الحرب السعودية على سوريا قبل الثورة السلفية
بدا في شهري آب ـ أيلول سنة 2006 أن صانعي السياسة الخارجية السعودية قد حسموا أمرهم لجهة الانضواء في معسكر الاعتدال الذي أعلنت عنه وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس في جدة.
وكان دور السعودية في المعسكر الجديد موجّهاً بصورة كاملة الى سوريا، عن طريق تبني خطة أميركية شاملة لإنقاذها من تداعيات المتغيّر العراقي بعد نيسان 2003، وطرح مبادرة سلام بالشروط الاسرائيلية ـ الأميركية، وإعلان الحرب على خصوم أميركا في المنطقة (وخصوصاً ايران وسوريا)، لا لشيء سوى لاعتقاد الحكومة السعودية بأن ذلك سينجيها من تداعيات مستقبلية على نظامها السياسي، خصوصاً مع التلويح المتكرر للادارة الأميركية بتغيير خريطة الشرق الاوسط. فوجدت السعودية نفسها منساقة للدخول في عين العاصفة «الرايسية» من أجل تأمين مكانها بعيداً عن تلك الخريطة، وحتى لا يطالها سيف التقسيم الأميركي.
في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2006، نشرت مجلة «الحجاز» مقالاً تحت عنوان «السعودية تتبنى بشكل صريح مشروع إسقاط النظام السوري»، تناول طبيعة التحرّكات السعودية المريبة إزاء الحكومة السورية والتي بدأت بدعوة نائب الرئيس السوري السابق المنشق عبد الحليم خدام لزيارة الرياض، حيث التقى الملك عبد الله وولي العهد الأمير سلطان، وجمع اللقاء رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ونائب الرئيس الأسبق، مع خدّام في الرياض لوضع خطة إطاحة نظام بشار الأسد. وهذه الأنباء، حسب «الحجاز»، «جاءت في سياق أنباء أخرى حول دعوة الولايات المتحدة لرفعت الاسد من أجل مناقشة مستقبل سورية ومصير نظام الحكم فيها!». ولفت المقال الى معطيات عدة تشي بتورّط القيادة السعودية في مشروع تغيير النظام في سوريا، «وهو مشروع تشارك فيه أطراف عدة لبنانية وأميركية وأوروبية».
وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه نشرت «الحجاز» مقالاً تحت عنوان «مستقبل العلاقات السعودية السورية: من التحالف إلى القطيعة»، تمّ تسليط الضوء فيه على مآخذ سوريا على السعوديين وكان من بينها «أن السعودية تحرّكت في الآونة الأخيرة للعب دور في إسقاط نظام الحكم السوري من خلال احتضان المعارضة السورية في أوروبا (الإخوان وعبدالحليم خدام) إضافة الى تأجيج الحملة العدائية ضدها من خلال أتباعها في لبنان. فضلاً عن أن السعودية ومن خلال علاقاتها المتميزة مع أميركا طرحت ـ عبر الأمير بندر ـ مشروع إسقاط النظام السوري والمساهمة فيه، حتى قبل أن تتوتر العلاقات السعودية السورية، بل بمجرد سقوط نظام الحكم البعثي في العراق».
وفي الخامس عشر من مايو/ أيار 2007، كشفت «الحجاز» عن نبأ الانقلاب العسكري في سوريا بتمويل سعودي، والذي تمّ إجهاضه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2006. وجاء في النبأ أنّ المخابرات الإسرائيلية كانت على علم به من خلال رئيس الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز، الأمر الذي زاد من وتيرة التوتر في العلاقات السعودية السورية.
وفي 28 مايو/ أيار 2007، نشرت جريدة «الأخبار» في صفحتها الأولى الرواية السورية عن حقيقة التآمر السعودي على الدولة السورية. وكتبت الصحيفة: «كشف مصدر دبلوماسي عربي بارز في المنامة لـ«الأخبار» أنّ الرئيس السوري بشار الأسد اتهم قيادة المملكة العربية السعودية بالتآمر على سوريا، وبالعمل لقلب نظام الحكم فيها». وأبلغ الأسد، بصفته رئيساً للقمة العربية، الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى رفضه تحويل المشكلة السعودية ـ الإيرانية إلى مشكلة عربية ـ إيرانية، داعياً إلى البدء بجهود خاصة لتعميم نموذج اتفاق الدوحة اللبناني والانتقال مباشرة إلى البحث في المصالحة الوطنية الفلسطينية.
كذلك شرح الأسد لموسى وبإسهاب تفاصيل ما تقوم به القيادات الرئيسية في المملكة السعودية ضد سوريا الدولة، وضد النظام فيها، عارضاً أمامه الوقائع عن مواقف واتصالات أجراها الملك عبد الله ووزير خارجيته سعود الفيصل ورئيس الاستخبارات مقرن ومسؤول الأمن القومي بندر بن سلطان، من أجل جر «الأجنبي الغربي» إلى غزو سوريا وضرب النظام فيها، أو التحضير لأعمال تهدد النظام العام وتهدف إلى قلب النظام في سوريا.
كل ما سبق يندرج في سياق المعلومات الخاصة، ولكن لم يمضِ زمن طويل حتى بدأت تتكشّف الحقائق الميدانية لتؤكّد مخطط سعودي ـ أميركي ـ إسرائيلي لناحية إشعال حرب في سورية بالتعاون مع جماعات مسلّحة مرتبطة بالقاعدة.
وفي 27 أيلول 2008 وقع انفجار ضخم بالقرب من مبنى الاستخبارات العسكرية الواقع في حي القزاز على طريق عام بين مطار دمشق ومنطقة السيدة زينب وأوقع الانفجار 17 قتيلاً وعشرات الجرحى كلهم مدنيون، فيما تداولت تقارير إعلامية لبنانية وسعودية بأن المستهدف كان مسؤولاً كبيراً في جهاز الاستخبارات.
صحيفة «ذي أبزورفر» البريطانية نقلت في عددها الصادر في 30 أيلول من العام نفسه معلومات تفيد بأن انفجار دمشق نفّذه جهاديون بعضهم يقيم في طرابلس شمال لبنان. وقالت الصحيفة بأن الخلفية الحقيقية لنشر القوات السورية على الحدود اللبنانية ليست محاربة أعمال التهريب وانما ضرب المسلّحين السلفيين الذين يتسللون الى الأراضي السورية ويشنون هجمات في داخلها.
توصّل المسؤولون السوريون حينذاك إلى نتيجة أن ثمة من يريد زعزعة الاستقرار في سوريا، وإن ضرب الأجهزة الأمنية هو لتقويض العصب الرئيس في الدولة السورية. مصدر أمني سوري ذكر في تصريح لصحيفة «الوطن» السورية في 30 أيلول 2008 أنّ جميع أفراد المجموعة المخططة لهجوم دمشق هم من «جنسيات عربية وليس بينهم أي سوري». وقال المصدر «بأن التحقيقات أظهرت أن ثمة خلية تعمل لزعزعة الأمن والاستقرار في سوريا بتوجيهات من الجهات المموّلة لها».
وكانت الصحيفة نفسها نقلت في 29 أيلول عن مصادر في بيروت لم تسمّها ترجيحها أن يكون منفذو عملية القزاز الارهابية من السلفيين الذين يدعمهم الأمير بندر بن سلطان في محاولة لزعزعة الامن والاستقرار في الداخل السوري بعد فشل خطط عزل سوريا عربياً ودولياً.
سلسلة الحوادث الأمنية التي شهدتها سوريا منذ اغتيال القائد العسكري في حزب الله عماد مغنية في 14 شباط 2008، واضطرابات سجن صيدنايا في شمال دمشق في تموز 2008، وصولاً إلى اغتيال المسؤول الأمني العميد محمد سلمان في آب من العام نفسه، تأتي في سياق خلق بيئة مضطربة في سوريا وخلخلة الثقة بالنظام وتعميم انطباع بأن سوريا مرشحة لأن تكون عراقاً آخر.
صحف اسرائيلية وسعودية مثل «يديعوت أحرونوت» و«الشرق الأوسط» وتلفزيون «العربية» بثت إشاعات عن اضطراب الوضع الأمني في سوريا، وأن قرارات أصدرها حزب الله وايران بمنع سفر مسؤوليهم الى سوريا لأسباب أمنية والايحاء بأن سوريا لم تعد مكاناً آمناً وأنها مخترقة.
السلطات السورية سارعت الى نشر نتائج التحقيقات، وبحسب وكالة الأنباء السورية «سانا» فإن نتائج فحص الحمض النووي لبقايا جثة الانتحاري وكذلك التحقيقات مع الموقوفين في قضية السيارة المفخّخة كشفت ارتباط الانتحاري بتنظيم تكفيري جرى توقيف بعض أفراده سابقاً فيما تتم ملاحقة عناصر أخرى.
صحيفة «لوس أنجلس تايمز» بدت أكثر وضوحاً بأن متطرفي الشمال اللبناني حصلوا على أموال سعودية لتعزيز تسلّحهم مقابل حزب الله. وقالت الصحيفة في سياق تغطيتها لحادثة تفجير دمشق أن الحركة الأصولية في طرابلس استفادت من دعم «تيار المستقبل» والمملكة السعودية بهدف تقوية تمويلها وتسليحها في مواجهة تنامي قوة وتسليح حزب الله مشيرة في هذا السياق الى الحشد العسكري السوري قرب الحدود الشمالية للبنان.
ونقلت وكالة الانباء الألمانية تحذير مسؤول لبناني من أن التطرف في الشمال قد يشكل خطراً على المنطقة كلها، وأن أوروبا قد لا تنجو من هذا الخطر. ونقلت الوكالة عن مراسلها في بيروت معلومات عن وجود رابط بين تفجير دمشق والوجود السلفي الكثيف على الحدود الشمالية اللبنانية مع سورية.
تجاهلت السعودية انفجار دمشق في 27 إيلول 2008، ولم يصدر أي بيان إدانة ما أثار غضب السوريين. صحيفة «الوطن» السورية ذكرت في 28 أيلول ما نصّه: «رغم فداحة الجريمة، يبدو أنها لم تكن كافية لإقناع الرياض حتى لإعلان موقف تعاطفي مع دمشق».
وفي 4 تشرين أول من العام نفسه انتقد مصدر سوري رفيع المستوى عدم إدانة السعودية لحادث التفجير وعدّ ذلك «جزءاً من موقف سعودي عام هدفه الاساءة لسورية أمنياً بعدما فشلت الرياض في الاساءة اليها سياسياً». وقال عضو حزب البعث، عمران الزعبي (وزير الاعلام حالياً) لـ«قدس برس» إن «المشروع الأميركي في المنطقة كان يسير على ساقين الأولى اسرائيلية والثانية سعودية، وقد شّلت الساق الاسرائيلية في حرب يوليو/ تموز 2006 بينما شلّت الساق الثانية في اتفاق الدوحة بين الفرقاء اللبنانيين».
بيانات الادانة صدرت في أوروبا وأميركا فضلاً عن العالم العربي وكان لافتاً صمت آل سعود، كما لم تفعل قبل ذلك حين غارت طائرات إسرائيلية على مواقع سورية بحجة أنه مصنع نووي قيد الانشاء.
لأول مرة تظهر فيه السعودية تشفياً، وبات «لا هم لها اليوم كما في السنوات الأربع الماضية إلا التخطيط لتخريب سوريا وهدم استقرارها فوق رؤوس المدنيين من شعبها»، بحسب صحافي سوري.
يضاف الى تلك المعطيات ما ورد في أدبيات بعض الجماعات ذات الصلة بتنظيم القاعدة والمقرّبة من أمراء آل سعود، لا سيما الأمير بندر بن سلطان، من مثل ما جاء في البيانات الاولى لتنظيم كتائب عبد الله عزّام المعنونة «ولتستبين سبيل المجرمين» التي كان يكرتبها مؤسس التنظيم السعودي صالح بن عبد الله القرعاوي والذي بشّر فيها بوقوع مواجهة كبرى على أرض الشام. ما يلفت في البيان الأول الذي كتبه القرعاوي بنفسه والصادر في 13 تشرين الأول 2010 أنّ ثمة نبوءة ذات طبيعة إيحائية بأن مواجهة حتمية بين «السنّة والشيعة» «وإننا في كتائب عبد الله عزام نتوقع أن المعركة قادمة لا محالة...»، حيث يرسم البيان صورة طائفية للمعركة، تكون فيها إيران وسوريا وحزب الله طرفاً في مقابل «أهل السنة». وفي البيان رقم 5 بعنوان «سوريّة الأبية» بتاريخ 5 نيسان 2011، وصف القرعاوي سورية بأنها «أرض جهاد ورباط، وأرض معارك وملاحم...».
إن التحركات لزعزعة الاستقرار في سوريا وتقويض أركانها بدأت منذ سنوات طويلة، وفي واحدة من تلك التحركات ما جاء في مذكرة سرية رفعت للرئيس بيل كلينتون في يناير/ كانون الثاني 1992، حيث جاء بأن السعودية كانت تخطّط مع الاسرائيليين لاختراق الجيش السوري والقيام بانقلاب عسكري يطيح النظام، وقد حذّرت الادارة الاميركية حينذاك من مغامرة من هذا القبيل خشية انتقام النظام السوري بعد إفشال المخطط.
بعد مرور أكثر من عقدين، تكشف وثائق «ويكيليكس» عن ذات القلق لدى النظام السعودي برغم سعيه الحثيث لزعزعة سورية. ثمة برقية سعودية على مستوى عال تعرض الاستراتيجية السعودية في العلاقة مع سوريا. وتقول الفقرة النهائية بأن نظام الأسد لن يسامح مطلقاً السعودية لما فعلته في سوريا. ولكن نظام الأسد «وحشي وعدائي» سوف يبحث دائماً عن انتقام. وكنتيجة، فإن ذلك تهديد للأمن القومي للسعودية.
وتتحدث برقية من وزارة الخارجية السعودية حول اتفاقية سريّة (في 2012) بين السعودية وقطر وتركيا ذات صلة بالتدخل لإطاحة الحكومة السورية. وفي برقية أميركية من وليام روبوك، السفير الأميركي في سوريا، يضع مجموعة من المقترحات لتدمير حكومة الأسد. وتشمل محاولة جعلها تشعر بالذعر بحيث تقوم برد فعل مبالغ فيه بحيث تعتقد بأن قواتها العسكرية منخرطة في انقلاب عسكري ضده، ومحاولة جعل السوريين السنّة يشعرون بالهلع من ايران والشيعة المدعومين من ايران الذي يريدون تحويل السنة، وأنها، أي الولايات المتحدة، كانت ستسعى للعمل مع السعودية ومصر لزيادة تلك الانقسامات المذهبية.
وجاء في البرقية المسرّبة من برقيات وزارة الخارجية السعودية:
«إما فيما يتعلق بالأزمة السورية فالمملكة حسمت موقفها ولم يعد هناك مجال للتراجع، ولا بد من التأكيد على حقيقة أن النظام السوري في حال قدرته على تجاوز أزمته الراهنة بأي شكل من الأشكال فإن الهدف الأول الذي سوف يسعى إليه هو الانتقام من الدول التي وقفت ضده وتأتي المملكة وبعض دول الخليج على رأس القائمة وإذا أخذنا بالاعتبار مدى وحشية هذا النظام وشراسته وعدم تردّده اللجوء الى أي وسيلة لتحقيق أهدافه فإن الوضع سيصبح على درجة عالية من الخطورة بالنسبة للمملكة التي لا بد لها من السعي بكل السبل المتاحة والوسائل الممكنة الى الإطاحة بالنظام الراهن في سوريا».
سوف تبقى سردية المؤامرة السعودية على سوريا ناقصة ما لم تستكمل بشهادة من معسكر الحرب الغربي. وهنا نحن أمام شهادة خطيرة جداً من وزير الخارجية الفرنسي الأسبق رولاند دوما في برنامج على شبكة «إل سي بي» الفرنسية في حزيران 2013
ليؤكد كل ما سبق من معطيات حول المخطط السعودي المدعوم أميركياً وأوروبياً بالحرب على سورية.
شهادة رولاند دوماً جريئة، بل فاضحة، وبشكل واضح يكشف ستر الضالعين جميعاً في الحرب على سورية، أي قبل سنتين من اندلاع الثورة/ الحرب/ الأزمة فيها وعليها. لم يرد أي من العرب والأجانب المنخرطين في مشروع الحرب على سوريا على دوما، وكأن افتضاحهم لا يحتاج الى إلفات نظر.
يقول دوما ما نصّه: «بالنسبة الى سوريا، فإن العملية معقدة جداً، فالعالم كله يحارب سوريا. قبل سنتين كنت في بريطانيا في مهمة أخرى، ليس لها علاقة بسوريا، والتقيت بمسؤولين بريطانيين، بعضهم أصدقائي، قاموا بتهيئتي ثم قالوا لي بأن شيئاً ما سيحدث في سوريا، لقد كان هذا في بريطانيا وليس أميركا! بريطانيا كانت تحضّر لاقتحام سوريا، وسألوني عمّا إذا كنت كوزير خارجية سأشارك في العملية، فأجبتهم بأني فرنسي وليس لي مصلحة في الأمر…». ويستطرد الوزير الفرنسي: «أقول كل هذا لكم، لأشير لكم بأن هذه العملية تمّ التخطيط لها منذ زمن بعيد بهدف تدمير سوريا». هنا يقاطع مقدم البرنامج الوزير ويسأل: «عفواً... ولكن لأي غرض يدمروا بلداً؟ فيجيب الوزير على الفور: «لأنها معارضة لإسرائيل»، يقصد سوريا، ثم يشرح ذلك: «من المهم أن نعرف أن أي بلد معارض لدولة إسرائيل فإن كل شيء سيكون ضده من كل الجهات...». ويستدل دوما: «لقد قالها لي حينذاك رئيس الحكومة الإسرائيلية: سنتكفل بالدول المجاورة... والتي لا نقدر عليها سنحاربهم... هذه هي السياسة الآن»، يقول دوما، ثم يسأل: «لكن لماذا نتكلم بعد كل ما حصل؟ كان يجب أن نكون على علم بذلك».
قد يكون الأمر مستغرباً حين خرجت التظاهرات في شوارع درعا، إذ لا يمكن تصوّر أن يكون أطفال درعا جزءاً من مؤامرة دولية على سورية... ولكن شأن كثير من الحوادث التي تبدأ صغيرة وتكبر ثم ما تلبث الانجراف نحو مسارات لا يمكن التعاطي معها ببراءة.
أولئك الذين أدخلوا السلاح، وحفروا الأنفاق، وفجّروا محوّلات الكهرباء ودمّروا المنشآت الحيوية، وخرّبوا المؤسسات العامة لم يكونوا يفعلوا ذلك بوازع ثوري، أو مجرد الضغط على النظام لإرغامه على التنازل، وعلى الرئيس بالتنحي...
وجود جماعات مسلّحة من ثمانين دولة ليس محض ثورة ولا محض صدفة، وليس الغطاء المتعدد الاقليمي والدولي كان تطوّراً لاحقاً فرضته ظروف الثورة وانزلاق طرفي السلطة والمعارضة نحو العنف... هل حقاً كان ذلك؟ ولكن ماذا نعمل مع المعطيات التي بين أيدينا وهي قليلة جداً ولكنها تتحدث عن استدراج عن سابق تصميم نحو تفكيك سوريا. فالحرب على سوريا فعل مؤامرة، وأما الثورة فقد صادرها لوردات الحروب والمتآمرون على سوريا الشعب والدولة والحضارة والتاريخ والأرض.
محمد قستي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد