تسليح روسي غير مشروط لبغداد
أعاد رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي فتح باب التعاون العسكري مع روسيا خلال زيارته إلى موسكو، أمس، حيث خلصت لقاءاته مع كبار المسؤولين الروس وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى توقيع عقود عسكرية جديدة، في ظل تأكيد الجانب الروسي أن توريد الأسلحة الروسية إلى بغداد لن يكون مشروطا، بعكس ما تفعل دول أخرى في إشارة إلى الدول الغربية.
وفي هذه الأثناء، تعرضت القوات العراقية لانتكاسة أمنية جديدة في الرمادي بعد سيطرة تنظيم «داعش» على نقطة الحصيبة شرق المدينة، في سعي من التنظيم المتشدد للاقتراب من قاعدة الحبانية التي احتشدت فيها القوات العراقية، من أجل ربط الرمادي بمدينة الفلوجة، في ظل إعلان رئيس هيئة الأركان الأميركية مارتن ديمبسي أن القوات المنسحبة من المدينة انسحبت «طوعا» ولم يجبرها مسلحو «داعش» على الانسحاب.
ودعا العبادي من موسكو روسيا إلى لعب دور أكبر في محاربة تنظيم «داعش» خلال لقائه نظيره الروسي ديمتري مدفيديف، واعتبر أن الإرهاب «يتطور ويأخذ أشكالا جديدة، وهذا يتطلب تيقظا متزايدا من قبل روسيا ونحن نتوقع تعاونا أكبر في هذا المجال»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «انترفاكس» الروسية. وأضاف: «نحن نعلق أهمية كبرى على علاقاتنا مع روسيا ونعتبر أن لها مستقبلا وأن زيارتنا دليل على ذلك».
والتقى العبادي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أشاد بالعراق «الشريك الموثوق»، مشيرا إلى أن حجم التبادل بين البلدين «تضاعف عشر مرات» خلال عامين. من جانبه، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا مستعدة للاستجابة «لكل» طلبات التزود بالسلاح العراقية «دون شروط» مسبقة.
وقال بوتين في مستهل المحادثات مع العبادي في الكرملين: «نحن نتوسع في التعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية»، وأضاف: «علاقاتنا تتطور بنجاح كبير ... شركاتنا تعمل في بلدكم ونحن نتحدث عن استثمارات بمليارات الدولارات». بدوره، أكد العبادي أن الجانبين يركزان على تطوير العلاقات على الأصعدة كافة بما في ذلك التعاون العسكري الفني والتعاون الاقتصادي وكذلك التعاون في قطاع النفط والغاز.
وعرضت روسيا على العبادي مساعدات عسكرية ومساعدات أخرى لمساندة العراق في التصدي لتنظيم «داعش». وعن مضيه قدما في زيارة موسكو رغم تفاقم الأزمة الأمنية، قال العبادي إنه أراد أن يبرز أهمية علاقات بلاده مع روسيا، مضيفا أنه تجاهل «قوى معينة» نصحته بإلغاء الزيارة.
وقال لافروف، إن روسيا «على عكس بعض الدول الأخرى، التي هي على استعداد لتزويد العراق بالمعدات، نحن لا نربط هذا بأي شروط، وانطلاقا من هذا العراق وسوريا ومصر هي في طليعة جبهة محاربة الإرهاب، ولذا فإننا سنحاول بأقصى جهدنا تلبية كل الطلبات الممكنة، لكي نؤمن لقدراتهم الدفاعية القدرة على طرد داعش وغيرهم من الإرهابيين من أراضيهم».
وبدأت روسيا في العام 2013 بتوريد أسلحة تشمل مروحيات حربية من طراز «مي-35» و «مي-28» (صائد الليل) إلى العراق، كما تدرب عددا من الخبراء العراقيين على قيادة المروحيات في مركز الطيران الحربي الروسي في مدينة تورجوك.
إلى ذلك، وصف الرئيس الاميركي باراك أوباما سقوط الرمادي بـ «التراجع التكتيكي»، مؤكدا على أن واشنطن ليست بصدد خسارة الحرب ضد «داعش». وأعاد أوباما التأكيد على «استراتيجية» بلاده لمحاربة تنظيم «داعش» اعتماداً على العشائر العراقية، وقال: «لا شك أنه في المناطق السنية يجب أن نعزز ليس التدريب فقط، وإنما الالتزام أيضا، وأن نجعل العشائر السنية أكثر فاعلية مما هي عليه الآن».
وأثنى أوباما مجددا على العبادي مؤكداً أنه «مخلص وملتزم بدولة عراقية لا تستثني أحدا»، لافتاً إلى أنه سيواصل إعطاء الأوامر للجيش الأميركي «لإمداد قوات الأمن العراقية بكل المساعدة التي تحتاجها كي تؤمن بلدها»، كما أنه سيقدم «المساعدة الديبلوماسية والاقتصادية اللازمة لهم (العراقيين) لتحقيق الاستقرار».
وفي الشأن الميداني، نقلت وسائل إعلام تابعة للبنتاغون عن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي قوله إن القائد الميداني العراقي المسؤول عن الرمادي (دون أن يسميه) اتخذ «ما يبدو أنه قرار أحادي الجانب بالتحرك إلى ما أعتقد انه موقع أفضل من الناحية الدفاعية»، وأضاف أن القائد كان قلقا من أن يَحُول الطقس السيئ دون توفير الدعم الجوي بقيادة الولايات المتحدة، لافتا إلى أن السلطات العراقية والأميركية تجري تحقيقا لمعرفة ما حصل بالضبط في الرمادي.
وفي سياق يتصل بالعمليات العسكرية المرتقبة في الأنبار على الحدود العراقية الأردنية، أعرب الملك الأردني عبد الله الثاني عن اعتقاده بأن «الحكومة العراقية بالتعاون مع قوات التحالف الدولي ستفتح الطريق بين عمان وبغداد هذا الصيف»، إلا أن القوات العراقية تعرضت لانتكاسة أمنية جديدة في الرمادي أمس، حيث أكدت الشرطة ومقاتلون من العشائر أن مقاتلي «داعش» اجتاحوا دفاعات القوات العراقية في الحصيبة شرق المدينة.
واخترق مسلحو التنظيم الخط الدفاعي في الحصيبة التي تبعد حوالي عشرة كيلومترات عن مركز الرمادي بعدما كثفوا قصفهم عليها بالهاون والصواريخ. وقال الرائد في الشرطة خالد الفهداوي إن الوضع بات «حرجا جدا» بعدما تمكن مقاتلو التنظيم من اجتياح الخط الدفاعي. وأضاف أن القوات العراقية تراجعت الى الجزء الشرقي من المنطقة وتنتظر مزيدا من التعزيزات والضربات الجوية لوقف تقدم التنظيم.
وكان محافظ الأنبار صباح كرحوت قد رجح في وقت سابق محاولة تنظيم «داعش» الربط ما بين الرمادي ومدينة الفلوجة من خلال محاولة السيطرة على قاعدة الحبانية التي تتجمع فيها وحدات من «الحشد الشعبي»، ومقاتلو العشائر، بالإضافة إلى قوات من «المارينز» الأميركي.
(أ ف ب، رويترز، «سبوتنيك»)
إضافة تعليق جديد