الإبراهيمي يوفر الدعم الدولي والغطاء الإقليمي من إيران وتركيا والمسلحون منقسمون
يختبر السوريون اليوم بارقة الامل اليتيمة التي تلوح امامهم منذ شهور للحد من تفاقم العنف، عندما تعلن دمشق قبولها هدنة عيد الاضحى على الرغم من الاجواء التشاؤمية المحيطة بالازمة، فيما أفادت مصادر ان الخطوة السورية التي تنتظر قرارا من الجيش، ستتضمن شروطا واضحة لما اسمته «قواعد الاشتباك» في حال حدوث خرق عسكري او ميداني من جانب مجموعات المعارضة المسلحة.
وما ان قال المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي ان الرئيس بشار الأسد وافق على هدنة الأضحى، حتى رمى مجلس الأمن الدولي بثقله خلف الهدنة، مطالبا جميع الدول الإقليمية والدولية باستخدام نفوذها لوقف العنف.
وعلى الرغم من اعلان الابراهيمي ان غالبية قادة المجموعات المسلحة، التي اتصل بها، وافقت على هذه الهدنة، الا ان «جبهة النصرة» الإسلامية المتشددة رفضتها، في حين تضاربت تصريحات قادة «الجيش الحر» حولها، ما يثير تساؤلات عما اذا كان سفك الدماء سيتوقف بالفعل خلال ايام العيد.
وعلم مراسل «السفير» في دمشق زياد حيدر أن هناك توجها لدى القيادة السورية لإعلان موافقتها على مشروع هدنة العيد. ووفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي فإن الإعلان عن الموقف من الهدنة سيكون اليوم. وذكرت وزارة الخارجية «ما زال طرح وقف العمليات العسكرية خلال عطلة عيد الأضحى قيد الدراسة من قبل القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة»، مضيفة «سيصدر الموقف النهائي يوم الغد (اليوم) بخصوص هذا الموضوع».
وفي هذا السياق قالت المصادر إن الإعلان السوري سيتضمن شروطا واضحة لـ«قواعد الاشتباك»، ولاسيما في ما يتعلق بطرق الرد على أي خرق عسكري أو ميداني من الطرف الآخر. وبدا هذا السياق واضحا أيضا من مقدمة نشرة الأخبار الرئيسية للتلفزيون السوري حيث ألمحت بشكل واضح لإمكانية قبول الهدنة، لكنها حذرت «من اختبار قدرة الجيش على الرد» ولا سيما بعد إعلان مسلحين رفضهم فكرة الهدنة. وعلم أن دولا صديقة وحليفة لدمشق أبلغتها خلال الأيام والساعات الماضية بحماسها لفكرة الهدنة.
كما أفادت مصادر ديبلوماسية غير عربية أن جهودا إيرانية بذلت مع الجانب التركي وأطراف أخرى بينها روسيا لتحقيق «تفاهم عام لخطة عمل سياسي» حول سوريا يمكن أن تلاقي دعما داخليا ودوليا. وفي هذا الإطار أفادت معلومات أن الجانب التركي طرح على الجانب الإيراني عدة أفكار، من بينها ضمانات بحصول انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة تستطيع كل القوى المشاركة فيها بمن فيها «حركة الإخوان المسلمين». إلا أن خلافات الطرفين لم تحسم بعد، رغم حصول استدارة في طريقة إدارة تركيا لسياستها اتجاه سوريا. وتبقى نقطة الخلاف الرئيسية مرتبطة بموقع القيادة السورية من عملية التغيير، حيث تصر طهران على ترك المسألة هذه برمتها لانتخابات محلية، فيما ترغب أنقرة بإقصاء أسماء بعينها قبل تقديم دعمها السياسي لأية خطة.
وفي إطار الدعم الإقليمي للهدنة، دعت الجزائر ومصر، في بيان مشترك نُشر في العاصمة الجزائرية، إلى فتح «صفحة جديدة» في سوريا تقوم على الحوار الوطني للاستجابة إلى «المطالب العادلة للشعب السوري».
وفي هذه الاثناء، قال رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم إن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بحث مع الرئيس المصري محمد مرسي، في القاهرة، «تطورات الأوضاع في المنطقة، خاصة في سوريا». وأعرب حمد، في تصريح لقناة «الجزيرة»، عن اعتقاده بان الوضع في سوريا لن يستمر طويلا، موضحا انه رغم الثقة بالإبراهيمي إلا انه يعتقد أن النظام السوري لن يتجاوب معه.
وكان ديبلوماسيون نقلوا عن الإبراهيمي قوله، لمجلس الأمن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من القاهرة، إن «الرئيس (الأسد) قبل (الهدنة) وسيصدر إعلان غدا (اليوم)». وكان الابراهيمي قال في وقت سابق في القاهرة، إن غالبية مسؤولين عن مسلحين اتصل بهم، قبلوا أيضا دعوته إلى الهدنة.
وطلب الإبراهيمي «دعما قويا وموحدا» في مجلس الأمن لجهود الوساطة التي يقوم بها، محذرا من أن فشلا جديدا في المجلس سيؤدي إلى «اتساع رقعة النزاع» إلى دول الجوار، مشيرا إلى تبادل القصف مؤخرا بين سوريا وتركيا. وأعرب عن الأمل في أن تفضي الهدنة، التي تعد «خطوة صغيرة»، إلى فتح حوار لبدء عملية انتقالية سياسية سلمية في سوريا و«تتيح نقل المساعدات الإنسانية» خصوصا إلى حلب وادلب وحمص. وأضاف «إذا نجحت هذه المبادرة المتواضعة بفرض الهدنة ووقف إطلاق النار، نأمل أن نتمكن من البناء عليها من اجل الحديث عن وقف إطلاق نار يكون أمتن وأطول، ويكون هذا جزءا من عملية سياسية متكاملة».
وأيد مجلس الأمن دعوة الإبراهيمي إلى وقف إطلاق النار في سوريا. ودعا، في بيان وافق عليه جميع أعضاء مجلس الأمن، «جميع اللاعبين الإقليميين والدوليين إلى استخدام نفوذهم على جميع الأطراف لتسهيل عملية خفض العنف».
وأعلن مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن دمشق أوضحت لموسكو أنها ستقبل اقتراح الإبراهيمي. وقال «لدينا مؤشرات على أنهم (الحكومة السورية) يقبلون اقتراح الإبراهيمي».
وقال المندوب الصيني لي باودونغ «نؤيد الهدنة وندعم مساعي الإبراهيمي. أعتقد أنه من المهم لكل الأطراف إدراك أهمية السلام والاستقرار».
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن واشنطن تريد أن ترى وقفا للعنف و«نريد أن نرى بدء عملية انتقال سياسي». وأضافت «نحن ندعو لحصول هذا الأمر منذ أكثر من عام». وأعلنت أن الولايات المتحدة تزيد من دعمها «غير القاتل» للمعارضة السورية، وتعمل مع «المجالس الثورية» داخل سوريا.
وتضاربت تصريحات قادة المسلحين حول الالتزام بالهدنة. وقال «رئيس المجلس العسكري الأعلى للجيش الحر» مصطفى الشيخ، في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس»، «سيوقف الجيش الحر إطلاق النار إذا التزم النظام بذلك»، مشككا في أن تقوم القوات النظامية بوقف إطلاق النار حتى لو أعلنت ذلك.
وقال «المستشار السياسي للجيش الحر» بسام الدادا، في تصريح لوكالة «الأناضول»، إن الإبراهيمي «لم يتواصل معنا بشأن الهدنة، ولسنا مضطرين للالتزام بها». وأشار إلى أن هذه الهدنة «ليس لها معنى ولا لون ولا رائحة، فإذا كان الهدف منها هو مناسبة العيد، فنحن لسنا في عيد».
وذكرت «جبهة النصرة»، في بيان نشر على الانترنت، «لا هدنة بيننا وبين هذا النظام الفاجر السفاك من دماء المسلمين، المنتهك لأعراضهم، وليس بيننا وبينه والله سوى السيف»، مضيفة «لسنا بإذن الله ممن يدع مجالا لماكر أن يخدعه».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد