عاصمة جرائم الحرب
الجمل- وليام لويس- ترجمة: د. مالك سلمان:
واشنطن دي سي هي عاصمة طبقة مجرمة حرب تحصد دماءَ الأمريكيين لتشنَ حروباً خارجية للهيمنة على الموارد والسيطرة السيكولوجية الداخلية. يتم تطبيق إجراءات حربية بشكل روتيني بهدف خداع الجماهير وتركها في حالة من الصدمة والتحرك الدائم باتجاه الاستعمار الخارجي ضد مجموعات مستهدَفة ترغب واشنطن وشركات النفط الغربية في الاستيلاء على مواردها الطبيعية وسرقة أراضي شعوب العالم الثالث لتمرير خطوط الأنابيب الاستراتيجية عبر آسيا الوسطى.
أثرَ الأرز القادم من آسيا لإعادة بناء اليابان بعد الحرب وعواملُ أخرى في تدخل الولايات المتحدة في فيتنام. كانت تلك الأمة مقسمة على طول خط العرض 16 في سنة 1954 من قبل روسيا والصين والولايات المتحدة بانتظار انتخابات كان من المقرر أن تجري في سنة 1956 لتوحدَ الشمال والجنوب.
لم تسمح "سي آي إيه" بحصول الانتخابات وقامت, بدلاً عن ذلك, بتنصيب دكتاتورية بوليسية سرية.
ماذا حصل بعد ذلك؟ قصف جنوب فيتنام بالنابالم والقنابل وقيام "سي آي إيه" باغتيال "الفيتكونغ" الثوريين وعائلاتهم لوقوفهم في وجه الكولونيالية.
قدمت أحداث 9/11 الذريعة للحكومة الأمريكية لمهاجمة أفغانستان والعراق للسيطرة على الموارد النفطية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. أنشأت الولايات المتحدة عدة قواعد عسكرية في أوزبكستان, وباكستان, وكرغيزستان, ووقعت الملايين من العقود الخاصة مع شركات مثل "كيللوغ براون" و "روت" لبناء قواعد عسكرية أمريكية في هذه البلدان بالإضافة إلى قواعد جوية لقصف البلدان, بما في ذلك العراق. وهناك الآن قواعد في أكثر من 1000 بلداً, بالإضافة إلى إجراءات حربية يتم من خلالها قتل الشعوب المستهدَفة من قبل الولايات المتحدة وقوات الناتو. وتشمل القواعد المتخصصة في شن الحروب المدمرة كوريا الجنوبية, وألمانيا, والبلقان, وقطر, وعُمان, والسعودية, من بين بلدان أخرى.
يعمل قادة واشنطن بشكل روتيني على استحضار فكرة وجود مخاطر خارجية تهدد الأمة في محاولة ساخرة لبناء عقيدة لدى الجمهور الأمريكي يتم من خلالها تفحص موارد الأمم الأخرى – من قبل العقائد التنفيذية – بصفتها ملكاً للأمريكيين.
تعمل أرباح شركات الأسلحة على نقل الثروة من القطاع العام إلى القطاع الخاص وتفرض الضرائب على غالبية الطبقة العاملة والوسطى, بينما يعاني الفقراء والمحرومون من البطالة لغياب فرص العمل.
إن اغتيالَ المدنيين حدث روتيني في عقيدة الحرب على التمرد المضاد. فقد اغتالت "سي آي إيه", أو خططت لاغتيال, أكثر من 50 زعيماً أجنبياً, في تشيلي, والعراق, وليبيا, وبَنما, والسلفادور. ويمكن للاغتيالات, أو مؤامرات اغتيال القادة, أن تأخذ أشكالاً مثل أساليب تفجير الطائرات التي تتواجد على متنها شخصيات مستهدفة من قبل "سي آي إيه", أو دعم الفصائل العسكرية التي يدفعها كرهها للجنرالات الذين يتمتعون بشعبية كبيرة إلى محاولة اغتيالهم. كما تستخدم "سي آي إيه" فرق الموت لقتل المعارضين السياسيين والقادة الدينيين الداعمين للفقه التحرري من أمثال الأسقف روميرو, لكنها تشارك أيضاً في عمليات اغتيال وحشية لسياسيين وجنرالات يقاومون, أو لا يتماشون مع, أهداف السياسة الخارجية للمجمع العسكري- الصناعي أو الشبكة النقابية الإجرامية لمافيا "سي آي إيه", من أمثال رافايلو تروجيللو (جمهورية الدومينيكان), ونغو دينه دييم (فيتنام). إن "سي آي إيه" تعمل كملحق للآلة الحرب الإجرامية الجماعية وتقوم بحماية ثروات النخب المهيمنة على "وول ستريت".
يتم قتل المدنيين الأبرياء مع استهتار كبير بحقوق الإنسان والسيادة. إذ يتم ذبح النساء والأطفال من قبل الجيش الأمريكي و "سي آي إيه" التي تعمل على اغتيالهم من خلال أساليب على غرار "عملية فينيكس" التي تقوم على برامج معسكرات الاعتقال ومكافحة التمرد.
إن معاداة الشيوعية هي المحرك الرئيس للسياسات الأمريكية في العالم التي تعمل على قتل بلدان العالم الثالث الأصلية, هذا فضلاً عن التدخل في عملياتها الانتخابية و تدمير بناها التحتية. إن صفقات الأسلحة عامل روتيني في شرح هذه العملية حيث تتم التضحية بحقوق السكان الأصليين لصالح الأرباح المتأتية من بيع الأسلحة, والغزو الأوروبي العرقي, والحرب الدائمة تحت الراية الوطنية التي ترفرف فوق فرق القتل التي تذبح المدنيين من أجل الدولارات الملوثة بالدماء التي يجنيها المساهمون. كما يطال القبح الذي يميز الحرب الإمبريالية الأمريكية التعذيب في نظام سري في القواعد حيث يتم تعذيب الرجال بلا أية محاكمات أو إجراءات قانونية في ظل الدستور الأمريكي. كما أن القنابل الأمريكية عامل روتيني آخر في زهق الأرواح البريئة, وتبين كيف يعمل دافع الربح على تقويض أي قيمة للأعراق الأخرى بصفتها زائدة عن الحاجة.
أما المحتجون الذين يتجمعون بالقرب من مواقع قواعد الطائرات الآلية, حيث تعمل أنظمة القيادة والسيطرة على القتل الروتيني للمدنيين في باكستان واليمن والصومال وأفغانستان والعراق والفيليبين والنيجر, فيتم التعاطي معهم بصفتهم مجرمين حيث يواجهون أحكاماً بالسجن بينما يبقى المجرمون المرضى الذين ينفذون أوامر مجرمي الحرب في الدولة طلقاءَ يقتلون المدنيين الذين لم يروا وجوههم أبداً.
تستخدم الدولة البوليسية الحجج العقلانية في إبادتها للمجموعات الأخرى بناءً على أعراقها, وتعمل على تعميم الفكرة القائلة إن الهجمات موجهة ضد عرق أشبه بالحيوانات أو الحشرات بحيث يتم تقنين التفكير العقلاني في دوائر ضيقة تتوجه نحو القتل ونهب الثروات أو احتجاز تلك المجموعات في معسكرات الاعتقال. فقد أنفق البنتاغون ملايين الدولارات على إطلاق عملية مكافحة الإرهاب الداخلي في الولايات المتحدة على شكل فرق شبه عسكرية تشمل عدة وكالات فدرالية وحكومية ومحلية. ويمكن أن تهدف الخطة إلى معالجة الاضطرابات الداخلية لقمع الشعب الأمريكي في حرب إبادة على غرار الحالة التاريخية في بلدان العالم الثالث بإشراف الدولة البوليسية الأمريكية الإمبريالية. فقد عمل "مكتب السلامة العامة" بمثابة واجهة لوكالة الاستخبارات الأمريكية وهو فرع من "يو إس إيد", التي تدير برامج النشاطات المدنية التي تشكل غطاءً لاختراق "سي آي إيه" للمجموعات المستهدَفة التي تقاوم الإبادة الإمبريالية الأمريكية. ويتم إعطاء الأوامر لشبكات المخبرين باستهداف واغتيال القادة الثوريين بشكل عام.
العبودية والحرب متشابهان, كما في حالة معتقلي غوانتانامو؛ حيث تم بيع الكثير من هؤلاء الرجال إلى الولايات المتحدة والناتو من قبل أمراء الحرب التابعين لحلف شمال الأطلسي. ولا يزال هؤلاء الرجال في معسكرات الاعتقال في "باغرام" و "غوانتانامو" ومواقع سرية في الصومال, حيث يتم تعذيبهم بالإغراق بالماء والإطعام القسري.
يجب على الكونغرس الأمريكي أن يطالب بحقه في إعلان الحرب بحيث يمكنه رفض الحروب الدائمة التي لا تنتهي والتي لا تنسجم مع الجمهورية الدستورية, حيث يتم استخدام هذه القوى في سلب الحريات, بما في ذلك "التعديل الرابع". كما أن فقدان الخصوصية والخوف من معارضة الحرب بسبب احتمال مواجهة السجن في ظل "قانون تفويض الدفاع الوطني" الذي يمكن أن يتهمَ المعارضين السياسيين بمساعدة العدو "الإرهابي", يشكلان غياباً للكرامة الإنسانية بالنسبة إلى المواطنين الأمريكيين.
إن الدولة المهددة بالحرب على الدوام لا تتماشى مع الحكم الدستوري, كما أنها لا تنسجم مع المجتمع الديمقراطي.
إن خلق الأعداء الدائمين وتحريك الشعب ضدهم بشكل متواصل يولد الخوف والكراهية والتسلح, حيث يتم اختبار الأسلحة الجديدة على المجموعات المستهدفة سواء في العراق, أو بنما, أو فيتنام, أو أفغانستان.
على خلاف ما يعتقد الكثيرون حول الغزو الأمريكي لأفغانستان, لم يكن الغزو يستهدف أولئك الذين نفذوا هجمات أيلول, بل لبناء خط أنابيب لنقل نفط بحر قزوين من تركمستان, عبر أفغانستان, وإلى الموانىء الباكستانية بالقرب من المحيط الهندي.
وضعت "المادة 1", الفقرة 8, من الدستور الأمريكي بهدف لجم السلطة التنفيذية من خلال ضمان بقاء قرار إعلان الحرب داخل المجلس السيادي.
من المتوقع أن تجدَ أمة إمبريالية مجرمة حرب قتلت الملايين في الهند الصينية والعراق برادلي مانينغ مذنباً بتهمة ارتكاب الجرائم بهدف التغطية على الجريمة الحقيقية المتمثلة في القتل الجماعي في عدة بلدان. ولا تكشف الوثائق التي سرَبَها مانينغ سوى اليسير من الجرائم التي تتحمل الولايات المتحدة مسؤوليتها على مستوى كوني من خلال العمليات السرية والتدخلات العسكرية المباشرة في السلفادور, وغواتيمالا, وبنما, ولاوس, وكمبوديا, والعراق, وأفغانستان.
http://www.counterpunch.org/2013/08/21/dc-the-war-crime-capital/
تُرجم عن ("كاونتر بنتش", 21 آب/أغسطس 2013)
الجمل
إضافة تعليق جديد