ألغام بحرية من قطاع غزة تفرض حصاراً على إسرائيل
تعاملت إسرائيل بحذر وارتباك شديدين مع ما اعتبرته أسلوباً جديداً للمقاومة الفلسطينية من قطاع غزة يتمثل باستخدام... الألغام البحرية.
وبعد يوم واحد من التفاخر بإحباط عملية استراتيجية من جانب حركة حماس ثأراً لاغتيال القيادي في حماس الشهيد محمود المبحوح عادت للقول إن هذه العبوات البحرية تستهدف الزوارق الحربية الإسرائيلية قبالة غزة. ومع ذلك فإن العبوات الناسفة، سواء تلك التي تمّ تفجيرها في البحر أو التي لفظها إلى شاطئ عسقلان وأسدود، مثلت فعلا بداية لنمط جديد في المقاومة.
وشدّد نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال بني غينتس على أن العبوات الناسفة التي تم اكتشافها خلال اليومين الأخيرين على شواطئ إسرائيل تشهد على عزم ما أسماها منظمات الإرهاب لتنفيذ عمليات وأيضاً البحث عن طرائق جديدة. وحسب كلامه فإن «حادث العبوات الناسفة البحرية يشير إلى المصاعب الجمة التي تواجه منظمات الإرهاب في سعيها لتنفيذ عمليات. ونحن في كل حال نتابع ما يجري، وسنحاول تمشيط المنطقة بقدر ما يقتضي الأمر إلى أن نشعر بالأمان».
كما أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قال أمس «لقد رأينا في الأيام الأخيرة عمليات حربية من جانب قطاع غزة. ولعب الحظ دوراً في عدم وقوع ضحايا، ولكننا ننظر بخطورة إلى ما جرى وسنرد وفقاً لذلك».
ووسعت إسرائيل نطاق البحث في البحر قبالة الساحل الممتد من الحدود مع غزة إلى تل أبيب. وكانت قد عثرت على عبوتين ناسفتين جرفتهما التيارات البحرية إلى شاطئي عسقلان وأسدود.
وخلافاً للنظرية الأولية التي راجت في إسرائيل والتي قالت إن العبوات الناسفة هي محاولة لتنفيذ عملية كبرى في إسرائيل رداً على اغتيال المبحوح، أكد معلقون عسكريون أن العبوات هي نوع من الألغام البحرية موجّهة للطرادات والسفن الحربية الإسرائيلية. وأشار المراسل العسكري للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي ألون بن دافيد إلى أن كل عبوة تحوي حوالى 20 كيلوغراماً من المتفجرات، وأنها معدة للتفجير عن بعد بجهاز تفجير خلوي.
وأضاف المراسل العسكري أن هذا النمط من آلية التفجير يستلزم رؤية بصرية من جانب من سيقوم بالتفجير، ولا يشكل خطراً عند الملامسة. ويسمح هذا النمط من التفجير للجيش الإسرائيلي المزوّد بتقنيات تكنولوجية باكتشاف هذه العبوات وتلافي خطرها، وهو ما لا ينطبق على زوارق الصيادين سواء من إسرائيل أم غزة التي يمكن أن تتعرض لمخاطر ناجمة عن خطأ التشخيص أو خلل التفجير.
وبذلت إسرائيل جهودا كبيرة بحرية وبرية وجوية لاكتشاف عبوات ناسفة غير تلك التي خرجت إلى الشاطئ. وجرى الحديث عن تفجير عبوتين أخريين في البحر. غير أن مصادر الجيش الإسرائيلي أكدت أن تقديراتها تفيد بوجود عبوات أخرى. ونشرت سلطة السفن والموانئ في وزارة المواصلات الإسرائيلية أمس تحذيراً بكل وسائل الاتصال المعروفة لكل البحارة في البحر الأبيض المتوسط حذرت فيه من احتمال وجود براميل متفجرة في منطقة البحر والساحل الجنوبي لإسرائيل.
كما حظرت الشرطة الإسرائيلية على الجمهور الذهاب إلى الشواطئ، وطلبت إبداء أعلى درجات اليقظة والإبلاغ عن أي غرض مشبوه. ولجأت إلى متطوعين وخيالة ومروحيات لتمشيط الساحل الجنوبي بحثاً عن براميل مشبوهة. كما أن زوارق الشرطة وسلاح البحرية تبحث في البحر من أجل تجنب وصول أية براميل متفجرة للشاطئ خصوصا على مقربة من مواضع استراتيجية مثل ميناء النفط أو شركة الكهرباء.
ونقلت «يديعوت أحرونوت» عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن العبوات الناسفة هذه بدائية «لكنها بالتأكيد تشهد على حافز ومحاولة لبناء قدرات». ونفت المصادر ما رددته بعض الجهات الفلسطينية من أن العبوات كانت تستهدف مواقع استراتيجية على الساحل. وقال مصدر عسكري بحري إن سلاح البحرية يعرف الألغام البحرية ومخاطرها ولكن احتمالات أن تهدّد منشأة الغاز الطبيعي الوارد من مصر ضعيفة جداً. ومع ذلك أكد أنه رغم ضعف الإمكانيات الفلسطينية في غزة إلا أن محاولاتهم تتطور، ويمكن أن تتحول في المستقبل إلى خطر أكثر جدية.
وأشار المعلق الأمني لموقع «يديعوت» الالكتروني رون بن يشاي إلى أن العبوات ألقيت كما يبدو الجمعة الماضي حيث لاحظ سلاح البحرية الإسرائيلي وقوع انفجارين على مسافة كيلومترين تقريباً من الشاطئ. ولذلك فإن العبوتين الأخريين اللتين اكتشفتا قرب عسقلان وأسدود انجرفتا مع التيارات البحرية إلى هناك. وفي كل الأحوال أكد بن يشاي أن قدرات التفخيخ البحري في غزة لا تزال في بداياتها. وألمح إلى أنه سبق للفلسطينيين في السبعينيات والثمانينيات أن أقاموا وحدات بحرية عملت من لبنان وضمت وحدات من الكومندوس البحري. وكتب أن لدى «حزب الله» في لبنان وحدات كهذه، ومن الجائز أن المنظمات الفلسطينية في القطاع تحاول تطوير مثل هذه القدرات بمساعدة من «حزب الله».
وتبدي إسرائيل خشية من أن الطقس السيئ المتوقع خلال الأيام الثلاثة المقبلة سيجعل من المتعذر اكتشاف العبوات في البحر «ما يزيد احتمالات أن يلفظ البحر العبوات إلى الشاطئ». وقدرت المصادر الإسرائيلية أن «البحر سيلفظ العبوات بعد هدوء العاصفة، أي صباح الجمعة»، ولهذا السبب شدّدت على حظر التجوال على الشاطئ حتى يوم الجمعة المقبل.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد