«جسد» مستغانمي قريباً على الشاشة
رمضان سيكون حافلاً على قناة «أبو ظبي الأولى». أمس، كان الاحتفاء بالإعلان عن «ذاكرة الجسد» في مؤتمر صحافي أقيم في «فندق الحبتور» (سن الفيل ـــــ شرق بيروت) وحضره: المخرج نجدت أنزور، الروائيّة أحلام مستغانمي، الكاتبة ريم حنّا (واضعة السيناريو والحوار)، كريم سركيس (المدير التنفيذي للإذاعة والتلفزيون في شركة «أبو ظبي للإعلام»)، البطلان جمال سليمان وأمل بوشوشة (ستار أكاديمي) في تجربتها التمثيليّة الأولى. وبعدما ظلّ تنفيذه معلّقاً لسنوات، سيُعرض المسلسل المقتبس عن الرواية الشهيرة، خلال الموسم الدرامي المقبل باللغة العربيّة الفصحى، بمشاركة رفيق علي أحمد، وجهاد الأندري، والسوري مجد رياض، وحشد من الممثلين العرب، وخصوصاً من بلد المليون شهيد، حيث تدور أحداث الرواية، وتروي فصولاً من التاريخ الحديث للجزائر.
تستغل مستغانمي المناسبة، لتعترف بأن اللقاء المباشر مع أهل الصحافة يحرجها، معتبرةً «أنني اعتقدت دوماً، أنّ في كل ضوء خيانةً للكتابة. وكلّما تقدم بي الحبر، تعلمت أن أتحاشى المظاهر الاحتفائية، لكن ما كان من مفر هذه المرّة». وأضافت «أقنعت نفسي بأن الاحتفاء ليس بي، بل بـ «ذاكرة الجسد»». مضى على كتابة مستغانمي لروايتها الشهيرة 17 عاماً، لكنها تقول: «كلما أردت أن أترك العمل خلفي، وجدته أمامي. قضيت أربع سنوات في كتابتها وما بقي من عمر (قضيته) في الدفاع عنها، مع أننا نكتب رواياتنا لتدافع عنّا»، تاركة للعمل التلفزيوني أن «يقنعنا بأن كل عمل أدبي هو حقيقة بصريّة». ولعلها باتت تؤمن بأن للمخرج رؤيته الخاصة، لذا تعطيه عذراً إذا لم ينقل رؤيتها، «فهو ليس مطالباً بأن يكون من فصيلة حبري، لأنه خلّاق آخر يشارك الكاتب في النص». ينحني جمال سليمان أمام نص الرواية «الاستثنائية ليس فقط بسبب لغتها الأدبيّة الرفيعة، وهذا التقصي الحسّاس للنفس البشريّة في لحظّة حب»، مثنياً على كيفية تخيّلها المأزق العاطفي لذلك الرجل الذي فقد ذراعه خلال الحرب. وأضاف إنّ «الرواية تصوّر أيضاً مسيرة أشخاص وسيرة وطن». يدرك سليمان التحدي في نقل رواية بهذا الحجم إلى الشاشة الصغيرة، «كل من قرأ الرواية وضع سيناريو خاصاً، وشكل أبطالاً وشكل المدن والأحياء، مدركاً صعوبة نقلها إلى عمل بصري». وتدور أحداث الرواية حول الرسّام الجزائري خالد بن طوبال، الذي تطوّع في صفوف المجاهدين خلال الحرب الجزائريّة، وفقد ذراعه. ويصور العمل قصّة حبه مع «حياة»، الفتاة الجزائريّة ابنة مناضل جزائري كان صديقه أثناء ثورة التحرير، لكنه قتل خلال الحرب ضد الاحتلال الفرنسي. وستقع حياة في حب كاتب فلسطيني يناضل من أجل القضية الفلسطينيّة.
من جهتها الكاتبة ريم حنّا، تدرك خطورة تحويل رواية ذائعة الصيت، «لم أكن أتوقع أن يكون تحويل عمل أدبي إلى مسلسل تلفزيوني بهذه الصعوبة»، مشيرةً إلى أن «الرواية كنز من اللغة، وسأغرف ما أستطيع من هذا الكنز لأحوّله إلى صراع درامي تلفزيوني». وتطمئن نفسها بأن «جمال سليمان سيكون الحامل الرئيسي للعمل في شخصية خالد بن طوبال، الذي يحكي أحداث الرواية بالفصحى، متخوّفةً من عدم تقبّل الجمهور للغة العربيّة الفصحى، علماً بأن فيها جملاً معشّقة بعبارات جزائريّة». قبل أن تصل الرواية إلى أيدي ريم حنّا، مرّت على أكثر من سيناريست سوري، لكنّ الصدام كان دوماً مع الكاتبة الجزائريّة بسبب عدم التقاء وجهات النظر عند رؤى موحّدة. تجيب حنا عن هذه النقطة ممازحة بأن «يأس أحلام مستغانمي جاء لمصلحتي». لكنها تعتقد بأنها لن تكون راضية لأنها مسكونة بتصورها لهذه الرواية ورؤيتها للشخصيات، و«عليّ أن أفصل بين الرواية والنص التلفزيوني، وإلّا فستظل المعوقات تمنعني من الجنوح بشخصياتي». وبعد «ذاكرة الجسد»، سينفّذ المخرج مروان بركات لحنا مسلسل «المثل الأعلى» المرشح لبطولته بسام كوسا، وسيعرض في رمضان 2011. ويكشف نجدت أنزور لـ«الأخبار» أنّ العمل سيصور في بعض المناطق الجبليّة اللبنانيّة، وفي مدينتي قسطنطينة والجزائر العاصمة. وعندما نسأله عن تنقل العمل بين أكثر من مخرج وتوقّفه عنده، يسارع إلى الإجابة بثقة: «حين يُسند العمل إليّ، انتهى الموضوع، ولن يكون هناك أي صعوبة بعد ذلك». كما يرى أنّ وجود ريم حنا ككاتبة للسيناريو والحوار يحمي النفَس الموجود في الرواية، «يجب أن تكون هناك عراقة في العمل»، مؤكّداً أنه مستعد لمواجهة كل الإشكاليات التي سيثيرها العمل. وسيخوض أنزور السباق الرمضاني بمسلسل آخر أيضاً هو «ما ملكت أيمانكم».
يبقى أنّ مسلسل «ذاكرة الجسد» مخاطرة تلفزيونيّة تخوضها قناة «أبو ظبي»، فهل سيتمكن من تحقيق النجاح المرجوّ، أم يكون مصيره كالكثير من الروايات التي أُجهضت حين انتقلت إلى الشاشة؟
باسم الحكيم
تكفينا «جماهيرية» الرواية...
أطل المخرج نجدت أنزور على شاشة «سوريا دراما» أول من أمس ليحكي عن مسلسله «ما ملكت أيمانكم» الذي انتهى من إنجازه، وعن عمله الجديد «ذاكرة الجسد». لكن خلال إطلالته تلك، لم يتسنَّ للمخرج السوري الإجابة عن مجموعة من التساؤلات التي تفرض نفسها على «ذاكرة الجسد»، أولها تدخّل الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي في اختيار الممثلين لأكثر من شخصية، من دون درايتها بالاعتبارات التي يجب أخذها في الحسبان لدى اختيار الممثل. إذ إنّ هذا الأمر ليس من اختصاصها، إنما تأتي خياراتها مبنية على عاطفتها تجاه من تحب من الممثلين وتُعجب به، مثلها مثل أي متلقٍّ آخر. وهنا، اضطرت أسرة العمل إلى مجاملتها وقبول خياراتها ربما شبه مرغمة، إذ إنّ الفنان جمال سليمان لم يسبق أن قدم الكثير من الأعمال مع المخرج نجدت أنزور سابقاً. ويبدو أنه لم تجمع بينهما علاقة فنية أو شخصية طيبة من قبلُ على الإطلاق.
من جانب آخر، قال أنزور إنّ أسرة العمل متسلّحة بجماهيرية الرواية التي باعت حوالى ثلاثة ملايين نسخة، وهو استثناء نادراً ما يحصل. وهنا يجدر بنا التساؤل إن كان هناك علاقة طردية بين الجماهيرية والأهمية؟ ولو صحّ هذا المبدأ، لكان المسرح التجاري واحداً من أهم أنواع المسرح. كذلك لكان الغناء الذي تؤديه هيفا وهبي ومثيلاتها، أكثر حضوراً وتميزاً من الفن الملتزم الذي تؤديه ماجدة الرومي وجوليا بطرس وغيرهما. كذلك، قال أنزور خلال اللقاء إنّ الرواية تخلق أرضية صلبة وثابتة لأي مسلسل تلفزيوني، وهو كلام تنقصه الدقّة طالما أن الحالة ليست مطلقة، على اعتبار أن الرواية الجيدة فقط هي التي تخلق نقطة النجاح الأولى للعمل التلفزيوني. لكن هناك الكثير من الروايات المهمّة التي لا تُصاغ بحبكة تخوّلها أن تكون مسلسلاً تلفزيونياً يقدَّم إلى الجمهور. وهنا يبرز دور السيناريست ومهارته في تحويل هذه الرواية إلى سيناريو محكم.
أخيراً تمنّى أنزور لو أن عمليات التصوير ستجري في سوريا، وهو الأمر الذي لن يحصل رغم غنى مواقع التصوير السورية، وانخفاض كلفة الإنتاج قياساً إلى العديد من الدول العربية.
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد