رئيسا رومانيا وكرواتيا وسولانا إلى دمشق
في الإمكان تلخيص نتائج زيارة الرئيس بشار الأسد إلى باريس بالقول إن قطار «التطبيع» السوري - الفرنسي وُضع على السكة وأقلع باتجاه «المحطة الاستراتيجية»، فيما ثُبّت قطار التطبيع السوري - الأوروبي على السكة ولم يقلع بعد. أما قطار التطبيع مع واشنطن، فينتظر الادارة الاميركية الجديدة، في حين لا تزال العلاقات بين دمشق وكل من القاهرة والرياض على حالها.
وقوّم مسؤولان فرنسي وآخر سوري نتائج زيارة الأسد. بادر الأخير بالقول باللغة الانكليزية إن الأمور «سارت في طريقة جيدة إلى حدّ لا يصدّق»، فردّ عليه المسؤول الفرنسي الرفيع المستوى بأن «الأمور جيدة إلى حدّ التصديق».
وبحسب المعلومات المتوافرة، تشهد المرحلة المقبلة خطوات مدروسة في أكثر من اتجاه. ففيما سيقوم كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزير خارجيته برنار كوشنير بزيارة سورية، أبلغ المنسق الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا وزير الخارجية السوري وليد المعلم برغبته في زيارة دمشق في أيلول (سبتمبر) المقبل. كما أبلغ رئيسا رومانيا وكرواتيا الرئيس الأسد بأنهما يريدان زيارة سورية الخريف المقبل. ويُعتقد بأن بين المسائل التي ستكون مدار بحث في هذه اللقاءات، موضوع احياء توقيع اتفاق الشراكة السورية - الأوروبية، علماً أن هناك تفاهماً على بدء التفاوض مجدداً حول هذا الاتفاق لتعديل نصوصه قبل توقيعه. وقال مسؤول فرنسي: «وضعنا الاتفاق في الثلاجة (بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري مطلع عام 2005)، وسنخرجه من هناك».
وكان افتتاح القمة المتوسطية شهد لقاء سريعاً بين الرئيس السوري والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل التي كانت تعارض انفتاح وزير خارجيتها هانز فرانك شتاينماير. جاء هذا اللقاء بعد ترتيبات أعدها الوزير المعلم والمفوض العام لوزارة الخارجية الألمانية اندرياس ميخائيلس والجانب الفرنسي.
وقال مسؤول سوري رفيع المستوى إن اللقاء السريع والمرتب سلفاً تضمن تهنئة المستشارة الألمانية «الأسد على الخطوات الايجابية في لبنان وعملية السلام، مع ضرورة الاستمرار في هذه الأفعال»، مشيراً الى أنها شددت على «ضرورة البدء بتطوير العلاقات الثنائية».
وأضاف هذا المسؤول أن «القطار انطلق»، لافتاً الى أن ساركوزي «يتصرف كزعيم لفرنسا يعرف ما يريد، وأن ما يجمعه والأسد هو أنهما يملكان القلب القوي والشجاع والجرأة لخوض غمار تجربة لإزالة أي عراقيل أمام تطوير العلاقات الثنائية وجعلها استراتيجية»، في حين قال مسؤول آخر إن من أهم جوانب الزيارة «حصول كيمياء قوية بين الرئيسين وبناء علاقة شخصية قوية».
وتابع أن الرئيس الفرنسي أراد الافادة من التطورات الايجابية وهي اتفاق الدوحة لحلّ الازمة اللبنانية، والمفاوضات غير المباشرة بين سورية واسرائيل، واتفاق التهدئة بين «حماس» واسرائيل، واتفاق تبادل الأسرى مع «حزب الله»، أي أن الأجواء تحولت من سلبية إلى ايجابية، فبادر ساركوزي بجرأة بالانفتاح على دمشق.
وبناء على ذلك، تتوقع أوساط سورية أن «يعمّم» الجانب الفرنسي هذه التجربة على بقية حلفائه الأوروبيين خلال رئاسته الاتحاد الأوروبي. وأوضح المسؤول السوري ذاته أن «هناك اهتماماً أوروبياً بعملية السلام والبنية التحتية الاقتصادية في دول جنوب المتوسط والحلّ في لبنان على خلفية وجود القوات الدولية لفك الاشتباك (يونيفيل) هناك».
وزاد أن ساركوزي يريد أيضاً «الاستثمار في علاقتنا مع ايران لخفض التوتر في المنطقة»، ما يفسر الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي غداً (الخميس) للقاء الأسد والمعلم، قبل لقاء سولانا كبير المفاوضين الايرانيين يوم السبت المقبل. وأكد المسؤول أن «ساركوزي يريد الاستثمار في صداقتنا مع ايران، ونرغب في الاستثمار في صداقته مع اسرائيل، لايجاد حلول سلمية (لمشكلات) المنطقة وخفض التوتر» لدعم المفاوضات غير المباشرة وفي المرحلة اللاحقة.
ومن اللقاءات المهمة الأخرى التي حصلت في باريس، اجتماع بين وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ونظيره السوري، ولا سيما أن بريطانيا من بين الدول الأقل حماسة للانفتاح الفرنسي على دمشق.
وأوضح المسؤول السوري أن اللقاء بدأ بقول ميليباند إن اللقاء الأخير مع المعلم تضمن الاشارة الى ثلاث عقبات أمام تطوير العلاقات الثنائية، وهي الأزمة في لبنان، وعملية السلام، والعراق. وأضاف الوزير البريطاني «أن أول مسألتين حُلتا وبقي العراق»، قبل أن يعرض تعاون سورياً - بريطانياً ازاء العراق، سواء في ما يتعلق بتفكيك «شبكات ارهابية» تنفي وجودها دمشق أو عبر التعاون الأمني. وعلم أن المعلم أبلغ نظيره البريطاني بأنه سينظر في الأمر لدى القيادة وسيطلعه على الموقف لدى لقائهما في نيويورك في أيلول المقبل. وفيما شدد هذا المسؤول على أن الحوار السياسي مستمر بين سورية وبريطانيا، أكدت مصادر أخرى أن سورية تربط التعاون الأمني بـ «توافر المظلة السياسية» وبضرورة أن يقوم ميليباند بزيارة دمشق لتأكيد ذلك.
إبراهيم حميدي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد