قراءة في دعوة ايهود أولمرت إلى عقد مؤتمر سلام إقليمي
الجمل: دعا ايهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى عقد مؤتمر سلام إقليمي، وخلال اللقاء الذي جمع في إسرائيل بينه وبين مستشارة ألمانيا، ورئيسة الاتحاد الأوروبي الحالية، أنجيلا ميركل، صرّح أولمرت قائلاً بأنه ينتهز فرصة وجوده مع رئيسة الاتحاد الأوروبي، لكي يدعو الرؤساء العرب إلى الاجتماع، بما في ذلك ملك السعودية. كذلك أضاف أولمرت قائلاً بأن الاستعداد لقبول إسرائيل والاعتراف بها كأمر واقع، وأيضاً الاستعداد لمناقشة شروط وبنود الحل المستقبلي تمثل خطوة يتوجب تقديرها.
• الخلفية العامة:
وتتمثل في مكونات المشهد الداخلي، والإقليمي والدولي القائم حالياً:
- داخل إسرائيل: تدني شعبية أولمرت، وتزايد شعبية الليكود.
- في المنطقة الإقليمية: تصاعد الأزمة الإيرانية، تكهنات باقتراب ودنو الضربة الأمريكية المتوقعة ضد إيران، نشاط سعودي- أردني- مصري- خليجي في تأييد المواقف الأمريكية، انقسام وحرب باردة عربية- عربية، تورط الناتو في أفغانستان.
- في المجال الدولي: العقوبات ضد إيران، تردد روسي في دعم إيران، ارتفاع أسعار النفط، تدني شعبية بوش والجمهوريين، مواجهة سياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين.
• حيثيات دعوة أولمرت:
وتتمثل في (الإشارات) التي حملتها أحاديث وتصريحات أولمرت والتي أوضحت الآتي:
- المؤتمر سيكون من أجل تبادل وجهات النظر.
- الرغبة الإسرائيلية في الاجتماع علناً مع ملك السعودية.
- جعل دول الاتحاد الأوروبي تفهم بأن إسرائيل لا تعارض المحادثات والسلام مع العرب.
- دعم وتعزيز موقف المعتدلين العرب.
• ردود الأفعال:
وتمثلت أبرز ردود الأفعال في الآتي:
- اقتراح الولايات المتحدة ومصر بأن توافق إسرائيل بسرعة على البدء في المحادثات مع (لجنة الدول العربية) حول كيفية التحرك والانتقال من أجل المضي قدماً في عملية السلام.
- (خبير اللوبي الإسرائيلي) ديفيد ماكوفيسكي قال بضرورة إقامة أرضية مشتركة حول السلام بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة، واللجنة الرباعية لدولية حول الشرق الأوسط، تضم: (أمريكا، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، وروسيا).
- دينيس روس، المبعوث الأمريكي السابق في الشرق الأوسط، والباحث بمعهد واشنطن قال بأن الخطة السعودية يجب التعامل معها كـ(استفتاحية).
- نشرت صحيفة ديكافيل الالكترونية الإسرائيلية تقريراً استخبارياً يقول بأن سوريا وحزب الله يخططان لتوجيه ضربة خاطفة ضد الإسرائيليين في مرتفعات الجولان.
• التوقعات حول مؤتمر السلام:
- المواقف المتفائلة: تستند المواقف المتفائلة إلى أن حكومة أولمرت ظلت راغبة في إجراء محادثات سلام مع الأطراف العربية، وبالذات بعد هزيمة القوات الإسرائيلية على يد رجال حزب الله اللبناني، ولكنها لم تتمكن من التقدم في مشروع التفاوض بسبب رفض الإدارة الأمريكية القائم على أساس موقف جماعة المحافظين الجدد الداعم للتوجهات الليكودية داخل إسرائيل، والتي تروج للحرب وتصعيد الصراع مع العرب، والتخلي عن كل الاتفاقيات والارتباطات السابقة بما في ذلك اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، واتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين، واتفاقية السلام الإسرائيلية- الأردنية.. ويرى المتفائلون بأن ضعف الموقف الأمريكي في العراق، والذي أدى إلى إضعاف موقف الجمهوريين، والذي بدوره أدى إلى إضعاف موقف الإدارة الأمريكية وجماعة المحافظين الجدد، قد أدت جميعها إلى إفساح المجال أمام الحكومة الإسرائيلية لاستغلال الفرصة والدعوة لهذا المؤتمر بحضور رئيسة الاتحاد الأوروبي، وذلك ضمن إشارة واضحة بأن إسرائيل تتوافق مع الموقف الأوروبي الداعم لعملية استئناف مباحثات السلام، وذلك على النحو الذي ينقل إشارة واضحة للبيت الأبيض الأمريكي بأن علاقات عبر الأطلنطي سوف تتأثر سلباً هذه المرة، إذا حاولت أمريكا عرقلة مؤتمر السلام، مثلما كانت تفعل في الماضي متذرعة أمام حلفاءها الأوروبيين بأن إسرائيل لا تريد التفاوض والتباحث بسبب الإرهاب، وهذه المرة لن يكون هناك من ذريعة تستند عليها الإدارة الأمريكية خاصة وأن إسرائيل، وبحضور رئيسة الاتحاد الأوروبي قد دعت إلى مؤتمر السلام.
- المواقف المتشائمة: تستند المواقف المتشائمة إلى الفرضية القائلة بأن إسرائيل والإدارة الأمريكية تنسقان بإشراف جماعة المحافظين الجدد من أجل كسب الوقت وتغيير قواعد اللعبة بما يؤدي إلى تغيير التوازنات داخل أمريكا، وفي منطقة الشرق الأوسط، وذلك عن طريق:
* تهدئة الرأي العام العالمي بأن إسرائيل والإدارة الأمريكية تعملان من أجل السلام.
* دعم موقف حكومات دول المعتدلين العرب، أمام حركة السخط الشعبي التي بدأت تتصاعد داخل مصر والأردن والسعودية من جراء السياسات الإسرائيلية والتصعيد العسكري الأمريكي في منطقة الخليج، واستمرار الاحتلال الأمريكي للعراق.
* دعم موقف فتح- محمود عباس، المؤيد لإسرائيل، وإضعاف موقف حركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية، بحيث يتناقص تأييد الشارع الفلسطيني لحركة حماس، ويتحول ل صالح فتح- محمود عباس.
* تهدئة الرأي العام الإسرائيلي الساخط ضد حكومة اولمرت باعتبارها لم تحقق شيئاً لا في ملف الحرب ولا في ملف السلام، وجعل الشارع الإسرائيلي يجدد دعمه لحكومة اولمرت أملاً بأن هناك مشروع سلام على وشك التحقق، وقد قال اولمرت بأنه يتوقع أن يحقق السلام الشامل مع العرب خلال فترة خمسة أعوام، وبكلمات أخرى فإن اولمرت يريد باختصار أن يدفع الشارع الإسرائيلي لكي يصوّت له لفترة الولاية الرئاسية القادمة.
* صرف النظر عن الاستعدادات الحربية ضد إيران، بحيث يتسنى لأمريكا وإسرائيل توجيه ضربة مفاجئة خاطفة ضد إيران، وفي الوقت نفسه يضمنان عدم وجود أي ردود أفعال عدوانية من المنطقة العربية ضد إسرائيل، طالما أن هناك مشروع سلام تحت التنفيذ.
وعموماً فإن هامش حركة اولمرت يتقيد بشكل أساسي بالرأي العام الإسرائيلي، والذي لن يستطيع أولمرت مطلقاً تجاوز خطوطه الحمراء.. وفي هذا الصدد، فإن آخر مسح للرأي العام الإسرائيلي إزاء المبادرة السعودية، قام بإجرائه مركزان إسرائيليان هما:
أ- مركز تامي شتاينميتز لبحوث السلام.
ب- برنامج إيفان للوساطة وحل النزاع، التابع لجامعة تل أبيب.
نتائج المسح كانت على النحو الآتي:
- العينة الأولى: (62% من الإسرائيليين سمعوا بالمبادرة السعودية)، منه:
أ- 56% يؤيدون الاستجابة للمبادرة.
ب- 38% يعارضون الاستجابة للمبادرة.
- العينة الثانية: الإسرائيليون الذين لم يسمعوا شيئاً حول المبادرة السعودية.. (38% من الإسرائيليين لم يسمعوا شيئاً حول المبادرة السعودية)، منهم:
أ- 42% يؤيدون ضرورة أن تستجيب إسرائيل للمبادرة.
ب- 48% يعارضون أن تستجيب إسرائيل للمبادرة.
وقد لخص الخبراء الإسرائيليين موقف الرأي العام الإسرائيلي إزاء المبادرة السعودية على النحو الآتي:
- توجد مؤشرات داخل إسرائيل من أجل المحادثات بهدف التوصل إلى اتفاقية سلام إقليمي تقوم على أساس المبادرة السعودية، ولكن توجد الكثير من الشكوك حول قدرة حكومة أولمرت على إجراء مثل هذه المفاوضات والمباحثات، فقد انهزم أولمرت في الحرب ضد حزب الله، وبالتالي فهو سوف ينهزم في المفاوضات أيضاً برأي كثير من الإسرائيليين.
- 72% من الإسرائيليين يعتقدون بأن حكومة أولمرت لا تملك الدعم والتأييد الشعبي الكافي في الشارع الإسرائيلي لكي تقوم بالتفاوض حول اتفاقية الوضع النهائي للصراع العربي الإسرائيلي، خاصة وأن المباحثات هذه المرة لن تكون على أساس التفاوض (الثنائي) مع الأطراف العربية، بل سوف تكون مفاوضات شاملة (متعددة الأطراف).
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد