نتنياهـو يسـلم رده لأوبامـا خـلال قمـة واشـنطن النوويـة
حسم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمره وقرر السفر إلى واشنطن لحضور القمة النووية الدولية التي دعا إليها الرئيس الأميركي باراك أوباما. وكانت قد سرت تقديرات بأنه لن يذهب للقمة خشية التعرض لضغوط من أوباما بشأن الاستيطان والتسوية مع الفلسطينيين، خصوصا أن الرد الإسرائيلي على مطالب الإدارة لم ينجز بعد.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن نتنياهو سيصل إلى واشنطن لحضور القمة التي ستعقد الأسبوع المقبل، رغم شدة التحذيرات من جانب جهات سياسية بأنه سوف يتعرض لضغوط ليس فقط في مجال التسوية، وإنما أيضا في المجال النووي. فهناك مطالبة دولية بكشف المنشآت النووية الإسرائيلية للرقابة الدولية. غير أن إسرائيل تصر على أن غاية المؤتمر هي منع انزلاق المعلومات النووية للمنظمات الإرهابية، وليست بحث القدرات النووية للدول.
وقال الخبير في القانون الدولي الدكتور روبي سايبل إن الخشية في إسرائيل من التعرض لضغوط نووية أميركية هي خشية مبالغ فيها. وفي نظره فإن «الأميركيين يدركون نقاط ضعف معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، ولذلك فإنهم لا يضغطون على إسرائيل للانضمام إليها، وهم يفهمون أن هذه المعاهدة ليست الأداة المناسبة لنا».
وكان المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» شمعون شيفر قد كشف النقاب يوم أمس عن أن نتنياهو سيبلور الأجوبة على المطالب الأميركية هذا الأسبوع كي يعرضها على الرئيس أوباما أثناء القمة النووية. وأشار شيفر إلى عدم تخوف إسرائيل من القمة النووية بسبب «تفاهمات شفهية بين إسرائيل والبيت الأبيض، اتفق عليها في بداية السبعينيات، وتقضي بأن تستغل الولايات المتحدة نفوذها كي تمنع مداولات في مسألة الرقابة على النووي الإسرائيلي في مؤسسات دولية».
ونقل شيفر عن أوساط ديوان نتنياهو قولهم أنه حتى انعقاد المؤتمر في واشنطن سيبلور نتنياهو ورجاله الأجوبة على قائمة المطالب الأميركية التي ترمي للسماح باستئناف المسيرة السياسية. لهذا الغرض فإنه من المتوقع أن يتشاور نتنياهو في الأيام القليلة المقبلة مع الوزراء حول مسائل بحث القضايا الجوهرية في المباحثات غير المباشرة، وحول السماح بفتح مؤسسات فلسطينية في القدس. وهناك معارضة شديدة في السباعية الوزارية لتلبية مثل هذه المطالب.
من جانب آخر، أفادت مراسلة «يديعوت أحرونوت» في واشنطن اورلي ازولاي إلى أن الرئيس الأميركي ينتظر الردود الإسرائيلية حتى موعد انعقاد القمة النووية. وأشارت إلى أن أوباما ينوي الاجتماع على انفراد بنتنياهو لسماع ردوده بعدما تعذر على المبعوث الرئاسي جورج ميتشل تسلم هذه الردود لأنه لن يصل قبل القمة إلى المنطقة.
وأشارت أزولاي إلى أن المحافل الأميركية قدرت بأن نتنياهو سيقدم أجوبة مرضية بشأن بوادر حسن النية تجاه الفلسطينيين. وكذلك التوضيحات من نتنياهو بشأن الخطاب الذي ألقاه أمام أعضاء مؤتمر اللوبي الصهيوني «ايباك» اثناء زيارته الأخيرة لواشنطن، وخصوصا إعلانه عن استمرار تواجد قوات إسرائيلية على حدود الدولة الفلسطينية مع الأردن. وأعربت محافل في الإدارة عن تخوفها من هذا الموقف الذي أطلقه نتنياهو لأول مرة، الأمر الذي سيضع مصاعب أخرى في وجه التقدم في المسيرة السياسية.
وأوضحت أزولاي أن اوباما أمر أعضاء طواقمه بالضغط على إسرائيل وعلى الفلسطينيين للتقدم. ويفكر البيت الأبيض بدعوة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقاء مع اوباما خلال الأسابيع المقبلة. موعد اللقاء سيتقرر استنادا إلى أجوبة نتنياهو: إذا توصل اوباما إلى استنتاج بأن الموقف الإسرائيلي يلبي توقعاته، فسيضغط على عباس كي يبدأ فورا في محادثات التقارب. في المقابل يجري اختبار احتمالات أخرى: الحصول من نتنياهو على بادرات طيبة أخرى بهدف تشجيع الفلسطينيين على القفز فورا إلى المرحلة التالية، أي المحادثات المباشرة. ولهذا الغرض ينبغي لنتنياهو، ضمن أمور أخرى، أن يتعهد بتجميد البناء في شرقي القدس.
ويؤمن وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وفق ما قال في مقابلة مع «يديعوت أحرونوت»، بأنه لا أزمة في العلاقات مع أميركا، رغم أن الرئيس أوباما ووزارة الخارجية يطالبان إسرائيل بأجوبة صعبة. وقال «لا ينبغي اعتبار كل شيء أزمة. ينبغي أن نتحدث ببساطة، بصوت واضح ونقي وصريح. ليس لدينا ما نخجل منه».
وشدد ليبرمان على أن إسرائيل، ورغم المطالب الأميركية، لا تنوي تقديم بادرات حسن نية أخرى تجاه الفلسطينيين. فحكومة نتنياهو في نظره «قدمت ما يكفي من البادرات بغية تحسين الأجواء قبيل المفاوضات المباشرة». وأضاف «ولكننا لم نتلق أي تشجيع إيجابي بالمقابل, وإنما مطالب أخرى، ضغوط واتهامات. ومن ناحيتي لقد انتهى هذا الفصل. وليس ثمة سبب لتقديم أي بادرة طيبة أخرى. الآن حان دور الفلسطينيين لتقديم البادرات».
وشدد ليبرمان على وجوب إبلاغ الرئيس الأميركي «بأننا لن نجمد البناء في القدس فحسب، وإنما بعد انتهاء الأشهر العشرة سنعود للبناء أيضا في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). ولا ينبغي أن تكون هنا أية أوهام».
ومن ناحية أخرى، ورغم التوتر في العلاقات بين تل أبيب وواشنطن، فإن الإدارة الأميركية أطلعت إسرائيل على إستراتيجيتها النووية الجديدة قبل الإعلان عنها. وقامت نائب وزيرة الخارجية ألان تاوستشر بالتحادث مع نائب وزير الخارجية الإسرائيلية داني أيالون في المسألة. وقالت تاوستشر في مكالمتها أن «الولايات المتحدة ستعمل للدفاع عن حلفائها، وبالتالي ستعمل ضد الدول التي لا تتكيف مع سياسة حظر انتشار الأسلحة النووية، مثل كوريا (الشمالية)، والدول التي لا تفي بالتزاماتها تجاه الأسرة الدولية مثل إيران».
وأوضحت تاوستشر أن واشنطن ستعمل وفق سياسة «الغموض المدروس» تجاه الدول التي لا تمثل خطرا على الولايات المتحدة، من دون أن تسمي إسرائيل. ويعتبر ذلك نوعا من التهدئة لإسرائيل.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد