حرب القاعدة والعشائر في العراق :إبادة أم «سمفونية» أمريكية؟

09-06-2007

حرب القاعدة والعشائر في العراق :إبادة أم «سمفونية» أمريكية؟

ما هي حقيقة الصراع الذي تطبّل له جوقة «البنتاغون» الاعلامية بين «القاعدة» والعشائر في العراق, وتحديدا في محافظة الانبار؟ ولماذا تشارك وسائل الاعلام السعودية والأردنية في تضخيم اخبار الاقتتال؟ وأين التقاطع بين محاولة القضاء على «القاعدة» ومحاولة القضاء على المقاومة في قاموس الاحتلال؟
بين الكذبة والحقيقة خيوط تحاول «الكفاح العربي» الاستدلال اليها.
استخدام العشائر في العراق في اللعبة السياسية قديم قدم العراق ذاته, فعلى مدى تاريخ العراق منذ الفتح الإسلامي, كانت الأنظمة المتعاقبة على حكمه تستخدم ورقة العشائر لصالحها, حتى الاحتلالات المتتالية للعراق استخدمت العشائر في معادلاتها السياسية. ابرز هذه الاستخدامات في التاريخ المعاصر كان ابان حكم صدام حسين, وخصوصا في حربه ضد إيران, وضد الهجمتين الأميركيتين الأخيرتين على العراق, حيث أسس تشكيلات عسكرية قوامها العشائر, نظمت استعراضا عسكريا بعد انتهاء ما سمي بـ«حرب تحرير الكويت», ابتهاجا بانجازاتها ضد الميليشيات الإيرانية التي حاولت استباحة جنوب العراق أثناء الأيام الأخيرة للعدوان.
ومعادلة العشائر في العراق معقدة ولا يخفى على أحد أن أصابع الاحتلال تحركها, علاوة على الأحزاب الحاكمة حاليا ذات الأجندة الإيرانية لحاجتها إلى إكسسوارات تجميلية للتحاصص الطائفي للحكم. أما بخصوص ما يشاع عن احتراب بين العشائر العراقية والقاعدة فيلاحظ أن هذه النغمة زادت وتيرتها في أعقاب عجز الاحتلال عن القضاء على المقاومة المسلحة في العراق, فعمد إلى محاولة استخدام العشائر أداة لضربها. ولأن موطن المقاومة الرئيس في العراق هو محافظة الانبار, جرى التركيز على القبائل العربية هناك.والانبار التي تبلغ مساحتها حوالى 145 ألف كيلومتر مربع, تشكل 32% من ساحة العراق, ولها ميزات لا تتوافر في غيرها من المحافظات, إذ ان لها حدوداً مع كل من سوريا والأردن والسعودية, وهو ما جعل منها محطة مرور إجبارية للمقاتلين العرب الذين يتسللون عبر الحدود لمقاتلة قوات الاحتلال. وبحكم الاتجاه الإسلامي المشترك فكريا وعقائديا , إضافة إلى التركيبة الاجتماعيّة لسكان الأنبار وقيمها, وجد المقاتلون العرب فيها بيئة حاضنة لهم وفرت لهم الكثير من الدعم اللوجستي الضروري للشروع في نشاطاتهم. وهذا ما يوضح سبب اتخاذ أبو مصعب الزرقاوي هذه المحافظة الموطن الأول للمقاومة ضد الغزو الأميركي. والانبار تاريخيا هي معقل مقاومة لكل محتل وطامع, خصوصا إذا ما علمنا أن كلمة أنبار في اللغة العربية تعني المخزن. سماها المناذرة الأنبار لأنها كانت مخزناً للعدد الحربية وكانت من أهم المدن في فترة الاحتلال الساساني على العراق, لأنها ذات مركز حربي مهم لحماية العاصمة (المدائن) من هجمات الروم.
بعد أن فشلت كل محاولات الاحتلال والحكومات المعينة من قبله في كسر شوكة المقاومة, بدأت مراكز البحث الأميركية في البحث عن وسائل غير عسكرية للقضاء على المقاومة المتنامية في العراق عموما, وفي محافظة الأنبار خصوصا, وفي هذا الصدد أوصت دراسة لمؤسسة «راند» الأميركية العام الماضي مسؤولي وأصحاب القرار في واشنطن بضرورة توجيه الحرب ضد «القاعدة» انطلاقا من عقيدتها وليس مواجهتها عسكريا فحسب, خصوصا العمل ضدها في محيطها الحاضن لها.
الإدارة الأميركية استعانت بشركة علاقات عامة شهيرة اسمها «لنكلون» سلمتها ملفاً يهدف الى تفتيت العلاقة بين التنظيم ومحيطه السني في الأنبار. ولتنفيذ ذلك أوكلت الإدارة الأميركية إلى أجهزة استخبارات عربية وأجنبية متعددة للعمل على إحداث اختراقات في الأنبار ومحاولة تشويه سمعة «القاعدة» وحرمانها التأييد الشعبي. فبادر الأردن إلى احتضان شيوخ عشائر الأنبار المستهدفين من المقاومة العراقيّة بسبب تعاونهم مع قوات الاحتلال الأميركية, وقام هؤلاء الشيوخ بتأسيس «مؤتمر صحوة العراق» الذي انبثق منه مجلس إنقاذ الأنبار منتصف أيلول /سبتمبر/2006 وهو تحالف يضم أفرادا من عشيرة بوعساف وبوجليب والبوريشة والبونمر والبوفحل والبوعيسى, والبوذياب من قبيلة الدليم, بالاضافة الى أجزاء من عشائر العبيدي والمحامدة وزوبع. ويترأس المجلس عبد الستار أبو ريشة الذي يخضع منزله في الأنبار لحراسة أميركية مشددة على الرغم من أنه شبه مقيم بفندق «منصور ميليا» في بغداد, ومن أبرز وجوهه بزيع الكعود شيخ عشيرة البونمر المقيم في عمان.
منذ البداية أعلن أبو ريشة عن تشكيل مجموعات مسلحة لقتال «القاعدة» وحماية الطريق البرية الواصلة بين العراق وكل من سوريا والأردن عبر الأنبار. وبلغت أنشطة «مجلس إنقاذ الأنبار» ذروتها بعد اجتماعها مع رئيس الحكومة نوري المالكي مباشرة أواخر أيلول /سبتمبر الماضي, حيث قتل خالد إبراهيم محل أهم قياديي تنظيم «القاعدة» في الأنبار ومساعده نصيف المولى, وأعلن مجلس إنقاذ الأنبار في 30/9/2006 عن اعتقال ثلاثة سعوديين وسوريين اثنين وثلاثة عراقيين تمّ تسليمهم إلى الشرطة العراقيّة, كما تمّ قتل أربعة من عناصر تنظيم «القاعدة» في 2/10/2006 من بينهم أبو شجاع اليمني واعتقلت ثمانية آخرين.
ومع ذلك لا يمكن اعتبار العشائر التي أعلن «مجلس إنقاذ الأنبار» انه يتشكل منها, كلها أو أغلبها تناصب «القاعدة» العداء, خصوصا إذا ما علمنا أن «القاعدة» تكاد تكون التنظيم الوحيد في العراق الذي ينتشر في كل المناطق التي تقنطها العشائر السنية التي ما زالت تشكل الأرضية المشتركة بين «القاعدة» والجماعات المسلحة الأخرى, وما زال الكثير من أبنائها في صفوف «القاعدة» كما يؤكد كثيرون من المطلعين, وسنذكر هنا بعض الأمثلة: فعبد الستار بزيغ الريشاوي هو رئيس مجلس صحوة الأنبار, قريبته هي ساجدة الريشاوي التي كانت على وشك تفجير نفسها في أحد فنادق عمان, وشقيقها هو ثامر الريشاوي الذي كان من أبرز قيادات «القاعدة» في الأنبار قبل قتله. في الفلوجة وضواحيها تقطن عشيرة البوعيسى وجزء كبير من مقاتلي «القاعدة» وقياداتها كانوا ينتمون الى هذه العشيرة, أبرزهم محمد جاسم العيساوي الذي كان قائداً بارزاً في معارك الفلوجة, وقبل أسابيع أعلنت القوات الأميركية عن قتل من وصفته بقائد «القاعدة» في الأنبار وهو محمد عبد الله العيساوي المسؤول أيضاً عن شبكة لتفخيخ السيارات. عشيرة زوبع ينتمي إليها سلام الزوبعي نائب رئيس الحكومة العراقية الذي تعرض لمحاولة اغتيال نفذها أحد رجال حمايته الشخصية, وهو من عشيرته ذاتها وينتمي الى تنظيم «القاعدة», بل أن مثنى حارث الضاري اعتبر محاولة الاغتيال نجاحاً للمقاومة وهو ينتمي للعشيرة إياها. كما ان جزءاً كبيراً من عشيرة زوبع يؤيد «كتائب ثورة العشرين», ولكن جزءاً آخر من العشيرة يؤيد «القاعدة». عشيرة البوفهد وهي عشيرة تقطن الأنبار اتهمت «القاعدة» بقتل بعض من زعمائها مثل نصر الله الفهدواي وحميد الفهدواي, إلا أن عدداً من أبناء هذه العشيرة ينتمون كذلك الى «القاعدة», ومن بينهم خميس فرحان الفهدواي المعروف بأبو سبأ والذي اعتقلته القوات الأميركية وقالت إنه المسؤول عن خطف وقتل السفير المصري في العراق إيهاب الشريف. كما ان عشيرة «البومحل» التي ينتمي اليها أسامة جدعان وقبله صباح سطام الكعود من رموز مؤتمر صحوة العراق الذي انبثق منه مجلس انقاذ الانبار نفت ان يكونا من شيوخها موضحة ان المدعو صباح سطام الكعود ألف بالتعاون مع الأميركيين جيشا سريا من بعض أبناء عشيرة «البومحل» لمتابعة المقاتلين العرب فتم كشف أمر هذا الجيش من قبل بعض أبناء العشيرة الشرفاء وتمكن «المجاهدون» من القضاء عليه فقتل من قتل منه وهرب الباقون ثم عادوا اخيرا في حماية القوات الاميركية وهم قلة وقد نبذهم ابناء العشيرة الشرفاء الذين رفضوا ان تلطخ أيديهم بمصاحبة المحتل والعملاء الذين يوالونه وفق بيان صادر عن العشيرة. وقد أكد البيان أن شيخ مشايخ عشيرة الكرابلة التي تتألف من ستة أقسام هو الشيخ «ناجح خليفة محمد البكر الكربولي» والذي اعتقلته قوات الاحتلال مع خمسة من أبنائه بعد أن رفض التعاون معها ضد ابناء بلده وقد بقي في سجن أبي غريب مدة 11 شهرا. كما كذَّب مجلس شيوخ عشائر الأنبار الذي يتألف من 50 عشيرة أن يكون جزءا من تحالف عشائري سني للقضاء على تنظيم «القاعدة» وفصائل المقاومة في محافظة الأنبار, وعزمهم القبض على المقاتلين العرب وتسليمهم الى قوات الاحتلال؛ بدعوى جلبهم الدمار إلى المحافظة. وأعلن الشيخ فرحان خليل خنجر أحد شيوخ الأنبار أن «كل ما ورد في وكالات الأنباء الغربية حول وجود تحالف عشائري للقضاء على «القاعدة» أو المقاومة العراقية هو كذب رخيص لا أساس له من الصحة, ونحن لا نستغرب مثل تلك التصريحات أبدًا كون المحافظة اليوم في قمة عطائها القتالي ضد الاحتلال وهم يتشبثون اليوم بالإعلام للتغطية على خسائرهم».
ومن لم يعتقل من شيوخ العشائر المتعاطفين مع المقاومة بسبب وجوده خارج العراق جرى التضييق عليهم في البلدان التي يقيمون بها في المهاجر الإجبارية, لأنهم لم يوافقوا على الالتحاق بهذا التحالف, وهذا ما يفسر خروج الدكتور سطام الكعود الزعيم السني البارز من عمان بعدما أصبح وجوده غير مرغوب لأسباب يحجم الرجل عن الخوض فيها, وفي المقابل توفير الملاذ الآمن في الأردن للشيخ حارث الضاري ولنخبة من مرافقيه ومساعديه وكذلك لمجموعة من المتحركين النشطاء في مساحة مؤسسات العشيرة التي بدأت تصدر البيانات ضد تنظيم «القاعدة» في الأنبار. وتشير مصادر مقربة من الشيخ سطام الكعود إلى انه خرج من عمان لأنه لم يظهر التعاون اللازم في إطار خطة أردنية علنية للتصدي لتنظيم «القاعدة» ونفوذه في محافظة الأنبار, فالكعود تبنى كزعيم سني مؤثر في المعادلة العراقية منهجا مختلفا في مسألة تنظيم «القاعدة» فهو يعتبر أن أهل السنة في العراق لا يستطيعون إلا الترحيب بمن يرفع السلاح في وجه المحتل, وسبق له أن قال علناً في أحاديث صحفية ان المناطق السنية العراقية ليس من بين أخلاقها طرد من حضر باسم الدين والجهاد لمواجهة المحتل.
ومن الواضح أن الكعود رفض الالتحاق بمخطط الاستقطاب الحاد الذي مارسته عمان والرياض معا لتحشيد نخب السنة ضد نشاطات «القاعدة» في الأنبار, بالرغم من أن الرجل يتوافق مع الشيخ حارث الضاري في ما يخص رصد تجاوزات من قبل بعض الجماعات المسلحة في منطقة الأنبار وهي تجاوزات كما يقول مرفوضة بكل الأحوال لكنها لا تشكل الآن الهم الرئيسي لا للمقاومة العراقية ولا للشخصيات الوطنية التي تدعم فكرة المقاومة. ومن الواضح بالتوازي أن إقامة حوار مع الشيخ حارث الضاري أردنيا وسعوديا له علاقة بالترتيبات الثنائية للبلدين تحت عنوان مواجهة تمكين «القاعدة» في العراق التي وجدت فيه بيئة مناسبة لإقامة دولة إسلامية ينظر لها في العاصمتين بارتياب شديد على أساس أنها تشكل خطرا مباشرا لا يمكن الاستهانة به.
بكلام آخر ان العاصفة الإعلامية التي تروج لسمفونية «صراع العشائر في العراق مع القاعدة» ما هي إلا زوبعة في فنجان, وجوده على أرض الواقع لا يكاد يلمس, وفي ابواق الإعلام التي تأتمر بسياسات البنتاغون تطغى على أخبار الوضع الحرج الذي تعانيه القوات الأميركية يوميا. حتى بات مأزقها في العراق يشبه ما كانت عليه في فيتنام. ولم يعد سرا أن الحلف السداسي الذي تقوده واشنطن ويضم عددا من دول الخليج بالإضافة إلى الأردن ومصر هو الحاضن لمجلس إنقاذ الأنبار وتقدم كل الدعم المطلوب له لأن لهم مصلحة مباشرة في تقليص حضور ونفوذ وتفوق تنظيم «القاعدة» في منطقة الأنبار, وهي مصلحة أصبحت أولوية في السياسة الأردنية والسعودية وعبرت عن نقطة تلاق جمعت البلدين ضمن سياق استراتجيتين الأولى مضادة لفلسفة التمكين التي تقودها «القاعدة», والثانية مضادة بنفس الوقت للنفوذ الإيراني.
لكن ميليشيات البنتاغون الإعلامية لم تيأس في التحريض على «القاعدة» فزادت تركيزها على الترويج أن المقاومة في العراق عامة وفي الأنبار خصوصا جلها من «القاعدة» وان هؤلاء المقاومين وافدون ولا يمتون الى العراقيين بصلة, علماً ان المعلن على لسان كبار المسؤولين الأميركيين يقدرون مجموع غير العراقيين في تنظيم «القاعدة» في العراق بحوالى خمسة بالمئة, لكنها شماعة أرادها الاحتلال لتنفيذ خططه الرامية إلى القضاء على المقاومة. محاولات الاحتلال هذه ووجهت أول ما ووجهت من قبل شيوخ عشائر الأنبار أنفسهم. ففي تصريح شهير قال الشيخ عبد الرحمن محمد, مدير عام مجلس عموم العشائر العربية والعراقية أن أعضاء «مؤتمر صحوة العراق» مجموعة من اللصوص والجماعات المسلحة اتخذت من مجلس إنقاذ الأنبار ذريعة لكسب الدعم الحكومي ولتمرير مخططاتها الإرهابية. وأوضح أن مجلس عشائر الأنبار لا يعترف أساسا بشرعية مؤتمر الصحوة لأن غالبيتهم (رؤساء المجلس) يتزعمون جماعات للسطو والسرقة تقيم نقاط تفتيش وهمية على طريق بغداد ­ عمان وبغداد ­ دمشق لسرقة الحافلات التي تقل المسافرين. وكشف أن ما أعلنه عبد الستار أبو ريشة عن استقرار الوضع الأمني في الأنبار لا صحة له, فما زالت تنظيمات «القاعدة» تسيطر على معظم المناطق ومن بينها أبو غريب والصقلاوية وذراع دجلة والثرثار والمناطق المحيطة بها وعامرية الفلوجة وأجزاء كبيرة من مناطق حديثة وصولاً إلى القائم.
أمام هذا الوضع تصاعدت الهجمة على «القاعدة» في العراق, خصوصا بعد أن أعلنت اندماجها بـ«دولة العراق الإسلامية» التي جاءت نتيجة تحالف عدد من فصائل المقاومة وشيوخ العشائر في منطقة الأنبار, لكن الهجمة فشلت, فابتدعت القوى المناوئة للقاعدة صيغا أخرى لتحقيق أهدافها.
تبقى اشارة لا بد منها حول اشكال التحالفات الجديدة ضد «القاعدة». نقرأ في دراسة «راند» المشار إليها سابقا أن إضعاف «القاعدة» في العراق يكون من خلال العمل على «زرع الخلافات بين تنظيم «القاعدة» والحركات الجهادية المحلية في مواطنها» مشيرة الى أن: «عقيدة «القاعدة» تعاني نقاط ضعف قابلة للاستغلال» تأسيسا على أن «عقيدة «القاعدة» لا تتبناها جميع الحركات الإرهابية أو المتمردة في العالم, وبالتالي دعوة الدراسة الإدارة الاميركية إلى محاولة ضرب العلاقة بين المجموعات الجهادية المحلية والمجموعات العالمية, عبر التركيز على الخلافات بينها» كما تقول الباحثة أنجيل راباسا, التي اسهمت في الإشراف على الدراسة.
ونتيجة فشل «مجلس إنقاذ الأنبار» في استقطاب أبناء عشائر المحافظة, بدأت المرحلة الثانية من الخطة الأميركية الرامية إلى القضاء على «القاعدة» تمهيدا للقضاء على كل أشكال المقاومة. ويؤكد مطلعون على الشأن الداخلي في الأنبار أن تنظيم «القاعدة» هو الأكثر تمويلا خارجيا أو ذاتيا عن باقي الحركات المقاومة, ويشكل هذا عنصر قوة له في كسب ولاء التنظيمات الأخرى, ولتجريد تنظيم «القاعدة» من هذا العنصر عملت دول عربية وأخرى غير عربية, بإيعاز اميركي على دعم مجاميع جهادية مسلحة تنصلت تدريجيا من تحالفها مع تنظيم «القاعدة» محتجة على بعض أساليب عمل التنظيم , كاستهداف الشرطة والجيش, أو الاختلاف مع بعض شعاراتها كتكفير الشيعة. ومن ابرز هذه المجاميع «الجيش الإسلامي في العراق» وأفراد منشقة عن تنظيمات لم توافق على الدخول في الحلف الجديد الذي أطلق عليه تسمية «جبهة الجهاد والإصلاح» الذي أعلن عن تأسيسه في 18 نيسان /ابريل الماضي.
البيانات الصادرة عن هذه الجبهة والتصريحات التي يطلقها قادتها عبر وسائل الإعلام انطلاقا من عواصم عربية تحتضنها, تنصب كلها في اتهام «القاعدة» بقتل عدد من شيوخ عشائر وشخصيات اجتماعية ودينية وسياسية. لكن تنظيم «القاعدة» الذي لا يولي الإعلام الاهتمام اللازم بالرد على تلك الاتهامات لم يتبن تلك الحوادث كما أنه لم ينفها باستثناء حادثة مقتل العيساوي أحد قادة تنظيم «كتائب ثورة العشرين». من هنا يمكن قراءة إعلان الحرب على «القاعدة» من قبل «مجلس إنقاذ الأنبار», ومن بعده «جبهة الجهاد والإصلاح», على أن المحافظات الغربية في العراق أصبحت ساحة خلفية لمعركة نفوذ بين «القاعدة» والدول التي تعاديها علناً في المنطقة.


فؤاد حسين
صحفي وباحث أردني متخصص في الجماعات الإ سلامية

المصدر: الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...