إسرائيـل تقطـع الطريـق أمـام مؤتمـر موسكـو

22-03-2008

إسرائيـل تقطـع الطريـق أمـام مؤتمـر موسكـو

قضى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت عملياً على المساعي الروسية للقيام بدور أكبر في الاتصالات السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين من جهة، وتدشين خط جديد للمفاوضات مع سوريا، بإعلانه لدى استقباله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، أنّ لا فائدة ترجى من عقد مؤتمر دولي آخر للسلام تسعى موسكو لاستضافته.
وكان لافروف استبق زيارته إلى إسرائيل، بمحادثات عقدها في دمشق مع المسؤولين السوريين وقادة من حركة حماس. وقد أضفت هذه الاجتماعات على الحركة الروسية الجديدة بعدا عمليا يتجاوز الرغبة المعلنة منذ أشهر بعقد مؤتمر سلام في موسكو يشكل امتداداً لمؤتمر أنابوليس، حيث أشارت الأنباء الإسرائيلية إلى أنه حمل رسالة من رئيس المكتب السياسي في حماس خالد مشعل إلى الإسرائيليين حول التهدئة.
وكتب المراسل السياسي لصحيفة «معاريف» بن كسبيت أن لافروف جلب معه رسالة صريحة من مشعل، تقول إنه «إذا أوقفت إسرائيل نشاطاتها العسكرية، فسنوقفها نحن أيضا، وفورا»، مشيراً إلى أنّ الوزير الروسي «تحدث مع مشعل أيضا عن مصير الجندي المخطوف جلعاد شاليت»، ومع ذلك أوضح كسبيت أن المصادر الرسمية الإسرائيلية رفضت تأكيد أو نفي هذا الخبر.
وكان لافروف أعلن في سوريا أن المؤتمر الدولي المقترح عقده في موسكو سوف يعنى بمصير هضبة الجولان السورية المحتلة، غير أن وسائل الإعلام الإسرائيلية شددت على أن موقف إسرائيل من الاقتراح الروسي بعقد مؤتمر استكمالي لمؤتمر أنابوليس كان جليا. فقد أبلغ أولمرت وزير الخارجية الروسي «أننا لا نقول لا ولا نقول نعم، فالمسألة هي إلى أي حد ثمة صواب في التفاوض بهذه الطريقة. إننا نخوض مفاوضات مباشرة مع الفلسطينيين. وإذا شعرنا بالحاجة إلى عنصر آخر، كالمؤتمر الدولي، فسوف نوجد الصلة المناسبة. أما الآن فالفائدة من مثل هذا المؤتمر غير قائمة».
وأشارت المصادر الإعلامية الإسرائيلية إلى أن لافروف عرض في اجتماعه مع أولمرت المسألة السورية في سياق المؤتمر الدولي المقترح. وفي هذا الشأن رد أولمرت إن «موقفي من هذه المسألة لم يتغير. وأنا على استعداد لفحص السبل من أجل خلق عملية سياسية بيننا وبين السوريين». وقال أولمرت أنه «ينبغي للسوريين، أولا وقبل كل شيء، الانقطاع عن الإرهاب والتنصل منه»، فيما أشار مسؤول إسرائيلي بارز إلى أنه «من باب المجاملة الدبلوماسية لم نرفض هذه الخطة، لكننا في الواقع غير متحمسين لها».
وأثنى أولمرت على روسيا التي كانت «من الدول الأولى التي اعترفت بدولة إسرائيل، وسوف نشعر بالفرح لاستضافة الرئيس (الروسي المنتخب ديميتري) ميدفيديف في احتفالات الذكرى الستين لدينا هنا».
لكن أولمرت أعرب خلال لقائه لافروف عن قلقه من استمرار تزويد روسيا سوريا وإيران بأسلحة متطورة، مشيراً إلى أنّ الدولة العبرية تخشى من أن السلاح، الذي يتضمن صواريخ متطورة مضادة للدروع وصواريخ مضادة للطائرات، قد يجد طريقه إلى «حزب الله».
وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أبلغ لافروف، خلال لقائه به، بأن الإشارات السورية بشأن العملية السلمية لا تستدعي الثقة في إسرائيل، موضحاً أنّ شحنات الأسلحة إلى «حزب الله» تواصل التدفق عبر سوريا.
ورفض الوزير الروسي ادعاء بيريز هذا مؤكداً أنه لا علم لروسيا بشحنات أسلحة تهرب من سوريا إلى لبنان. وأضاف «سوف نشعر بالسرور إذا ما تسلمنا من إسرائيل أية معلومات عن ذلك وسوف نعالج كل أمر بذاته».
وبدا أن موسكو لا تتطلع فقط إلى دور إقليمي في المنطقة، وإنما تحاول تطوير علاقاتها مع إسرائيل. فإضافة إلى الاتفاق على الغاء تأشيرة الدخول بين الدولة العبرية وروسيا، أعلن لافروف أن لبلاده وإسرائيل مصلحة مشتركة أيضا في محاربة الإرهاب، في وقت تحاول إسرائيل طوال الوقت ثني روسيا عن التعاون النووي والتسليحي مع إيران وعدم عقد صفقات أسلحة مع سوريا.
ورفض لافروف التشاؤم الإسرائيلي حيال النوايا الإيرانية في ميدان المشروع النووي، وقال «لم نفقد الأمل في إيران بعد، وروسيا ستصر على أن تظهر إيران وتكشف للوكالة الدولية للطاقة الذرية كل ما لديها ومن دون مساومات. إذ من المهم جدا معالجة الإرهاب وتفكيك الأسلحة غير التقليدية».
وقد سبق المحادثات السياسية توقيع لافروف ونظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني على اتفاقيات بينها إلغاء تأشيرة الدخول بينهما وفتح الأرشيف السري السوفياتي للفترة الممتدة بين عامي 1953 و1967 أمام إسرائيل، وتعتبر تلك الفترة، التي نمت فيها العلاقات السوفياتية مع مصر الناصرية والعديد من الدول العربية، إحدى أشد الفترات حساسية في العلاقات الإسرائيلية السوفياتية.
بدورها، أعربت ليفني عن تحفظها على انعقاد مؤتمر دولي في موسكو، معتبرة أنّ «على الأسرة الدولية أن تؤيد السياقات الفلسطينية، وألا تتدخل فيها، وفي هذا الإطار سنعقد مداولات حول هل من المجدي عقد مؤتمر في موسكو».
بعد ذلك (أ ف ب، رويترز، أ ش أ، يو بي أي)، انتقل لافروف إلى رام الله، حيث أجرى محادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة سلام فياض ووزير الخارجية رياض المالكي. وانتقد الوزير الروسي الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية داعيا إسرائيل إلى «وقفه فوراً»، ورفع الحصار «غير المقبول» المفروض على غزة.
وقال لافروف إنّ القيادة الروسية ستحدد قريبا موعد عقد مؤتمر موسكو، مشيراً إلى أنّ جولته تضمنت «مشاورات نشطة مع أعضاء الرباعية والبلدان العربية والأمم المتحدة وأطراف أخرى، ونحن نعتبر من المهم ما تم الاتفاق عليه سلفا... وأعني هنا عقد مؤتمر موسع حول الشرق الأوسط».
من جهته، قال الرئيس الفلسطيني انه أكد للوزير الروسي «ضرورة عقد مؤتمر موسكو في اقرب فرصة ممكنة».

حلمي موسى

 المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...