القضاء المصري يصـدّ زحـف «الإخـوان»: لجنـة الدستور باطلة

11-04-2012

القضاء المصري يصـدّ زحـف «الإخـوان»: لجنـة الدستور باطلة

خيمت أزمة الدستور، أمس، على المشهد السياسي في مصر لتطغى على الحراك الانتخابي، بعدما قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان تشكيل اللجنة التأسيسية التي يهيمن عليها الإسلاميون، في ما شكل ضربة قوية لجماعة «الإخوان المسلمين».
وقررت محكمة القضاء الإداري في مصر «وقف قرار تشكيل اللجنة التأسيسية»، وقبول الطعن المقدم إليها، والذي اعتبر أن قيام البرلمان باختيار نصف أعضاء اللجنة من نواب مجلسي الشعب والشورى «قرار إداري خاطئ يشوبه انحراف في استخدام السلطة». حازم أبو إسماعيل محاطاً بقوات الأمن وأنصاره أمام محكمة القضاء الإداري في القاهرة أمس (أ ف ب)
واعتبرت المحكمة أن الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة حدد صلاحيات تشكيل هيئة الناخبين التي تتولى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور الجديد، وحصرها في الأعضاء غير المعينين لأول اجتماع مشترك لمجلسي الشعب والشورى، وحدد مهمتهم لاختيار الجمعية التأسيسية من مئــة عضو بطريق الانتخاب، ثم حدد أيضا عمل هذه الجمعية فى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد خلال 6 أشهر.
وأضافت ان الإعلان الدستوري لم يتضمن أي نص يجيز لأعضاء البرلمان بمجلسيه أن يشاركوا في عضوية الجمعية التأسيسية، مشيرة إلى أن البرلمان تجاوز المهمة المحددة لـــه حين حدد نسبة 50 في المئة مـــن أعــضاء الــبرلمان و50 في المئة من خــارجه في تشكيل اللجــنة الدستورية.
يذكر أن هذا الحكم قابل للاستئناف أمام المحكمة الإدارية العليا، لكنه واجب التنفيذ بمجرد صدوره، ما يعني، بحسب مصادر قانونية، تجميد عمل اللجنة التأسيسية، بانتظار أن يجتمع مجلسا الشعب والشورى لإعادة تشكيلها.
وقال رئيس مجلس الشعب ورئيس الجمعية التأسيسية للدستور سعد الكتاتني إنه يحترم قدسية الأحكام القضائية واجبة النفاذ، وإعلاء سيادة الدستور والقانون، وقرر تأجيل اجتماع الجمعية التأسيسية للدستور الذي كان من المقرر عقده اليوم.
وكان مئات الناشطين المنتمين للتيارات المدنية قد تجمعوا أمام المحكمة الإدارية في القاهرة، حيث رددوا هتافات مناهضة للمجلس العسكري و«الإخوان المسلمين»، ومن بينها «يسقط يسقط حكم المرشد»، «يلا يا شاطر قول لمرسي على جثتنا يشوف الكرسي»، و«يا مشير قول لعنان.. مش ح يحكمنا مرشد إخوان».

وفور تبلغهم بقرار المحكمة حول الناشطون وقفتهم الاحتجاجية إلى مسيرة احتفالية رددوا خلالها «حلينا التأسيسية... وكسبنا القضية»، و«لا اخوان ولا سلفية... مصر ح تفضل مدنية»، فيما أطلق العديد من المتظاهرات الزغاريد احتفاءً بالقرار القضائي.
وأشاع هذا القرار أجواء من الارتياح لدى الناشطين المنتمين للقوى المدنية. وقالت إحدى الناشطات  إن «هذا الحكم أعاد لنا الأمل بأن الثورة ما زالت في خير»، فيما قال شاب آخر كان يرفع لافتة كتب عليها «الدستور لكل المصريين» إن «قرار المحكمة ربما يكون مقدمة للجم طموحات الاخوان بأن يستأثروا بالسلطة السياسية بعد الثورة»، معرباً عن أمله في أن يكون هذا القرار «محفزاً للقوى المدنية، من اليمين إلى اليسار، كي توحد جهودها على المستوى السياسي دفاعاً عن مدنية الدولة».
في هذا الوقت، وافقت اللجنة التشريعية والدستورية في مجلس الشعب صباح أمس، على مشروع القانون الذي تقدم به النائب عن «حزب الوسط» (إسلامي معتدل) عصام سلطان بمنع رموز النظام السابق من الترشح للانتخابات الرئاسية.
وقرر مجلس الشعب عقد جلسة استثنائية بعد ظهر اليوم لمناقشة قرار اللجنة.
وكان سلطان تقدم قبل يومين بهذا الاقتراح الذي احيل على الفور على لجنة الاقتراحات والشكاوى، التي وافقت عليه صباح أمس الأول، ثم عرضت تقريرها بشأنه على الهيئة العامة لمجلس الشعب، التي وافقت عليه بسرعة قياسية في جلستها المسائية، وأحالته على اللجنة التشريعية، التي وافقت عليه هي الأخرى صباح أمس.
وأدخلت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب تعديلات جوهرية على مشروع القانون، ومن بينها أنه لا يجوز لمن عمل خلال السنوات العشر السابقة لتاريخ 11 شباط العام 2011 (تاريخ تنحي الرئيس حسني مبارك) في أي وظيفة قيادية فى مؤسسة رئاسة الجمهورية أو الحزب الوطني المنحل أن يتولى منصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس الوزراء لمدة عشر سنوات تحتسب ابتداء من التاريخ المشار إليه.
وكان الاجتماع قد شهد جدلا بين النواب حول أسباب استثناء الوزراء من نص المادة، حيث ألمح البعض إلى أن إضافة الكلمة ستعني عزل رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي باعتباره كان وزيرا للدفاع في عهد مبارك، وكذلك هي الحال بالنسبة لوزير الكهرباء حسن يونس ووزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا.
إلى ذلك، أرجأت محكمة القضاء الإداري النظر في الدعوى المقامة للفصل في قضية جنسية والدة المرشح السلفي لرئاسة الجمهورية الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل.
وقال أبو اسماعيل خلال نظر المحكمة في الدعوى المقدمة من قبله ضد وزارة الداخلية، والتي طالب فيها بإلزام الوزارة بتقديم المستندات الخاصة بحصول والدته على جواز سفر أميركي، إنه «من المسلمات القانونية أن جوازت السفر ليست دليلا على الجنسية، سواء كانت مصرية أو أميركية». وأضاف ان «المطلع على هذا الجواز يكون أمين شرطة أو ضابط استخبارات، وبالتالي لا يمكن استنتاج الجنسية بمجرد هذا الإطلاع».
وأشار أبو إسماعيل إلى أن المستندات المرسلة من وزارة الخارجية الأميركية إلى وزارة الخارجية المصرية هي «محررات غير رسمية لأن المحرر الرسمي هو طبقا للقانون كل ما يحرره موظف مصري» مشدداً على أن «وزير الداخلية مارس عربدة قانونية» ضده.
وكانت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة أعلنت يوم السبت الماضي أن والدة ابو اسماعيل تحمل الجنسية الأميركية منذ العام 2006، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية أبلغت وزارة الخارجية المصرية بذلك، ما يعني حرمان المرشح السلفي من حق الترشح للرئاسة.
واحتشد المئات من أنصار أبو اسماعيل أمام مقر المحكمة في القاهرة حيث رددوا هتافات تتهم الولايات المتحدة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بـ«التزوير» لمنع مرشحهم من خوض معركة الرئاسة، ومن بينها «يا أمريكا يا ملعونة... مش عايزين منك معونة»، و«يا مشير يا ابن مبارك... ثورة تانية في انتظارك».
وفي السياق، قررت محكمة القضاء الإداري تأجيل الدعوى القضائية المقامة من قبل النائب أبو العز الحريري («التحالف الشعبي الاشتراكي») والمطالبة باستبعاد مرشح «الإخوان» خيرت الشاطر من الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، على أن تتابع المحكمة اليوم النظر في الدعوى التي تستند إلى كون العفو عن خيرت الشاطر لا يتيح له مباشرة حقوقه السياسية إلا بعد ست سنوات من تاريخ العفو.
إلى ذلك، قال الشاطر، في مقابلة مع قناة «فرانس 4»، إن «الشعب المصري لن يسمح بإعادة إنتاج النظام السابق بأي شكل من الأشكال»، معتبرا ترشح نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان لرئاسة الجمهورية «»محاولة واضحة لإعادة إنتاج النظام السياسي السابق الذي رفضه الشعب بوضوح».
وحول قرار «الإخوان» ترشيحه للرئاسة، قال الشاطر إن «الإخوان كانوا يريدون منذ اللحظة الأولى أن يكونوا جزءا من السلطة التشريعية إذا ما اختارهم الشعب لذلك، وأن يكونوا موجودين بدرجة من الدرجات في السلطة التنفيذية حتى يتمكنوا من التعامل مع طموحات الشعب المصري.. وقد حاولوا تشكيل حكومة ائتلافية واسعة، لكن عندما منعنا من ذلك قررنا التقدم بمرشح لرئاسة الجمهورية».
ورداً على سؤال حول العلاقات بين مصر وإسرائيل قال الشاطر إن «ما يقلق إسرائيل لا ينبغي أن يكون شخص الشاطر أو غيره، وانما عملها، فإذا كان عملها يطابق الاتفاقيات الموقعة ومبادئ حقوق الإنسان والعدل فلا ينبغي لها أن تقلق». واضاف ان «مصر التزمت باتفاقية كمب ديفيد، لكن كان لها جزء آخر مكمل يتمثل فى حقوق الشعب الفلسطيني وإسرائيل لم تلتزم به، وبالتالي نحن فى مصر مع أي اتفاقية تحقق مصلحة مصر وأمنها القومي وأمن المنطقة العربية، ونعارض أي أمر يمثل خطرا أو تهديدا للأمن القومي لمصر أو مصالحها».
وتابع «إننا ملتزمون بكافة الاتفاقيات التى وقعتها مصر فى المراحل السابقة، لأنها دولة مؤسسات، ولا يعقل مع كل تغيير لنظام سياسي أن تتم إعادة النظر في الاتفاقيات».
في هذا الوقت، أكد المجلس العسكري، في بيان نشر على صفحته غير الرسمية على موقع «فيسبوك»، أن القوات المسلحة لن تدعم أيا من المرشحين المتنافسين على مقعد الرئاسة، مشدداً على أن «قوى سياسية مدعومة من وسائل الإعلام تزج باسم القوات المسلحة أو المجلس العسكري... في هذه الصراعات عبر تصريحات ملفقة منسوبة إلى أعضاء في المجلس».
وشدد المجلس العسكري على أن «الشعب يتحمل نتيجة اختياره في انتخابات مجلسي الشعب والشورى، التي أدارتها القوات المسلحة بنزاهة تامة»، لافتاً إلى أن «رئيس مصر المقبل هو من يستطيع أن يقنع الشعب بقدرته على تحمل المسؤولية وقيادة السفينة والعبور بها إلى بر الأمان».

إلى ذلك، احتل الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى المرتبة الأولى في أحدث استطلاع نشرت نتائجه صحيفة «الأهرام»، في عددها الصادر أمس الأول، بحصوله على تأييد 30 في المئة من المستطلعة آراؤهم.
أما حازم أبو اسماعيل فاحتل المرتبة الثانية بواقع 28,6 في المئة، وجاء وراءه كل من القيادي السابق في «الإخوان» عبد المنعم أبو الفتوح (8,5 في المئة)، واللواء عمر سليمان (8,2 في المئة)، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق (7,5 في المئة)، والمرشح الناصري حمدين صباحي، والمفكر الإسلامي محمد سليم العوا، بينما حل خيرت الشاطر في المرتبة الأخيرة (1,7 في المئة).
وفي حال خروج أبو اسماعيل من سباق الرئاسة، أظهر الاستطلاع أن أصوات ناخبيه ستذهب إلى ابو الفتوح (32 في المئة) وعمرو موسى (29 في المئة)، وبنسب أقل بكثير إلى بقية المرشحين.

المصدر: السفير

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...