سوريا: مهمة المراقبين تعود إلى مجلس الأمن والعربي يطالب بـتحرك عسكري دولي
نفت وزارة الخارجية السورية أمس، حدوث «مجزرة» في التريمسة في ريف حماه، مؤكدة أن القوات النظامية شنّت هجوما على «إرهابيين» في البلدة، قتل منهم 37 إضافة إلى مدنيين اثنين، واستهدفت 5 مبان فقط من دون استخدام الأسلحة الثقيلة، لكن بعثة المراقبين التي زارت البلدة للمرة الثانية امس، شككت بتفاصيل الرواية الرسمية، ودعت السلطات إلى وقف استخدام الأسلحة الثقيلة ضد التجمعات السكنية.
وفي حين أثارت منظمة «الصليب الاحمر» الدولية تساؤلات عديدة بتوصيفها الأحداث السورية على أنها «صراع مسلّح غير دولي»، عرضت ايران استضافة حوار بين النظام والمعارضة السوريين. أما «المجلس الوطني السوري» المعارض فدعا الرئيس الأميركي باراك اوباما إلى التحرك فورا بشأن سوريا، فيما تستمر المشادات حول الموقف المرتقب لمجلس الامن الدولي هذا الاسبوع من التمديد لبعثة المراقبين.
وطالب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي المجتمع الدولي بالتحرك لوقف الحصار عن المدن السورية وإطلاق سراح المعتقلين، وقال العربي خلال كلمته اليوم في القمة الإفريقية في أديس أبابا، «لا بد أن يكون هناك دور لمنظمات السلم والأمن لإجبار الحكومة السورية على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة»، مشيرا إلى «ضرورة قيام مجلس الأمن والمجتمع الدولي بفض الحصار وحماية المدنيين».
وطالب الأمين العام للجامعة العربية بإصدار قرار تحت الفصل السابع في الأمم المتحدة يلزم الحكومة السورية «بوقف أعمال العنف والقتل وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وخطة كوفي أنان»، مشيرا إلى أنه «أصبح من غير المقبول التردد في إصدار قرار يوقف نزيف الدم في سوريا».
وبعد ثلاثة ايام من الروايات الرسمية والدولية المتناقضة، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي خلال مؤتمر صحافي في دمشق بأن الاحداث التي شهدتهــا البلـدة «ليـست مجـزرة». وقال إن العملية التي قام بها الجيش «ليست مجرزة او هجوما من الجيش على مواطنين» بل «اشتباك بين الجيش وجماعات ارهابية مسلّحة لا تؤمن بالحل السياسي». واستند الى «شهادة رجل جليل» قام بدفن القتلى ليؤكد ان عدد القتلى لا يتجاوز «37 مسلحا ومدنيين اثنين».
ولفت مقدسي الى أن قوات حفظ النظام «لم تستخدم الطائرات ولا الدبابات ولا المدفعية» في مهاجمة التريمسة، معتبرا ان «كل كلام عن استخدام اسلحة ثقيلة في الهجوم على التريمسة عار عن الصحة». وقال إن «خمسة مبان فقط هي التي تعرضت للهجوم من قبل قوات حفظ النظام» في التريمسة، مشيرا الى ان «الاضرار» في البلدة «اقتصرت على هذه المباني فقط التي اتخذها المسلحون مراكز للقيادة».
واعتبر ان الرسالة التي بعث بها الموفد الدولي كوفي انان الى مجلس الامن بشأن ما حصل في التريمسة «متسرعة الى أبعد الحدود وغير مبنية على ما حدث». واتهم انان في هذه الرسالة الحكومة السورية «بالاستخفاف» بقرارات الامم المتحدة، معتبرا ان «استخدام المدفعية والدبابات والمروحيات في (التريمسة) الذي اكدته بعثة الامم المتحدة في سوريا، يعد انتهاكا للالتزامات والتعهدات التي قطعتها الحكومة السورية بوقف استخدام الاسلحة الثقيلة» في المدن.
في المقابل، جاء في بيان صادر عن المتحدثة باسم بعثة المراقبين الدوليين سوسن غوشة في وقت لاحق مساء أمس، أن البعثة التي قامت بزيارة ثانية الى التريمسة «تدعو الحكومة السورية الى التوقف عن استخدام الاسلحة الثقيلة في التجمعات السكنية واتخاذ كل الاجراءات اللازمة للحد من الاصابات في صفوف المدنيين». واكد البيان ان القوات النظامية السورية «استخدمت اسلحة مباشرة وغير مباشرة ومن ضمنها المدفعية والهاون واسلحة خفيفة» في هجومها على التريمسة.
وأعلن الوفد في تقرير عقب زيارته الاولى للبلدة أن الهجوم الذي شنّته القوات السورية على بلدة التريمسة «استهدف على ما يبدو مجموعات ومنازل محددة، بشكل رئيسي الجنود المنشقين والناشطين»، معتبرا أن «اسلحة متنوعة استخدمت في الهجوم بينها المدفعية وقذائف الهاون واسلحة خفيفة». واكد ان «عدد الضحايا لا يزال غير واضح».
من جهته، قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام حسن، إن سوريا تشهد «صراعاً مسلحاً غير دولي. وبالرغم من أن القتال لم يصل إلى كافة المناطق السورية الا أن العنف الذي كان متركزا في ثلاث مناطق بشكل أساسي قد انتشر إلى مناطق متعددة أخرى وهذا لا يعني ان جميع المناطق في شتى أرجاء البلاد لا تتضرر من العمليات الحربية». وأوضح حسن :«ما يهم هو تطبيق القانون الدولي الإنساني على القتال بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة حيثما يقع في شتى أنحاء البلاد» مضيفاً أن تطبيق القانون «يشمل ولا يقتصر بالضرورة على حمص وإدلب وحماه».
وعلى المستوى الديبلوماسي، اعلن المكتب الاعلامي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن كوفي انان سيصل اليوم الى موسكو وسيعقد لقاء غدا مع بوتين، مشيرا الى أن «روسيا ستؤكد دعمها لخطة السلام التي طرحها» الموفد الدولي.
من جانبه، اتصل الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون هاتفيا السبت الماضي بوزير الخارجية الصيني يانغ جيشي لمطالبته بأن تستخدم بكين «نفوذها» من اجل ان يتم تطبيق خطة انان لوقف العنف في سوريا. ويزور بان كي مون الصين الاسبوع المقبل للمشاركة في المؤتمر الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الافريقي.
وعرض وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي في تصريحات لقناة «العالم» الايرانية الناطقة باللغة العربية امس، ان ايران، «مستعدة لدعوة المعارضة السورية الى طهران لاجراء حوار مع الحكومة السورية».
وقال رئيس «المجلس الوطني» المعارض عبد الباسط سيدا في حديث لقناة «سي ان ان»: «نود ان نقول للرئيس اوباما ان انتظار يوم الانتخابات لاتخاذ قرار بشأن سوريا ليس امرا مقبولا بالنسبة للسوريين». واضاف «لا نفهم لماذا تتجاهل قوى عظمى سقوط عشرات الاف القتلى المدنيين السوريين بسبب انتخابات رئاسية يمكن للرئيس ان يفوز فيها او يخسرها».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد