زلة لسان من كلينتون تكشف : “حماس” اغتالت كبير خبراء البرنامج الصاروخي السوري
ما إن أبرم “التفاهم” الإسرائيلي ـ الحمساوي لوقف النار في القاهرة ، وحتى قبل أن يجف الحبر الذي كتب به ، حتى بدأت التسريبات تتوارد إلى العواصم الأوربية ، والغربية عموما ، حول بعض ما جرى خلف الكواليس التي احتضنت النقاشات السياسية والأمنية التي أفضت إلى إبرامه .
وإذا كان ما دار خلف تلك الكواليس من نقاشات ، بمافي ذلك ما كان يجري في ردهات الفنادق حيث نزلت وزيرة الخارجية الأميركية وفريقها ، ورئيس الوزراء التركي وفريقه ، والقطريون ، مكرسا ـ بطبيعة الحال ـ لموضوع وقف إطلاق النار ، فإن بعض “زلات اللسان” التي تفلتت من هذا الديبلوماسي أو ذاك يمكن أن تشكل مفاتيح لفك مغالق الكثير من الخفايا والأسرار !
مصدر فلسطيني بارز ، مقرب من السفارة الفلسطينية في لندن ، كشف أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ، وخلال حديث جانبي غير رسمي مع وزير الخارجية المصرية محمد كامل عمرو في بهو وزارته ، عبرت له عن “حنقها من إقدام إسرائيل على اغتيال القائد العسكري لحماس أحمد الجعبري ، ما أدى إلى تصعيد المواجهة على نحو غير مبرر ، فضلا عن كونه الشخصية الأكثر قدرة على ضبط قطاع غزة أمنيا والإلتزام بأي تفاهم إذا ما جرى التوصل إلى هدنة”.
ونقل المصدر عن قيادي فلسطيني بارز ، التقط أطراف المحادثة بسبب تواجده بمحض المصادفة قريبا من المتحدثين ، قوله إنه سمع بأذنيه كلينتون وهي تقول لنظيرها المصري هذه العبارة بالإنكليزية أو ما يقاربها :
Who killed Gen
Nabil Zughaib, should have not been rewarded by killing his military commander
This is what I told the Israelis
وهو ما ترجمته الحرفية “من قتل الجنرال نبيل زغيب ، كان يجب أن لا يكافأ باغتيال مسؤوله العسكري ، وهذا ما أبلغته للإسرائيليين
القيادي الفلسطيني ، وكما ينقل عنه زميله في لندن ، قضى بعض الوقت يتفكر في اسم الجنرال نبيل زغيب ، محاولا تذكر أن يكون هناك ضابط فلسطيني بهذا الاسم قتلته “حماس” خلال سيطرتها على قطاع غزة في العام 2007 ، ولكن ذاكرته خانته في استحضار أي ضابط فلسطيني يحمل هذا الاسم .
وحينها بادر إلى الاتصال بصديقه اللواء “ماجد فرج” مدير المخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية ليستفسر منه عن الأمر ، ليس بوصفه مدير المخابرات فقط ، بل وكونه أيضا من الضباط القدامي الذين عاصروا حركة “فتح” منذ الثمانينيات ، والسلطة الفلسطينية من بدايتها ، وهو يعرف بالتالي جميع الضباط الفلسطينيين الكبار على الأقل بالاسم .
ولكنه أيضا لم يصل إلى نتيجة . وحينها لجأ إلى محرك البحث على الإنترنت ، ليكتشف أن الاسم الوحيد الذي له هذه الصفة على الشبكة هو مدير برنامج تطوير الصواريخ في سوريا “اللواء الدكتور المهندس نبيل زغيب” الذي اغتيل في دمشق في 21 تموز / يوليو الماضي مع أفراد أسرته جميعا بينما كانوا في طريقهم للانتقال إلى منزلهم “السري” الجديد في “مساكن برزة” بعد أن اهتدت عصابات “الجيش الحر” من “لواء الإسلام” إلى منزلهم في حي “باب توما” وبدأت مراقبته لاغتياله .
عندئذ أصيب القيادي الفلسطيني بالصدمة والذهول ، ما دفعه إلى الاتصال بصديق له في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بدمشق ، وبعض الشخصيات الفلسطينية المستقلة التي تعيش في سوريا ولبنان ، لتجميع بعض المعلومات بهدف مقاطعتها .
وخلص في نهاية اتصالاته وتقاطع معلوماته إلى أن شبكة “حماس” في دمشق ، التي كان يديرها مسؤولها الأمني في سوريا “كمال غناجة” ، الذي اغتيل أواخر حزيران / يونيو الماضي في منزله بضاحية “قدسيا” غربي دمشق ، هي التي قامت باغتيال اللواء زغيب ، مدير برنامج الصواريخ السورية .
ويؤكد المصدر أن زميله في القاهرة توصل إلى أكثر من ذلك خلال اتصالاته مع زملائه الفلسطينيين ، وهو أن القتلة “الحمساويين” يقيمون في حي “مساكن برزة بدمشق” ، وليس في في مخيم اليرموك أو منطقة الحجر الأسود حيث يقيم معظم أعضاء “حماس” الذين التحق المئات منهم بـ”جبهة النصرة” و “لواء التوحيد” و ” لواء الإسلام” خلال الأشهر الستة الأخيرة .
و وفقا للمصدر ، فإن المجموعة “الحمساوية” التي تورطت في اغتيال اللواء زغيب ، لها تقاطعات مع المجموعة المقربة من جهاز الأمن الخاص التابع لخالد مشعل ، التي كان واحد منها على الأقل تورط في اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في شباط / فبراير 2008 .
يشار هنا إلى أن التحقيقات المتعلقة باغتيال مغنية ، سواء منها التي اجرتها السلطات السورية أو تلك التي أجراها حزب الله ، توصلت في العام 2009 إلى أن أحد مرافقي خالد مشعل ، ممن كانوا معنيين بتنظيم لقاءات مع مغنية وبنقل السلاح إلى قطاع غزة ونقل مقاتلين من إلى لبنان بهدف التدريب ، جرى تجنيده من قبل المخابرات الأردنية خلال وجوده في الأردن بعد إطلاق سراحه من سجون الاحتلال .
وليس مستبعدا أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت جندته أيضا خلال فترة اعتقاله ، ولأن الأمر بالغ الإحراج ، تجنبت السلطات السورية وحزب الله كلاهما الإشارة إلى الأمر .
وإذا ما ثبتت هذه الرواية ، سنكون أمام واحدة من أغرب مفارقات الانحطاط الأخلاقي في التاريخ : لقد قاتلت “حماس” في غزة وضربت “تل أبيب” بصواريخ اثنين ممن شاركت في اغتيالهم ، أحدهم طوّر هذه الصواريخ والآخر أوصلها لهم عبر الأنفاق !
سيريان تلغراف
إضافة تعليق جديد