الأسد في البرازيل للتعاون: مع كوبـا ضـد الحصار
بدأ الرئيس بشار الأسد أمس زيارة تاريخية إلى البرازيل، موطن ما يقارب الستة ملايين مهاجر سوري، يشكلون مع أخوتهم من الجالية اللبنانية ضعف هذا العدد، وذلك بعد أن اختتم زيارة إلى كوبا دامت يومين، أعلن فيها خلال اجتماعه مع نظيره الكوبي راوول كاسترو وقوف دمشق إلى جانب كوبا في نضالها ضد الحصار المفروض عليها منذ أكثر من نصف قرن، ومحاولات زعزعة الاستقرار فيها.
ولقي الأسد استقبالاً رسمياً في مطار العاصمة برازيليا، على ان يجري اليوم مع نظيره البرازيلي لويس اغناسيو لولا داسيلفا في مقر وزارة الخارجية، بسبب عملية ترميم القصر الرئاسي.
وسيتم خلال الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات في مجال التعاون التقني والقضائي، على أن يليها تبادل للأوسمة بين الزعيمين. ويختتم الأسد زيارته إلى برازيليا باجتماع مع رئيس مجلس النواب وآخر مع رئيس مجلس الشيوخ ميشال تامر، وهو نائب الرئيس وهو من أصل سوري. ويتوجّه الأسد في ما بعد إلى مدينة ساو باولو، حيث يلتقي الجالية السورية في مقر نادي حمص الشهير، كما يزور المستشفى السوري اللبناني، وهو من أكبر وأشهر المستشفيات في القارة اللاتينية، وتمتلكه الجاليتان السورية واللبنانية في البرازيل.
وتراهن سوريا اقتصادياً على زيارة البرازيل، خصوصاً أن حجم التبادل التجاري القائم بين البلدين ضعيف للغاية، وتتفوق به البرازيل بمعدل عال، حيث تصدر بما يقارب الـ350 مليون دولار إلى سوريا من الألبان والبن والقرنفل والأرز وقصب السكر والمواد الكيميائية
والورق والإطارات، فيما تصدر سوريا بما يقارب الخمسة مليون دولار من خضار محفوظة وفلفل وبذور يانسون وكمون وجلود مدبوغة.
ويعتقد الجانب السوري أن ثقل البرازيل الاقتصادي كخامس اقتصاد في العالم، والجسر البشري الممتد من دمشق إلى مدنها يمكن أن يؤدي دوراً فاعلاً في رفع هذا الرقم، خصوصاً في ظل طموحات التجارب المشتركة، وهو أمر يعتقد الجانب البرازيلي أنه يستطيع أن يقدم فيه الكثير من الخدمات.
أما في الجانب السياسي فتعتقد دمشق أن البرازيل رسخت وجودها على الساحة الدولية عبر العمل من أجل عالم متعدد الأقطاب. وتهدف الزيارة إلى تمتين العلاقة المؤسساتية بين البلدين، خصوصاً في ظل قرب انتهاء ولاية داسيلفا وقرب الانتخابات العامة في البلاد.
وكان الأسد اختتم زيارته إلى هافانا، بعد محادثات مع الرئيس راوول كاسترو بحثا خلالها «العلاقات التاريخية بين البلدين، وأهمية استثمار القواسم الكبيرة بين الشعبين الصديقين في تعزيز هذه العلاقات، وفتح آفاق تعاون جديدة في جميع المجالات».
كما تم بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية وسبل تعزيز العلاقات العربية ـ الأميركية اللاتينية، حيث شدّد الأسد وكاسترو على أهمية مواصلة التنسيق لدعم القضايا العادلة للمنطقتين في المحافل الدولية.
وأكد الأسد، الذي وضع إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري لبطل كوبا الوطني خوسيه مارتي، «وقوف سوريا إلى جانب كوبا في نضالها ضد الحصار المفروض عليها منذ أكثر من نصف قرن، ومحاولات زعزعة الاستقرار فيها»، مشيراً إلى أن «تفوق الشعب الكوبي في مجالات عديدة، ولا سيما الطب والتعليم، يؤكد صوابية خيار المقاومة الذي اختاره هذا الشعب وقدرته على مواجهة الحصار».
بدوره، أشاد كاسترو «بمواقف سوريا المبدئية تجاه القضايا العادلة، خصوصاً دعمها المتواصل لنضال الشعوب في وجه محاولات الهيمنة»، مؤكداً «دعم كوبا للحقوق العربية، ولا سيما القضية الفلسطينية وعودة الجولان السوري المحتل».
واتفق الجانبان على إزالة جميع العقبات التي قد تقف في طريق علاقات اقتصادية متميزة بين البلدين، وأكدا أهمية التنسيق والتشاور حول مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وزار الأسد وعقيلته أسماء مركز الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية في هافانا، والذي يُعدّ من أكثر المراكز تقدماً على المستوى العالمي في مجالات البحوث الجينية وتطوير وإنتاج اللقاحات والأدوية.
وشدّد الرئيس الأسد على أن «المعركة الحقيقية في العالم بشكل عام هي ذات طابع معرفي بين من يمتلك المعرفة ومن لا يمتلكها»، لافتاً إلى أن «النجاح الحقيقي هو عندما نتمكن من تحقيق التطور العلمي ونقل المعرفة إلى الخارج».
وأشار الأسد إلى «الظروف المتشابهة التي عاشتها سوريا وكوبا على مدى عقود، وقدرتهما على الصمود ومواجهة هذه الظروف». وقال «من لم ينتم إلى ماضيه لا يمكن أن يكون له مستقبل».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد