مجلس الأمن يدعم اليوم مهمة أنان وموسكو والصليب الأحمر تؤيّدان هدنة إنسانية يومية
اعتبرت دمشق، أمس، أن «لغة القتل والدمار التي تتقنها المجموعات الإرهابية ومن يدعمها تدل على عدم اكتراثها بالإصلاح والديموقراطية وتصميمها على إفشال الحل السياسي الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق»، وذلك بعد ساعات من وصول الوفد الدولي الذي أرسله مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الخاص كوفي أنان الى العاصمة السورية في محاولة لإيجاد حل للأزمة ووقف العنف.
ويجتمع مجلس الأمن اليوم في محاولة للاتفاق على بيان رئاسي يكتفي بدعم مهمة أنان والنقاط الست التي سلمها الى الرئيس السوري بشار الأسد، فيما أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن قلقه «من الوضع الذي يزداد سوءاً والذي من الممكن أن يقود إلى حرب أهلية» في سوريا. ودعت موسكو واللجنة الدولية للصليب الأحمر الحكومة السورية والمعارضة إلى الموافقة من دون إبطاء على وقف يومي لإطلاق النار للأغراض الإنسانية.
ووجهت وزارة الخارجية السورية رسالة «تتعلق بالأعمال الإرهابية المجرمة التي شهدتها مدينتا دمشق وحلب خلال اليومين الماضيين» إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي ورئيسة مجلس حقوق الإنسان والمفوضة السامية لحقوق الإنسان.
وقالت الوزارة، في الرسالة، إن «سقوط عشرات القتلى والجرحى من السوريين الأبرياء ضحايا لهذا الإرهاب الذي يتم بدعم خارجي تؤمنه أطراف إقليمية ودولية معروفة، أعلنت بشكل فاضح عن تقديمها المال والسلاح للمجموعات الإرهابية والمتطرفين الآخرين، يعتبر تحدياً صارخاً لقرارات مجلس الأمن المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي والقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي».
وتابعت الرسالة «لقد جاءت هذه الأعمال الإرهابية والتحريض الإعلامي الذي يشجع على ارتكابها بعد أن خرج ملايين السوريين إلى ساحات سوريا في 15 آذار ليؤكدوا دعمهم وتأييدهم للإصلاحات التي طبقتها سوريا منذ اندلاع هذه الأحداث قبل عام، كما أنها تأتي بعد أن بدأ المبعوث الأممي كوفي انان جهوده الدبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية بعيدا عن لغة التهديد والتدخل الأجنبي وقبول سوريا لمهمة انان، ورفض الأطراف المعارضة للمهمة أو وضع العراقيل الكثيرة بهدف إفشالها».
وشددت وزارة الخارجية على أن «لغة القتل والدمار التي تتقنها هذه المجموعات الإرهابية ومن يدعمها تدل على عدم اكتراثها بالإصلاح والديموقراطية وتصميمها على إفشال الحل السياسي الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق، ولم يكن غريبا إطلاقا أن نستمع إلى أن التفجيرات التي شهدتها مدينتا دمشق وحلب وتدمير المنظمات الإرهابية المستمر للبنى التحتية التي بذل الشعب السوري إمكانيات هائلة لبنائها تدل بكل وضوح على أن الإرهاب المدعوم من الخارج، بعد توفير المال والسلاح واستقدام الإرهابيين من العديد من الدول بعد تدريبهم فيها، قد فشل في تحقيق أهدافه بسبب صمود سوريا وشعبها الذي كشف أبعاد المؤامرة وانتقل بتصميم لا مثيل له لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع الوطن». وأكدت أن «الدعوات الصريحة لتسليح المعارضة السورية عمل عدائي واضح وتحريض تجب متابعته ومعاقبته، ولا مجال للتسامح مع داعمي الإرهاب تحت أي ذريعة أو عنوان».
الى ذلك، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد «مرسوما قضى بتمديد فترة الترشح لانتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الأول لعام 2012 لمدة أسبوع، بدءا من يوم الخميس الواقع فيه 22 نيسان ولغاية الدوام الرسمي من يوم الأربعاء في 28 نيسان». يشار إلى أن الأسد أصدر مرسوما أعلن فيه إجراء الانتخابات في 7 أيار المقبل.
وأعلن المتحدث باسم انان، احمد فوزي، أن الخبراء الدوليين الخمسة وصلوا الى دمشق. وقال ان «الوفد وصل بالفعل» موضحا انه يتكون من «خمسة اشخاص يتمتعون بخبرة في مجالات السياسة وحفظ السلام والوساطة»، وقال إنهم سيلتقون مسؤولين في وزارة الخارجية السورية.
وأكد فوزي ان الخبراء مكلفون «التوصل الى اتفاق حول اجراءات ملموسة لتنفيذ اقتراحات انان»، الامر الذي يقتضي «آلية مراقبة». وكان قد أعلن الجمعة الماضي ان «انان قرر ارسال وفد الى دمشق لبحث تفاصيل آلية مراقبة واجراءات ملموسة يجب اتخاذها لتنفيذ بعض اقتراحاته، بما في ذلك وقف فوري للعنف والمجازر».
وقال فوزي ان الخبراء «سيبقون في سوريا ما استطاعوا تحقيق تقدم حول التوصل الى اتفاق حول الخطوات العملية لتطبيق اقتراحات انان». وأوضح ان «زيارة انان المقبلة الى سوريا ستكون الى حد كبير رهناً بالتقدم الذي سيحرز» خلال المحادثات بين خبراء الامم المتحدة والسوريين.
وأدان العربي ورئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمـد بن جاسم بن جبر آل ثاني، في اتصال هاتفي بينهما، «تصاعد أعمال العنف والقتل التي تشهدها أنحاء مختلفة في سوريا، والتأكيد على الموقف العربي الداعي إلى مطالبة الحكومة السورية بالوقف الفوري لجميع أعمال العنف والانتهاكات ضد المواطنين السوريين، وسحب جميع المظاهر المسلحة، وفك الحصار الأمني عن المدن والأحياء السكنية لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وفرق الإغاثة العاجلة للمناطق المتضررة، وعلى ضرورة تنفيذ الحكومة السورية التزاماتها بحماية أرواح المدنيين، وتسهيل مهمة أنان».
وتحدث العربي عن حاجة ملحة لقرار من مجلس الأمن، حتى لو كان قرارا متعلقا فقط بالشأن الإنساني. وقال «ما نحتاجه الآن هو بيان ملزم وواضح من مجلس الأمن لوقف القتال، ولتقديم آلية مناسبة لمراقبته (وقف إطلاق النار)، لكي يمكن وصول الاحتياجات الإنسانية والطبية، وكي يمكن لانان الاستمرار في مهمته الصعبة جدا»، مضيفا «من المهم جدا الآن أن يتم الموافقة على قرار لمجلس الأمن بأسرع وقت ممكن، وسأطلب ولو حتى بقرار (حول الوضع) الإنساني حتى يتوقف العنف. هؤلاء الذين يموتون في سوريا سواء من طرف الحكومة أو من طرف المعارضة، هؤلاء سوريون، ونحن قلقون للغاية حول ما يحصل هناك».
وحول إن كان ثمة تعقيد إضافي يأتي مما قاله سابقا، ، عن «معضلة» بسبب «إصرار المعارضة السورية على السيناريو الليبي»، قال العربي «أنا لم أقل هذا الكلام، أنا قلت إن بعض أطراف المعارضة السورية يتمسكون بالسيناريو الليبي، ويعتقدون أنه سوف يتم، البعض الآخر يرفض هذا، وهذا من أسباب الخلاف بينهم الآن». وأضاف «لن أتحدث عن شخصيات».
وفي مؤتمر صحافي، وردا على سؤال حول ظهور بعض الأصوات العربية الداعية لتسليح المعارضة، قال وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز «لنكن واضحين، وقد قلنا ذلك وهو مهم جدا، فنحن أوصينا بمنصة موحدة للمعارضة السورية، ونحن نحاول فعل ذلك بمشاركة العديد من الشركاء من الاتحاد الأوروبي وغيرهم».
وردا على سؤال حول ما نقلته وكالة فرانس برس، عن مصادر عربية تحدثت عن نقل سلاح سعودي إلى الأردن لإيصاله لأطراف معارضة، قال وزير الخارجية الأردني ناصر الجودة، الذي بدا عليه الارتباك الواضح من السؤال، «أنا واع تماما لمقال الوكالة ومحتواه، وأعتقد أن الناطقين باسم الحكومة تحدثوا عنه، وكان واضحا جدا جدا أننا ننفي صحته».
وتحركت الاتصالات مجددا داخل مجلس الأمن ولكن من دون الكلام عن قرار بل عن بيان رئاسي. وقدمت فرنسا مشروع بيان، ليعرض على مجلس الامن لإقراره اليوم يكتفي بطلب دعم مبادرة انان. كما من المقرر ان يناقش مجلس الأمن أيضا خلال اجتماعه إصدار بيان صحافي بناء على اقتراح روسيا يدين التفجيرات التي وقعت في دمشق وحلب مؤخرا.
وقال المندوب الفرنسي لدى الامم المتحدة جيرار ارنو «نأمل حصول تصويت غدا (اليوم) على مشروع البيان»، مضيفا ان الهدف من البيان «محدد جدا وهو دعم انان». وتابع ان هذا «الاعلان الرئاسي هو الاقل خلافية الذي يمكننا تقديمه».
وقال مندوب بريطانيا مارك ليال غرانت، الذي تترأس بلاده مجلس الامن لهذا الشهر، «لم يلمح أحد الى وجود أي نقطة خلاف، ولكن معظمهم اطلعوا على البيان لأول مرة صباح اليوم (امس)». وذكر بأن انان طلب بإلحاح من مجلس الامن دعم مهمته بصوت واحد. وقال «الهدف هو إيجاد أرضية مشتركة لتوجيه رسالة قوية الى النظام السوري».
ودعت روسيا والصليب الأحمر الدولي السلطة السورية والمعارضة للموافقة «فورا» على طلب اللجنة الدولية للصليب الاحمر إعلان هدنة إنسانية يومية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، بعد اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ورئيس لجنة الصليب الاحمر جاكوب كيلنبرغر في موسكو، «دعا الطرفان الحكومة السورية وكل المجموعات المسلحة الى الموافقة فورا على هدنة يومية للسماح للجنة الدولية للصليب الاحمر بالوصول الى الجرحى والمدنيين الذين يتعين نقلهم». وأضاف ان روسيا «أشارت الى ضرورة تأمين وصول اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى كل المعتقلين في سوريا اثر الاحتجاجات».
ونفت وزارة الدفاع الروسية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن وصول السفن الحربية الروسية إلى السواحل السورية. وقال مصدر في دائرة الإعلام في الوزارة، في بيان، «ليس هناك أية سفن حربية للأسطول الروسي قرب سواحل سوريا»، موضحا أن ناقلة «إيمان» التابعة للأسطول الروسي رست في ميناء طرطوس السوري منذ 10 أيام بعد إتمام مهمات إمداد سفن أسطول البحر الأسود والأسطول الشمالي الروسيين المشاركة في عملية مكافحة القرصنة في خليج عدن بالوقود والأغذية. وأشار إلى أن جميع أفراد طاقم ناقلة «إيمان» مدنيون، وعلى متنها وحدة حراسة.
وكان مصدر في هيئة أركان أسطول البحر الاسود الروسي قد قال إن الناقلة «إيمان» وعلى متنها مجموعة «مكافحة الارهاب» تنفذ المهمات المناطة بها بالقرب من السواحل السورية، كما أن سفينة الاستكشاف «إكفاتور» في البحر الابيض المتوسط ايضا.
وناشدت منظمة التعاون الإسلامي، في بيان، «الشعب وسلطات الدولة في سوريا احترام حياد ونزاهة» العاملين معها والموظفين في الامم المتحدة الذين يتشاركون في مهمة إنسانية في سوريا. وأضاف «تشير المنظمتان الى ان مشاركتهما في البعثة المهمة ليس لها أي طابع سياسي، وهدفها الاطلاع المباشر على الوضع الإنساني والأحوال في البلدات والمدن».
وكشف المراسل الفرنسي جورج مالبرونو في «لوفيغارو» الفرنسية عن أن الدبلوماسيين الأميركيين في لبنان تلقوا تعليمات بضرورة التحفظ على أي تصريح علني حول الأحداث الأخيرة والمواجهات المسلحة بين النظام السوري والمعارضين.
وينقل مالبرونو عن أحد هؤلاء الدبلوماسيين قوله «يجدر بنا الانتظار لمعرفة في أي الاتجاهات سيتطور الوضع»، فيما يؤكد أن المسؤولين الأميركيين يرغبون في تفادي خيبة الأمل الناتجة من بقاء الأسد في الحكم، وهي رغبة عززتها التطورات الأمنية الأخيرة على الأراضي السورية. كما أن هؤلاء المسؤولين حاولوا، بامتناعهم عن التصريح، تفادي التأثير على قرارات الرئيس السوري بالتزامن مع وصول مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى دمشق كوفي أنان الذي يسعى لحلّ تفاوضي، فضلاً عما يمكن أن يترك ذلك من آثار على حملة باراك أوباما الانتخابية.
ووفقاً لدبلوماسي أوروبي يعمل في المنطقة، فإن التحفظ الأميركي بات أكثر وضوحاً مع انكشاف الأدلة على وجود «القاعدة» في سوريا بعد التفجيرات الإرهابية الأخيرة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) «داهمت الجهات المختصة وكراً لمجموعة إرهابية مسلحة في بناء مخصص للسكن بمنطقة المزة بعد إخلائه من العائلات القاطنة فيه حرصاً على حياتهم وسلامتهم. واشتبكت الجهات المختصة مع الإرهابيين وقتلت اثنين واعتقلت ثالثا، وصادرت ثلاث بنادق آلية وقنابل هجومية ودفاعية، كما أسفر الاشتباك عن استشهاد عنصر من الجهات المختصة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد