سوريا: دعم خارجي للإصلاح وإطلاق معتقلين جدد
استكملت دمشق على ما يبدو بناء شبكة الأمان الخارجية القائمة على دعم تحركات قيادتها السياسية، فيما لا تزال وتيرة هذه التحركات تجري على مستويين، الأول تلبية مطالب لشرائح محدودة من السوريين، والثاني العمل على تشريعات ترضي الشريحة الأكبر، وتنقل سوريا من مرحلة انتظار الإصلاحات، إلى مرحلة تطبيقها.
وفي هذا السياق تلقى الرئيس بشار الأسد عدة رسائل داعمة، أبرزها تلك التي جاءت من تركيا، بعد أن خيمت غيوم الشك بين الجارين الصديقين، حيث أكد مبعوث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تقف إلى جانب سوريا ومستعدة لتقديم المشورة في المسيرة الإصلاحية. كما برز أيضا اتصال الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف للغرض ذاته، وتلقى رسالة من الرئيس السوداني عمر البشير مشابهة أيضا. وعلى هذا الصعيد قال الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي إن غالبية المطالب التي تقدم بها وفد كبير من علماء الدين في دمشق تحققت، مشيرا إلى أن الأسد سيتحدث مجددا للشعب.
واستقبل الأسد، في دمشق أمس، وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الذي أكد «دعم بلاده لجملة الإصلاحات التي بدأتها القيادة السورية».
وذكرت وكالة (سانا) أن الوزير التركي، الذي التقى نظيره وليد المعلم، أبدى «استعداد بلاده لتقديم كل مساعدة ممكنة من خبرات وإمكانيات لتسريع هذه الإصلاحات، بما يساهم في ازدهار الشعب السوري وتعزيز أمنه واستقراره».
بدوره أعرب الأسد «عن تقديره لحرص تركيا على أمن سوريا واستقرارها. وشدد على انفتاح سوريا للاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وخصوصا تركيا، وذلك لإغناء مشاريع القوانين التي وضعتها الجهات المختصة في مجال الإصلاح».
وكان بيان أصدرته وزارة الخارجية التركية في 3 نيسان الحالي أشار إلى إيلاء تركيا «الاهتمام بأمن واستقرار ورفاهية الشعب السوري بالقدر نفسه الذي توليه لشعبها وعدم قبولها لأي سلوك أو تصرف يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سوريا، أو يلحق الأذى بإرادة الإصلاح فيها». وجاء البيان كما بات معروفا إثر استضافة اسطنبول لمؤتمر صحافي لمرشد الإخوان المسلمين في سوريا رياض الشقفة أعلن فيه وقوف الحركة خلف بعض الاحتجاجات في سوريا.
وذكرت وكالة «الأناضول» أن داود اوغلو بحث مع رئيس المكتب السياسي في حركة حماس خالد مشعل سبل تحقيق المصالحة بين حماس وفتح لضمان وحدة الفلسطينيين.
وفي سياق مشابه، تلقى الأسد اتصالاً هاتفياً من ميدفيديف «جرى خلاله بحث تطورات الأوضاع في المنطقة، وخصوصاً الأحداث التي شهدتها سوريا مؤخراً». وأعرب الرئيس الروسي، وفقا لـ«سانا»، عن دعم موسكو «لمسيرة الإصلاح التي تشهدها سوريا، وخصوصاً الإجراءات التي قامت بها القيادة السورية في الأيام القليلة الماضية بما يعود بالخير والنفع على الشعب السوري».
كما تسلم الأسد رسالة من البشير نقلها وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة تتعلق «بتطورات الأوضاع في السودان وتؤكد وقوف السودان إلى جانب الشعب والقيادة السورية في مواجهة محاولات زعزعة أمن سوريا واستقرارها ودعم الجهود التي تبذلها القيادة السورية في مسيرة الإصلاحات».
وقالت مصادر في هذا السياق أن الأسد التقى أمس وفدا من علماء الدين والأهالي من مدينة حلب في إطار «مناقشة الأوضاع العامة» في البلاد مع فعاليات اجتماعية وفكرية.
من جهة أخرى، قال العلامة الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي إن القيادة السورية استجابت لاقتراحات تقدمت بها القيادات الدينية وتتلخص «بمنح المزيد من الحريات والإصـــلاح ومكافــحة الفساد وإنهاء حكم الحزب الواحـد».
وقال البوطي، في حديث ديني بثه التلفزيون السوري أمس الأول، إن القيادة السورية استجابت للكثير من المطالب التي تقدمت بها مجموعة من رجال الدين. وعدد من بين هذه المطالب إعادة كل المنقبات اللاتي تم فصلهن من عملهن بسبب النقاب (حوالى 1200)، ومرسوم تأسيس معهد الشام العالي للدراسات الشرعية، وتعليمات بفتح قناة فضائية دينية «ترعى الإسلام الحق الذي لا يميل لا للشرق ولا للغرب». كما أشار إلى دراسة أوضاع المهندسين والمهندسات اللاتي أبعدن عن المحافظات.
وقال إن الأسد أخبره أنه سيتوجه للسوريين بخطاب آخر، بعد أن ظهر أن غموضا شاب رسالة الإصلاح. وأضاف أن المسألة ليست مسألة مشاريع مراسيم، بل مراسيم تصدر ولكن تنتظر أن تنفذها اللجان بسبب الاعتبارات القانونية، موضحا أن البلاد ستشهد انفتاح حريات كثيرة، ولا سيما حرية الإعلام.
وأعلن أمس عن إغلاق كازينو «المحيط» الذي كان تم افتتاحه في دمشق في كانون الأول الماضي، والذي كان رجال الدين احتجوا عليه.
إلى ذلك، قال مسؤول سياسي سوري إن البرلمان «سيعقد جلسة استثنائية من 2 إلى 6 أيار يتم خلالها إقرار سلسلة من القوانين ذات الطابع السياسي والاجتماعي، والتي تندرج ضمن برنامج الإصلاح الذي ينوي الرئيس القيام به». وأضاف «سيكون من بين هذه القوانين التشريعات الجديدة المتضمنة قانونا بديلا عن قانون الطوارئ»، مشيرا إلى أن «المشرعين الذين كلفوا بوضعه على وشك الانتهاء منه وسيقدمونه قبل نهاية الأسبوع (الحالي) إلى رئيس الدولة».
وذكرت منظمات حقوقية، في بيان، إن السلطات السورية أفرجت عن 48 شخصا، غالبيتهم من الأكراد، اعتقلوا على خلفية أحداث عيد «النوروز» التي وقعت في الرقة في 21 آذار العام 2010.
وقال وزير الخارجية المجري سولت نيميت، الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي نصف السنوية، إن «وعود الإصلاح في سوريا ليست على مستوى الطموحات وغير واضحة المعالم»، مطالبا بوقف أعمال العنف ضد المتظاهرين في الحال.
وطالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأسد بأن يأمر قوات الأمن بالكف «فورا» عن استخدام القوة «المميتة غير المبررة» ضد المتظاهرين، وبفتح «تحقيق مستقل وشفاف» لمحاسبة المـسؤولين عن هذه الانتهاكات.
واستنكرت ست منظمات حقوقية سورية، في بيان، «استمرار السلطات السورية باستعمال العنف المفرط في تفريق الاحتجاجات السلمية الواسعة في عدة مدن ومناطق سورية، والتي أدت لوقوع العشرات من الضحايا، وقيام السلطات السورية باعتقالات تعسفية بحق العشرات». والمنظمات الموقعة على البيان هي «المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان»، و«اللجنة الكردية لحقوق الإنسان» (الراصد)، و«لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الإنسان»، و«منظمة حقوق الإنسان»، و«المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة» و«المنظمة العربية لحقوق الإنسان».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد