الرقابة السوريّة تكرّس التشدّد الديني؟
لا يخفي المخرج سمير حسين استياءه من حذف كل من قناة «سما» وقناة «تلاقي» مشاهد كاملة من مسلسله «حائرات» (سيناريو أسامة كوكش). حذفت «سما» كلّ ما يتناقض مع «حرمة شهر رمضان» من وجهة نظرها، ومنها كل مشاهد الكازينو الخاصة بشخصية أبو صبحي (فايز قزق)، وشخصية مرام (مرح جبر). ويقول المخرج: «استغرق تصوير تلك المشاهد أربعة أيام، وتمتدّ من الحلقة الأولى إلى الحلقة 33. وصوّرت بتقنية الوثائقي، تمّ اختيار كازينو يضجّ بالرقص في عز الأزمة. وتلك أماكن موجودة لم نبتدعها، ولم نختلق زبائنها. مع العلم أنني حرصت على ألا يكون هناك مبالغة في تصوير أجواء الكازينو، آخذاً بالاعتبار أن العمل سيعرض في رمضان».
لم يأتِ اختيار فضاء الكازينو مجانياً في حائرات. إذ أنّ الشخصيات دُفعت، بحكم مجموعة من الظروف، لتختار المربع الليلي، كمكان طبيعي لحركتها. يوضح حسين في حديثه مع «السفير» أنّ «»سما» و«تلاقي» حين تقومان بحذف تلك المشاهد، فإنّهما تسيئان إلى البنية الحكائية للنص، وإلى مصير الشخصيات ومآلاتها، وإلى الشكل الإخراجي للعمل، وتطور صراع الشخصيات وإلى إيقاع العمل».
قناة «سما» حذفت أيضاً كلّ مشاهد الـ«ديسكو» وبيوت الدعارة، إضافةً إلى كلّ مشاهد شخصية نيرمين (ميرنا شلفون)، عشيقة أحمد (رشيد عساف). يعقّب صاحب «وراء الشمس» قائلاً: «تمّ تصوير تلك المشاهد من دون أيّ نوع من أنواع الإسفاف. والغريب أنني لا أصور في كابول أفغانستان، لقد صوّرت في سوريا، و«حائرات» يطرح قضايا مهمة. يجب أن لا ندفن رؤوسنا في الرمال، بل من واجبنا أن نطرح كلّ تلك القضايا من دون مواربة أو خوف».
حذفت «سما» كذلك مشهد اغتصاب راغب (مصطفى الخاني)، لنورا (جيانا عنيد)، وهو مشهد محوري في العمل. «تلاقي» من جهتها، لم تقم بحذف مشهد الاغتصاب، بل قامت «بمنتجته على هواها»! يعلّق حسين غاضباً: «تلك الطريقة في الحذف أساءت لعملي كمخرج ولعمل الممثلين والفنيين. اشتغلت ذلك المشهد وفق حلّ إخراجي لا يخدش الحياء العام، بل وفق تقطيع بصري إيحائي مازجاً إياه مع مشاهد بانورامية لدمشق ليلاً، من على جبل قاسيون، حيث نسمع صوت الإنفجارات في المدينة. وهي مشاهد حققتها للانطلاق من الخاص إلى العام، من اغتصاب نورا الفتاة المخدّرة، إلى اغتصاب مدينة بحجم دمشق». ويتابع صاحب «قاع المدينة»: «صحيح أن الحذف على قناة «تلاقي» كان أقل منه وطأةً على قناة «سما»، لكنني أسأل هنا عن معيار الرقابة على «سما»، وهي المحطة التي لم تحذف أي مشهد من مسلسل «سكر وسط» للزميل مثنى صبح له علاقة بالديسكو أو الكازينو. هل لأنّ «سكر وسط» من إنتاج المحطة، «شركة سما الفن؟» فيما «حائرات» الذي حازته «سما» مجاناً من «المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني» كعمل يطل على الأزمة، ويرفع الصوت في وجه العنف والاقتتال الأهلي، يصار إلى تشويهه بتلك الطريقة».
يوضح المخرج السوري/ الفلسطيني أنّ كلا من «سما» و«تلاقي» تعرضان النسخة ذاتها من «حائرات» التي تمّ بيعها لقنوات عربية أخرى، لم تحذف أيّ مشهد منها، كقناة «السومرية»، وقناة «الفلسطينية». ويقول حسين إنّ لديه إثباتات على الحذف، أهمّها «تقرير الرقابة السورية التي تكرّس التشدّد الديني في زمن عليها محاربته ومناهضته، لا تملّقه»، بحسب تعبير المخرج. ويختم سمير حسين: «حان الوقت لتغيير عقلية الرقابة السورية التي يتم اختيار أعضائها من الاتحاد النسائي ونقابات العمال واتحاد الفلاحين والحرفيين، ليصار إلى اختيار مختصين في هذا الشأن من خريجي النقد والصحافة والسينما».
سامر محمد اسماعيل
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد