كائنات "المنطقة الخضراء" ووحوشها المقدسة

06-12-2007

كائنات "المنطقة الخضراء" ووحوشها المقدسة

الجمل: تناقلت الصحف ووكالات الأنباء والإعلام ومراكز الدراسات مصطلح "المنقطة الخضراء" في العراق، فما هي هذه المنطقة الخضراء، وهل هي خضراء فعلاً، أم أنها تحمل دلالات أخرى بخلاف ما يكون لونها؟!! وعل كل فإن اللون الأخضر كان رمزاً للسلام والأمان، فإنه من ناحية علم الفيزياء الضوئية يعتبر من الألوان المعتمة التي توحي بنوع من الغموض والإبهام والالتباس من جراء تداخل اللونين الأصفر والأزرق!!
* ما هي المنطقة الخضراء:
تقول موسوعة الويكيبيديا الأمريكية بأن المنطقة الخضراء هي الاسم العام الشائع للمنطقة الدولية الموجودة في العراق، وتحديداً في العاصمة بغداد، والتي تعرف إضافة إلى اسم المنطقة الخضراء باسم "مدينة إيميرالد"، وتبلغ مساحتها حوالي 10 كيلومترات مربعة (أي 4 أميال) وتقع في وسط العاصمة بغداد ويوجد في هذه المنطقة: مركز قيادة قوات التحالف، والبعثات الدبلوماسية الدولية، ومقر حكومة المتعاملين العراقيين مع سلطات الاحتلال الأمريكي، وأيضاً مقر البرلمان العراقي الذي "عينته" سلطات الاحتلال الأمريكي.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن سلطات الاحتلال الأمريكي والمتعاملين العراقيين يطلقون على مناطق بغداد الواقعة خارج المنطقة الخضراء تسمية "المنطقة الحمراء" وهي المنطقة التي تنشط فيها عمليات المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي والمتعاملين العراقيين.
أما موقع «غلوبال أورغ» الاستخباري العسكري الأمريكي فيطلق على المنطقة الخضراء اسم "المنطقة الدولية" وذلك في إشارة خافتة إلى الترادف مع مفهوم "المنطقة الحرة" المستخدم في الاقتصاديات الرأسمالية الأمريكية والغربية، والذي يشير إلى المنطقة التي يكون فيها "التعامل" حر ومفتوح وبعيداً عن رقابة الاقتصاد الوطني!!
كذلك يشير الموقع الإلكتروني إلى أنه من الصعب تحديد أو تعيين حدود المنطقة الدولية (المنطقة الخضراء) فهي تزداد بمرور الأيام وتزايد الاحتياجات والمعاملات، أي كلما تزايد المتعاملون والكيانات التي تبحث عن الحماية لنفسها لدى الأمريكيين من ضربات المقاومة العراقية.
* الدور الوظيفي للمنطقة الخضراء:
تقوم المنطقة الخضراء بدور "كابينة القيادة" لـ"سفينة" الاحتلال الأمريكي في العراق، ويمكن تصنيف المنشآت الموجودة في المنطقة الخضراء على النحو الآتي:
• منشآت القيادة العليا: وتتمثل في السفارة الأمريكية ورئاسة القوات الأمريكية.
• منشآت القيادة التنفيذية الوسطى: وتتمثل في مكاتب الخبراء والمستشارين الأمريكيين، ومراكز الشركات التي تقدم الخدمات لسلطات الاحتلال، مثل شركة بلاك ووتر الأمنية والشركات النفطية وشركات المجمع العسكري – الصناعي الأمريكي.
• المنشآت الدنيا: وتتمثل في تجمع منشآت "المتعاملين" العراقيين مثل "مجلس الوزراء العراقي"، و"البرلمان العراقي"، و"الوزارات العراقية".. وغيرها.
تقوم منشآت القيادة العليا بعملية التخطيط واتخاذ القرار بالتشاور مع الإدارة الأمريكية ومنشآت القيادة التنفيذية الوسطى، وبعد ذلك يتم إصدار القرار وتحويله للمنشآت الدنيا، بحيث تتولى منشآت المتعاملين العراقيين مسؤولية "إنزاله" ميدانياً إلى الأرض وإخضاع الشعب العراقي لمقتضيات القرار.
كذلك تمثل المنطقة الخضراء الرمز الذي يمثل إرادة القوة الغاشمة الأمريكية على الأرض العراقية، فكل الجنرالات والقطعات العسكرية الأمريكية توجد رئاستها في المنطقة الخضراء.
* ما وراء المنطقة الخضراء:
تعتبر المنطقة الخضراء من الناحية الفعلية منطقة سيادية أمريكية، تم اقتطاعها بقوة الأمر الواقع ومنطق الاحتلال العسكري، بحيث يشرف منها الأمريكيون على تسيير شئون عملية الاحتلال، والمتعاملون العراقيون موجودون في هذه المنطقة ليس باعتبارهم عراقيين وإنما لأن سلطات الاحتلال قد سمحت بتواجدهم في داخلها، حيث أنها تحتاج إليهم في القيام بمهمة "معقب المعاملات" الذي يقدم الخدمات للأمريكيين.
وحالياً تتم داخل المنطقة الخضراء العمليات التالية:
• تخطيط وتنفيذ عمليات شراء زعماء القبائل والعشائر العراقية الراغبين في التعاون والتعامل مع سلطات الاحتلال الأمريكي.
• تخطيط ومتابعة تنفيذ العمليات السريّة ضد دول الجوار العراقي: سوريا: إيران، تركيا، والسعودية.
• تخطيط وتنفيذ عملية بناء القواعد العسكرية الأمريكية.
• توفير الغطاء اللازم للخبراء الإسرائيليين وعناصر جهاز الموساد الإسرائيلي الذين ينشطون حالياً في العراق.
• الإشراف على عملية النهب المنظّم بواسطة الشركات الأمريكية للنفط العراقي.
• مساعدة "المتعاملين" العراقيين في إدارة شؤون الفساد المالي داخل الأجهزة العراقية، عن طريق توفير الدعم والإسناد البيروقراطي للازم لهم عن طريق الخبراء والمستشارين الأمريكيين الموجودين في المنطقة الخضراء.
• متابعة تنفيذ مخطط تقسيم العراق إلى ثلاثة فيدرالياً إلى ثلاثة مناطق بما يؤدي في نهاية الأمر إلى قيام ثلاثة دول على الرقعة العراقية.
• إدارة وتخطيط تنفيذ العمليات الاستخبارية السرية، مثل فرق الموت، وعمليات تفجير المساجد والأضرحة وغير ذلك من العمليات التي تهدف إلى إشعال الصراعات الداخلية بين العراقيين.
عموماً، المعلومات التي بدأت تتسرب حول المنطقة الخضراء أصبحت تفوق حد الخيال، وهي تشبه إلى حد ما "مدن الخيال العلمي" التي نشاهدها في أفلام ومسلسلات الخيال العملي، من حيث المكاتب والمرافق المزودة بـ"شاشات البلازما" الكبيرة المتصلة بالأقمار الصناعية والتي تستطيع (كما يدعي الأمريكيون) رصد "النملة" وهي تسير في أي مكان في العراق. كذلك توجد في المنطقة الخضراء العديد من المرافق ذات الدور الوظيفي المشبوه، وعلى سبيل المثال يوجد مقر لقناة "الحرة" الفضائية، والتي تستخدمها سلطات الاحتلال في شن عمليات الحرب النفسية ضد المقاومة العراقية وضد دول الجوار الإقليمي مثل سوريا وإيران ويعتبر "روبرت ساتلوف" المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسية الشرق الأدنى من أبرز مقدمي البرامج على قناة الحرة "العراقية" التي تبث برامجها من المنطقة الخضراء.
لقد اكتسب الاقتصاديون الأمريكيون والغربيون خبرة كبيرة في إقامة "المناطق الحرة" و"الأسواق الحرة" وبنوك وشركات الـ"أوف شور" وغير ذلك من آليات التغلغل واختراق الاقتصاديات الوطنية المحمية جيداً، وأيضاً برع الأمريكيون في إقامة المدن المتخصصة مثل مدينة هوليوود التي تعتبر مكاناً لصناعة السينما ومدينة لاس فيغاس الرياضية التي تعتبر مقراً لحلبات صناعة "الملاكمة" و"المصارعة الحرة" وعلى وجه الخصوص منافسات الوزن الثقيل، وبنفس القدر اكتسب القوات الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية خبرة كبيرة في إقامة المحطات الخارجية ومراكز القيادة والسيطرة الخارجية، وتعتبر "المنطقة الخضراء" الموجودة حالياً في بغداد مثالاً جيداً على ذلك، هذا، وتجدر الإشارة إلى أن إحساس المتعاملين العراقيين بالفرحة والأمان داخل المنطقة الخضراء لن يطول، فقد سبق وأقام الأمريكيون منطقة مماثلة لها في العاصمة الفيتنامية سايغون وعندما حاصرتهم قوات الفيتكونغ، انسحب الأمريكيون عن طريق طائرات الهيلوكبتر وتركوا أعوانهم من المتعاملين الفيتناميين يواجهون قوات الفيتكونغ التي "أكملت فرحة انتصارها" بإلقاء القبض عليهم محاسبتهم.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...