«الأطلسي»: سنبقى في شرق أوروبا ومناورات روسيّة بالـ«أس 400» مع افتتاح قمة ويلز
افتتح «حلف شمال الأطلسي» قمته في نيوبورت في مقاطعة ويلز البريطانية، أمس، وسط توتر شديد مع روسيا، بسبب الأزمة الأوكرانية، وعلى خلفية الحرب الكلامية بين الروس والغربيين، المدعوين إلى تعزيز مساعدتهم العسكرية لكييف. وتأتي هذه القمة في اليوم نفسه الذي بدأت فيه موسكو مناورات لقوات الدفاع الجوي باستخدام أنظمة «أس أربعمئة» في جنوب البلاد، وفيما أعلن البنتاغون أن روسيا حشدت على الحدود مع أوكرانيا جنوداً ومعدات «أشد فتكاً» مما شاهدناه منذ بدء الأزمة بين كييف والانفصاليين المقربين من موسكو.
وإضافة إلى الأزمة الأوكرانية، تشكل أفغانستان البند الأول على جدول أعمال القمة التي ستستمر على مدى يومين والتي يحضرها ما يقارب ستين رئيس دولة وعدد من كبار الشخصيات العالمية ورؤساء دول صديقة، بينها دول عربية مثل الاردن والمغرب والإمارات والبحرين.
وتتعامل قمة «الأطلسي» مع الأزمة الأوكرانية على أنها من بين الموضوعات الأولى التي تمّت مناقشتها، أمس، في اجتماع لجنة «الحلف ــ أوكرانيا»، الذي حضره الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو.
وفي حين وقف نحو ستين رئيس دولة وحكومة يلتقطون الصورة التذكارية، ظهر أمس، في نيوبورت مع بدء قمة يفترض أن توجه رسالة حازمة إلى روسيا، جاء الرد سريعاً من موسكو التي بدأت مناورات استراتيجية تشارك فيها وحدات من سلاح الجو والسلاح الصاروخي على مجموعة من الأسلحة المتطورة تتقدمها منظومة «أس 400» المضادة للصواريخ.
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة بدعم الطرف الذي «يقرع طبول الحرب» في أوكرانيا وليس أولئك الذين يسعون إلى حلّ سلمي للخروج من الأزمة.
وقال لافروف: «نشهد تنامياً للخطاب المعادي لروسيا، بالتزامن مع جهود حثيثة تبذل للتوصل إلى حلّ سياسي. يمكننا القول إن من يقرع طبول الحرب في كييف يحظى بدعم نشط في الخارج، وفي هذه الحال، في الولايات المتحدة».
من جهته، وصف نائب رئيس الوزراء الروسي ديمتري روغوزين، عبر حسابه على موقع «تويتر»، «الحلف الأطلسي» بأنه «مصاب بهستيريا الحرب الباردة».
لكن في هذا الجو من التصعيد الكلامي، أكد الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو، المدعو إلى حضور قمة «الحلف الأطلسي»، أن وقفاً لإطلاق النار قد يتم التوقيع عليه، اليوم، في مينسك في بيلاروسيا. إلا أن بوروشنكو أكد في الوقت ذاته، على هامش قمة «الأطلسي»، أن «الحلف» سيدعم أعضاءه المستعدين لتقديم مساعدة عسكرية لأوكرانيا.
كذلك أجرى بوروشنكو محادثات مع قادة أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، قبيل افتتاح أعمال القمة.
وبعيد انتهاء الاجتماع، كتب على صفحته على موقع «فايسبوك»، إن «الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا تدعم وحدة وسيادة أراضي أوكرانيا. معاً سنكون أقوياء!».
وتطرق القادة إلى الوضع في شرق أوكرانيا وخطة تسوية الأزمة التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي وصفتها كييف بأنها «ذر للرماد في العيون»، في حين اعتبرها الأمين العام لـ«الحلف الأطلسي» أندرس فوغ راسموسن «خطة سلام مزعومة».
وأشار راسموسن للصحافيين، عند وصوله لحضور القمة، إلى أن «ضلوع روسيا ميدانياً» في شرق أوكرانيا يلقي شكوكاً على رغبة موسكو الفعلية في التوصل إلى وقف إطلاق نار. وقال: «بخصوص ما يعرف بخطة السلام (التي عرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين)، أودّ أن أشيد بكل الجهود التي تبذل لإيجاد حل سلمي للأزمة في أوكرانيا»، مضيفاً: «لكن الأمر المهم هو ما يحصل فعلياً على الأرض. ولا نزال للأسف نلاحظ ضلوعاً روسياً في زعزعة استقرار الوضع في أوكرانيا».
وتابع «ندعو روسيا مجدداً إلى سحب قواتها ووقف التدفق المستمر للأسلحة التي ترسل إلى أوكرانيا ووقف دعم المتمردين المسلحين»، مضيفاً أن «هذا ما سيكون فعلياً جهداً لجعل الحل السلمي للنزاع ممكناً».
ويعتزم أعضاء «الحلف الأطلسي» تسريع الضغوط على موسكو المتهمة بالتدخل عسكرياً في شرق أوكرانيا. ويأتي القرار الرمزي بشأن هذه الضغوط من خلال الإعلان عن تعليق فرنسا تسليم سفينة «ميسترال» الحاملة للمروحيات العسكرية لروسيا، فيما قد يتم الإعلان عن عقوبات أوروبية أخرى اليوم.
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، في نيوبورت، إن فرنسا ستسلم السفينة الحربية «ميسترال» إلى روسيا، شرط الاتفاق على وقف إطلاق نار في شرق أوكرانيا وإيجاد «تسوية سياسة» للأزمة.
وقال هولاند، بعدما التقى الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو: «ما هي الشروط؟ وقف إطلاق نار وتسوية سياسية. اليوم هذه الشروط غير متوافرة. كيف نسمح بتسليم سفينة يمكن أن تصبح غداً سفينة حربية، في ظل وجود أزمة في أوكرانيا؟».
من جهتهما، أكد الرئيسان البريطاني والأميركي ديفيد كاميرون وباراك أوباما، في مقال في صحيفة «تايمز» البريطانية، أن «روسيا انتهكت القواعد بضمّها غير الشرعي والمعلن من جانب واحد للقرم وبإرسالها قوات إلى الأراضي الأوكرانية، مهددة ومقوّضة أساسات دولة ذات سيادة».
وأضافا أنه «مع روسيا التي تحاول إجبار دولة ذات سيادة على التخلي عن حقها في الديموقراطية والتي تحدد مستقبلها بفوهة السلاح، علينا أن ندعم حق أوكرانيا في أن تختار مستقبلها الديموقراطي وأن نواصل جهودنا لتعزيز إمكانيات أوكرانيا».
وفي مقالهما، الذي نشر قبل ساعات من بدء قمة «حلف شمال الأطلسي»، أكد الزعيمان أيضاً أن على «الحلف الأطلسي» أن يبقي على وجود «دائم» في أوروبا الشرقية، وأن يكون هذا الوجود مدعوماً بقوة تدخل سريع، قوامها قوات خاصة برية وجوية وبحرية، «يمكن أن تنشر في أي مكان من العالم بسرعة كبيرة».
في سياق آخر، أكد الأمين العام لـ«حلف شمال الأطلسي» أندرس فان راسموسن، أن نجاحات عظيمة تحقّقت في مجال مكافحة الإرهاب في هذا البلد، وأن الشعب الأفغاني اليوم يقف أمام فرصة تاريخية لتطوير بلاده، وتحديد مستقبله.
وحث راسموسن المرشحين إلى الرئاسة الأفغانية على التوقيع على اتفاق يحدد إطار انتشار قوات «الحلف» في أفغانستان اعتباراً من 2015، في حين يكاد «الحلف» يسحب كامل قواته المقاتلة بحلول كانون الأول.
وقال: «نحن في حاجة إلى أن نعرف سريعاً جداً إذا كانت الحكومة الأفغانية ستوقّع على الترتيبات الأمنية الضرورية، لأنه شرط مسبق لانتشارنا في أفغانستان بعد 2014».
كييف والانفصاليون يأملون إعلان وقف النار اليوم
أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، أمس، أنه سيصدر أمراً بوقف إطلاق النار للقوات الأوكرانية التي تقاتل انفصاليين مؤيدين لروسيا، وذلك ليمهد الطريق لتنفيذ «خطة سلام تدريجية» لبلاده. هذا الأمر يؤيده الانفصاليون، من جهتهم، وخاصة إذا جرى التوصل إلى اتفاق سلام، اليوم، خلال لقاء «مجموعة الاتصال» التي تضم ممثلين عن عدة جهات دولية مع الانفصاليين في العاصمة البيلاروسية. وقال بوروشينكو على هامش قمة «حلف شمالي الأطلسي» في ويلز، أمس، إن «وقف النار مشروط باجتماع من المقرر أن يعقد في مينسك الجمعة، ويضم مندوبين من أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا». وأضاف: «بشرط انعقاد الاجتماع، سأطلب من رئاسة الأركان وضع اتفاق ثنائي لوقف النار، ونأمل أن يبدأ تنفيذ خطة السلام». في الإطار، أعرب زعيما جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، المعلنتين من جانب واحد، عن «الاستعداد لإعلان وقف النار، في حال التوصل إلى اتفاق». كذلك، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال لقائه رئيس الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إيلكا كانيرفا، في موسكو، عن أمله في أن تستجيب كييف ودونيتسك ولوغانسك لاقتراحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي وردت في خطته السلمية.
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد