تقدم المصالحة الفلسطينية وانتكاسة التهدئة مع إسرائيل

14-02-2009

تقدم المصالحة الفلسطينية وانتكاسة التهدئة مع إسرائيل

خطت حركتا فتح وحماس خطوة مهمة على طريق إنجاح مؤتمر القاهرة للمصالحة الوطنية الفلسطينية حيث عقدتا، أمس، اجتماعاً على مستوى رفيع خلص إلى اتفاق على وقف الحملات الإعلامية والبدء بإجراءات تمهد للحوار، في وقت تنتظر القاهرة وصول المفاوض الإسرائيلي لمحادثات التهدئة عاموس جلعاد لتلقي رد تل أبيب على ما خلصت إليه المشاورات مع حماس، في وقت سربت وسائل الإعلام الإسرائيلية بعضاً من بنود الاتفاق.
في المقابل، ورغم ما أشيع حول احتمال الإعلان عن اتفاق تهدئة يوم غد بعد الردود «الإيجابية» التي قدمها وفد حماس في القاهرة أمس الاول، وخلافاً لمعلومات حصلت عليها «السفير» من مصادر فلسطينية بأن التهدئة سيبدأ سريانها ابتداءً من الساعة الحادية عشرة من مساء اليوم، قال رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل، الذي وصل إلى قطر قادماً من ليبيا، إنّ السلطات المصرية أبلغته ان توقيع التهدئة مع اسرائيل كان يفترض ان يتم غداً غير انه «حدثت انتكاسة» جعلت موعد توقيع اتفاق التهدئة غير واضح حتى الآن، مشيراً إلى أنّ «الأخوة في القاهرة بصدد بحث الموضوع لنعرف ان كان الأمر سيتم يوم الأحد أم لا».
وفي السياق، قال مشعل لتلفزيون «الليبية» إنه لا يوجد حتى اللحظة اتفاق حول إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليت، مشيراً إلى أنّ «اسرائيل تحاول خلط الملفات وتربطه بموضوع فتح المعابر». وأضاف إنّ «هذا الأمر مرفوض ونحن ابلغنا المسؤولين المصريين بذلك»، مشدداً على ضرورة «فتح معبر رفح لما له من خصوصية، خاصة انه نافذة الفلسطينيين الى العالم ونحن
نصر على فتحه عملياً ووفق آلية جديدة ونحن نتفاوض مع الأخوة في مصر حول ذلك».
وكان التوتر الميداني الذي شهده قطاع غزة أمس قد أثار مخاوف حول مدى قدرة أي وقف إطلاق نار على الصمود. فقد استشهد فلسطيني وأصيب ثلاثة بجروح في غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، يرجح أنها كانت تقل مقاومين من لجان المقاومة الشعبية، فيما شن الطيران الحربي غارات عدة استهدفت أنفاقاً على الشريط الحدودي مع مصر.
من جهتها، ذكرت مصادر عسكرية إسرائيلية أنّ صاروخين سقطا في مستوطنة سديروت من دون يسفرا عن وقوع إصابات. وقد أعلنت «كتائب حزب الله في فلسطين» مسؤوليتها عن هذه العملية، فيما أطلق صاروخ آخر على مستوطنة أشكول.
وفي الضفة، استشهد طفل فلسطيني برصاص جنود الاحتلال قرب الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل. وقال مصدر طبي فلسطيني إن الطفل عز الدين رضوان الجمل (14 عاما) أصيب بعيار ناري في الصدر برصاص جنود إسرائيليين خلال مواجهات اندلعت قرب حاجز أبو الريش قرب الحرم الإبراهيمي، ما استدعى نقله إلى مستشفى في الخليل لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة هناك.
إلى ذلك، أعلنت حركتا فتح وحماس، في بيان مشترك، عقب لقاء رفيع المستوى في القاهرة امتد حتى فجر أمس، إنهما مصممتان على إنهاء حالة الانقسام والقطيعة وتوفير المناخات الملائمة لذلك.
وضم اللقاء من جانب فتح مفوض التعبئة والتنظيم أحمد قريع وعضو اللجنة المركزية نبيل شعث، ومن جانب حماس كلاً من نائب رئيس المكتب السياسي موسى أبو مرزوق والقياديين محمود الزهار وعماد العلمي وجمال أبو هاشم ومحمد نصر ونزار عوض الله.
