الوضع السوري يراوح بين الانزلاقات والانتظارات

تراوح الازمة السورية منذ ايام بين الانزلاقات الداخلية الخطرة، والانتظارات الخارجية، لاسيما ان مواقف واشنطن تطرح اكثر من علامة استفهام، بدءا من كلام وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون من تركيا الذي اشارت فيه إلى صعوبة التغيير من الخارج، مرورا بعزوفها عن لقاء المعارضة السورية في اسطنبول خلافا لما كان مقررا، وليس انتهاءً بما حاولت الادارة الاميركية ترويجه حول ان كلام كلينتون جاء ارتجاليا ومن دون علم الادارة، وهذا لا يمكن ان يحصل بسهولة قياسا لمن يعرف كيفية العمل داخل اروقة الادارة.
ففي حين بدأ الوضع الامني الداخلي ينزلق إلى مخاطر غير محسوبة، بحيث شهدت مدينة "حماة" مواجهة  هي الاولى من نوعها منذ اندلاع الاحداث في سوريا منذ اربعة اشهر، بدأ النظام السوري وقواه العسكرية بفرض طوق امني حديدي حول القرى والمناطق السورية المتاخمة لحدودها مع سائر الدول على غرار البوكمال القريبة من الحدود العراقية حتى لا تتحول الاضطرابات إلى تمرد يتخذ من المناطق الحدودية قواعد تمركز وانطلاق يستفيد من دعم الدول المجاورة  سياسيا وعسكريا، بما يسمح لمثل هذه الحركات من التنامي والخروج عن السيطرة، ناهيك عن امتداد الاضطرابات إلى قرب العاصمة دمشق، بحيث يمكن تحديد اهميتها في خلال الايام والاسابيع القليلة المقبلة.
وفي موازاة الانزلاقات الداخلية، تسجل المعارضة السورية مزيدا من الاحباطات، ليس اولها مسارعة القوى الامنية والجيش السوري تحديدا إلى حصر الاضطرابات في معاقلها ومحاصرتها قبل امتدادها إلى سائر القرى والمحافظات، وبالتالي الضرب بيد من حديد على مكامن الخلل لدى المعارضة التي لم تتمكن حتى الساعة من بلورة نظرتها او حركاتها الميدانية بعد ان بدا واضحا ان الغلبة في صفوف المعارضة تعود إلى الاخوان المسلمين بمعزل عن المنسقيات والعشائر والاحزاب الكردية التي بدأت تتحرك في الداخل التركي بعيدا عن المعارضة السورية التي صدمها ايضا الموقف الاميركي الذي ينم عن عدم وجود مشروع اميركي واضح في ظل عجز المعارضة عن تسيير امورها.
في المقابل، يبرز بعض التراجع في اللهجة التركية من خلال عدة مؤشرات اولها التعاطي الرسمي مع النازحين السوريين وتصويرهم على انهم في طور العودة فور انجلاء الاوضاع، وثانيها تخفيف حدة الانتقاد التركي للنظام السوري وللرئيس بشار الاسد، بل على العكس تماما البدء بغزل مبطن من المرجح ان يتحول إلى حراك دبلوماسي منتج. اما ثالثها فانشغال الادارة التركية بمتابعة التطورات والاتصالات مع الاكراد الذين يحاولون الاستفادة من الانشغالات التركية بالوضع مع سوريا.
في المقابل، برز اليوم موقف سوري لافت يلاقي موقف وزيرة الخارجية الاميركية من حيث التخفيف من حدة الكباش القائم بين واشنطن ودمشق، وذلك من خلال اعلان سوريا انها على استعداد للاعتراف بدولة فلسطينية وفق حدود العام 1967، وهذا الموقف هو الاول من نوعه ويشكل اولى بوادر الصفقة المفترضة، التي تتلاقى في تفاصيلها مع سائر التحولات، وكل ذلك باعتبار ان عقارب الساعة الاقليمية لن تعود إلى الوراء.

أنطوان الحايك

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية