الأهداف غير المعلنة لزيارة بوش القادمة إلى المنطقة
الجمل: أوردت الصحف الإسرائيلية وصحيفة لوس أنجلس الأمريكية أخبار زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى إسرائيل، واللافت للنظر أن الموقع الإلكتروني الخاص بالبيت الأبيض لم يشر إلى هذه الزيارة بشكل واضح وذلك على غير العادة المتبعة بالنسبة لزيارات وجولات الرئيس الأمريكي ومسؤولي البيت الأبيض إلى الدول الأخرى.
* نطاق زيارة بوش:
أشارت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية إلى أن الرئيس بوش سوف يذهب إلى الشرق الأوسط في مطلع كانون الثاني القادم، وسوف يقوم بزيارة لإسرائيل، كما أفادت الصحيفة بأن غوردون جوندوري المتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في البيت الأبيض قد أكد زيارة بوش إلى إسرائيل ولكنه رفض (أو بالأحرى امتنع) عن الإشارة إلى البلدان الأخرى التي سوف يزورها الرئيس الأمريكي خلال جولته.
نفس الشيء أوردته صحيفة لوس أنجلس تايمز الأمريكية، والتي أفادت أيضاً بأن المسؤولين في البيت الأبيض امتنعوا عن الإشارة إلى البلدان الأخرى التي تشملها زيارة بوش إلى المنطقة.
أما موقع ديكة الإلكتروني الإسرائيلي فقد أفاد بوضوح إلى أن "مصادر" ديكة كشفت تسريبات تقول بأن زيارة الرئيس الأمريكي لإسرائيل سوف تكون مجرد خطوة في جولة من عدة خطوات تشمل مصر والمغرب والعربية السعودية ورام الله (الأراضي الفلسطينية) ولبنان.
* أهداف الزيارة:
تعتبر هذه الزيارة الأولى للرئيس بوش خلال فترة توليه الرئاسة، وكانت آخر زيارة له لإسرائيل عندما كان حاكماً لولاية تكساس الأمريكية. ويمكن القول بأن التكهنات حول أهداف زيارة بوش لإسرائيل والدول الأخرى تسعى لتحقيق عدة أهداف جميعها غير معلنة وذلك لأن البيت الأبيض مازال يرفض تقديم أي معلومات أو توضيحات حول طبيعة الغايات التي يهدف الرئيس بوش لتحقيقها، ولكن على خلفية المشهد الشرق أوسطي يمكن التكهن بأن زيارة بوش لكل دولة على حدا يهدف إلى:
• إسرائيل: تشير المعلومات الواردة في الصحف الإسرائيلية إلى أن محور تل أبيب – واشنطن أصبحت تفصل بين أطرافه فجوة أو بالأحرى "صدع" بسبب الخلافات إزاء الملفات الشرق أوسطية وأداء السياسة الخارجية الأمريكية الذي بدا مخيباً لآمال الزعماء الإسرائيليين وبالذات:
* إزاء سوريا: التي فشلت تماماً عملية عزلها عن ملف الرئاسة اللبنانية والمشاركة في مؤتمر سلام أنابوليس.
* إزاء إيران التي أدى ظهور تقرير المخابرات الأمريكية الأخير إلى إضعاف خيار الضربة العسكرية التي كان الإسرائيليون يبذلون الجهد الحثيث من أجل القيام بها بواسطة الأمريكيين أو بمشاركة الأمريكيين خلال الفترة القريبة القادمة.
* إزاء العراق التي لم تستطع الإدارة الأمريكية حتى الآن تنفيذ مشروعات تمديد أنابيب النفط العراقي عبر الأردن ليتم التصدير من إسرائيل.
* إزاء تركيا حيث تدهورت السيطرة الأمريكية عليها وأدى صعود حزب العدالة والتنمية إلى جعل العلاقات الإسرائيلية – التركية تدخل في "النفق المظلم" ولم يعد الأمر يتعلق ببدء العد التنازلي لعلاقات محور أنقرة – تل أبيب، وإنما تعدى ذلك إلى مرحلة بدء انتعاش العلاقات العربية – التركية والتأييد التركي الواضح والصريح للحقوق العربية المشروعة.
يقول موقع ديكة الإلكتروني بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أصبح قابعاً في الظلام وغير قادر على أن يسيطر على حالة التدهور الحاد في علاقات إسرائيل مع حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة الأمريكية، ويعاني أولمرت حالياً من "آلام المخاض" على أمل أن يأتي الفرج على يدي الرئيس بوش القادم إلى تل أبيب في الفترة من 9 إلى 11 كانون الثاني 2008م.
• مصر: توجد خلافات بين مصر وإسرائيل حول قطاع غزة، فإسرائيل تطالب مصر بالآتي:
* إغلاق الحدود المصرية مع قطاع غزة.
* القضاء على عمليات التهريب بين قطاع غزة والأراضي المصرية.
* إخلاء سيناء المصرية من سكانها العرب والبدو.
وقد وافقت السلطات المصرية على العمل من أجل إغلاق الحدود والقضاء على عمليات التهريب، أما المطلب الثالث المتعلق بإفراغ سيناء من سكانها المصريين وترحيلهم إلى داخل مصر فقد رفضته الحكومة المصرية رفضاً باتاً، كذلك فقد اشترط المصريون السماح لهم بزيادة عدد القوات المصرية الموجودة في شبه جزيرة سيناء للقيام بعمليات المكافحة، لكن الإسرائيليين رفضوا ذلك باعتباره يشكل خرقاً لاتفاقيات كامب ديفيد. بالمقابل نجحت إسرائيل وجماعات اللوبي الإسرائيلي في دفع الحكومة الأمريكية إلى إيقاف معوناتها إلى مصر، وبالفعل تم احتجاز ما يقارب نصف مليار دولار (500 مليون دولار) كانت الحكومة الأمريكية تنوي تقديمها للنظام المصري خلال الشهرين الماضيين، واشترطت الحكومة الأمريكية لتقوم بتقديم المعونة قيام مصر بالتعاون مع إسرائيل في "مكافحة الإرهاب". تقول التكهنات بأن الرئيس بوش سوف يناقش مع الرئيس المصري حسني مبارك ضرورة أن تقوم مصر بمساعدة إسرائيل في صراعها مع حركة حماس والحركات الإرهابية الأخرى، وذلك عملاً بمحتوى اتفاقيات كامب ديفيد، إضافة إلى أن الرئيس بوش سيحاول دفع النظام المصري في اتجاه تقديم الدعم والمساندة للموقف الإسرائيلي إزاء محادثات سلام أنابوليس.
• المغرب: تقول المعلومات بأن المغرب سوف يكون "المقر" للقيادة الأمريكية الإفريقية وذلك بعد أن رفضت دول إفريقيا جنوب الصحراء استقبالها فيما عرضت دولتان عربيتان استضافة القوات هما المغرب وجيبوتي، ومن المتوقع أن تركز محادثات بوش مع العاهل المغربي على "الثمن" الذي يتوجب تقديمه للمغرب حيث تشير المعلومات إلى أن الملك المغربي يريد أن يضع على تاجه الملكي "كامل الصحراء الغربية" إضافة إلى المساعدات الأخرى. كذلك سيحاول الرئيس بوش إثناء العاهل المغربي عن المطالبة بالأراضي المغربية التي تحتلها إسبانيا (مدينتا سبتة ومليلة وجزيرة ليلى وبعض الجزر الأخرى الإستراتيجية المطلة على مضيق جبل طارق التي ما تزال تحت الاحتلال البريطاني)، كما تحاول الإدارة الأمريكية بذل أقصى جهد ممكن من أجل:
* منع السلطات الإسبانية من المطالبة باسترداد جبل طارق من الاحتلال البريطاني.
* منع السلطات المغربية من المطالبة باسترداد الأراضي المغربية من الاحتلال الإسباني.
• لبنان: تقول المعلومات التي أوردها موقع ديكة الإلكتروني الإسرائيلي إلى أن زيارة بوش إلى العاصمة اللبنانية بيروت سوف تكون في الوقت الذي تتمّ فيه عملية تنصيب العماد ميشيل سليمان رئيساً للجمهورية.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن زيارة بوش إلى لبنان لن تكون بمعزل عن التوجهات الأمريكية – الإسرائيلية الجارية في المنطقة، وعلى الأغلب أن يتشاور الرئيس بوش –كعادة المسؤولين الأمريكيين- مع الإسرائيليين حول مضمون ومحتوى محادثاته ولقاءاته مع الرئيس المصري واللبناني.
عموماً، بالنسبة لزيارة بوش إلى لبنان، يمكن القول بأن من الصعب معرفة ردود فعل الرئيس اللبناني القادم، ولكن من المحتمل -وربما على الأغلب- أن يستعرض الرئيس بوش ملف العلاقات اللبنانية – الأمريكية وعلى وجه الخصوص "أجندة" ما بعد اغتيال الحريري، وأن يحاول بوش إضافة لذلك الاستمرار في عملية "ترغيب" القيادة اللبنانية عن طريق الوعود بالمزيد من المساعدات العسكرية و"مؤتمرات باريس للمانحين"، كذلك، وعلى خلفية نفي حلف الأطلنطي رسمياً أنه سيقيم قاعدة عسكرية تابعة له في منطقة القليعات الواقعة شمال لبنان، فمن الممكن أن يحاول الرئيس بوش فتح ملف إقامة هذه القاعدة على أساس اعتبارات أن تكون قاعدة أمريكية، وربما يتطرق بوش أيضاً إلى استطلاع وجهات نظر اللبنانيين حول "اتفاقية السلام الإسرائيلية - اللبنانية" وتنفيذ القرارات الدولية.. وغير ذلك.
أما عن ردود الفعل اللبنانية فمن المعروف أن قوى 14 آذار سوف توافق بالإجماع على توجهات بوش بل وربما يكون زعماؤها قد شاركوا في ترتيب جدول أعمال زيارة بوش مع اليهودي الأمريكي ديفيد وولش وإيليوت إبراهام نائب مستشار الأمن القومي، وبالمقابل فإن قوى 8 آذار سوف تكون معارضة لهذه التوجهات ولكن بالنسبة للرئيس اللبناني المحتمل العماد سليمان، فمن الصعب القيام بأي عملية تحديد مسبق لنواياه وتوجهاته إزاء أجندة العلاقات الأمريكية – اللبنانية وإزاء الخلافات اللبنانية – اللبنانية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد