بيان الحركة السوريالية العربية
إن عودة صعود السوريالية حاليا في العالم العربي هي تطور ثوري ذا أهمية كبرى , مما يكشف مرة أخرى أن إستراتيجية المخيلة المتحررة هي دائما و بالضرورة كونية .
ننشر هنا ( بالترجمة الانكليزية – في المصدر ) بيانا عبر فيه أربعة من الرفاق العرب عن توجههم المعترض بشكل لا لبس فيه , المعرف بشكل حاد ضد خلفيتهم السياسية و الثقافية المحددة .
أعيد بناء الحركة السوريالية العربية في أوائل السبعينيات لكن جذورها تعود إلى أواسط الثلاثينيات , عندما قام كلا من الشاعر و المفكر المصري جورج حنين ( الذي ارتبط بالحركة في عام 1934 عندما كان طالبا في باريس ) و الرسام المصري رمسيس يونان بتقديم السوريالية إلى القاهرة . لقد حافظ الاثنان مع آخرين على نشاط جماعي مؤثر استمر حتى نهاية الأربعينيات , كما نشاهد في الكثير من الكتب و النشرات و في استعراض مجلات فن الحرية و التاتور و غيرها .
نظم السورياليون المصريون الذين كانوا أيضا فرعا من الأممية الرابعة مجموعة الفن و الحرية استجابة لبيان بريتون – تروتسكي نحو فن ثوري مستقل , الذي أعلن عن تشكيل الفيدرالية الأممية للفنانين الثوريين المستقلين , المعروف على نطاق واسع ب FIARI . أصدرت مجموعة القاهرة مجلة و مجموعة كراسات قامت بتنظيم عدة معارض . و كانت الفرع الأكثر فاعلية و الأطول عمرا من تلك الفيدرالية , و استمرت لعدة سنوات حتى بعد غياب المنظمة الأم .
شارك جورج حنين ( 1914 – 1973 ) أحد ابرز شخوص الحركة بنشاط في المنشورات السوريالية العالمية طوال الأربعينيات . ظهرت "رسالته من القاهرة إلى شعراء في أمريكا" في الرقم السوريالي للرأي عام 1940 . لأسباب غير واضحة بشكل كامل تقاعد من النشاط العام حوالي عام 1950 مفضلا أن يتابع دراساته عن العزلة . لم يكن مرتدا بأي حال من الأحوال , و حتى عمله الأخير كان يتفق بشكل كامل مع الأفكار السوريالية .
حساسية حنين للكثير من المشاكل العريضة للتعبير الإنساني في مرحلة ما بعد الحرب و استقامته الثورية العميقة منحت عمله هذا أهمية خاصة اليوم لكل السورياليين في كل البلدان , و خاصة بالطبع لعبد القادر الجنابي و رفاقه , الذين هم بالمعنى الحقيقي متابعو الجهد الذي بدأه جورج حنين و رمسيس يونان .
أصدر السورياليون العرب الكثير من الكراسات و الكتيبات بما في ذلك نقد مهم للعمارة المعاصرة بقلم مارون ديب . في عام 1973 أخذوا القيادة في إعداد كراس ضد الأوهام القومية , في سبيل بديل أممي , معارضين كل أشكال الشوفينية القومية و منادين بالإطاحة بكل الأنظمة القائمة في الشرق الأوسط . و ألحوا على توحيد البروليتاريا في كل البلدان العربية , بالإضافة إلى إسرائيل على قاعدة الثورة الاشتراكية , "المقامة على سلطة مجالس العمال و الفلاحين" . وقع هذا الكراس المنظمة الاشتراكية الإسرائيلية ( ماتزيبن ) و المجموعة العربية "سلطة المجالس" و المجموعة الجزائرية لنشر الماركسية .
مجلة السورياليين العرب "الرغبة الجامحة أو الحرة" التي وصفوها "كمكافئ عربي لترسانة الأسلحة" استفزت الكثير من الجدل في الصحافة العربية . بسبب طبيعتها الثورية المتقدة , المعادية للقومية و المناهضة للدين , جرى منع توزيعها بالبريد و في المكتبات في كل الدول العربية ( بينما كانت تصدر في المنفى في باريس ) .
في رسالة أخيرة عبر الجنابي عن رغبته بنشر نسخة عربية من بيان منارة للمستقبل الذي قدمه الفرع السوريالي من مقتطفات أضواء المدينة .
بيان الحركة السوريالية العربية 1975
بقرف نقوم بكنس بقايا ( حثالة ) البقاء و الأفكار العقلانية الفقيرة التي تملأ نفاضات السجائر في عقول المثقفين .
1 ) إننا نحث الأفراد و الجماهير على أن يطلقوا غرائزهم ضد كل أشكال القمع – بما في ذلك "العقل" القمعي للنظام البرجوازي .
2 ) القيم العظمى للطبقة السائدة ( الوطن الأم , العائلة , الدين , المدرسة , الثكنات , الكنائس , المساجد و بقية الأشياء الفاسدة ) تدفعنا إلى الضحك . إننا نبول بسعادة على قبورها .
3 ) إننا نبصق على الوطن الأم لنغرقه في دخان الموت . إننا نحارب و نسخر من فكرة الوطن الأم ذاتها . أن يقر المرء وطنه الأم هي إساءة لكلية الإنسان .
4 ) إننا نمارس التدمير 24 ساعة في اليوم . إننا نستفز الدوافع السادية ضد كل ما هو قائم , ليس فقط لأننا أعداء العصر الحجري الجديد المفروض علينا لكن قبل أي شيء لأنه من خلال عملنا التدميري يمكننا أن نكتشف أبعادا جديدة .
5 ) إننا نسمم الجو الفكري بإكسير المخيلة , بحيث أن الشاعر سيقوم بتحقيق ذاته في اكتشاف التحول التاريخي للشعر :
أ – من الشكل إلى المادة
ب – من الكلمات البسيطة العالقة بالرفوف المغطاة بالورق إلى اللحم الجذاب للمخيلة الذي سنستغرق فيه حتى يتلاشى كل ما يفصل الحلم عن الواقع .
ليست السوريالية إلا تحقق فوق الواقع هذا .
6 ) إننا نفجر المساجد و الشوارع بفضيحة الجنس الذي يعود إلى جسده , متفجرا إلى لهيب عند كل مواجهة – السر حتى ذلك .
7 ) إننا نحرر اللغة من سجون و بورصات الخلط البرجوازي .
من الواضح أن لغة اليوم عوضا عن أن تكون قوة محرضة في عملية التحول الاجتماعي و معجما للهجوم الثوري هي فقط معجما طيعا للدفاع المتراكم في مخزن الدماغ البشري بغرض وحيد : مساعدة الفرد على إثبات خضوعه الكامل لقوانين المجتمع القائم – لمساعدته كمحامي في محاكم الواقع اليومي ( أي القمع ) . تقتحم السوريالية بعنف هذا المشهد الدنيء , مزيلة كل العوائق أمام "الفعل الفعلي للفكر" ( أندريه بريتون )
عندما نكتب تتجشأ ذاكرتنا هذه اللغة من العالم القديم . إنها لعبة تصبح فيها ألسنتنا قادرة على إعادة خلق اللغة في أعمق أعماق الثورة .
تعلي سورياليتنا من أهمية تدمير ما يسمونه "الوطن العربي" . في عالم البقاء المازوخي هذا فإن السوريالية طريقة هجومية و شعرية للحياة . إنها اللهيب المحرم ( المحظور ) للبروليتاريا و هي تعانق الفجر الثوري – متيحة لنا على الأقل اكتشاف اللحظة الثورية : تألق مجالس العمال كحياة معشوقة بشدة من أولئك الذين نحبهم .
سورياليتنا في الفن كما في الحياة : ثورة دائمة ضد عالم علم الجمال و بقية المقولات الضامرة , تدمير و استبدال كل القوى و الموانع الرجعية .
يشغل التهديم مكانا في السوريالية تماما كما يحل التاريخ في الأحداث .
مارون ديب ( سوريا ) , عبد القادر الجنابي ( العراق ) , فاروق الجريدي ( لبنان ) , فاضل عباس هادي ( العراق ) , فريد لعربي ( الجزائر ) , غازي يونس ( لبنان ).
الجمل- ترجمة : مازن كم الماز
نقلا عن libcom.org/history/surrealism-arab-world
إضافة تعليق جديد