تونس: خلاف حاد في التأسيسي حول توزيع السلطات
تصاعد التوتّر الداخلي في تونس أمس، إلى مستويات جديدة في إطارين مترابطين، الاول سياسيّ داخل المجلس التأسيسي تمحور حول الخلاف بين التحالف الثلاثي الأكثري بقيادة حزب "النهضة" الإسلامي والقوى الأخرى في المجلس، إزاء صلاحيات السلطة التنفيذية التي تسعى "النهضة" إلى تضخيمها كونها ستتسلم رئاسة الوزراء، ومن المتوقع أن تخرج تظاهرة حاشدة صباح اليوم أمام مقر المجلس احتجاجا على طروحات الأكثرية. أما الإطار الثاني، فتمثل في مواجهات بين طلاب "سلفيين" يعرقلون عمل إحدى الجامعات للمطالبة بمكان للعبادة والسماح للمنقبات بدخول الامتحانات، ومجموعات الاتحاد العام لطلبة تونس.
واستأنفت لجنة التنظيم المؤقت للسلطات العامة في المجلس التأسيسي أعمالها التي يتوقع أن تتواصل ليومين آخرين قبل رفع مشروع قانون إلى رئاسة المجلس لتحديد موعد عرضه على الجلسة العامة. وأفاد عضو اللجنة فاضل موسى ممثل حزب "القطب الديموقراطي الحداثي" من خارج الأكثرية، أن هناك "نقاشات وخلافات حادة" داخل اللجنة وأن التوصل إلى اتفاق على مشروع قانون يتطلب مزيدا من الوقت، مضيفا أن النقاشات تتركز على "آليات نظام برلماني" كأساس للحكم خلال المرحلة الانتقالية التأسيسية التي تقدر بسنة مبدئيا، فيما قال رئيس لجنة التنظيم المؤقت للسلطات العمومية حبيب خضر عن "النهضة" إن رئاسة الحكومة ستكون مركز السلطة التنفيذية وليست رئاسة الجمهورية.
من جهته، صرح ممثل الحزب الديموقراطي التقدمي (خارج الاكثرية) المهدي بن غربية بأن "الخلافات لا تزال قائمة بشأن الصلاحيات الواسعة التي تسعى بعض الأطراف السياسية في اللجنة ومن أهمها حركة النهضة منحها لرئاسة الحكومة". وقال "هناك اختلافات حول صلاحيات الحكومة وهي صلاحيات كبيرة جدا"، مضيفا أن "كل صلاحيات الرئيس السابق تقريبا أسندت إلى الحكومة مثل تعيين الوزراء وإحداث الوزارات وتعيين المديرين العامين" فضلا عن تفويض نصف صلاحيات رئيس المجلس التأسيسي لرئيس الحكومة عند إعلان حالة الاستثناء. وأشار إلى أن هناك أيضا اختلافا حول طريقة ونسبة الأصوات التي سيتم اعتمادها لإقرار الدستور، مبينا أن الاختلافات حول الصلاحيات وطريقة التصويت على الدستور قائمة حتى بين احزاب التحالف الثلاثي الأكثري "النهضة" و"المؤتمر" و"التكتل".
ودعت جهات حزبية وجمعية إلى تظاهرة اليوم أمام المجلس التأسيسي رفضا لإعطاء السلطات التنفيذية هذه الصلاحيات، وعلى خلفية معارضة التوجهات الإسلامية لحزب "النهضة"، خاصة مع تصاعد التوتر حول القضايا الدينية.
وتحولت احتجاجات عشرات السلفيين في كلية الآداب في منوبة للمطالبة بحق المنقبات في خوض الامتحانات الى اشتباكات مع طلبة آخرين. ويعتصم عشرات الطلبة السلفيين منذ أمس الاول، في مقر الكلية مطالبين بحق المنقبات في خوض الامتحانات والفصل بين الذكور والاناث في الفصول. وتسبب الاعتصام في منع اجراء الامتحانات بالجامعة. وزادت اعداد السلفيين أمس الى المئات بعد ان جاء اخرون من كليات اخرى ورفعوا لافتات كتب عليها "يجب الانتصار للاسلام" و"نطالب بمصلى وضمان حق المنقبات". وسرعان ما تحول الاحتجاج الى اشتباكات مع طلبة اخرين طالبوهم بالانسحاب وتمكينهم من اجراء الامتحانات معبرين عن رفضهم للمنقبات. واشتبك السلفيون مع الاخرين بالايدي وسط الكلية وهم يرددون "الله اكبر" بينما يردد اخرون النشيد الوطني. وجرح عدد من الطلبة.
وقال شاب سلفي كان يخطب وسط مئات الطلبة "نحن لا نريد الصدام مع أحد.. نريد ان تحترم حرية الطالبة المنقبة مثلما باقي الطالبات الاخريات.. نريد بيت صلاة.. هذا لا يضر احدا.. أين المشكل"، فيما قالت طالبة عرفت نفسها باسم صابرين "يريدون ان يحولوا الجامعة من مقر للدراسة الى مكان ديني.. ما نراه اليوم غريب عنا. لا اصدق ما أراه.. وكأننا في جامعة بأفغانستان.. هل هذا مفهوم الحرية لديهم. يجب ان يتوقفوا".
وصرح عميد الكلية لإذاعة "كلمة" أن المعتصمين قاموا بتعنيف الأساتذة والإدارة لفظيا مؤكدا أنهم منعوه من الخروج من مكتبه. ورفض أساتذة الكلية أي مساومة بخصوص دخول المنقبات لإجراء الامتحانات بالنقاب متمسكين بضرورة احترام الترتيبات الداخلية للمؤسسة منها التعريف بهوية الطالب مهما كان جنسه أو انتماؤه. وقال أحد ممثلي الاتحاد العام لطلبة تونس، إن تحرك السلفيين يهدف إلى إرجاع عناصر الامن الى الجامعة بعدما تم منع هذا الجهاز من التواجد داخل الحرم الجامعي.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد