الدراما العربية: منافسة أم وحدة المسار والمصير؟
ثمة أمور يقف المتلقّي حائراً أمامها عندما يشاهد ما تقدّمه الدراما العربية هذا العام. نتاجات الأعوام السابقة تُظهر أنّ الدراما السورية باتت تنافس نظيرتها المصرية، بل تتفوق عليها أحياناً. كذلك، غزت هذه الدراما معظم الفضائيات العربية، واستطاعت في السابق أن تصمد بوجه المقاطعات السياسية لأصحاب أهم المحطات العربية، والمرتبطة بمواقف حكومات بلادهم. لكن مهلاً، الدراما المصرية ما زالت تملك خيارات لإعادة الألق إلى بريقها المفقود. وربما كان أحد هذه الخيارات هو الاستعانة بالدراما السورية بعينها من خلال أبرز نجومها ممثلين ومخرجين وكتّاب. فيما لن تقف الدراما الخليجية مكتوفة الأيدي مكتفيةً بدور المنتج. هي تملك خطة بدأ منتجوها العمل عليها منذ زمن، ولن توفّر أي فرصة للعمل إلى جانب السوريين، ممثلين ومخرجين بغية الاستفادة من تجاربهم... وسط هذا، تراوح الدراما اللبنانية مكانها، ما دفع نجومها إلى خوض غمار أهم الإنتاجات العربية، سورية كانت أو مصرية أو حتى خليجية. وضمن هذه المعطيات، يُفترض أن تحتدم المنافسة بين الدراما المصرية العائدة بعشرات الأعمال، والسورية التي تراهن على الجودة، والخليجية الصاعدة بقوة، وخصوصاً في ما يخص ضخامة الإنتاج والعمل على الكوميديا الساخرة من تقاليد المجتمع الخليجي. لكن بعد رصد ما يمكن رصده من المسلسلات العربية عقب انتهاء الأسبوع الأول من السباق الرمضاني، يجد المشاهد نفسه أمام مجموعة أعمال تنأى بنفسها عن روح المنافسة. إذ يبدو أن القائمين على الدراما العربية استطاعوا ـــــ في هذا الموسم على الأقل ـــــ أن يحققوا ما عجز عن تحقيقه سياسيو الوطن العربي عبر تاريخ طويل. صنّاع دراما رمضان 2009 يلوّحون ببوادر وحدة درامية عربية واضحة المعالم. هكذا، غلبت على الكثير من المسلسلات روح العمل العربي المشترك بين العديد من البلدان، بدءاً من الإنتاج الضخم مثل «صدق وعده» الذي جسّد بطولته فنانون سوريون ومصريون ومغربيون ولبنانيون، مروراًً بـ «هدوء نسبي» للكاتب السوري خالد خليفة والمخرج التونسي شوقي الماجري بمشاركة فنانين سوريين ومصريين وفلسطينيين وعراقيين. كذلك، هناك مسلسل «آخر أيام الحب» الذي يخرجه السوري وائل رمضان، ويؤدّي دور البطولة فيه سوريون ومصريون. بينما اختار «رجال الحسم» لنجدت أنزور المغنية اللبنانية مايا نصري، إلى جانب السوري باسل خياط والأردني ياسر المصري، ليكون الإنتاج شراكةً بين تلفزيون «أبو ظبي» وشركة «الهاني» السورية. وعن حال العراق، يحكي مسلسل «الحب والسلام» وهو من إنتاج مشترك بين قناة «السومرية» العراقية، والمنتج اللبناني صادق الصباح (Cedars Art Production) ويجسد شخصياته سوريون وعراقيون. فيما كانت المشاركات السورية في الدراما المصرية على سبيل المثال لا الحصر للنجم جمال سليمان في «أفراح إبليس»، والنجم باسم ياخور في «حرب الجواسيس»، والفنانة قمر خلف في «زهرة برية». كذلك، عمل السوري رضوان شاهين مخرجاً لـ «علشان ما ليش غيرك»، ورشا شربتجي لـ «ابن الأرندلي». وكالعادة، شارك السوريون في الدراما الخليجية عبر أكثر أعمال الخليج حضوراً على الساحة العربية وهو «طاش ما طاش16» مع المخرج هشام شربتجي. وكان لرشيد عساف ورنا أبيض وجيانا عيد أدوار البطولة في العمل
البدوي الأردني «قبائل الشرق»، فيما أدّت الممثلة الأردنية السورية صفاء سلطان بطولة مسلسل «أنا قلبي دليلي». ولم يقف النجوم اللبنانيون القديرون أمثال كارمن لبّس وعمار شلق وبيار داغر ومجدي مشموشي عند ما حقّقوه في الدراما اللبنانية. ها هم يتركون بصماتهم في الدراما العربية المشتركة. كذلك، فالمسلسل السوري «الدوّامة» يحظى بمشاركة ممثلين شباب لبنانيين أمثال دارين حمزة ويوسف الخال... وصولاً إلى الإنتاج الأردني التاريخي «بلقيس» الذي قاده المخرج السوري باسل الخطيب مع سوريين وأردنيين ومغاربة. ولن يقف الأمر عند هذا الحد، بل استعانت بعض المسلسلات السورية والمصرية بنجوم الغناء العربي، ليؤدي معين شريف أغنية تتر المسلسل السوري «قاع المدينة»، فيما تؤدي نانسي عجرم تتر «ابن الأرندلي»، وعاصي الحلاني «بيت جدي»....
لكن رغم العمل المشترك على المسلسلات العربية، فإن نكهتها السورية هي الطاغية، باستثناء المصرية التي استعانت بمخرج سوري أو بممثل سوري واحد كـ«حرب الجواسيس» و«أفراح إبليس»... إذاً، يبدو أنّ السورييّن تنبّهوا إلى المشاكل التي تعرقل مسيرة الدراما في بلادهم، بما في ذلك غياب المنتج الحقيقي، فلم يستعينوا هذا العام بمصر فحسب، بل بالوطن العربي كله، وخصوصاً المنتج الخليجي. مهما تكن أسباب هذه الظاهرة، فإذا ثبتت واستمرّت في الأعوام المقبلة، فذلك يمثّل خطوة تستحق رفع القبعات.
- بعد رمضان، سيظهر وجهان للتعاون السوري الخليجي. إذ يعرض مسلسل «مرسوم عائلي» بطولة أيمن زيدان وسلمى المصري على «تلفزيون دبي» الذي أدّى دور المنتج للعمل الذي كانت شركة آكشن (أيمن زيدان) منتجاً منفذاً له. وقد تأجل عرض المسلسل لحرص دبي على الكوميديا الخليجية، التي تعرضها على شاشتها في رمضان. بينما سلّم المنتج السوري «سورية الدولية» رايته البيضاء لتلفزيون «قطر» بعدما ظلت هذه الشركة طوال السنوات الماضية تنفذ خططها بعيداً عن مخططات الممول الخليجي. وقد بدأت الشركة تصوير مسلسلها التاريخي «القعقاع» الذي تنفّذه لمصلحة تلفزيون «قطر»، في عمل يجسّد شخصياته نجوم عرب
وسام كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد