غـزة تـودّع 6 شـهداء ونتنياهـو يتـوعّـد
وجدت غزة نفسها في اليومين الماضيين في مواجهة عدوان إسرائيلي جديد تفجر أمس الأول، وصلت حصيلته إلى ستة شهداء وعشرات الجرحى. لكن المقاومة بغالبية فصائلها ردّت بشكل متواصل على الاعتداء بعشرات الصواريخ وقذائف الهاون. أما سياسياً، فما كان من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي لا يريد سوى أن يظهر بمظهر «القوي» مع اقتراب الانتخابات التشريعية، إلا أن أكّد أن إسرائيل «لن تقف مكتوفة اليدين»، ملوّحاً باستعدادها للرد «بشدة أكثر». وبالطبع، ربطت معظم الصحف العبرية الاعتداء على غزة بانتخابات الكنيست في كانون الثاني المقبل.
ورداً على صواريخ المقاومة، (أ ف ب) حذّر نتنياهو من أن إسرائيل «مستعدة للتصعيد»، مضيفاً خلال اجتماع حكومته الأسبوعي، «يجب أن يفهم العالم أن إسرائيل لن تقف مكتوفة اليدين في مواجهة محاولات مهاجمتنا. نحن مستعدون للتصعيد عبر تكثيف تحركاتنا».
وكشفت القناة العاشرة الإسرائيلية، بحسب وكالة «سما»، أن نتنياهو يدرس تنفيذ عملية برية كبرى في القطاع، مشيرة إلى انه أجرى مشاورات مع قادة الأجهزة الأمنية، كما أنه سيعقد اليوم اجتماعا مع السفراء الأجانب في تل أبيب لاطلاعهم على التطورات، في ما اعتبر إشارة إلى نيته تنفيذ عمليات عسكرية أوسع.
وفي وقت لاحق، هدد وزير الدفاع إيهود باراك حكومة حماس بأنها ستدفع «ثمناً باهظاً وموجعاً»، على اعتبار أنها «مسؤولة عن إطلاق الصواريخ... حتى عند مشاركة مجموعات أخرى في ذلك». وأضاف ان «إسرائيل لن تقبل بقواعد لعبة جديدة تضعها حماس»، مشيراً إلى أن «الجيش وفقا لتعليماتي يقوم الآن بدراسة توسيع نطاق العملية العسكرية ضد قطاع غزة».
وكان باراك قلّل من شأن التكهنات بأن الانتخابات المقبلة ستؤثر في السياسة المتعلقة بغزة. وقال لراديو الجيش «لا أعتقد أن الانتخابات يجب أن تكون عاملا يوضع في الاعتبار في كيفية تصرفنا. ليس الهدف منها جعلنا نتجنب اتخاذ اجراء... كما أنه ليس الهدف منها دفعنا إلى استغلال فرصة ما للقيام بعملية».
وقبل العدوان استهدف مقاومون من «كتائب أبو علي مصطفى» الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جيباً عسكرياً إسرائيلياً بصاروخ يعتقد أنه «كورنيت»، ما أسفر عن إصابة أربعة جنود إسرائيليين بينهم اثنان في حالة الخطر. وبدأ العدوان عندما أطلقت المدفعية الإسرائيلية قذيفة باتجاه مجموعة من الأطفال يلعبون كرة القدم على جبل المنطار الذي يبتعد نحو كيلومتر ونصف الكيلومتر فقط عن الحدود مع الاراضي المحتلة منذ العام 1948، ما أدى إلى استشهاد محمد وأحمد حرارة (17 و15 عاماً على التوالي).
وعقب ما جرى، هرع الأهالي وسكان المنطقة إلى مكان الاستهداف الإسرائيلي قبل أن تعاجلهم المدفعية الإسرائيلية مرة أخرى، وتطلق ثلاث قذائف ما أدى إلى استشهاد أحمد الدردساوي (18 عاماً) ومطر أبو العطا (16 عاماً). وأصيب بالغارتين 40 مواطناً من بينهم عشرة في حالة الخطر ضمنهم تسعة أطفال.
واستشهد مقاومان من «سرايا القدس» الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، هما محمد عبيد الذي استهدف بصاروخ في شمال القطاع، ومحمد شكوكاني الذي استشهد جراء غارة في شمال غرب مدينة غزة، أسفرت عن إصابة أربعة آخرين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد أصيب مواطن في غارة على أرض خالية في حي الزيتون في شرق مدينة غزة، كما جُرح مواطنان إثر استهداف طــــائرات الاحتــــلال بصاروخين منزلا في جباليا في شمـــال القطاع.
كذلك، قصفت طائرة استطلاع بصاروخين مجموعة من المقاومين في شارع السكة في شرقي جباليا، إلا أن المجموعة نجت من القصف، يضاف إلى ذلك استهداف أرض خالية في غرب رفح قرب موقع تابع لـ«كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة حماس، فضلاً عن غارات أخرى استمرت طوال يوم أمس.
واتهم المتحدث باسم وزارة الصحة المقالة أشرف القدرة الاحتلال بالتركيز «في إرهابه المنظّم» على الفتيان والأطفال، مضيفاً «هذا الأمر دلّت عليه أعداد الشهداء والجرحى خلال الثلث الأول من تشرين الثاني الحالي، حيث ان معظم الشهداء والجرحى كانوا ما بين 13 و20 عاماً».
من جهته حمّل عضو المكتب السياسي لحماس عزت الرشق الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن التصعيد، مؤكداً أن «المقاومة لن تظل مكتوفة اليدين... ورجالها قادرون على ردع العدوان الإسرائيلي».
ولم تسكت فصائل المقاومة الفلسطينية عن العدوان، بل انهالت عشرات الصواريخ على البلدات المحيطة بالقطاع. ونشرت «سرايا القدس» صوراً لراجمة صواريخ جديدة استخدمتها في القصف الذي استهدف التجمعات العسكرية حول القطاع بأكثر من مئة صاروخ وقذيفة. ولم تنجح القبة الصاروخية الإسرائيلية سوى بصد صاروخين.
كذلك، أعلنت «كتائب القسام» بالاشتراك مع عدد من الفصائل قصفها المواقع العسكرية الإسرائيلية حول القطاع بالصواريخ. وجاء في بيانهم المشترك أن مجاهدي «كتائب القسام» و«كتائب المجاهدين» و«ألوية الناصر صلاح الدين»، و«كتائب الناصر»، و«كتائب الأنصار» و«حماة الأقصى»، «تمكنوا بعون الله وتوفيقه وقوته من قصف مواقع العدو الصهيوني المحاذية لقطاع غزة برشقات من القذائف الصاروخية».
وحذّرت الفصائل «العدو من التمادي في عدوانه»، مؤكدة أن «المقاومة على أهبة الاستعداد، ولن تقف مكتوفة اليدين أمام أي تصعيد أو عدوان صهيوني، وعلى العدو أن يعرف رسالة المقاومة جيداً».
ورفضت كل من الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي الحديث عن أي تهدئة مع الاحتلال في ظل التصعيد القائم.
وأسفرت صواريخ المقاومة عن إصابة ثلاثة إسرائيليين في سديروت، فضلاً عن الأضرار التي لحقت بمنازل المستوطنين.
وربطت الصحف الإسرائيلية بين العدوان على غزة والانتخابات التشريعية الإسرائيلية في كانون الثاني المقبل، وعنونت صحيفة «اسرائيل هايوم» الموالية للحكومة «لقد آن الأوان للضرب»، بينما اعتبرت صحيفة «معاريف» المملوكة لأحد كبار المستوطنين أن «حماس تحاول استغلال الانتخابات في إسرائيل لشن هجمات»، على اعتبار أن نتنياهو لن يرد خوفاً من اتهامه باستغلال العدوان في حملته الانتخابية.
أما «هآرتس»، فكتبت «خطر، الانتخابات المقبلة»، مضيفة ان «كل طلقة وكل حادث يوقع جرحى إسرائيليين يقرّبان إسرائيل من عملية عسكرية»، لكنها أكدت أن نتنياهو لا يؤيد مثل هذا الاحتمال. وذكــــّرت أنه قبــــل ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية في العام 2009، شنَّ رئيس الوزراء ايهود أولمرت الحرب على غزة.
من جهتها، هاجمت «يديعوت» السياسة الأمنية تجاه غزة، وكتب المحلل العسكري أليكس فيشمان أن «الفلسطينيين يهزأون منا... فالصيغة التي أرستها الحكومة والقائمة على الرد على إطلاق الصواريخ عبر غارات جوية هي في الواقع اعتراف بالعجز والفشل».
ضياء الكحلوت
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد