أميركا تستبيح دم السوريين وتزعم أن قتلهم أمر سيء؟!
الجمل- بقلم: Darius Shahtahmasebi- ترجمة وصال صالح:
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدر البيت الأبيض تحذيراً من أن الجيش السوري كان يخطط لشن هجوم بالأسلحة الكيميائية وأنه "سيدفع الثمن غالياً" إذا ما قام بذلك. وعلى ما يبدو أثار هذا التحذير حفيظة عدد كبير من المسؤولين الأميركيين الذين لم يتم استشارتهم قبل إطلاق هذا التحذير.
وكانت CBS ذكرت أن المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفس قال أن أجهزة الاستخبارات الأميركية رصدت نشاطاً محدداّ في حظيرة مطار الشعيرات –وهو نفس المطار الذي قصفه ترامب في نيسان من هذا العام، بناءاً على ادعاءات غير مؤكدة بأنه تم إطلاق الأسلحة الكيميائية من هذه القاعدة الجوية وذلك قبل يومين تقريباً من توجيه الضربة الأميركية.
ما هو النشاط المحدد الذي رصدته أميركا؟ وفقاً لل CBS:
"قال المتحدث باسم البنتاغون "ديفيس"أنه خلال عدة أيام شهد مطار الشعيرات زيادة في نشاط الطائرات، وقال ديفيس أن الأدلة على الاستعدادات لهجوم كيميائي محتمل جديد "أصبح أكثر إلحاحاً" في غضون ال24 ساعة الماضية، وانه يوحي بقوة بالنية لتنفيذ مثل هذا الهجوم."
حسناً البنتاغون رأى زيادة بنشاط الطائرات في القاعدة الجوية؟ ما الغريب في الأمر؟
بعد وقت ليس ببعيد، ادعى البيت الأبيض من أن تحذيره للأسد بأنه "سيدفع الثمن غالياً" نجح في ردع الهجوم على الرغم من أننا الآن على يقين أكثر من أي وقت مضى بأن الأسد غير مسؤول عن الهجوم الأخير بالأسلحة الكيميائية الذي حدث في نيسان، كما ذكر الصحفي المخضرم الحائز على جائزة بوليتزر سيمور هيرش. كما أن الأسد لم يكن مسؤولاً عن الهجمات الكبرى الأخيرة التي ارتكبت بحق جيشه.
يدعي البيت الأبيض بأن الردع الناجح ضد الأسد جاء بعض لحظات من تحذير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن روسيا سترد بطريقة مناسبة إذا ما شنت أميركا ضربة على حليفها الوثيق سورية.
يقول كاتب المقال، يعتقد الناس أنني مجنون أحمق عندما حذرتهم من الصراع العالمي الوشيك بين روسيا وأميركا. حتى لو كان كل ما يحدث مجرد –قعقعة سيوف- في لعبة شطرنج لمعرفة ما الذي يمكن أن ينجم عن صراع القطع السوداء والبيضاء من رقعة الشطرنج السورية بعد سقوط داعش، وإمكانية حدوث شيء ما بشكل خاطئ وهذا ما أحبه على الإطلاق. ناهيك أن حياة السوريين العاديين، الذين لا يزالون عرضة للقصف المهمشين إلى اليمين من رقعة الشطرنج هم مجرد أرقام –ارقام لا يبدو أن أحداً يكترث بها. هذا الواقع المدمر ينطبق على الحكومتين السورية والروسية، لأننا كنا قد أُخبرنا مراراً وتكراراً أن هذين الحزبين – الجمهوري والديمقراطي- مسؤولان عن غالبية الضحايا في سورية.
مع ذلك، لا تزال الحكومة السورية تدافع عن نفسها من المتمردين المدعومين من الخارج وطلبت مساعدة روسية لحماية نفسها ظاهرياً، الولايات المتحدة (وما يسمى التحالف الذي تمثله) من جهة أخرى، هم الطرف الوحيد في الصراع السوري الذي يدعي باستمرار ويبدي قلقه واهتمامه بحقوق الإنسان وتزايد عدد القتلى المدنيين. هم يزعمون أيضاً أنهم يقاتلون داعش ومستمرون في التأكيد على أنهم لا يسعون إلى شن حرب على الحكومة السورية، حتى في الوقت الذي يقصفون مراراً البنى التحتية للدولة السورية.
مع ذلك، قتلت الحكومة الأميركية 500 مدنياً في الشهر الماضي من القتال في سورية –هذه الدولة التي ليس لديهم مسوغ قانوني لقصفها. وفقاّ للباحث آليكس هوبكينس من منظمة Air wars لإحصاء عدد القتلى من المدنيين نتيجة الغارات الجوية، أن التحالف قتل ما لا يقل عن 57 امرأة في شهر أيار وحده، ونحو 137 طفلاً أيضاً في الشهر الأخير من القتال.