وأشار البيان إلى أنه تم الاتفاق على وقف الحملات الإعلامية بين الطرفين، وإقرار آليات وصيغ لدراسة وإنهاء ملف الاعتقالات، والمؤسسات الأهلية والتجاوزات في الضفة والقطاع لتوفير البيئة الملائمة لنجاح الحوارات المزمع عقدها في القاهرة في 22 شباط الحالي.
واتفق الجانبان على استمرار اللقاءات القيادية في الضفة والقطاع والخارج، واعتبرا أن هذه التطورات تأتي «استجابة إلى تطلعات شعبنا وجماهير امتنا العربية والإسلامية في ضرورة إنهاء القطيعة وتعزيز الوحدة الوطنية وإعطاء الأولوية لمعركتنا مع الاحتلال الغاشم لإنجاز حقوق شعبنا الثابتة وحماية مصالحه الوطنية العليا».
وأكد البيان أن اللقاء يأتي أيضاً «استكمالا للقاءات التي بدأت في الأسابيع الماضية» لافتاً إلى أنه تخلله بحث الجهود المصرية للوصول إلى التهدئة مع الاحتلال.
ووصف شعث اللقاء بـ«الإيجابي»، مشيراً إلى أنّ الجانب المصري شارك في الجزء الأول منه، ثم استمر اللقاء حتى الساعة الثالثة فجراً بين الحركتين، فيما أشار القيادي في فتح إبراهيم أبو النجا الى أنّ «اللقاء كان صريحاً وواضحاً، حيث طالبت حركة فتح ببحث الأوضاع الداخلية في غزة، خصوصاً المشاكل والمضايقات التي يواجهها أبناء الحركة، بينما طلب الأخوة في حماس معالجة قضية عناصرهم في الضفة الغربية».
من جهة ثانية، قال رئيس جهاز المخابرات المصري اللواء عمر سليمان، في حديث نادر مع صحيفة «الأهرام» الحكومية، إنّ مصر ستناقش رد حماس على مقترحات التهدئة مع إسرائيل الأسبوع المقبل تمهيداً للتوصل إلى اتفاق. وفي هذا الإطار ذكرت «يديعوت» أنّ رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد سيتوجه مجدداً إلى مصر في بداية الأسبوع المقبل لتأكيد مذكرة التفاهم حول التهدئة.
وفيما تكتمت كل من إسرائيل وحماس ومصر على تفاصيل التهدئة المقترحة، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الاتفاق يتضمن تفاهمات سرية وأخرى علنية. وأوضحت أنّ التطرق لمسألة الجندي شاليت كان «قصيراً وغامضاً»، حيث اقتصر الاتفاق على أنّ «حماس تدرك بأن هناك مجالا لدفع المحادثات بشأن إطلاق سراحه»، رغم أنّ التفاهمات مع مصر تشير إلى وجود علاقة بين هذا الملف وحجم فتح المعابر.
وبحسب «يديعوت» فإنّ الاتفاق يلحظ موافقة حماس على تهدئة لعام ونصف العام، لكن المصريين يقدرون أنّ الحديث يدور عن موعد مفتوح سيستمر إلى أبعد من ذلك. وأضافت أنّ حماس ستوافق على أن يشمل وقف إطلاق النار، ليس الصواريخ فقط، بل أيضاً القناصة والعبوات والتسلل عبر الحدود وحفر الأنفاق لتنفيذ هجمات داخل إسرائيل، مشيرة إلى أنّ التفاهم يجيز لإسرائيل الرد بقوة على كل خرق لوقف النار.
أمّا بشأن المعابر، فأشارت «يديعوت» إلى أنّ «معبر رفح سيبقى مغلقاً باستثناء الحالات الإنسانية»، على أن تبقي السلطة الفلسطينية تواجدها فيه وفي معابر أخرى، وأنه الى جانب عناصرها يمكن أن يقف رجال حماس. كما أشارت الصحيفة إلى أنّ «إسرائيل وعدت بالسماح بنقل 80 في المئة من البضائع التي كانت تنقل من خلال المعابر، على أن يحظر دخول الأنابيب والمواد التي يمكن استخدامها في إنتاج المتفجرات، فيما المحادثات ما تزال قائمة حول الاسمنت وحديد البناء.
وحول «الفصائل الصغيرة» في القطاع، فإنّ حماس تعهدت بحسب «يديعوت» بالإشراف على التهدئة في أوساط هذه الفصائل، مشيرة إلى أنّ تل أبيب اتفقت مع القاهرة على حزام أمني بعرض 200 متر، بدلاً من 500 متر، لكن من غير الواضح بعد موقف حماس في هذا الشأن.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...