فوضى سوق المياه المعبأة

10-08-2009

فوضى سوق المياه المعبأة

تعاني أسواقنا من فوضى في سوق المياه المعبأة، وتغزو الأسواق عشرات الأصناف من ماركات مصدرها الظاهر دول الجوار وأخرى قادمة من دول الخليج العربي... إضافة إلى إنتاج الشركات المحلية الأربع: بقين - والفيجة - والدريكيش - والسن..‏‏

واللافت أن الأصناف الوافدة تباع بسعر زهيد جداً وفي أحيان كثيرة يقل سعر مبيعها عن تكلفة العبوة ذاتها.. الأمر الذي يثير التساؤلات حول مدى وثوقية المياه الواردة وصلاحيتها للاستهلاك، وكيفية إغراقها للسوق المحلية..‏‏‏‏‏

الغريب أن هذا الاغراق يتم في ظل غياب أي خطة مبرمجة للاقتصاد والتجارة لضبط المنتج الوافد ولو بالحدود الدنيا التي تتضمن بطاقة بيان تتناسب محتوياتها مع مضمون العبوة.‏‏‏‏‏

ونشير هنا إلى أن إعداد هذا التحقيق قد تم قبل دمج الشركات الأربع في شركة واحدة، لكن واقع الشركات مازال يلقي بظلاله على الشركة الحديثة.‏‏‏‏‏

يعد منتج مياه الفيجة من أحدث مواليد المياه المعبأة محلياً، ولكن هل بمحض صدفة أن يحضر إلينا منتج قادم من الأردن يحمل نفس الاسم (مياه فيجة) وقبل طرح إنتاج الشركة في الأسواق بشهر واحد فقط؟!‏‏‏‏‏

مدير معمل تعبئة مياه عين الفيجة المهندس نصر اسماعيل أوضح أن المنتج الوافد تمت تعبئته في المنطقة الحرة بدرعا ويباع على أنه معبأ في الأردن ونتيجة لتدخل مؤسسة الصناعات الغذائية ووزارة الصناعة قامت وزارة الاقتصاد بمنع بيعه ومصادرته وتم رفع دعوى قضائية.‏‏‏‏‏

واللافت في القضية أن المنتج عاد للظهور في الأسواق بعد عدة أشهر وبسعر بخس وتدخلت الوزارة لدى الاقتصاد لمصادرته مجدداً..‏‏‏‏‏

وما يدعو للريبة قيام بعض مديريات التجارة الداخلية حينها في بعض المحافظات كاللاذقية ودير الزور بمصادرة منتج مياه الفيجة الجديد بدلاً من مصادرة المادة الوافدة، ماأساء لسمعة المنتج المحلي ولم تنته الأمور إلا بتطييب خواطر المعنيين بحماية المستهلك؟!‏‏‏‏‏

تهريب المياه المعبأة وبغض النظر عن مدى صحة محتواها غدت خياراً رائجاً ساهم في رواجه تقصير جمركي هنا وإهمال تمويني هناك فمثلاً في السيدة زينب تباع عبوة المياه الوافدة من دول الجوار وبسعة 10 ليترات فقط بـ 25 ليرة وبشكل علني أمام المحال التجارية دون أي رقابة تسأل وشكلها يوحي بأنها معبأة يدوياً.‏‏‏‏‏

وفي جرمانا يباع صندوق المياه ماركة بيور الأردنية بسعر المفرق نحو المئة ليرة فقط.‏‏‏‏‏

أما عبوة مياه الوديان سعة 5 غالون فتباع تبديلاً فقط بسعر 30 ليرة أي تباع المياه بأسعار لاتتناسب مع أدنى تكلفة ممكنة ما يثير الريبة حول جودتها.‏‏‏‏‏

وبلغ الاستهتار بأنظمة الرقابة المتبعة حداً لا يصدق، كأن تعمد شركة مجاورة يدخل إنتاجها للسوق المحلية تهريباً ببيع عبواتها سعة 10 ليترات بسعر 25 ليرة فقط مع إضافة رقمين خليويين على لصاقة العبوة لخدمة الزبائن محلياً مع أن الرقمين تعتمدهما شبكات الخليوي العاملة لدينا وحسب بعض المصادر فإنه يرجح أن تكون تعبئة محتواها تتم محلياً في معامل الكازوز والمرطبات بعيداً عن الرقابات بأنواعها؟!‏‏‏‏‏

حتى شركات النقل السياحية دخلت على خط تجارة المياه المعبأة وعمدت إحدى الشركات إلى تسويق منتج يحمل اسمها في ظل غياب أي تحليل للعناصر الأساسية للمياه على بطاقة البيان التي تحملها العبوة أو شهادة منشأ على مصدر المياه ونوعها؟!‏‏‏‏‏

وعملاً بمقولة شريك المياه لا يخسر قامت بعض الشركات المحلية المعنية بإنتاج المرطبات والمشروبات الغازية باستيراد مياه ظاهرها معبأة لصالح هذه الشركة أو مستوردة خصيصاً لها وقيام بعضها باستيراد عبوات فارغة لتقوم هي بتعبئتها محلياً وتسويقها على أنها مستوردة لصالحها.‏‏‏‏‏

فهل يعقل أن تباع عبوة مياه مستوردة سعة 10 ليترات فقط بـ 25 ليرة.‏‏‏‏‏

فيما تكلفة العبوة الواحدة من مادة البريفورم تعادل 30 ليرة عدا أجور التعبئة وسعر المياه والشحن ورسوم الجمارك والنقل والتوزيع وربح تاجر المفرق؟‏‏‏‏‏

أحصت شركة تعبئة مياه الفيجة والصناعات الغذائية أكثر من 70 منتجاً خارجياً للمياه في أسواقنا المحلية وطبعاً هذه الإحصائية أغفلت العديد من المنتجات كونها تمت في دمشق وريفها فقط.‏‏‏‏‏

وكان نصيب لبنان منها 48 ماركة والأردن ست والسعودية أربع وتركيا والإمارات ثلاث لكل منهما، فيما وجد منتج محلي يحمل اسم مياه الوديان.‏‏‏‏‏

وتدخلت مؤسسة الصناعات الغذائية في حزيران الماضي لدى الصناعة طالبة التوسط لدى الاقتصاد والتجارة والجمارك لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق مخالفات توزيع المياه في عبوات لا تحمل بطاقة بيانها أي تحليل لعناصر المياه الأساسية أو شهادة منشأ تؤكد مطابقتها لشروط المواصفات القياسية لجهة الاستهلاك البشري والتأكد من علامتها التجارية إن كانت أصلية أو وهمية وكيفية وصولها للأسواق المحلية حفاظاً على سلامة المستهلكين أولاً وحماية للمنتج المحلي من الإغراق.‏‏‏‏‏

مما سبق ذكره نؤكد على خلل في عملية المنافسة لصالح المياه الوافدة على حساب المنتج المحلي لعاملي الجودة والسعر في ظل منحنيات غير نزيهة لجهتي الجمارك والرقابة التموينية والصحية..‏‏‏‏‏

ويقول الدكتور خليل جواد مدير المؤسسة العامة للصناعات الغذائية إنه ورغم الظروف الصعبة واحتدام المنافسة فقد صمدت شركات تعبئة المياه المحلية وحققت وجودها في الأسواق المحلية والخارجية، لماذا؟ لأن مياهنا تملك الوثوقية بجودتها وعناصرها المعدنية والطبيعية فيما المياه الوافدة قد تكون طبيعية وقد تكون معالجة تمت إضافة عناصر معدنية إليها أو سحبت منها عناصر أخرى وهذا يخالف شروط إدخالها التي يجب أن تكون طبيعية..‏‏‏‏‏

وفي بعض الأحيان تدخل المياه المستوردة دون رقابة كافية لافي النوعية ولا الكمية..‏‏‏‏‏

وحسب الدكتور خليل جواد فان سلسلة الاجراءات التي اتخذتها وزارة الصناعة لدى المرجعيات المعنية بدأت تثمر وخاصة مع وزارة الاقتصاد لضبط الأسواق حيال المياه الواردة مثل تعميم الاقتصاد رقم /473/23/14/1/ والذي يطالب مديريات التجارة الداخلية بتسيير الدوريات النوعية للبحث والتحري عن المياه الواردة والمخالفة للشروط المعمول بها بالتعاون مع الجمارك.‏‏‏‏‏

واقتراح وزير الصناعة /229/ على اللجنة الاقتصادية المتضمن عدم جواز استيراد العبوات الفارغة من الشركات المصدرة أو المسجل عليها جرت تعبئتها لصالح إحدى الجهات المحلية المستوردة لها.‏‏‏‏‏

وعدم السماح باستيراد العبوات المملوءة من الخارج ما لم يكن مسجلاً عليها إنتاج الشركة الموردة ومعبأة في دولة التصدير.‏‏‏‏‏

وضرورة إرفاق شهادة المنشأ مع الوثائق الخاصة بالاستيراد للمصادقة عليها مع ربطها بشهادة تحليل مخبرية صادرة عن مخبر معترف به دولياً في دولة التصدير أو في إطار الاتفاقيات المبرمة بين الجهات المختصة في بلد التصدير مع هيئة المواصفات والمقاييس.‏‏‏‏‏

واشترطت الصناعة عند استيراد المياه من أي شركة أن تكون مسجلة في الدولة التي تمارس عملها فيها مع إبراز ما يؤيد ذلك في وثائق الاستيراد وبالتالي عدم جواز إدخال أي بضاعة مالم تكن مرفقة بهذه الوثائق ..‏‏‏‏‏

و في خطوة تتناقض مع أحكام اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى عمدت البلدان المجاورة إلى وضع عقبات أمام تصدير المياه المعبأة محلياً إلى أسواقها وتتمثل بفرض رسوم تحد من قدرة منتجاتنا على المنافسة خارجياً.‏‏‏‏‏

ومن هذه الرسوم مثلاً قام لبنان بفرض ضرائب تصل إلى /30٪/ على المياه المستوردة .‏‏‏‏‏

وبالمقابل عمد الأردن إلى فرض رسم مبيعات بواقع /16٪/على المياه التي تتسع عبواتها لـ 5 ليترات وما دون.‏‏‏‏‏

وعملاً بقواعد المعاملة بالمثل طالبت وزارة الصناعة بكتابها /1079/ في حزيران الماضي وزارة الاقتصاد اتخاذ مايلزم لتطبيق المعاملة بالمثل والتشدد في مكافحة المياه الموجودة في الأسواق بشكل غير نظامي.‏‏‏‏‏

يرى مدير الصناعات الغذائية أن القاعدة في اتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى هي الوصول إلى سوق اقتصادي لا تتخلله رسوم جمركية أو عوائق أخرى بهدف تحقيق تتكامل فيه الصناعات وترتفع من خلاله معدلات التبادل التجاري.‏‏‏‏‏

لكن الاستثناء هوفرض رسوم تحت مسميات مختلفة بدلاً من الرسم الجمركي وهذا يتطلب من وزارتي الاقتصاد والمالية وسفاراتنا متابعة أي رسوم تفرض من قبل البلدان المنضوية تحت تحت سقف اتفاقية التجارة الحرة العربية والمعالجة بإلغاء الرسم وتطبيق الاتفاقية نصاً وروحاً كي لا تفقد مضمونها..‏‏‏‏‏

إذاً، تفرض بعض البلدان رسوماً على المياه الواردة لأسواقها حماية لصناعاتها المحلية فيما أسواقنا تتعرض للإغراق العشوائي، أين نحن من هذا ؟!‏‏‏‏‏

يقول الدكتور فؤاد عيسى الجوني وزير الصناعة : لجأت الوزارة إلى وضع حد أدنى لتسعيرة دخول المياه المستوردة وغير المسعرة تموينياً على بطاقة البيان التي تحملها وبشكل يتناسب وتكاليف المنتج المحلي الملتزم بالتسعيرة ما يتيح فرصة البيع بالتساوي وعدم استغلال المستهلك ..‏‏‏‏‏

وأضاف الجوني: عمدت الوزارة إلى إدخال موضوع المياه والمشروبات الكحولية في قوائم المنتجات المطلوب مراقبتها من شركات المراقبة الدولية التي سيتم التعاقد معها لمراقبة المنتجات الواردة من بلد الاستيراد.‏‏‏‏‏

وحول الرسوم المفروضة على المياه المحلية المعبأة والمخصصة للتصدير الخارجي قال وزير الصناعة : إن هذه القضية منوطة بوزارتي الاقتصاد والمالية ومحكومة بالاتفاقيات الناظمة لها..‏‏‏‏‏

لا ننكر أن شركات تعبئة المياه الأربع : بقين والفيجة والدريكيش والسن تمكنت من المنافسة رغم الظروف القاسية وفوضى الأسواق محلياً وخارجياً وحققت عوائد مادية وهذا يعود لوثوقية المنتج المحلي وشهرته العالمية سواء كانت المياه معدنية أو طبيعية، حيث تعمل شركتي تعبئة بقين والدريكيش منذ أكثر من /30/ عاماً كما حقق المولودان الجديدان الفيجة والسن حضورهما محلياً وخارجياً.‏‏‏‏‏

إلا أن التهريب والتعبئة المحلية لماركات خارجية يزيدان من الصعوبة على المنتج المحلي في المنافسة وهذا ينعكس سلباً حيث تخسر الخزينة فوات عوائد كميات كبيرة من المياه المهربة دون رسوم بدءاً من خسارة بطاقة القبان في الحرم الجمركي كونه لا يتم التصريح عن كامل الكميات أو عدم عبور السيارات للحرم الجمركي ذاته.‏‏‏‏‏

عدنان سعد

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...