في الأسبوع الأول من القتال في الرقة في حزيران من هذا العام، حذرت الأمم المتحدة أن الغارات الجوية الأميركية أسفرت بالفعل عن مقتل 300 مدنياً في الأسبوع نفسه. تكشف هذه الإحصاءات أن العنف الذي يقوم به التحالف ليس دقيقاً في أهدافه على الإطلاق، كما يدعي، إنه عشوائي بشكل كبير (أشبه ما يكون بجريمة حرب) التحالف الذي يستخدم أيضاً قذائف الفوسفور الأبيض بالإضافة إلى اليورانيوم المستنفذ في المناطق المكتظة بالسكان في سورية.
عبر استخدام مصطلح "التحالف" يبدو أن ما يسمى أطراف المغامرة التي تقودها أميركا يتقاسمون اللوم والمسؤولية في هذه الحرب التي مزقت دول الشرق الأوسط. مع ذلك، تتحمل أميركا وطاة هذه الخسائروهي مسؤولة عن ما يقرب من 95 بالمئة من مجمل الضربات الجوية في سورية. حتى وإن لم تكن طائراتهم تشارك على وجه التحديد في ضربة معينة، هل يمكنك أن تتخيل أن تمر هذه الضربات مباشرة بدون موافقة من الجيش الأميركي أولاً؟
من غير المرجح أن غالبية الأميركيين كانوا حتى يدركون أنه حتى 13 حزيران، لدى الولايات المتحدة فقط شخصان يحققان في الإصابات بين المدنيين السوريين والعراقيين، على مدار الوقت. الآن، هناك سبعة.
هذا هو بعض الالتزام بحقوق الإنسان والقانون الدولي.
منذ تولي ترامب منصبه، قتلت أميركا الآلاف من المدنيين العراقيين والسوريين، في الشهر الماضي أصدرت منظمة أطباء للمسؤولية الإجتماعية (PRS ) ومقرها واشنطن، دراسة أوضحت من خلالها أن عدد الضحايا منذ إعلان أميركا "الحرب على الإرهاب" في أعقاب هجمات 11/9 تكاد تصل إلى 2 مليون شخص حتى الآن كما قال الصحفي نافذ أحمد الذي طُرد من صحيفة الغارديان بسبب انتقاده لإسرائيل، كشف أن حروب الغرب أسفرت عن مقتل ما يقرب من 4 ملايين مدنياً منذ عام 1990 معظمهم من المسلمين.
تذكروا هذه الإحصاءات في المرة القادمة عدما يحذركم ترامب من غزو المسلمين لأوروبا وأميركا. على الرغم من كل هذه المعلومات، نيكي هالي، السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، لديها كل الثقة في التغريد بما يلي هذا الأسبوع:
"أي هجمات أخرى على الشعب السوري سيلقى باللوم على الأسد، لا بل أيضاً على روسيا وإيران اللتان تدعمانه في قتل شعبه."
على ما يبدو، أن الحق في قتل الشعب السوري محجوز للولايات المتحدة وحلفائها الذين يقصفون الأراضي السورية منذ عام 2014 بالإضافة إلى تسليح، تمويل، وتدريب الجهاديين المتطرفين لإثارة الفوضى في جميع أنحاء البلاد منذ بدء الصراع.
إذا كات الولايات المتحدة مهتمة بالفعل بالرعب الهائل الذي خلفه الصراع في سورية وتريد حماية المدنيين، من المؤكد يجب عليها أن لا تستدعي المزيد من العنف كما هي مستمرة في خلقه.
هذا يذكرنا بنفس استراتيجيات العنف التي عانت منها أفغانستان، العراق، ليبيا، سورية، الصومال، اليمن، فيتام، و كوريا –على سبيل المثال لا الحصر هذه مجرد بضع حلقات من مسلسل الحرب التي تقودها أميركا والتي تبدو بلا نهاية.
دعونا لا ننتظر حتى الضربة الاستباقية لدونالد ترامب أو الإدعاءات الفارغة ضد الحكومة السورية، واشنطن تهدد بالحرب تجاه الأسد وحده، إنها بالفعل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي في حد ذاته. إذا كان الجنود الأميركيون سيعودون إلى أرض الوطن بأكياس، إذا كان على الناس استقبال أحبتهم على هذا النحو، عليهم الاستعداد والانتباه إلى هذه التطورات الكارثية، ثم هذا ما سيكون عليه الوضع.
البديل هو أن يستيقظ الناس الآن ويطالبوا بوضع حد ونهاية لهذه الدورة الدائمة من الموت والدمار والتي لسوء الحظ لا تبدو أنها في الأفق القريب.
عن: Anti Media
الجمل
إضافة تعليق جديد