هناك تغييب وتجاهل من قبل جهات عديدة، منها المعهد العالي للفنون المسرحية ومديرية المسارح ووزارة الثقافة وحتى من قبل الأصدقاء).
فواز الساجر (1948-1988)، حائز على درجة الدكتوراه في الإخراج المسرحي من موسكو، أخرج أعمالاً للمسرح الجامعي والفلسطيني، وعملاً للمسرح القومي (سكان الكهف). اشترك مع سعد الله ونوس في تأسيس المسرح التجريبي. من عروضه: (رسول من قرية تميرة)، (نكون أو لا نكون)، (يوميات مجنون).
رأى ونوس أن فواز الساجر هو بداية تاريخ جديد في الإخراج المسرحي، الذي يقوم على علاقة جديدة مع المتلقي أساسها تحريضه واستفزازه ليتخلى عن حياده.
مايا جاموس
المصدر: جريدة النور السورية
إقرأ أيضاً:
المسرحي فواز الساجر «آخر الحالمين» و«حياة رغم موت الآخرين»
دارالفنون تحتفي بالمسرحي فوازالساجر..حضور آثر رغم كل هذا الغياب!
فواز الساجر... بصمة في الهواء يتنفسها المسرحيون
حقيقتان و«لو»..عن فواز الساجر في ذكرى رحيله
في ذكرى فواز الساجر: المبدع لا يموت بصمته كبصمة الهواء في حياتنا
اول احتفال على نطاق واسع في ذكرى رحيل المخرج السوري فواز الساجر
دار الفنون تعيد الحياة لفواز الساجر
eSyria: "الساجر".... في دار الفنون بعد 21 عاماً
العرب أون لاين: أصدقاء فواز الساجر ينعون المسرح السوري في ذكراه
إضافة تعليق جديد