أنان يرى لحظة نادرة والتزاماً لم يكتمل ومجلس الأمن يصوّت اليوم على إرسال مراقبين
شهد وقف إطلاق النار في سوريا الذي دخل حيز التنفيذ السادسة صباح أمس، صمودا لافتا على الرغم من بعض الخروقات، في حين يخشى من دخول البلاد في مواجهة جديدة اليوم بعد أن دعت المعارضة إلى «تظاهرات ضخمة» للاستفادة من الهدوء النسبي السائد، الأمر الذي سعت السلطات الى التعامل معه بحزم من خلال التذكير بضرورة الحصول على ترخيص مسبق لأي تجمع او مسيرة سلمية وفق القوانين المعتمدة.
وحصلت خطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان على دعم إضافي، عندما اكدت روسيا موافقتها على صدور قرار من مجلس الامن الدولي لانشاء قوة مراقبة تتوجه الى سوريا في اسرع وقت. واكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان الجنرال النروجي روبرت مود سيصل الى دمشق اليوم لانجاز الخطوات التمهيدية التي تسبق نشر المراقبين.
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في انقرة عشية زيارته الرياض للقاء الملك السعودي عبد الله، ان «خطة انان لم تنفذ حتى الآن». وقال «هناك خطة من ست نقاط طرحها انان. لا أعتقد ان هذه الخطة تنفذ. لا يوجد شيء من هذا القبيل».
واعلنت السلطات السورية مقتل ضابط في الجيش، واصابة 24، بينهم جنود ومدنيون في تفجير عبوة نفذته «مجموعة ارهابية» في حلب. وقال سكان ان الهدوء ساد محافظات حمص وحماه وإدلب ودمشق.
ورغم الخروقات بدا واضحا ان اعمال العنف انحسرت بشكل واسع منذ بدء وقف اطلاق النار الساعة السادسة صباحا.
وردا على اتهامات السلطات السورية للمعارضة بالسعي لضرب خطة انان اعلنت «القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل» التزامها الكامل بوقف اطلاق النار، مطالبة بارسال مراقبين دوليين الى سوريا لمراقبة وقف اطلاق النار. وقال المتحدث باسمها العقيد قاسم سعد الدين «نحن ملتزمون بوقف اطلاق النار 100 في المئة، ولن نرد على استفزازات النظام».
وبعد ساعات على استتباب الهدوء النسبي في سوريا بدا ان النظام والمعارضة يستعدان للدخول في مواجهة جديدة مع دعوة المعارضة الى التظاهر بكثافة ورفض السلطات للتظاهر من دون ترخيص. ودعا المعارضون، على موقعهم على «فايسبوك»، «جميع السوريين، الى الخروج ».
وسرعان ما اعلنت وزارة الداخلية السورية ان اي تظاهرة يجب ان تحصل على «ترخيص من الجهات المختصة». وأكدت أن «التظاهر السلمي حق كفله القانون». ودعت، في بيان، «المواطنين إلى التقيد بالقانون الناظم له وعدم التظاهر إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهات المختصة وفقاً لقانون التظاهر السلمي حرصاً على ضمان سلامة المواطنين وممارسة هذا الحق بشكل حضاري».
ودعت وزارة الداخلية السورية، في بيان، «السوريين الذين اضطروا رغما عن ارادتهم الى مغادرة بيوتهم، سواء داخل القطر او الى دول مجاورة الى العودة اليها وعدم الالتفات للدعايات والاخبار المضللة». كما دعت «المسلحين الذين لم تتلطخ ايديهم بالدماء الى تسليم انفسهم وأسلحتهم الى اقرب مركز شرطة»، مشيرة الى انه «سيتم الافراج عنهم ووقف التبعات القانونية بحقهم».
وفي نيويورك، تسارعت الاتصالات المتعلقة بالملف السوري. وقدم انان عرضا بآخر تطورات مهمته امام اعضاء مجلس الامن عبر دائرة فيديو من جنيف، بعد اعتباره، في بيان، ان وقف اطلاق النار في سوريا «يتم الالتزام به على ما يبدو».
وقال انان «ان سوريا تشهد على ما يبدو فترة نادرة من الهدوء على الارض»، معتبرا انه من الضروري «الحفاظ» على هذا الهدوء، محذرا من ان «الوضع هش جدا، وأي رصاصة قد تفجر الوضع مجددا». واضاف «على جميع الاطراف المعنيين الالتزام بالتطبيق الكامل لخطة النقاط الست» التي وضعها لحل الازمة في سوريا، ومن ضمنها «البنود العسكرية للخطة والالتزام ببدء عملية سياسية».
وقال انان «سيطلب الامين العام (للأمم المتحدة) بان كي مون من مجلس الامن الموافقة على نشر مهمة مراقبة من الامم المتحدة في أسرع وقت ممكن». واضاف «سيسمح لنا هذا بالتحرك بسرعة لاطلاق حوار سياسي جاد يتعلق بهموم وتطلعات الشعب السوري».
وقال دبلوماسيون في مقر الامم المتحدة ان انان دعا مجلس الامن خلال مخاطبته له الى «مطالبة النظام السوري بسحب قواته من المدن التي تشهد اضطرابات والعودة الى ثكناتها»، واعتبر ان «دمشق لم تلتزم من الناحية التقنية» بخطته للسلام، الا ان وقف اطلاق النار الهش يشكل «فرصة يجب انتهازها».
وللتأكيد على دعم روسيا لخطة انان، اعلن المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين ان مجلس الامن قد يصدر اليوم قرارا بارسال قوة مراقبة دولية الى سوريا تستطيع بدء العمل الاسبوع المقبل.
وقال تشوركين ان روسيا ستدعم القرار. واضاف «نأمل ان نتمكن غدا (اليوم) من تبني قرار في مجلس الامن حول نشر مجموعة طليعية من المراقبين»، مشددا على انه من «المهم» نشر المراقبين بسرعة. واعلن ان الفريق الطليعي من المراقبين يجب ان يتألف على الاقل من 20 الى 30 مراقبا على ان ينتشروا في سوريا مطلع الاسبوع المقبل.
وأثار تشوركين المخاوف من ان تسفر الدعوات الى الخروج في تظاهرات عن «استفزازات» في سوريا. وقال «نحن قلقون من احتمال حدوث استفزازات. وقلقون من الدعوات الى تظاهرات حاشدة، وهذا هو عكس ما نريد ان يحدث الآن في سوريا. نريد ان نستفيد من الوضع الخالي من العنف». واضاف «بدلا من الحديث عن تظاهرات، على قادة المعارضة صياغة موقفهم من الحوار السياسي». وتابع ان على انان ان يتوصل «سريعا الى اتفاق مع قادة المعارضة للدخول في حوار مع الحكومة السورية. وحتى الآن لم يحدث ذلك».
واعلن المندوب الصيني لي باو دونغ ان سحب القوات السورية من المدن والبلدات يوازي في اهميته وقف اطلاق النار. وقال «ندعم خطة انان المكونة من ست نقاط بالكامل ونعتقد أن وقف إطلاق النار مهم للغاية، وكذلك سحب الحكومة السورية للقوات من البلدات والمدن شديد الأهمية».
وقال المندوب السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري إن «بعض السياسات في المنطقة تخيب الآمال اليوم لأن خطة أنان نجحت، ووقف العنف قد نجح أيضا ومصداقية الحكومة السورية تأكد من أنها ثابتة وبعض الاعلانات التحريضية من هنا وهناك لن تكون مفيدة». وأضاف إن «سوريا تمتحن مصداقية كل الذين أعلنوا أنهم يؤيدون خطة أنان».
وأكد الجعفري أن «ثمانية انتهاكات تمت هذا الصباح (امس) على ايدي المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا». وقال إن «أنان كان محقا عندما دعا الدول التي لها نفوذ على المجموعات المسلحة إلى أن تدعوها للتوقف وأن توقف أعمالها التحريضية التي تقدمها لهذه المجموعات». وأضاف ان «الحكومة السورية تحافظ على ضبط النفس بأقصى درجاته، وهي على أتم الالتزام بما اتفق عليه».
واعلن المتحدث باسم الحكومة السورية جهاد مقدسي ان دمشق ملتزمة تماما بنجاح انان وأنه لا حاجة لخرق وقف إطلاق النار لان القوات السورية لم تتعرض لهجمات. وقال مقدسي، لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي)، إن «سوريا تريد أن يبدأ المراقبون عملهم في أقرب وقت ممكن لمراقبة أي انتهاكات محتملة»، مضيفا اأنه «لا يمكن الاعتماد على موقع يوتيوب وقناة الجزيرة وعلى النشطاء الذين يقولون ما يريدون». واتهم «جيران سوريا بتأجيج الصراع عن طريق الحديث عن تسليح المعارضين وتمويلهم».
واعلن بان كي مون، في مؤتمر صحافي في جنيف، ان الجنرال النروجي روبرت مود سيتوجه اليوم الى دمشق على رأس فريق فني للاعداد لوصول المراقبين الدوليين المكلفين التحقق من وقف اطلاق النار. واعرب عن امله ان يتمكن من ارسال المراقبين «في اسرع وقت ممكن»، داعيا مجلس الامن الى اتخاذ موقف موحد والموافقة على بعثة المراقبين. واضاف «فور موافقة مجلس الامن سنكون قادرين على ارسال البعثة سريعا جدا»، مشيدا بالدعم الذي تلقاه في هذا الاطار من موسكو امس الاول.
ورفض الرد على سؤال حول «الخطة ب« في حال فشل خطة انان، رافضا «الخيار العسكري» ومشددا على اهمية الحوار السياسي.
ورحب الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في بيان، «بالتطور الايجابي» الذي حصل في سوريا، وطلب من انان العمل على «ايفاد المراقبين الى الأراضى السورية سريعا لمراقبة تنفيذ وقف اطلاق النار وللتحقق من الالتزام بالعناصر الأخرى للخطة».
واعلنت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان وقف اطلاق النار في سوريا «خطوة مهمة» اذا تم تنفيذه. وقالت «اذا تم التقيد به فإن وقف اطلاق النار هو خطوة مهمة، الا انه ليس سوى عنصر واحد» في خطة انان التي تتألف من ست نقاط. واضافت ان «على نظام الرئيس السوري بشار الاسد تنفيذ النقاط الست جميعها التي تتضمنها خطة انان، مؤكدة انه «لن يكون بامكان سوريا ان تختار من تلك الخطة ما تشاء وتترك ما تشاء».
واكدت ان «الولايات المتحدة تدعم ارساله فريقا مبكرا إلى سوريا على الفور قبل ارسال الامم المتحدة المحتمل لبعثة مراقبين». وقالت ان وزراء خارجية «مجموعة الثماني» يرحبون بتقرير انان بان العنف في سوريا تراجع لكن هذه الخطوة مجرد عنصر واحد في خطته، مضيفة ان «على دمشق ان تنفذ بقية الالتزامات، ومن بينها الانسحاب بقواتها ودباباتها من المدن والسماح بدخول المساعدات الانسانية».
وحث الرئيسان الاميركي باراك اوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي، في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية بعد مؤتمر عبر الفيديو، السلطات السورية على التقيد «الدقيق وغير المشروط» بالالتزامات الواردة في خطة انان. واشار البـــيان الى انهما اتفقا على «تعزيز جهودهـــما، بالتنسيق مع شركائهما، خاصة العرب، بما في ذلك في مجلس الامن كي يتوقف بشكل نهائي القمع الوحشي ضد الشعب السوري».
واجرى الرئيس الاميركي باراك اوباما اتصالا هاتفيا مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل اتفقا خلاله على ان «الوضع يؤكد ضرورة اتخاذ مجلس الامن عملا اكثر حزما».
وقال وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه «نحن ندعم بشدة خطة نشر بعثة مراقبين على الارض» مضيفا ان فرنسا عملت مع الولايات المتحدة وبريطانيا على صياغة نص القرار.
ودعا لافروف الى «اعطاء خطة انان وقتا كافيا بعد دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ»، وحث «الدول العربية والغربية على عدم تشجيع المعارضة». وقال «سمعنا من جانب بعض العواصم الغربية والعربية تصريحات مفادها ان خطة انان فشلت قبل اقتراحها حتى. وتثبت هذه التصريحات ان هناك اشخاصا لا يريدون نجاح مهمة انان».
وحول تصريحات كلينتون التي حملت من خلالها روسيا مسؤولية بقاء الأسد في سدة الحكم، قال لافروف «إنها تصريحات انفعالية. نحن ننظر إليها بهدوء. وما أهمية من يساعد في البقاء بالسلطة. فلو بدأت بتعداد الأنظمة ذات المحسوبية على الولايات المتحدة، فمكانك راوح، وهذا ليس منهجنا». واكد ان «الأسد في السلطة ليس لأن روسيا والصين تريدان هذا، بل لأنه يمثل مجموعة كبيرة من الشعب السوري. وبحسب بعض المعطيات، فإنها أكثر من نصف عدد السكان. لذلك فعندما يقال ان تيارا معارضا ما هو الممثل الشرعي للشعب السوري فإن في هذا مبالغة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد